صندوق النقد يتوقع إفلات بريطانيا من الركود

الحكومة تترقب أكبر تراجع للتضخم في 30 عاماً

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)
TT

صندوق النقد يتوقع إفلات بريطانيا من الركود

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)

عدّل صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، توقّعاته للاقتصاد البريطاني، مراهناً على نمو هذا العام بعد شهر على توقعه انكماشاً، وقال إنه لا يتوقع أن تدخل بريطانيا دائرة الركود هذا العام.

ويتوقع الصندوق الآن، بحسب آخر أرقام أصدرها، أن يسجّل الاقتصاد البريطاني نمواً نسبته 0,4 في المائة، مشيراً من ضمن العوامل خلف ذلك تراجع أسعار الطاقة. وبذلك عدل الصندوق توقعاته السابقة العائدة إلى شهر أبريل (نيسان) الماضي، والتي تحدثت عن انكماش نسبته 0,3 في المائة. لكن ما زال هناك تباطؤ «كبير» مقارنة بعام 2022، عندما سجّل الاقتصاد نمواً بنسبة 4,1 في المائة رغم ارتفاع التضخم وفواتير الطاقة جراء الحرب في أوكرانيا.

وقال الصندوق في بيانه، الثلاثاء: «بفضل صمود الطلب في سياق تراجع أسعار الطاقة، يتوقع أن يتجنّب اقتصاد المملكة المتحدة الركود، وأن يحافظ على نمو إيجابي في 2023»... ولكنه تابع: «مع ذلك، تباطأ النشاط الاقتصادي بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي، وما زال التضخم مرتفعاً بعد الصدمة التجارية نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، وإلى حد ما، تأثير الوباء على توفر العمالة». وحذّر أيضا من أن توقعات النمو لهذا العام لا تزال «ضعيفة».

وذكر صندوق النقد بأن البيانات المحدثة لعام 2023 تعكس «صموداً أعلى من المتوقع» في الطلب والعرض، إضافة إلى تحسّن الثقة بعد تراجع الضبابية التي أعقبت «بريكست» وانخفاض تكاليف الطاقة.

ورحّبت حكومة بريطانيا المحافظة بالأنباء مع إعلان وزير المال البريطاني جيريمي هانت بأن «الترقية الكبيرة» تعكس نجاح «تحرّك الحكومة لإعادة الاستقرار وكبح التضخم»، والذي قال إن تقرير الصندوق يظهر «تقدما كبيرا» بالنسبة لتوقعات النمو لاقتصاد البلاد، وأرجع استعادة الاستقرار والسيطرة على التضخم إلى إجراءات الحكومة.

وأضافت الحكومة البريطانية: «إذا بقينا على الخطة، يؤكد صندوق النقد الدولي بأن توقعاتنا للنمو على الأمد الطويل أقوى من تلك في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.. لكن المهمة لم تنته بعد». ويتوقع أن يسجّل إجمالي الناتج الداخلي نموا بنسبة 1,0 في المائة عام 2024، وهي نسبة مطابقة لتوقعات صندوق النقد السابقة.

وتأتي الأنباء بعدما توقع بنك إنجلترا في وقت سابق هذا الشهر، أن ينجح اقتصاد المملكة المتحدة في تجنّب الركود هذه السنة، رغم بقاء معدل التضخم السنوي في البلاد أعلى من 10 في المائة.

ومن المقرر أن تنشر بريطانيا بياناتها بشأن التضخم لشهر أبريل يوم الأربعاء. ويتوقع المحللون أن تسجل بيانات تضخم أسعار المستهلك للشهر الماضي في بريطانيا، أسرع تراجع منذ أكثر من 30 عاما، مما يعطي الأسر البريطانية فرصة لالتقاط الأنفاس في مواجهة أسوأ موجة تضخم منذ أجيال.

وبحسب المسح الذي أجرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، من المتوقع إعلان تراجع مؤشر أسعار المستهلك خلال أبريل الماضي إلى 8.2 بالمائة، مقابل 10.1 بالمائة خلال مارس (آذار) الماضي، ليكون أكبر تراجع شهري لمعدل التضخم في بريطانيا منذ أكثر من 30 عاما. وينتظر بنك إنجلترا المركزي والمستثمرون بيانات التضخم، والتي ستمثل اختبارا للمراهنة على زيادة سعر الفائدة البريطانية إلى 5 بالمائة.

