تونس تسعى لإنقاذ موسم سياحي واعد

مساعٍ لتجاوز تداعيات هجوم جربة

سائحون يتجولون في سوق بمنتجع جزيرة جربة التونسية (أ.ف.ب)
سائحون يتجولون في سوق بمنتجع جزيرة جربة التونسية (أ.ف.ب)
TT

تونس تسعى لإنقاذ موسم سياحي واعد

سائحون يتجولون في سوق بمنتجع جزيرة جربة التونسية (أ.ف.ب)
سائحون يتجولون في سوق بمنتجع جزيرة جربة التونسية (أ.ف.ب)

تسعى تونس إلى تجاوز آثار هجوم نفذه رجل أمن حاول استهداف كنيس يهودي بجزيرة جربة على موسم سياحي بدا واعداً هذا العام.

وأقدم المهاجم، وهو أحد أفراد المركز البحري للحرس الوطني في جربة، على قتل زميل له باستعمال سلاحه الشخصي والاستيلاء على الذخيرة، قبل أن يحاول الوصول إلى محيط معبد الغريبة، أكبر معابد اليهود في شمال أفريقيا حيث تقام احتفالات يهودية سنوية هذا الأسبوع، وعمد إلى إطلاق النار بشكل عشوائي على الوحدات الأمنية المتمركزة في المكان قبل أن ترديه الشرطة.

وأسفر الهجوم عن مقتل اثنين من الزائرين، فرنسي وتونسي، بالإضافة إلى ثلاثة من رجال الأمن. وأُصيب ثمانية آخرون جراء الهجوم، بينهم أربعة من رجال الشرطة. ويتوافد اليهود من أنحاء العالم على جربة للحج في المعبد الذي يعود تاريخه إلى ما قبل أكثر من 2500 عام، ويعد أيضاً مزاراً سياحياً مهماً، ويضم إحدى أقدم نسخ التوراة.

وثارت مخاوف في تونس من تأثر السياحة التي بدأت تستعيد عافيتها بعد ركود بسبب جائحة «كوفيد - 19». ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى الإسراع في وضع استراتيجية واضحة لمعالجة آثار هذه العملية الإرهابية والحد من تداعياتها الاقتصادية. وجزيرة جربة أحد المقاصد السياحية المهمة في تونس.

وقال أحمد بالطيب، رئيس جامعة وكالات الأسفار والسياحة في تونس لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «العملية الفردية التي حدثت جريمة بشعة، كانت الأجواء احتفالية في معبد الغريبة. لكن في المحنة هناك بعض الأمل». وأضاف: «في كل عملية مماثلة هناك سلبيات، ونأمل أن نتجاوزها بأخفّ الأضرار، رغم أننا سندفع الفاتورة. لا نعرف ثمنها لكن نتمنى أن تكون بأخف الأضرار». وتابع: «نعمل على متابعة الوضع لتخفيف الأضرار. المستهدف ليس جربة فقط، بل تونس بأكملها».

وتضررت السياحة التونسية بشدة من هجمات نفّذها متشددون على منتجع سياحي بمدينة سوسة الساحلية والمتحف الوطني في باردو في 2015، ومع بدء تعافيها تدريجياً، تلقّت السياحة التونسية ضربة أخرى بعد تفشي فيروس «كورونا». وكانت تونس تأمل أن تستعيد في 2023 المعدلات العادية لقطاع السياحة في فترة ما قبل الجائحة، عندما زار البلاد أكثر من تسعة ملايين سائح في 2019.

وساد التفاؤل إزاء موسم سياحي واعد بعد أن قفزت عائدات السياحة 64.5 في المائة في الربع الأول من 2023، حسب بيانات البنك المركزي التونسي. ووصف الرئيس التونسي قيس سعيد، الهجوم على المعبد اليهودي بأنه «عملية إجرامية جبانة»، وقال إن الهدف منه «ضرب الموسم السياحي وزرع الفتنة وزعزعة الاستقرار».

