صندوق النقد يتوقع إفلات بريطانيا من الركود

الحكومة تترقب أكبر تراجع للتضخم في 30 عاماً

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)
TT

صندوق النقد يتوقع إفلات بريطانيا من الركود

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لدى مغادرة مقر الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء بمناسبة إصدار التقرير الجديد حول آفاق اقتصاد المملكة المتحدة (إ.ب.أ)

عدّل صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، توقّعاته للاقتصاد البريطاني، مراهناً على نمو هذا العام بعد شهر على توقعه انكماشاً، وقال إنه لا يتوقع أن تدخل بريطانيا دائرة الركود هذا العام.

ويتوقع الصندوق الآن، بحسب آخر أرقام أصدرها، أن يسجّل الاقتصاد البريطاني نمواً نسبته 0,4 في المائة، مشيراً من ضمن العوامل خلف ذلك تراجع أسعار الطاقة. وبذلك عدل الصندوق توقعاته السابقة العائدة إلى شهر أبريل (نيسان) الماضي، والتي تحدثت عن انكماش نسبته 0,3 في المائة. لكن ما زال هناك تباطؤ «كبير» مقارنة بعام 2022، عندما سجّل الاقتصاد نمواً بنسبة 4,1 في المائة رغم ارتفاع التضخم وفواتير الطاقة جراء الحرب في أوكرانيا.

وقال الصندوق في بيانه، الثلاثاء: «بفضل صمود الطلب في سياق تراجع أسعار الطاقة، يتوقع أن يتجنّب اقتصاد المملكة المتحدة الركود، وأن يحافظ على نمو إيجابي في 2023»... ولكنه تابع: «مع ذلك، تباطأ النشاط الاقتصادي بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي، وما زال التضخم مرتفعاً بعد الصدمة التجارية نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، وإلى حد ما، تأثير الوباء على توفر العمالة». وحذّر أيضا من أن توقعات النمو لهذا العام لا تزال «ضعيفة».

وذكر صندوق النقد بأن البيانات المحدثة لعام 2023 تعكس «صموداً أعلى من المتوقع» في الطلب والعرض، إضافة إلى تحسّن الثقة بعد تراجع الضبابية التي أعقبت «بريكست» وانخفاض تكاليف الطاقة.

ورحّبت حكومة بريطانيا المحافظة بالأنباء مع إعلان وزير المال البريطاني جيريمي هانت بأن «الترقية الكبيرة» تعكس نجاح «تحرّك الحكومة لإعادة الاستقرار وكبح التضخم»، والذي قال إن تقرير الصندوق يظهر «تقدما كبيرا» بالنسبة لتوقعات النمو لاقتصاد البلاد، وأرجع استعادة الاستقرار والسيطرة على التضخم إلى إجراءات الحكومة.

وأضافت الحكومة البريطانية: «إذا بقينا على الخطة، يؤكد صندوق النقد الدولي بأن توقعاتنا للنمو على الأمد الطويل أقوى من تلك في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.. لكن المهمة لم تنته بعد». ويتوقع أن يسجّل إجمالي الناتج الداخلي نموا بنسبة 1,0 في المائة عام 2024، وهي نسبة مطابقة لتوقعات صندوق النقد السابقة.

وتأتي الأنباء بعدما توقع بنك إنجلترا في وقت سابق هذا الشهر، أن ينجح اقتصاد المملكة المتحدة في تجنّب الركود هذه السنة، رغم بقاء معدل التضخم السنوي في البلاد أعلى من 10 في المائة.

ومن المقرر أن تنشر بريطانيا بياناتها بشأن التضخم لشهر أبريل يوم الأربعاء. ويتوقع المحللون أن تسجل بيانات تضخم أسعار المستهلك للشهر الماضي في بريطانيا، أسرع تراجع منذ أكثر من 30 عاما، مما يعطي الأسر البريطانية فرصة لالتقاط الأنفاس في مواجهة أسوأ موجة تضخم منذ أجيال.

وبحسب المسح الذي أجرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، من المتوقع إعلان تراجع مؤشر أسعار المستهلك خلال أبريل الماضي إلى 8.2 بالمائة، مقابل 10.1 بالمائة خلال مارس (آذار) الماضي، ليكون أكبر تراجع شهري لمعدل التضخم في بريطانيا منذ أكثر من 30 عاما. وينتظر بنك إنجلترا المركزي والمستثمرون بيانات التضخم، والتي ستمثل اختبارا للمراهنة على زيادة سعر الفائدة البريطانية إلى 5 بالمائة.

