أكبر تجمع عربي ــ صيني ينطلق اليوم بالرياض وسط مساع لتوسيع التعاون الاقتصادي

لتعظيم التصنيع والعلوم والاتصالات والتكنولوجيا الخضراء واتفاقيات تتجاوز الـ 40 مليار دولار

جانب من احتفال منطقة «بوليفارد رياض سيتي»، إحدى مناطق «موسم الرياض 2021»، برأس السنة الصينية خلال فترة سابقة.( الشرق الأوسط)
جانب من احتفال منطقة «بوليفارد رياض سيتي»، إحدى مناطق «موسم الرياض 2021»، برأس السنة الصينية خلال فترة سابقة.( الشرق الأوسط)
TT

أكبر تجمع عربي ــ صيني ينطلق اليوم بالرياض وسط مساع لتوسيع التعاون الاقتصادي

جانب من احتفال منطقة «بوليفارد رياض سيتي»، إحدى مناطق «موسم الرياض 2021»، برأس السنة الصينية خلال فترة سابقة.( الشرق الأوسط)
جانب من احتفال منطقة «بوليفارد رياض سيتي»، إحدى مناطق «موسم الرياض 2021»، برأس السنة الصينية خلال فترة سابقة.( الشرق الأوسط)

بينما ينطلق أكبر تجمع عربي صيني بالرياض، اليوم الأحد، توقع مشاركون توقيع عقود على مدى يومي المؤتمر تتجاوز الـ 40 مليار دولار، مشددين على أن بناء أمة موجهة نحو عصر جديد للطاقة، مدعومة باقتصاد متنوع يشمل التصنيع والعلوم والاتصالات وتكنولوجيا الطاقة الخضراء، سيكون عنوانا بارزا لتعزيز التعاون الاقتصادي الصناعي التكنولوجي الفضائي بين الصين والعرب، ومن شأن ذلك أن يرسم خريطة طريق من الرياض تعظم التصنيع والعلوم والاتصالات والتكنولوجيا الخضراء.

وقال إيريك فانغ رئيس «المركز الوطني للتنمية المستدامة» (إن سي إس دي) في العاصمة الأميركية واشنطن، «إن القيادة السعودية اتخذت خطوات جريئة لبناء أمة موجهة نحو عصر جديد للطاقة، مدعومة باقتصاد متنوع يشمل التصنيع والعلوم والاتصالات وتكنولوجيا الطاقة الخضراء، وجميع المهن ذات الصلة واللازمة لعصر الطاقة الجديد، ولزراعة فرص القطاع الرئيسية التي تمنح شبابها سبباً للبقاء وتنمية المملكة إلى إمكاناتها الكاملة».

وحول مستقبل التجارة والاستثمارات الصينية العربية وأهم التحديات التي تواجهها، قال فانغ في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد حاليا اتجاه رئيسي يتزايد سنويا بين المجموعتين (العربية والصينية)، أرى المزيد في كل قطاع في المستقبل. بوسعنا تعظيم وتوسيع كافة الأعمال المشتركة، والقدرة على استكشاف الفرص والعمل لإيجاد البدائل».

ووفق فانغ، «سيكون هناك دائما أولئك الذين يشككون في أي علاقات جديدة -حيث كانت العلاقات القديمة أكثر تطميناً- والمستقبل بطبيعته غير معروف وستنشأ تحديات بين أي مجموعات، ولكن عندما تبدأ من هدف مفيد مشترك، عادة ما يسود السبب والتسوية».

