آفاق أوروبية أرحب للنمو رغم غيوم التضخم

مخاوف من ضغوط على الائتمان تؤثر على الاستثمار

المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني يتحدث في مؤتمر صحافي في بروكسل يوم الاثنين (إ.ب.أ)
المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني يتحدث في مؤتمر صحافي في بروكسل يوم الاثنين (إ.ب.أ)
TT

آفاق أوروبية أرحب للنمو رغم غيوم التضخم

المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني يتحدث في مؤتمر صحافي في بروكسل يوم الاثنين (إ.ب.أ)
المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني يتحدث في مؤتمر صحافي في بروكسل يوم الاثنين (إ.ب.أ)

عزّزت «المفوضية الأوروبية»، الاثنين، توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2023 في منطقة اليورو، بينما زادت توقعاتها للتضخم في منطقة العملة الموحّدة. وتُعدّ توقعات «المفوضية» للربيع أكثر تفاؤلاً من تلك الصادرة أواخر العام الماضي، رغم أن تراجع التضخم عن المستويات القياسية التي سجّلها، أبطأ بكثير «مما كان متوقعاً».

ورفعت «المفوضية» توقعاتها للنمو بـ0.2 نقطة إلى 1.1 في المائة. وقال المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني، في بيان، إن «الاقتصاد الأوروبي في وضع أفضل مما توقعنا الخريف الماضي». وأضاف: «بفضل الجهود الدؤوبة لتعزيز أمن الطاقة لدينا، وسوق عمل صامدة بشكل لافت، وتخفيف القيود على الإمدادات، تجنّبنا ركوداً في الشتاء، ونستعدّ لنمو معتدل، هذا العام والعام المقبل».

كذلك رفعت بروكسل توقعات النمو لعام 2024 في منطقة العملة الموحدة، التي تضم 20 بلداً، بـ0.1 نقطة إلى 1.6 في المائة، كما رفعت توقعات النمو في «الاتحاد الأوروبي»، الذي يضم 27 بلداً برُمّته لعام 2023، رغم أنها بقيت أقل من تلك المسجّلة في منطقة اليورو عند حوالي 1 في المائة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتوقعت «المفوضية» من قبل، وتحديداً في فبراير (شباط) الماضي، تحقيق نمو بنسبة 0.9 في المائة في منطقة اليورو، وبنسبة 0.8 في المائة في «الاتحاد الأوروبي» ككل، إلا أن «المفوضية» ما زالت تحذّر من وجود تحديات كبيرة.

سيدات يتسوقن في إحدى الأسواق الشعبية بالعاصمة اليونانية أثينا (رويترز)

وبالتزامن، جرت مراجعة توقعات التضخم في منطقة اليورو، ورفعها إلى 5.8 في المائة لعام 2023، مقارنة مع 5.6 في المائة في التوقعات السابقة. ويتوقع أن تتراجع أسعار المواد الاستهلاكية إلى 2.8 في المائة عام 2024، وهي نسبة لا تزال أعلى من هدف 2 في المائة، الذي حدّده «البنك المركزي الأوروبي». وظلت شروط «المفوضية» للاقتراض صارمة، وفي ظل ظروف التضخم الحالية أشارت «المفوضية» إلى إمكانية خفض مستويات الدَّين العام في «الاتحاد الأوروبي» على المدى القصير.

وحذّر البيان من أنه «في حين يبقى التضخم مرتفعاً، يُتوقع أن يجري تشديد شروط التمويل أكثر». وتابع: «رغم أنه يتوقع بأن يقترب (البنك المركزي الأوروبي) وغيره من المصارف المركزية في (الاتحاد الأوروبي)، من نهاية دورة رفع معدلات الفائدة، يرجّح أن يفاقم الاضطراب الأخير في القطاع المالي الضغط على تكلفة وسهولة الوصول إلى الائتمان، مما يؤدي إلى تباطؤ نمو الاستثمار ويؤثر، خصوصاً، على الاستثمار في مجال السكن».

