عزّزت «المفوضية الأوروبية»، الاثنين، توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2023 في منطقة اليورو، بينما زادت توقعاتها للتضخم في منطقة العملة الموحّدة. وتُعدّ توقعات «المفوضية» للربيع أكثر تفاؤلاً من تلك الصادرة أواخر العام الماضي، رغم أن تراجع التضخم عن المستويات القياسية التي سجّلها، أبطأ بكثير «مما كان متوقعاً».
ورفعت «المفوضية» توقعاتها للنمو بـ0.2 نقطة إلى 1.1 في المائة. وقال المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني، في بيان، إن «الاقتصاد الأوروبي في وضع أفضل مما توقعنا الخريف الماضي». وأضاف: «بفضل الجهود الدؤوبة لتعزيز أمن الطاقة لدينا، وسوق عمل صامدة بشكل لافت، وتخفيف القيود على الإمدادات، تجنّبنا ركوداً في الشتاء، ونستعدّ لنمو معتدل، هذا العام والعام المقبل».
كذلك رفعت بروكسل توقعات النمو لعام 2024 في منطقة العملة الموحدة، التي تضم 20 بلداً، بـ0.1 نقطة إلى 1.6 في المائة، كما رفعت توقعات النمو في «الاتحاد الأوروبي»، الذي يضم 27 بلداً برُمّته لعام 2023، رغم أنها بقيت أقل من تلك المسجّلة في منطقة اليورو عند حوالي 1 في المائة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وتوقعت «المفوضية» من قبل، وتحديداً في فبراير (شباط) الماضي، تحقيق نمو بنسبة 0.9 في المائة في منطقة اليورو، وبنسبة 0.8 في المائة في «الاتحاد الأوروبي» ككل، إلا أن «المفوضية» ما زالت تحذّر من وجود تحديات كبيرة.
وبالتزامن، جرت مراجعة توقعات التضخم في منطقة اليورو، ورفعها إلى 5.8 في المائة لعام 2023، مقارنة مع 5.6 في المائة في التوقعات السابقة. ويتوقع أن تتراجع أسعار المواد الاستهلاكية إلى 2.8 في المائة عام 2024، وهي نسبة لا تزال أعلى من هدف 2 في المائة، الذي حدّده «البنك المركزي الأوروبي». وظلت شروط «المفوضية» للاقتراض صارمة، وفي ظل ظروف التضخم الحالية أشارت «المفوضية» إلى إمكانية خفض مستويات الدَّين العام في «الاتحاد الأوروبي» على المدى القصير.
وحذّر البيان من أنه «في حين يبقى التضخم مرتفعاً، يُتوقع أن يجري تشديد شروط التمويل أكثر». وتابع: «رغم أنه يتوقع بأن يقترب (البنك المركزي الأوروبي) وغيره من المصارف المركزية في (الاتحاد الأوروبي)، من نهاية دورة رفع معدلات الفائدة، يرجّح أن يفاقم الاضطراب الأخير في القطاع المالي الضغط على تكلفة وسهولة الوصول إلى الائتمان، مما يؤدي إلى تباطؤ نمو الاستثمار ويؤثر، خصوصاً، على الاستثمار في مجال السكن».
وفي مقابل التوقعات، فإن المؤشرات الآنية لا تزال ضاغطة على المواطنين الأوروبيين. وكشفت نتائج استطلاع يوم الأحد في ألمانيا - أكبر اقتصاد في أوروبا ومنطقة اليورو- أن نحو ثلث الموظفين في البلاد قالوا إن الأسعار المرتفعة على نحو ملحوظ استنفدت حدود طاقتهم المالية. يُذكر أن الاستطلاع أجراه «معهد يوغوف» لصالح مصرف «بوست بنك»، المملوك لمجموعة «دويتشه بنك» المصرفية، وشمل أكثر من 1000 عامل.
وأوضحت النتائج أن 21 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قالوا إن رواتبهم «لا تكفي إلى حد ما» لتغطية النفقات المعيشية الحالية، في حين قال 8.5 بالمائة إن رواتبهم «لا تكفي على الإطلاق» لتغطية هذه النفقات.
وجاء الموظفون، الذي تقلُّ رواتبهم الشهرية عن 2500 يورو، على رأس الفئة التي تشكو من عدم كفاية الدخل، لتغطية التكاليف المعيشية الحالية، حيث وصلت نسبة الشاكين من هذا الأمر في هذه الفئة، إلى 43 في المائة.
يُذكر أن التضخم المرتفع في ألمانيا، منذ شهور، يمثل عبئاً بالنسبة للمستهلكين في البلاد، إذ إنه يلتهم القدرة الشرائية. ورغم أن وتيرة التضخم تراجعت، في أبريل (نيسان) الماضي، للشهر الثاني على التوالي، فإن معدل التضخم الألماني استمر عند مستوى مرتفع يبلغ 7.2 في المائة، ووصل معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية، خلال الشهر الماضي، إلى 17.2 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من 2022، في حين وصل معدل التضخم السنوي في أسعار الطاقة إلى 6.8 في المائة.
من جانبها، تحاول الحكومة الألمانية كسر حِدة الأسعار المرتفعة للغاز الطبيعي والكهرباء والتدفئة عن بُعد، وتوفيرها بأسعار في المتناول؛ وذلك من خلال تطبيق برنامج كبح أسعار هذه المواد، بأثر رجعي حتى مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي.
ويحاول «البنك المركزي الأوروبي» الحد من التضخم المرتفع عن طريق سلسلة من رفع أسعار الفائدة منذ يوليو (تموز) 2022، إذ إن أسعار الفائدة المرتفعة ترفع من تكلفة القروض، الأمر الذي يمكن معه تقليل الطلب ومواجهة معدلات التضخم المرتفعة.
من جانبه، قال أولريش شتيفان، كبير محللي استراتيجيات الاستثمار في «دويتشه بنك» للعملاء من الأفراد والشركات، إن «التضخم ليس مشكلة اقتصادية وحسب، بل إنه مشكلة اجتماعية أيضاً، وأصحاب الدخول الدنيا هم الأكثر تضرراً من الأسعار المرتفعة».
وأظهرت النتائج أن 53.6 في المائة ممن شملهم الاستطلاع، يتوقعون زيادة رواتبهم خلال الـ12 شهراً المقبلة، ويرى غالبيتهم أن هذه الزيادة ستكون نتيجة مفاوضات جماعية بشأن الأجور أو بفضل مفاوضات فردية ناجحة. ورصدت النتائج أن نسبة من يتوقعون هذه الزيادة بين الفئة التي تشكو من عدم تغطية الراتب تكاليف المعيشة، وصلت إلى 43.6 في المائة.
وأوضحت النتائج أن 48.8 في المائة من العاملين قالوا إنهم لا يتوقعون أن يصرف لهم أرباب العمل علاوة التعويض عن التضخم المعفاة من الضرائب، في حين قال 24.5 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم حصلوا بالفعل على هذه العلاوة، وقال 18.7 في المائة إنهم يتوقعون الحصول عليها.