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن بيانات التضخم ستمنح أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا المركزي أهم دليل لتحديد ما إذا كان يستطيع السير على خطى مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في فتح الباب أمام وقف رحلة زيادة أسعار الفائدة المستمرة منذ نحو عام ونصف عام تقريبا.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، صوتت أغلبية في لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا لصالح زيادة معدل الفائدة من 4.25 إلى 4.5 بالمائة. وأشار البنك، في بيان، إلى أن التوقع بتراجع معدل التضخم بوتيرة أبطأ من التوقعات السابقة في ظل استمرار ارتفاع أسعار الأغذية. وتعد هذه الزيادة الـ12 التي يقرها البنك للفائدة.

وأضاف البنك أن ارتفاع أسعار الأغذية استمر لفترة أطول من المتوقع، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحرب الروسية في أوكرانيا، وعدم كفاية الحصاد في الدول الأوروبية. وهذا يعني أنه من المتوقع تراجع مؤشر أسعار المستهلكين بوتيرة أقل سرعة من توقعات البنك في تقريره السابق في فبراير (شباط) الماضي.

في غضون ذلك، أظهرت إحصاءات رسمية ارتفاع حجم الاقتراض الحكومي في بريطانيا إلى 25.6 مليار جنيه إسترليني (31.8 مليار دولار) الشهر الماضي، ويرجع ذلك إلى تكلفة برامج دعم الطاقة وارتفاع مدفوعات الإعانات وفائدة الديون.

ونقلت وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية عن مكتب الإحصاء الوطني القول إن هذا يعد أكبر ثاني حجم اقتراض يتم تسجيله على الإطلاق خلال شهر أبريل، ويتفوق عليه فقط أبريل عام 2020. ويمثل حجم الاقتراض زيادة بواقع 11.9 مليار جنيه إسترليني مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.

وقال وزير الخزانة جيرمي هانت: «إنه لأمر حقيقي أننا قمنا باقتراض المليارات لحماية الأسر والأعمال من تداعيات جائحة كورونا وأزمة الطاقة المتسبب فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين». وأضاف: «ولكن الديون والاقتراض ما زالا مرتفعين للغاية الآن، ولذلك خفض الديون من إحدى أولوياتنا».

وجدير بالإشارة أن هانت حذر قبل أيام في مقال بصحيفة «تليغراف»، من أن بلاده تدفع نفسها إلى التدهور الاقتصادي، محذراً مما وصفه بالشعور المتزايد بالنهج السلبي «الخبيث» و«الضار». وأضاف هانت في المقال، الذي نشر الجمعة، إن المنتقدين من اليسار واليمين الذين يقللون من شأن بريطانيا، يجازفون بجعل الكلام «نبوءة تحقق نفسها».

كما أنه تحدى نفسه بشأن اتجاه البلاد. وقال: «أغلب حياتي، كان التحدث عن تراجع بريطانيا شيئاً يبثه بشكل عام الجناح اليساري»، ولكنه أضاف أنه كان هناك مؤخرا «قدر مساو من الحديث عن الانحطاط من جانب هؤلاء الذين اعتادوا أن يكونوا متفائلين مثلي».

ويأتي المقال بعد أيام من انتقاد أعضاء من الحزب المحافظ الحاكم بشكل علني رئيس الوزراء ريشي سوناك، وقالت شركة «ستيلانتس» المصنعة للسيارات إنها قد تضطر لغلق مصنعها في إيلسمير بورت في المملكة المتحدة، إلا إذا تمكن الوزراء من إعادة التفاوض بشأن جزء رئيسي من اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بحسب وكالة «بلومبرغ».


مقالات ذات صلة

«بنك اليابان» متفائل رغم الرسوم الأميركية

الاقتصاد سيدة تمر أمام لوحة إلكترونية تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

«بنك اليابان» متفائل رغم الرسوم الأميركية

قال نائب محافظ بنك اليابان، إن البنك يتوقع استمرار ارتفاع الأجور والأسعار، حتى مع تأثير حالة عدم اليقين بشأن سياسة الرسوم الأميركية على الاقتصاد.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد صورة عامة لمبنى بنك إنجلترا (رويترز)

«بنك إنجلترا»: التضخم قد يفاجئنا والفائدة قد تبقى مرتفعة

عبّر هيو بيل كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا الثلاثاء عن قلقه من أن التضخم ببريطانيا قد يكون أقوى مما كان يتوقعه البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل يمر أمام شاشة تعرض حركة الين مقابل الدولار وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

اليابان تسعى لبحث «سعر الصرف» مع أميركا على هامش «مجموعة السبع»

سيسعى وزير المالية الياباني للقاء وزير الخزانة الأميركي، على هامش اجتماعات مجموعة السبع في كندا، الأسبوع المقبل؛ لمناقشة أسعار الصرف الأجنبي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يسير أمام أحد مقرات مجموعة «سوفت بنك» في شارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