رئيسة «البنك المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد تتحدث إلى الصحافيين في مؤتمر سابق بمدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

وفي مقابل التوقعات، فإن المؤشرات الآنية لا تزال ضاغطة على المواطنين الأوروبيين. وكشفت نتائج استطلاع يوم الأحد في ألمانيا - أكبر اقتصاد في أوروبا ومنطقة اليورو- أن نحو ثلث الموظفين في البلاد قالوا إن الأسعار المرتفعة على نحو ملحوظ استنفدت حدود طاقتهم المالية. يُذكر أن الاستطلاع أجراه «معهد يوغوف» لصالح مصرف «بوست بنك»، المملوك لمجموعة «دويتشه بنك» المصرفية، وشمل أكثر من 1000 عامل.

وأوضحت النتائج أن 21 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قالوا إن رواتبهم «لا تكفي إلى حد ما» لتغطية النفقات المعيشية الحالية، في حين قال 8.5 بالمائة إن رواتبهم «لا تكفي على الإطلاق» لتغطية هذه النفقات.

وجاء الموظفون، الذي تقلُّ رواتبهم الشهرية عن 2500 يورو، على رأس الفئة التي تشكو من عدم كفاية الدخل، لتغطية التكاليف المعيشية الحالية، حيث وصلت نسبة الشاكين من هذا الأمر في هذه الفئة، إلى 43 في المائة.

يُذكر أن التضخم المرتفع في ألمانيا، منذ شهور، يمثل عبئاً بالنسبة للمستهلكين في البلاد، إذ إنه يلتهم القدرة الشرائية. ورغم أن وتيرة التضخم تراجعت، في أبريل (نيسان) الماضي، للشهر الثاني على التوالي، فإن معدل التضخم الألماني استمر عند مستوى مرتفع يبلغ 7.2 في المائة، ووصل معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية، خلال الشهر الماضي، إلى 17.2 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من 2022، في حين وصل معدل التضخم السنوي في أسعار الطاقة إلى 6.8 في المائة.

من جانبها، تحاول الحكومة الألمانية كسر حِدة الأسعار المرتفعة للغاز الطبيعي والكهرباء والتدفئة عن بُعد، وتوفيرها بأسعار في المتناول؛ وذلك من خلال تطبيق برنامج كبح أسعار هذه المواد، بأثر رجعي حتى مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي.

ويحاول «البنك المركزي الأوروبي» الحد من التضخم المرتفع عن طريق سلسلة من رفع أسعار الفائدة منذ يوليو (تموز) 2022، إذ إن أسعار الفائدة المرتفعة ترفع من تكلفة القروض، الأمر الذي يمكن معه تقليل الطلب ومواجهة معدلات التضخم المرتفعة.

من جانبه، قال أولريش شتيفان، كبير محللي استراتيجيات الاستثمار في «دويتشه بنك» للعملاء من الأفراد والشركات، إن «التضخم ليس مشكلة اقتصادية وحسب، بل إنه مشكلة اجتماعية أيضاً، وأصحاب الدخول الدنيا هم الأكثر تضرراً من الأسعار المرتفعة».

وأظهرت النتائج أن 53.6 في المائة ممن شملهم الاستطلاع، يتوقعون زيادة رواتبهم خلال الـ12 شهراً المقبلة، ويرى غالبيتهم أن هذه الزيادة ستكون نتيجة مفاوضات جماعية بشأن الأجور أو بفضل مفاوضات فردية ناجحة. ورصدت النتائج أن نسبة من يتوقعون هذه الزيادة بين الفئة التي تشكو من عدم تغطية الراتب تكاليف المعيشة، وصلت إلى 43.6 في المائة.

وأوضحت النتائج أن 48.8 في المائة من العاملين قالوا إنهم لا يتوقعون أن يصرف لهم أرباب العمل علاوة التعويض عن التضخم المعفاة من الضرائب، في حين قال 24.5 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم حصلوا بالفعل على هذه العلاوة، وقال 18.7 في المائة إنهم يتوقعون الحصول عليها.