* تفاؤل رغم الهجوم

رغم الهجوم الدامي والآثار التي يمكن أن يخلّفها على قطاع السياحة في بلد يعاني من أزمة اقتصادية حادة، عبر كثيرون عن ثقتهم في تجاوز تداعياتها.

وقال جلال الدين الهنشيري رئيس الجامعة الجهوية في الجنوب الشرقي، إن الموسم السياحي «سيبقى واعداً». وأضاف لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «تحدث هذه العمليات في كل بلدان العالم، ولا أعتقد أن الموسم السياحي سيتأثر»، ومضى قائلاً: «من الصعب الحديث الآن عن إلغاء أو تأجيل حجوزات، وسنبذل كل جهدنا حتى لا يكون هناك تأثير سلبي على الموسم السياحي».

وبعد ليلة طويلة، استعادت جزيرة جربة، التي يطلق عليها أيضاً «جزيرة الأحلام»، بعض الهدوء. وزار وزير السياحة محمد المعز بن حسين، الجزيرة لطمأنة السائحين، وانتقل إلى معبد الغريبة وقام بجولة في شوارع المدينة وأسواقها.

وقال الوزير للصحافيين: «كل المتدخلين يواصلون العمل بالنسق نفسه والبرمجة لإنجاح الموسم السياحي وتوفير كل الظروف لحسن إقامة السائحين واستقبالهم». وأكد استمرار كل الرحلات من جربة وإليها بالنسق الطبيعي، مضيفاً أن «الحجوزات حافظت على نسقها دون أي إلغاء بما يعد مؤشراً إيجابياً».

ويعد قطاع السياحة والصناعات التقليدية في تونس من القطاعات الاستراتيجية. وتسهم السياحة بنحو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما توفر نحو 400 ألف فرصة عمل.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية متفاقمة مع ارتفاع حاد في التضخم وأسعار المواد الأساسية، وتسعى للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار... لكنّ الاتفاق تعطل بسبب ضغوط سياسية وعدم تنفيذ الحكومة إصلاحات وإجراءات تقشف طلبها الصندوق، بينما يَعد الرئيس التونسي مطالب الصندوق «إملاءات خارجية» غير مقبولة.


مقالات ذات صلة

المغرب يحقق رقماً قياسياً في السياحة لعام 2024

الاقتصاد يشاهد الناس غروب الشمس في كثبان إرغ شبي بالصحراء الكبرى خارج مرزوقة (رويترز)

المغرب يحقق رقماً قياسياً في السياحة لعام 2024

أعلنت وزارة السياحة المغربية، يوم الخميس، أن البلاد استقبلت 17.4 مليون سائح في عام 2024، وهو رقم قياسي يُمثل زيادة بنسبة 20 في المائة مقارنةً بالعام السابق.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
يوميات الشرق ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

لعلّه المتحف الوحيد الذي تُعرض فيه عيدان كبريت، وبطاقات يانصيب، وأعقاب سجائر... لكن، على غرابتها وبساطتها، تروي تفاصيل "متحف البراءة" إحدى أجمل حكايات إسطنبول.

كريستين حبيب (إسطنبول)
الاقتصاد جانب من «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

انطلاق «ملتقى السياحة السعودي 2025» بمشاركة أكثر من 100 جهة

استضافت العاصمة الرياض النسخة الثالثة من «ملتقى السياحة السعودي 2025»، بمشاركة أكثر من 100 جهة؛ حيث يقدم منصة شاملة لاستعراض أحدث المستجدات في القطاع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق فيل يرعى في حديقة حيوان في برلين - ألمانيا 3 يناير 2025 (أ.ب)

فيل مذعور يقتل سائحة إسبانية في محمية تايلاندية

أعلنت الشرطة التايلاندية، الاثنين، أن فيلاً «مذعوراً» قتل سائحة إسبانية أثناء وجودها بجانبه خلال استحمامه في مياه محمية في جنوب تايلاند.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».