مجموعة «سوفت بنك» اليابانية تُحقق أرباحاً سنوية 7.8 مليار دولار

أعلنت مجموعة «سوفت بنك» اليابانية يوم الثلاثاء، أول ربح سنوي لها منذ 4 سنوات، مع شروع الشركة في سلسلة أخرى من الاستثمارات الضخمة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مدير إدارة التنمية الوطنية في «صندوق الاستثمارات العامة» في جلسة حوارية ضمن منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي (الشرق الأوسط)

صندوق الاستثمارات: السعودية تملك المقومات لتصبح مركزاً لسلاسل الإمداد العالمية

تبرز السعودية وجهةً استراتيجيةً للصناعات المتقدمة بفضل مزيج من المقومات الفريدة؛ تشمل الطاقة النظيفة، والموقع الجغرافي، والبنية التحتية الحديثة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أسهم «كوين بيس» تقفز 10 % بعد انضمامها لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»

رسم توضيحي للعملة المشفرة أمام شعار «كوين بيس» (رويترز)
رسم توضيحي للعملة المشفرة أمام شعار «كوين بيس» (رويترز)
TT

أسهم «كوين بيس» تقفز 10 % بعد انضمامها لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»

رسم توضيحي للعملة المشفرة أمام شعار «كوين بيس» (رويترز)
رسم توضيحي للعملة المشفرة أمام شعار «كوين بيس» (رويترز)

قفزت أسهم «كوين بيس غلوبال» بنحو 10 في المائة في تعاملات ما قبل السوق يوم الثلاثاء، بعد أن أصبحت منصة تداول العملات المشفرة الأولى التي تُدرج في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» القياسي.

وستحل «كوين بيس» مكان شركة «ديسكوفر فاينانشيال» التي استحوذت عليها «كابيتال وان»، وسيتم تنفيذ هذا التغيير قبل بدء التداول في 19 مايو (أيار)، وفق «رويترز».

وتمثل هذه الخطوة إنجازاً كبيراً لقطاع كان في السابق على هامش العالم المالي. وكتب محللو «بيرنشتاين» في مذكرة: «يمثل هذا الحدث تحولاً جذرياً في مكانة قطاع العملات المشفرة، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا القطاع باعتباره وجهة رئيسية للابتكار المالي».

ومع تزايد الاهتمام المؤسسي، دخلت العملات المشفرة بسرعة إلى السوق، لا سيما بعد أن تعهد الرئيس دونالد ترمب بتخفيف القيود التنظيمية على القطاع.

وأشار محللو «أوبنهايمر»، بعد رفع السعر المستهدف إلى 293 دولاراً، إلى أنه «من المتوقع أن يُفيد إدراج (كوين بيس) في مؤشر (ستاندرد آند بورز 500) الشركة لفترة طويلة، حيث سيأخذ المستثمرون المؤسسون وقتاً للاستعداد للاستثمار في السهم». وكان السهم في طريقه لتحقيق أعلى مستوى له في أكثر من شهرين، مما قد يضيف أكثر من 5 مليارات دولار إلى قيمته السوقية إذا استمرت المكاسب الحالية.

كما قد يعزز هذا الإدراج الطلب على أسهم «كوين بيس»، حيث ستكون الصناديق التي تتبع المؤشر القياسي ملزمة بإضافة الشركة إلى محافظها.

في الأسبوع الماضي، أعلنت «كوين بيس» عن انخفاض في أرباح الربع الأول، لكن المحللين أشاروا إلى أن انتعاش السوق قد يعزز الزخم المستقبلي للسهم.

كما كثفت الشركة جهودها لتوسيع قاعدة مستثمريها المؤسسين واتخذت خطوات لترسيخ مكانتها في الأسواق غير الأميركية، مما يعزز وضعها باعتبارها أكبر بورصة للعملات الرقمية المتداولة علناً في العالم.

وأعلنت الشركة الأسبوع الماضي عن صفقة شراء بورصة المشتقات «ديريبت» بقيمة 2.9 مليار دولار، في خطوة للتوسع في أسواق خيارات العملات الرقمية.

وقال محللو «أوبنهايمر» إن «هذا الاستثمار القوي يضع (كوين بيس) في وضع مثالي للاستحواذ على شركة رائدة أخرى في هذا المجال إذا سنحت الفرصة»، مشيرين إلى احتمالية استحواذ محتمل على أسواق التنبؤات مثل «بولي ماركت». ومع ذلك، انخفضت أسهم الشركة بنسبة تقارب 17 في المائة بحلول عام 2025، عند إغلاقها الأخير.