شراكة سعودية صينية لمشروع خرائط جيولوجية للدرع العربي

للكشف عن الفرص الاستثمارية الواعدة في التعدين بالمملكة

الوزير الخريف والمهندس الشمراني ورئيس «هيئة المساحة الجيولوجية الصينية» والقنصل العام الصيني بجدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)
الوزير الخريف والمهندس الشمراني ورئيس «هيئة المساحة الجيولوجية الصينية» والقنصل العام الصيني بجدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)
TT

شراكة سعودية صينية لمشروع خرائط جيولوجية للدرع العربي

الوزير الخريف والمهندس الشمراني ورئيس «هيئة المساحة الجيولوجية الصينية» والقنصل العام الصيني بجدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)
الوزير الخريف والمهندس الشمراني ورئيس «هيئة المساحة الجيولوجية الصينية» والقنصل العام الصيني بجدة غرب السعودية (الشرق الأوسط)

أطلقت السعودية أعمال مشروع الخرائط الجيولوجية التفصيلية للدرع العربي، وهو أحد مشروعات مبادرة البرنامج العام للمسح الجيولوجي، الذي سيجري تنفيذه بالشراكة مع «هيئة المساحة الجيولوجية الصينية»، بقيمة تصل إلى 777 مليون ريال (207 ملايين دولار).

قال بندر الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية، رئيس مجلس إدارة «هيئة المساحة الجيولوجية السعودية»، إن المشروع من أكبر المبادرات الاستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين من حيث طبيعة الأعمال، وحجم المُخرجات، ومساحة التغطية.

وتابع أن الخرائط تشكل جوهر البرنامج العامّ للمسح الجيولوجي، الذي يُعدّ عنصراً مهماً في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، وخطوة أولى نحو المساعي، ليكون الركيزة الثالثة للصناعة السعودية.

وأكد الوزير الخريف أن المشروع سيسهم في تحديد البيانات الجيولوجية التفصيلية الرقمية للدرع العربي، وفهم أصل ونشأة الرواسب المعدنية المتكونة في المنطقة، إضافة إلى جمع بيانات مهمة من شأنها تعزيز قاعدة البيانات الوطنية.

وأضاف أنه سيجري أيضاً توفير جميع البيانات المجمّعة، الأمر الذي سيوفر للمستثمرين السعوديين والعالميين معرفة أكبر وأوضح بالفرص الاستثمارية الواعدة في التعدين بالمملكة.

الوزير الخريف يتفقد أحد المواقع خلال الجولة (الشرق الأوسط)

علوم الأرض

من جهته، ذكر ولي جيان شينغ، نائب وزير الموارد الطبيعية للجيولوجيا، ورئيس «هيئة المساحة الجيولوجية الصينية»، أن المشروع سيصبح جسراً جديداً بين العلاقات السعودية الصينية، مبيناً أن الخرائط ستعزز التقدم العلمي في علوم وتكنولوجيا الأرض؛ وذلك للإسهام في خطط المملكة الهادفة إلى تحقيق التنوع الاقتصادي.

من جانبه، أفاد القنصل العام الصيني في جدة بأن مشروع الخرائط يأتي امتداداً للمشروعات المشتركة التي تجمع بين الدولتين في قطاع التعدين، منذ ما يقارب 17 عاماً، ويواكب وتيرة التنمية الاقتصادية وفق «رؤية 2030»، ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية.

تحاليل صخرية

من ناحيته، أوضح المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، الرئيس التنفيذي لـ«هيئة المساحة الجيولوجية السعودية»، أنه سيجري، خلال أعمال المشروع، تخريط جيولوجي رقمي مفصَّل بتقنية عالية لجميع المنكشفات الصخرية، بواقع متوسط 700 موقع فحص لكل مربع جيولوجي، بالإضافة إلى عمل تحاليل صخرية، وتركيبية، ومعدنية، وكيميائية متعددة، عن طريق خبراء جيولوجيين من منسوبي المساحتين السعودية والصينية.

ووفقاً للشمراني، فإن برنامج العمل سيتوزع إلى 3 مراحل رئيسة هي: الإعدادات الأولية، والعمل الحقلي والتحاليل، والتجميع النهائية لمشروع الخرائط.

وزاد الرئيس التنفيذي لـ«هيئة المساحة الجيولوجية السعودية» أنه سيستمر برنامج العمل لمدة 11 عاماً مقسمة إلى مرحلتين، تمتد الأولى إلى 5 أعوام تشمل إنتاج خرائط جيولوجية تفصيلية لمناطق الأحزمة المعدنية الواعدة، والمغطاة بـ114 مربعاً، والتي تمثل 40 في المائة من مساحة المشروع، والمرحلة الثانية تمتد 6 سنوات يجري خلالها إنتاج 157 خريطة تمثل المتبقي من مساحة الدرع العربي.

الرواسب المعدنية

ويهدف مشروع الخرائط الجيولوجية التفصيلية للدرع العربي، إلى إنتاج 271 تقريراً وخريطة جيولوجية تفصيلية للدرع العربي، بالإضافة إلى تزويد قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية (إن جي دي) بالبيانات الجيولوجية التفصيلية الرقمية؛ لتعزيز فهم أصل ونشأة الرواسب المعدنية، وكذلك تحديد واستكشاف مكامن معدنية جديدة؛ من أجل جذب الاستثمارات في قطاع التعدين.

ويُعدّ المشروع الذي حاز تنفيذ أعماله «هيئةُ المساحة الجيولوجية الصينية» عبر منافسة عالمية، الحاويةَ الرئيسية لكل المعلومات الناتجة من المسوحات المتنوعة التاريخية والحديثة، والتي تتجسد على هيئة خرائط ثنائية الأبعاد، توضح نطاقات وجود التمعدنات وأنواعها في الدرع العربي.



الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».