وحول الاتفاقيات المنتظرة خلال هذا المؤتمر، قال فانغ: «الاتفاقات الفردية تأتي وتذهب، ولكن الشيء المختلف هنا هو إنشاء عملية مستمرة يمكن أن تدعمها الحكومتان، والتي تركز على قطاع عالمي واحد مهم: اقتصاد الطاقة الجديد. في الواقع، إنه حزام ناقل للمعاملة! سيكون وجود المملكة والصين بمثابة نقطة بداية لتجديد (رؤية اتفاقية باريس) واستجابة عالمية لاعتماد كلا البلدين لالتزاماته الخاصة بأهداف عام 2030 وما بعده. إذا تم الحكم على تدفق المعاملات من قبل الجهات الفاعلة المعنية، فيمكن أن يصبح هذا محركاً (للاستدامة) للعالم».عصر جديدوتابع فانغ: «أملنا في عصر الطاقة الجديد، أن يبدأ الناس في رؤية التنمية الاقتصادية والتكنولوجيا الخضراء كوجهين لعملة واحدة. يدرك الكثيرون الآن أن الاستقرار لأي بلد يأتي من فرص وصول شعبه للعثور على ازدهاره الخاص، من خلال الوظائف التي تضاعف الفرص للأشخاص في مستويات الدخول، للتطلع إلى استثمار وقتهم وعملهم في شيء يمكنهم رؤيته مفيدا لأنفسهم ولدولهم».

وأضاف فانغ: «إن (إن سي إس دي) ممتن للغاية لقيادة زميلنا وصديقنا نيل بوش -مستشارو نيل بوش العالميون- الذي عمل بجد لسنوات عديدة في جميع أنحاء العالم لتعزيز الأفكار المفيدة الجيدة وتعزيز التعاون بين جميع الأطراف المتعاونة لحل المشاكل العالمية المهمة».العبور العربي ــ الصيني عبر السعوديةوحول الأهمية القصوى للدور السعودي لإنجاح مؤتمر الأعمال العربي الصيني، قال فانغ: «نرى أجندة للمستقبل لا للماضي. لسنوات عديدة كان ينظر الكثيرون من العالم المتقدم إلى السعودية من خلال عدسة واحدة: البترول، بينما في الواقع هي دولة متنوعة مليئة بالشباب اللامعين، ومليئة بالإمكانات غير العادية».

وزاد فانغ: «تعمل السعودية في إطار برنامجها لعام 2030 على بناء مجتمع يتمتع بالفرص بالإضافة إلى مجتمع أخضر، ويمكن أن ينظر الكثيرون إلى مثالها باعتباره وسيلة لحل المشكلات المجتمعية. ستسمح المزيد من الأمثلة للنجاح في الانتقال بحركة متنامية لأولئك الذين يقولون: لقد فعلوا ذلك - يمكننا أن نفعل ذلك أيضا».

وأضاف فانغ: «على مر الزمن وعبر معظم المجتمعات فإن خلق الوظائف والتوظيف هما العاملان الأساسيان لنجاح أي دولة قومية. نعتقد أنه من المهم أن يكون هناك قاسم جديد رئيسي واحد، وهو التعاون والاستعداد لمساعدة أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة».

وقال فانغ: «إن جميع قطاعات التعاون الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي والفضائي بين الطرفين مليئة بفرص للناس للعمل والتعبير عن أنفسهم بشكل سلمي ومنتج، سيتجاوز اقتصاد الطاقة الجديد في رأينا ما سينتج أكثر قيمة لمعظم الناس، بقدر ما ستوفر بيئة أنظف وأكثر استدامة فرصا جديدة لصحة أفضل، وكما يقول الصينيون: مستقبل مزدهر بشكل متواضع».اتفاقيات بأكثر من 40 مليار دولار

من ناحيته، شدد رجل الأعمال السعودي عبد الله بن زيد المليحي رئيس شركة «التميز» السعودية القابضة وأحد المشاركين في مؤتمر الأعمال السعودي الصيني، على أن هناك نتائج متوقعة تتكشف خلال الفترة المقبلة، أهمها تعظيم الشراكات الصينية العربية بشكل عام والشراكات الصينية السعودية بشكل خاص في مجالات الفضاء والتكنولوجيا الجديدة والذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء.