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن بيانات التضخم ستمنح أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا المركزي أهم دليل لتحديد ما إذا كان يستطيع السير على خطى مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في فتح الباب أمام وقف رحلة زيادة أسعار الفائدة المستمرة منذ نحو عام ونصف عام تقريبا.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، صوتت أغلبية في لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا لصالح زيادة معدل الفائدة من 4.25 إلى 4.5 بالمائة. وأشار البنك، في بيان، إلى أن التوقع بتراجع معدل التضخم بوتيرة أبطأ من التوقعات السابقة في ظل استمرار ارتفاع أسعار الأغذية. وتعد هذه الزيادة الـ12 التي يقرها البنك للفائدة.

وأضاف البنك أن ارتفاع أسعار الأغذية استمر لفترة أطول من المتوقع، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحرب الروسية في أوكرانيا، وعدم كفاية الحصاد في الدول الأوروبية. وهذا يعني أنه من المتوقع تراجع مؤشر أسعار المستهلكين بوتيرة أقل سرعة من توقعات البنك في تقريره السابق في فبراير (شباط) الماضي.

في غضون ذلك، أظهرت إحصاءات رسمية ارتفاع حجم الاقتراض الحكومي في بريطانيا إلى 25.6 مليار جنيه إسترليني (31.8 مليار دولار) الشهر الماضي، ويرجع ذلك إلى تكلفة برامج دعم الطاقة وارتفاع مدفوعات الإعانات وفائدة الديون.

ونقلت وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية عن مكتب الإحصاء الوطني القول إن هذا يعد أكبر ثاني حجم اقتراض يتم تسجيله على الإطلاق خلال شهر أبريل، ويتفوق عليه فقط أبريل عام 2020. ويمثل حجم الاقتراض زيادة بواقع 11.9 مليار جنيه إسترليني مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.

وقال وزير الخزانة جيرمي هانت: «إنه لأمر حقيقي أننا قمنا باقتراض المليارات لحماية الأسر والأعمال من تداعيات جائحة كورونا وأزمة الطاقة المتسبب فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين». وأضاف: «ولكن الديون والاقتراض ما زالا مرتفعين للغاية الآن، ولذلك خفض الديون من إحدى أولوياتنا».

وجدير بالإشارة أن هانت حذر قبل أيام في مقال بصحيفة «تليغراف»، من أن بلاده تدفع نفسها إلى التدهور الاقتصادي، محذراً مما وصفه بالشعور المتزايد بالنهج السلبي «الخبيث» و«الضار». وأضاف هانت في المقال، الذي نشر الجمعة، إن المنتقدين من اليسار واليمين الذين يقللون من شأن بريطانيا، يجازفون بجعل الكلام «نبوءة تحقق نفسها».

كما أنه تحدى نفسه بشأن اتجاه البلاد. وقال: «أغلب حياتي، كان التحدث عن تراجع بريطانيا شيئاً يبثه بشكل عام الجناح اليساري»، ولكنه أضاف أنه كان هناك مؤخرا «قدر مساو من الحديث عن الانحطاط من جانب هؤلاء الذين اعتادوا أن يكونوا متفائلين مثلي».

ويأتي المقال بعد أيام من انتقاد أعضاء من الحزب المحافظ الحاكم بشكل علني رئيس الوزراء ريشي سوناك، وقالت شركة «ستيلانتس» المصنعة للسيارات إنها قد تضطر لغلق مصنعها في إيلسمير بورت في المملكة المتحدة، إلا إذا تمكن الوزراء من إعادة التفاوض بشأن جزء رئيسي من اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بحسب وكالة «بلومبرغ».


مقالات ذات صلة

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

الاقتصاد شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد إعلان شركة «نتفليكس» إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على «وارنر براذرز».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجلس، نيويورك )
الاقتصاد ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

انخفضت أسعار السلع الغذائية الأساسية العالمية للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر، مع تراجع أسعار السلع الرئيسية باستثناء الحبوب.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد أن أعلنت شركة «نتفليكس» يوم الجمعة عن إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على استوديوهات الأفلام، والتلفزيون، ووحدة البث التدفقي التابعة لـ«وارنر براذرز ديسكفري» (WBD) بقيمة بلغت 72 مليار دولار.

هذه الصفقة، التي بدأت بمجرد «مهمة استطلاعية»، لم تكن متوقعة علناً من عملاق البث التدفقي الذي كان يقلل من شائعات شراء استوديو كبير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتنتهي بـ«نتفليكس» وهي تفوز بأثمن جائزة في هوليوود، متفوقة على منافسين عمالقة، مثل «باراماونت» و«كومكاست».

