موسكو تهدد بقصف المقاتلات الأميركية في سوريا

«البنتاغون»: لن نتردد في الدفاع عن أنفسنا إذا هاجمتنا الطائرات الروسية

رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد يعقب امس على التهديدات الروسية (إ ب أ)
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد يعقب امس على التهديدات الروسية (إ ب أ)
TT

موسكو تهدد بقصف المقاتلات الأميركية في سوريا

رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد يعقب امس على التهديدات الروسية (إ ب أ)
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد يعقب امس على التهديدات الروسية (إ ب أ)

أكد رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الجنرال جو دانفورد، أمس، أن الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة الخط الساخن بين الجيشين الأميركي والروسي، الذي يعتبر حيوياً في حماية قوات الجانبين العاملة في سوريا.
وصرح الجنرال دانفورد: «سنعمل على المستويين الدبلوماسي والعسكري خلال الساعات المقبلة لإعادة خط تجنب الاصطدام» بين الطائرات الأميركية والروسية؛ في إشارة إلى قناة الاتصال الخاصة بين الجيشين. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في وقت سابق، أمس، وقف هذا الخط احتجاجاً على إسقاط الجيش الأميركي لمقاتلة سوريا، رغم أن دانفورد أشار إلى أن الخط كان لا يزال عاملا «خلال الساعات القليلة الماضية».
وصعدت روسيا من لهجتها، أمس، بقولها إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية في سوريا ستتابع أي جسم طائر تابع لقوات التحالف الدولي يتحرك في منطقة عمليات القوات الجوية الروسية، وستعتبره «هدفاً» لها. ولوح برلمانيون في روسيا باستهداف المقاتلات الأميركية إن قامت بممارسات عدائية ضد القوات الروسية. من جانبه دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى احترام وحدة الأراضي السورية، والتنسيق مع النظام السوري. بينما رأى ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية أن الولايات المتحدة من خلال هذه التصرفات «تدعم الإرهابيين».
واتهم البيان الولايات المتحدة بعدم الوفاء بالتزاماتها التي نصت عليها مذكرة تفادي الحوادث، لأنها أسقطت مقاتلة النظام السوري، في الوقت الذي كانت فيه مقاتلات روسية تنفذ مهامها في تلك المنطقة، ومع ذلك «لم تستخدم قيادة قوات التحالف الدولي قناة الاتصال بين القيادات العسكرية من الجانبين والمخصصة للحيلولة دون وقوع حوادث غير مرغوب فيها بالأجواء السورية». وسبق أن علقت روسيا العمل بموجب مذكرة تفادي التصادم في الأجواء السورية، في إطار رد فعلها على قصف القوات الأميركية لمطار الشعيرات في شهر أبريل (نيسان) الماضي، ومن ثم استأنف الجانبان العمل بالمذكرة في مايو (أيار).
من جهته، قال متحدث باسم البنتاغون، أمس، إن الطيارين الأميركيين في سوريا، سيدافعون عن أنفسهم إذا هاجمهم الروس. وقال الكابتن البحري جيف ديفيز، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، إننا «ندرك التصريحات الروسية». وقال ديفيز: «لا نسعى إلى الصراع مع أي جانب في سوريا غير (داعش)، ولكننا لن نتردد في الدفاع عن أنفسنا أو شركائنا إذا ما تم تهديدهم».
وقال الجيش الأميركي إن إسقاط الطائرة السورية كان عملا دفاعيا بعد أن قامت قوات تابعة لنظام الأسد بمهاجمة قوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف عسكري مدعوم من الولايات المتحدة.
وأكد العقيد ريان ديلون، المتحدث باسم قوات التحالف، أن البيان الروسي لن يكون له أي تأثير على العمليات لدعم المقاتلين السوريين المدعومين من الولايات المتحدة الذين يتنقلون ضد «داعش» في الرقة غرب سوريا، وقال إن «طائرات التحالف تواصل عملياتها في جميع أنحاء سوريا وتستهدف قوات (داعش)، وتقدم الدعم الجوي للقوات الشريكة في التحالف على الأرض». وأضاف ديلون: «نتيجة لمواجهات وقعت مؤخراً مع قوات موالية لسوريا وقوات روسية، اتخذنا تدابير حكيمة لإعادة تموضع الطائرات فوق سوريا من أجل الاستمرار في استهداف قوات (داعش) مع ضمان سلامة أطقمنا الجوية؛ نظراً للتهديدات المعروفة في ساحة القتال».
من جانب آخر، يضغط بعض كبار المسؤولين في البيت الأبيض لتوسيع الحرب في سوريا يعتبرونها فرصة لمواجهة إيران وقواتها بالوكالة على الأرض هناك.
ويقود الفريق الداعم لتوسيع الحرب في سوريا، كل من عزرا كوهين واتنيك، كبير مديري الاستخبارات في مجلس الأمن القومي، وديريك هارفي، كبير مستشاري الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، ويدفعان بأن تبدأ الولايات المتحدة إلى شن الهجوم من جنوب سوريا، حيث يقوم الجيش الأميركي بأعمال دفاعية ضد القوات المدعومة من إيران التي تقاتل دعما للرئيس السوري بشار الأسد. وفي المقابل يقود وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس وبعض قادة البنتاغون الفريق المعارض الذي يرى ضرورة اتخاذ استراتيجية أكثر دقة.
في موسكو، رأى برلمانيون روس في الحادثة عدوانا وعملا استفزازيا لروسيا بالدرجة الأولى، غير أنهم استبعدوا احتمال مواجهة أميركية - روسية في سوريا. وقال السيناتور فرانتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس لجنة المجلس الفيدرالي لشؤون الدفاع والأمن، إن ما قامت به الولايات المتحدة عمل عدواني، لا علاقة له بالدفاع عن النفس، ويراد منه «استفزاز روسيا بالدرجة الأولى». وأضاف أن «الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترمب تحولت إلى مصدر تهديد للأمن وليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم كله». وبعد تأكيداته بأن روسيا لن تقوم تلقائياً بضرب الأهداف الجوية في منطقة عمليات القوات الجوية الروسية، حذر السيناتور الروسي «بحال صدرت ممارسة عدائية من جانب الولايات المتحدة، ستقوم القوات الجوية الروسية بالرد على ذلك بحزم». ولم تكن لهجة فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة المجلس الفيدرالي لشؤون الدفاع والأمن، مختلفة عن لهجة نائبه، إذ عبر عن قناعته بأن روسيا، عبر بيان وزارة الدفاع، أكدت استعدادها للدفاع عن قواتها، ولذلك فلن يجرؤ أحد على القيام بأعمال تهدد القوات الروسية، ولهذا يرى أوزيروف أن التطورات الأخيرة لن تؤدي إلى ظهور «تهديد بمواجهة مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة» في سوريا. في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش مشاركته في اجتماع في بكين لوزراء خارجية مجموعة «بريكس»، إن «روسيا تنطلق من ضرورة الاحترام التام لوحدة الأراضي السورية، فيما يخص ما يجري على الأرض في سوريا»، مطالباً جميع القوى بـ«الاتفاق مع دمشق على كل الأعمال على الأراضي السورية»، وقال: «ندعو الولايات المتحدة والآخرين، الذين لديهم قوات أو (مستشارون) على الأراضي السورية، إلى ضمان التنسيق في عملنا هناك». وعبر عن قناعته بأن «مناطق خفض التصعيد واحدة من الفرص المتاحة للمضي معاً نحو الأمام».



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».