ولفت المليحي إلى أن المؤتمر سيلفت أنظار العالم، بما يشتمل عليه من فرص كبيرة لثاني أكبر اقتصاد في العالم، مقابل أكبر اقتصاد عربي، حيث تتمتع الصين باستثمارات ضخمة في السوق السعودي، إذ تعد العلاقات الاقتصادية السعودية الصينية من أهم محفزات الاقتصادات في العالم، معتبرا أن الصين محرك أساسي لسوق التجارة السعودية والعربية، في ظل زيادة الاستيراد وتعاظم الصناعات الصينية أخيرا. وكشف المليحي أن المؤتمر سيفصح عن عدة اتفاقيات عربية صينية وسعودية صينية، كاشفا عن أن شركة التميز ستدخل في شراكات استراتيجية مع الشركات الصينية، بغية تأسيس قاعدة صناعية قوية في المدن الاقتصادية التي أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أخيرا.

وتوقع أن تحدث هذه الشراكات حافزا لأرباب العمل في القطاع الصناعي، مبينا أن «التميز القابضة» تعمل على إنشاء صناعات متقدمة في مجالات الطاقة الخضراء والتقنية الحديثة بمواصفات عالمية تخدم السوق السعودي، وكذلك تعمل على التصعيدية لدول العالم، وخصوصا دول أفريقيا، ضمن انضمامها الأخير إلى التحالف العالمي الصيني الأميركي السعودي للطاقة الخضراء، للدخول في الاستثمار في هذا المجال.

وأضاف المليحي: «سنوقع عقودا مهمة في المؤتمر السعودي الصيني في مجال التقنية والكلاود مع شركة (سكاي كلاود) الصينية، وذلك من خلال تأسيس شركة سعودية صينية في مجال الإنترنت وتقنية المعلومات، فضلا عن توقيع اتفاقيات بين القطاعين الخاص والعام على هامش المؤتمر، بمبلغ يتجاوز الـ 40 مليار دولار».

ولفت المليحي إلى أن الشركات الصينية مهتمة بشكل كبير بالدخول في الاستثمار من خلال دعم وزارة الاستثمار، حيث يعمل الوزير على تسهيل إجراءات الدخول للمملكة بشكل مميز ويختلف عن كافة دول العالم، من حيث السرعة في الإنجاز، متوقعا دخول الشركات الصينية في المدن الاقتصادية الجديدة للعمل على تطوير تكنولوجيا الصناعة والطاقة.

يذكر أن الدورة العاشرة لمؤتمر «رجال الأعمال العرب والصينيين»، التي تُعدّ الأكبر على الإطلاق في سياق التعاون بين الطرفين، تهدف إلى استكشاف فرص الاستثمار البينية، في عدد من القطاعات تتضمن التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والزراعة، والعقارات، والمعادن، وسلاسل التوريد، وغيرها، بالإضافة إلى عدد من الجلسات الحوارية، والاجتماعات الثنائية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان ووزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى) play-circle 02:29

«ملتقى الميزانية»: الإنفاق الحكومي السعودي «يتحرر» من «الدورة الاقتصادية»

شكّل «ملتقى الميزانية السعودية 2026» منصة حكومية استراتيجية لتحليل مستهدفات الميزانية التي أقرّها مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزيرا «النقل» و«الإسكان» في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى)

«ملتقى الميزانية»: مبادرات تطوير البنية التحتية تدعم «النقل» و«الإسكان» وتوسع فرص الاستثمار

أكد وزيرا «النقل» و«الإسكان» أن القطاعين شهدا نهضة كبيرة، مع استثمارات ضخمة توسع الوظائف وتوفر وحدات سكنية للأسر المستفيدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الإبراهيم يتحدث وإلى جانبه وزير المالية في ملتقى «ميزانية السعودية 2026»... (الشرق الأوسط)

السعودية: لدى «هيوماين» فرصة لقيادة الاقتصاد الوطني مثل «أرامكو»

أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن المملكة تستعد لدخول مرحلة جديدة سيكون فيها الذكاء الاصطناعي المحرك الأكبر للنمو غير النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس أحمد العوهلي محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية (الملتقى)

ملتقى الميزانية: تقدم كبير في توطين الإنفاق العسكري بالسعودية

كشف المهندس أحمد العوهلي، محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، عن تطورات نوعية شهدها قطاع الصناعات العسكرية في السعودية خلال السنوات الست الماضية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.


ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان يوم الجمعة، رغم التمرد الذي شهدته كتلته المحافظة، والذي ألقى الضوء على هشاشة سلطته داخل الائتلاف الحاكم.

وأُقر مشروع القانون بأغلبية 318 صوتاً في «البوندستاغ» المؤلف من 630 مقعداً، دون الحاجة إلى دعم طارئ من المعارضة اليسارية. إلا أن حالة الغموض التي رافقت التصويت حتى لحظاته الأخيرة عكست عمق الانقسامات داخل ائتلاف ميرتس المكوّن من المحافظين والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وذلك بعد 7 أشهر فقط من تسلّمه منصبه.

ويعد مشروع القانون، الذي يرفع الإنفاق على المعاشات التقاعدية بنحو 185 مليار يورو (216 مليار دولار) خلال السنوات الـ15 المقبلة، اختباراً مهماً لقدرة الحكومة على تمرير إصلاحات ضرورية لإنعاش أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز قدرات القوات المسلحة الألمانية التي تعاني منذ سنوات، وفق «رويترز».

كما أسهمت هذه الخلافات في تعزيز صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، الذي يتصدر الآن استطلاعات الرأي على مستوى البلاد، ويتجه لتحقيق مكاسب واسعة في انتخابات 5 ولايات العام المقبل.

وقال الخبير السياسي يوهانس هيلغي: «المستشار خرج منتصراً، لكنه منتصر ضعيف. النقاش كشف حدود سلطته، وجعل الحكم المستقر والمتوقع أمراً صعباً في هذه الظروف». وأضاف أن 7 من نواب المعسكر المحافظ صوّتوا ضد مشروع القانون، فيما امتنع اثنان، وهو رقم مرتفع يعكس حدة الانقسامات.

المعاشات التقاعدية... محور اشتعال سياسي في أوروبا

يثبّت مشروع القانون نسبة المعاشات التقاعدية عند 48 في المائة من متوسط الأجور حتى عام 2031، بدلاً من السماح بانخفاضها، وهو بند أساسي في اتفاق الائتلاف ويحظى بأهمية خاصة للحزب الاشتراكي الديمقراطي.

لكن الجناح الشبابي في حزب المحافظين، الذي يملك 18 صوتاً، عارض المشروع مؤكّداً أنه يرسخ نظاماً مالياً غير مستدام ويحمّل الأجيال الشابة عبئاً كبيراً. ومع أغلبية برلمانية ضئيلة لا تتجاوز 12 صوتاً، لم يكن واضحاً حتى اللحظة الأخيرة إن كان الائتلاف سيتمكن من تمرير المشروع.

وتدخل حزب اليسار في اللحظة الأخيرة عارضاً الامتناع عن التصويت لخفض عدد الأصوات المطلوبة، باعتبار أن حماية المتقاعدين أولوية.

ويحذر اقتصاديون من أن قانون المعاشات الجديد يتجاهل التحديات الديموغرافية وتصاعد الدين العام. وقال كارستن برزيسكي، كبير خبراء الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»: «الحكومة تتصرف وكأن الحاضر أبدي، متجاهلة التغيرات الديموغرافية وارتفاع الدين وقضايا الاستدامة المالية».

أخطاء سياسية تكشف هشاشة القيادة

خلال حملته الانتخابية، انتقد ميرتس الصراعات الداخلية في حكومة سلفه أولاف شولتز، ودخل المنصب بتوقعات عالية بعد إبرام صفقة تاريخية لتمويل قياسي في البنية التحتية والدفاع.