صورة جوية لشعار «وارنر براذرز» معروض على برج المياه في استوديو «وارنر براذرز» في باربنك كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من الفضول إلى الاستحواذ

بدأت مساعي «نتفليكس» نحو «وارنر براذرز» بدافع الفضول لمعرفة المزيد عن أعمالها، لكن التنفيذيين سرعان ما أدركوا الفرصة الاستراتيجية الهائلة التي يوفرها الاستوديو.

تتجاوز الصفقة مجرد إضافة مكتبة محتوى عمرها قرن من الزمان إلى منصة «نتفليكس» (وهي مكتبة تشكل 80 في المائة من مشاهدات البث التدفقي)، حيث أدركت «نتفليكس» أن وحدات أعمال «وارنر براذرز»، خاصة التوزيع المسرحي، والوحدة الإنتاجية، تُعد مكمّلة بشكل مثالي لنماذج أعمالها.

وقد تصاعد الاهتمام بالاستحواذ بعد أن أعلنت «وارنر براذرز ديسكفري» في يونيو (حزيران) عن خططها للانقسام إلى شركتين عامتين، فصلت بموجبها الشبكات التلفزيونية التقليدية عن الأصول الرئيسة، مثل استوديوهات «وارنر براذرز» و«HBO» وخدمة «HBO Max».

سباق المزايدة يشتد

دخلت «نتفليكس» منافسة شرسة للاستحواذ على الأصول، واضعة نفسها في مواجهة مباشرة مع «باراماونت» وشركة «إن بي سي يونيفرسال» الأم «كومكاست». وقد بدأ المزاد علنياً في أكتوبر بعدما قدمت «باراماونت» أول عرض غير مرغوب فيه في سبتمبر (أيلول)، بهدف استباق الانقسام المخطط له.

تواصل العمل بوتيرة محمومة، حيث عقد فريق «نتفليكس» الاستشاري، الذي ضم بنوكاً استثمارية، مثل «مويلس آند كومباني»، و«ويلز فارغو»، مكالمات يومية صباحية على مدى الشهرين الماضيين، بل وعقدوا مكالمات متعددة في يوم عيد الشكر ذاته للتحضير للعرض النهائي في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

على الجانب الآخر، اجتمع مجلس إدارة «وارنر براذرز» يومياً خلال الأيام الثمانية الأخيرة التي سبقت اتخاذ القرار. وفضّل المجلس عرض «نتفليكس»، لأنه كان الوحيد الذي وُصف بأنه «ملزم وكامل»، كما أنه سيحقق فوائد فورية للشركة.

وعلى النقيض، تم رفض عرض «كومكاست» لدمج قسم الترفيه الخاص بها مع «وارنر براذرز»، لكونه سيستغرق سنوات عديدة للتنفيذ. ورغم أن «باراماونت» رفعت عرضها لتبلغ القيمة الإجمالية للشركة 78 مليار دولار، فقد أعرب مجلس إدارة «وارنر براذرز» عن قلقه بشأن تمويل هذا العرض.

صورة جوية لشعار «نتفليكس» معروض في استوديوهات «نتفليكس» مع لافتة هوليوود في الأفق (أ.ف.ب)

ثقة «نتفليكس» في اجتياز العقبات التنظيمية

لتأكيد إيمانها بنجاح الصفقة، خاصة في ظل توقعات مراجعة تنظيمية كبيرة، أرفقت «نتفليكس» عرضها بواحد من أكبر رسوم الإنهاء في تاريخ صفقات الاندماج والاستحواذ، بلغ 5.8 مليار دولار.

وقد وصف أحد المستشارين هذا الضمان بأنه دليل على قناعة «نتفليكس» المطلقة بقدرتها على الحصول على الموافقات اللازمة، قائلاً: «لا أحد يحرق 6 مليارات دولار دون اقتناع».

لم تكن «نتفليكس» متأكدة من الفوز حتى اللحظات الأخيرة، حيث اعترف أحد التنفيذيين بأنهم كانوا يعتقدون أن فرصتهم لا تتجاوز 50/50. لكن مع إعلان قبول العرض في وقت متأخر من ليلة الخميس، ساد التصفيق والتهليل على مكالمة جماعية بين فريق «نتفليكس»، إيذاناً ببدء عصر جديد سيعيد تشكيل المشهد الترفيهي العالمي بالكامل.


العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)
TT

العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)

شهد القطاع العقاري المُدرج في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً استثنائياً وغير مسبوق في الربع الثالث من عام 2025. فقد تضاعفت أرباح الشركات العقارية بأكثر من ستة أضعاف، مسجلة نمواً تجاوزت نسبته 633.6 في المائة لتبلغ 496 مليون دولار (1.86 مليار ريال).

هذا الارتفاع الصارخ، مقارنة بأرباح بلغت 67.5 مليون دولار في الربع المماثل من العام السابق، يؤكد أن القطاع العقاري السعودي قد دخل مرحلة نضج تشغيلي مستدام، متجاوزاً مرحلة الانتعاش «الظرفي» المؤقت.

كما تعكس هذه القفزة الكبيرة نجاح الشركات في إعادة هيكلة منتجاتها، وتعزيز تدفقاتها النقدية، والانتقال من مجرد النمو «الورقي» إلى نمو حقيقي مدعوم بالإيرادات التشغيلية، والتسليم الفعلي

للمشاريع.

المحركات التشغيلية

وأرجع خبراء ومختصون عقاريون تسجيل الشركات العقارية المُدرجة في السوق هذه القفزة الكبيرة إلى بداية جني الأرباح من إيرادات المشاريع العقارية المحورية في المدن الكبرى، وارتفاع جودة المشاريع العقارية، وتحسن البيئة التمويلية، ومستويات السيولة في القطاع العقاري.

وأشاروا إلى أن هذه القفزة تتواكب مع نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية، ومساهمته بنحو 56 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما ساهم بشكل كبير في دعم الطلب على العقار بأنواعه: السكني، والتجاري، والصناعي، والمكتبي، وفي نمو أرباح شركات القطاع العقاري، بالإضافة إلى الإصلاحات الرئيسة التي شهدها القطاع العقاري في السنوات الأخيرة.

العاصمة السعودية الرياض (واس)

تفاصيل أداء الشركات

وكانت أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية «تداول» قد تضاعفت لأكثر من 6 أضعاف، خلال الربع الثالث من 2025، لتسجل 496 مليون دولار (1.86 مليار ريال)، بنسبة نمو وصلت إلى 633.67 في المائة، مقارنةً بأرباح بلغت 67.5 مليون دولار (253.32 مليون ريال) في الربع المماثل من العام السابق.

كما بلغت أرباح شركات القطاع خلال الأرباع الثلاثة من 2025 نحو 1.44 مليار دولار (5.4 مليار ريال)، بصدارة من «سينومي سنترز» و«جبل عمر» و«مسار»، وبنسبة نمو 244.2 في المائة عن الفترة ذاتها من العام، والتي حققت خلالها أرباحاً صافية وصلت إلى 419 مليون دولار (1.57 مليار ريال)، وبزيادة قدرها 1.02 مليار دولار (3.83 مليار ريال).

ووفق إعلانات نتائجها المالية في السوق المالية السعودية، حققت 9 شركات ارتفاعاً في أرباحها، من بين 16 شركة تعمل بالقطاع، في حين تحولت 4 شركات للربحية. وتصدرت شركة «أم القرى للتنمية والإعمار» (مسار) أعلى شركات القطاع ربحيةً، خلال الربع الثالث، بعد تحقيقها أرباحاً بلغت 516.57 مليون ريال، بنسبة نمو وصلت إلى 341.9 في المائة عن الربع المماثل من العام السابق. وحلّت شركة المراكز العربية «سينومي سنترز» ثانيةً في أعلى شركات القطاع ربحيةً بعد تحقيقها أرباحاً بنحو 499.8 مليون ريال خلال الربع الثالث من 2025، لتسجل نمواً عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة 52.2 في المائة، في حين حلت شركة «دار الأركان» ثالثاً، بنسبة نمو تجاوزت 89 في المائة، بعد أن بلغت أرباحها نحو 255.6 مليون ريال في الربع الثالث من 2025.

صورة محاكية لمشروع «مسار» الذي تقوم بتطويره شركة «أم القرى للتنمية والإعمار» (الشركة)

القطاع أكثر كفاءة

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، قال الخبير والمهتم بالشأن العقاري، عبد الله الموسى لـ«الشرق الأوسط» إن القفزة التاريخية في أرباح شركات العقار المدرجة تؤكد أن السوق دخلت مرحلة نضج تشغيلي، وليس مجرد انتعاش ظرفي، وإن هذه الأرقام تعكس قدرة الشركات على إعادة هيكلة منتجاتها، وتحسين تدفقاتها النقدية، والتحول من النمو الورقي إلى النمو الحقيقي المدعوم بالتسليم، والتشغيل، والإيرادات المتكررة.