مقالات ذات صلة

ريفز تتعهد بشراكة اقتصادية «طموحة» مع الاتحاد الأوروبي

الاقتصاد وزيرة الخزانة البريطانية تلقي كلمة بجوار عمدة لندن أليستر كينغ في حفل العشاء السنوي في مانشن هاوس في لندن (أرشيفية- رويترز)

ريفز تتعهد بشراكة اقتصادية «طموحة» مع الاتحاد الأوروبي

ستصبح وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أول مستشارة بريطانية تحضر اجتماعاً لوزراء المالية الأوروبيين منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

الاقتصاد ماكرون وشولتس يتشابكان بالأيدي بعد عقد مؤتمر صحافي مشترك خلال قمة الاتحاد الأوروبي (أرشيفية - رويترز)

الأزمات السياسية في فرنسا وألمانيا تنذر بمزيد من المتاعب لاقتصاد أوروبا المتعثر

من المؤكد أن الانهيار الحكومي في كل من برلين وباريس سيؤدي إلى عرقلة الجهود المبذولة لمعالجة العجز المتزايد في أوروبا والقدرة التنافسية المتدهورة.

«الشرق الأوسط» (باريس، برلين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يفضل ضعف اليورو... ويخطط لتخفيض الفائدة مجدداً

من المرجَّح أن يكون «المركزي الأوروبي» راضياً، وإن بشكل غير معلن، عن انخفاض أكبر في سعر صرف اليورو، وربما يكون أكثر حذراً حيال حدوث العكس في الوقت غير المناسب.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)

انكماش حاد في نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

انخفض نشاط الأعمال في منطقة اليورو بصورة حادة خلال الشهر الماضي؛ حيث انضم قطاع الخدمات المهيمن إلى قطاع التصنيع في الانكماش.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد دولارات أميركية وعملات أخرى في صندوق تبرعات بمطار بيرسون الدولي بتورنتو (رويترز)

«الرسوم الجمركية» تهبط بالدولار

هبط الدولار مقابل عملات رئيسة أخرى إلى أدنى مستوى في أسبوع وسط ازدياد حذر المتعاملين تجاه تعهدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية

«الشرق الأوسط» (لندن)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
TT

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

ارتفع عدد الأميركيين، الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي، بينما استمر مزيد من الأشخاص في جمع شيكات البطالة بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة ببداية العام، في ظل تباطؤ الطلب على العمالة.

وقالت وزارة العمل، يوم الخميس، إن طلبات إعانات البطالة الأولية ارتفعت بمقدار 17 ألف طلب لتصل إلى 242 ألف طلب معدلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في السابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وكان الخبراء الاقتصاديون، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا 220 ألف طلب في الأسبوع الماضي.

ومن المرجح أن تعكس الزيادة في طلبات الإعانة، الأسبوع الماضي، التقلبات التي تَلَت عطلة عيد الشكر، ولا يُحتمل أن تشير إلى تحول مفاجئ في ظروف سوق العمل. ومن المتوقع أن تظل الطلبات متقلبة، خلال الأسابيع المقبلة، مما قد يصعّب الحصول على قراءة دقيقة لسوق العمل. وعلى الرغم من هذه التقلبات، فإن سوق العمل تمر بتباطؤ تدريجي.

ورغم تسارع نمو الوظائف في نوفمبر، بعد التأثير الكبير للإضرابات والأعاصير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فقد ارتفع معدل البطالة إلى 4.2 في المائة، بعد أن ظل عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. ويشير استقرار سوق العمل إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقرر خفض أسعار الفائدة، الأسبوع المقبل، للمرة الثالثة منذ بدء دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) الماضي، رغم التقدم المحدود في خفض التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة خلال الأشهر الأخيرة.

وأصبح سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي في نطاق من 4.50 إلى 4.75 في المائة، بعد أن رفعه بمقدار 5.25 نقطة مئوية بين مارس (آذار) 2022، ويوليو (تموز) 2023، للحد من التضخم. وتُعدّ سوق العمل المستقرة أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على مسار التوسع الاقتصادي، حيث تساعد معدلات تسريح العمال المنخفضة تاريخياً في استقرار السوق وتحفيز الإنفاق الاستهلاكي.

كما أظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص، الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر على التوظيف، ارتفع بمقدار 15 ألف شخص ليصل إلى 1.886 مليون شخص معدلة موسمياً، خلال الأسبوع المنتهي في 30 نوفمبر الماضي. إن الارتفاع فيما يسمى المطالبات المستمرة هو مؤشر على أن بعض الأشخاص الذين جرى تسريحهم من العمل يعانون فترات أطول من البطالة.

وقد ارتفع متوسط مدة فترات البطالة إلى أعلى مستوى له، في نحو ثلاث سنوات، خلال نوفمبر.