لكن ائتلافه أثبت هشاشته منذ اليوم الأول، إذ احتاج إلى جولة تصويت ثانية غير مسبوقة لضمان تنصيبه رسمياً. وفي الصيف، فشل في توحيد صفوف المحافظين خلف مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمحكمة الدستورية، ما أدى إلى سقوط التصويت.

وقال يان تيشو من «أوراسيا غروب»: «الصورة العامة للحكومة باعتبارها منقسمة وغير فعّالة وسوء إدارتها تتكرّس بشكل متزايد».

ورغم إشادة الخارج بموقف ميرتس القوي تجاه أوكرانيا، فإن شعبيته المحلية تراجعت إلى نحو 25 في المائة، ليصبح من أقل المستشارين شعبية في التاريخ الحديث.

وبحسب أحدث استطلاع لمؤسسة «فورسا»، تراجع الدعم المشترك للمحافظين والحزب الاشتراكي إلى 39 في المائة مقابل 44.9 في المائة في انتخابات فبراير (شباط)، بينما يواصل حزب «البديل من أجل ألمانيا» صدارته بنسبة 26 في المائة.


قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
TT

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

أعربت دول مجلس التعاون الخليجي، الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية.

وأكّدت دول المجلس في بيان، أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

وأوضح البيان أنه وعلى الرغم من أن التعديلات المقدمة للإسهام في تخفيف وطأة وتأثير بعض مواد التشريع، وإلغاء البعض الآخر، فإن دول الخليج ما زالت ترى أن هذه التعديلات لا تلبي ما تتطلع إليه، ولا تزال تمثل مصدراً للضرر ومصدراً محتملاً لمخاطر واسعة على مصالح شركاتها العاملة في السوق الأوروبية، خاصةً في ظل البيئة التنظيمية الجديدة التي يفرضها التشريع والتي قد تنعكس سلباً على تنافسية تلك الشركات واستمرارية أعمالها.

وأكّدت دول الخليج أنها لا تزال تواصل جهودها بصفتهم أعضاء فاعلين في جميع المنظمات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان والبيئة والتغير المناخي، وواءمت جميع تشريعاتها مع مبادئ هذه المنظمات، واضعة في الحسبان حقوقها الوطنية السيادية، مبيِّنة أنها تقدم تقاريرها بكل شفافية، وبشكل دوري ومنتظم، في مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، وقد تجسّد ذلك بانضمام دول المجلس إلى اتفاقيتي «باريس» و«الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، واعتمادها تشريعات وطنية لحماية البيئة وتنظيم الانبعاثات، فضلاً عن مشاركتها في آليات المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان.

ونوَّه البيان بأنه على الرغم من الجهود التي تقوم بها للوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي بشكل عام، والاتحاد الأوروبي بشكل خاص؛ لضمان وصول إمدادات الطاقة لأوروبا بشكل يوثق به ويُعتمد عليه، إلا أن دول الخليج تتوقع أن يؤدي استمرار البحث والتفاوض، بين المؤسسات الأوروبية، حول هذا التشريع، إلى آثار سلبية على استمرار تلك الإمدادات.

وخلُصت دول المجلس إلى أن شركاتها، التي قد ينطبق عليها التشريع، وهي تعمل وفق أفضل الممارسات العالمية، ستقوم بدراسة المخاطر والآثار التي قد تتعرض لها جراء اعتماده، وهو إجراء لا يستبعد أن يؤدي إلى التخارج من السوق الأوروبية والبحث عن بديل.

وعبّر البيان عن أمل دول الخليج في أن تنظر الدول الأوروبية الصديقة في إلغاء التوجيه، أو تعديل نطاق تطبيقه ضمن نطاق الاتحاد، بحيث لا يكون تأثيره عابراً للحدود، في حال رأى الأخير ضرورة الاستمرار فيه.