وزاد أن القطاع أصبح أكثر كفاءة وربحية من أي وقت مضى، ما ينسجم مع اتجاهات الاقتصاد السعودي، وتطور أدوات التنظيم، والتمويل.

وحدد الموسى ثلاثة محركات رئيسة للقفزة الكبيرة في أرباح شركات القطاع، وهي:

- ارتفاع جودة المشاريع، والتحول للنماذج التشغيلية، كما حدث مع شركات «سينومي سنترز» و«مسار» و«جبل عمر»، والتي بدأت تجني ثمار الاستثمار طويل الأجل في تشغيل الأصول، وزيادة الإشغال، ونمو العوائد الإيجارية، ما انعكس مباشرة على الربحية.

- تحسن البيئة التمويلية، وتقليل الأعباء عبر استقرار أسعار الفائدة، وبداية انخفاضها، وتحسن مستويات السيولة، وهو ما ساعد الشركات على إدارة مديونياتها بكفاءة أكبر، خصوصاً تلك التي كانت تعاني سابقاً من أعباء مالية مرتفعة.

- اكتمال مشاريع محورية، ودخولها مرحلة تحقيق الإيرادات، حيث شهدت شركات عدة تحوّلاً للربحية نتيجة تحسن ملحوظ في عمليات البيع والتطوير في المدن الكبرى، وخاصة في الرياض، ومكة.

ويتوقع الموسى أن تستمر شركات القطاع في أدائها الإيجابي خلال الأرباع القادمة، واستمرار المسار الصاعد، لكن بوتيرة أكثر توازناً، وذلك لوجود عوامل داعمة، أبرزها دخول مشاريع استراتيجية جديدة مرحلة التشغيل، واستمرار الطلب القوي على الإسكان، والمشاريع التجارية في ظل توسع الرياض، وتحولها لوجهة استثمارية عالمية، وتحسن الأداء المالي لشركات كانت تواجه خسائر لسنوات، وهو ما يرفع مستوى المنافسة داخل القطاع، وكذلك استمرار مبادرات التنظيم العقاري التي تقلّل المخاطر، وتزيد من جاذبية الاستثمار المؤسسي، مضيفاً أنه في حال حافظت الشركات على هذا النهج، فمن المتوقع أن تتحول أرباح 2025 إلى نقطة مرجعية جديدة لمستوى ربحية أعلى، وأكثر استدامة خلال السنوات المقبلة.

أحد المراكز التجارية التابعة لشركة «سينومي سنترز» في الرياض (الشركة)

دور الاقتصاد غير النفطي

من جهته، قال المهتم بالشأن العقاري سلمان السعيد، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية، ومساهمته بنحو 56 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ساهما بشكل كبير في دعم الطلب على العقار بأنواعه: السكني، والتجاري، والصناعي، والمكتبي، مما ساهم في نمو أرباح شركات القطاع العقاري، بالإضافة إلى الإصلاحات الرئيسة التي شهدها القطاع العقاري في السنوات الأخيرة، والتي ساهمت في جذب الاستثمارات، مثل توسيع ضريبة الأراضي البيضاء، وخطوات ضبط الإيجارات، مما عزز من المشاريع التنموية، ومن جدوى المشاريع العقارية، وكذلك الدعم الحكومي الكبير لتملك المواطنين للإسكان، والسياسات الداعمة لذلك، ما ساهم في ارتفاع نسبة المواطنين المتملكين للإسكان.

وأضاف أن ارتفاع الطلب على العقار التجاري والمكتبي ساهم في زيادة أرباح الشركات العقارية، خصوصاً في مدينة الرياض، وتحديداً مع تدفق الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات إلى السعودية، وارتفاع الطلب على المكاتب، وزيادة إشغالها بنسب مرتفعة. كما ساعد ذلك شركات التطوير العقاري التي تعمل في العقارات متعددة الاستخدامات على الاستفادة من تنويع مصادر الدخل، وليس الاعتماد فقط على العقارات السكنية في تحقيق الأرباح، وأشار إلى أن بعض الشركات حققت نمواً في أرباحها من المعاملات الاستثمارية في بيع الأراضي، والأصول غير الاستراتيجية، مما أدى إلى تحسين النتائج، والكفاءة التشغيلية.


تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.