«داعش» يستبق «معركة الجنوب» بهجوم على «معبر التنف» وتهديد الأردن

قائد «مغاوير الثورة» لـ «الشرق الأوسط»: نعمل مع التحالف لقتال التنظيم خلال شهر

سحابة من الدخان تغطي أحياء في درعا جنوب سوريا بعد استهدافها من قبل طيران النظام أول من أمس (أ.ف.ب)
سحابة من الدخان تغطي أحياء في درعا جنوب سوريا بعد استهدافها من قبل طيران النظام أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يستبق «معركة الجنوب» بهجوم على «معبر التنف» وتهديد الأردن

سحابة من الدخان تغطي أحياء في درعا جنوب سوريا بعد استهدافها من قبل طيران النظام أول من أمس (أ.ف.ب)
سحابة من الدخان تغطي أحياء في درعا جنوب سوريا بعد استهدافها من قبل طيران النظام أول من أمس (أ.ف.ب)

مع عودة الحديث عن قرب تحريك الجبهة الجنوبية والعمل على توسيع قاعدة التنف لتكون منطلقا للعمليات ضد «داعش»، تصدّى يوم أمس مقاتلو المعارضة السورية لهجوم انتحاري شنه التنظيم على «معبر التنف» الحدودي مع العراق، واتهموا النظام بمساندته عبر التغطية الجوية، في وقت أعلن فيه التنظيم إعدام 5 أشخاص من قوات إحدى الفصائل التي تقاتل في البادية السورية والقلمون الشرقي بريف دمشق، متوعدا الأردن ومحرضا على استهداف أجهزته الأمنية، بحسب ما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأكد العقيد مهند الطلاع، قائد «جيش مغاوير الثورة» المقاتلة في الجبهة الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط» أنه بدأ العمل على خطة بالتعاون مع التحالف الدولي لتحريك الجبهة الجنوبية وقتال «داعش» في موازاة المعركة المستمرة في المنطقة من قبل فصائل معارضة عدة، وهدفها يبدأ من محاربة التنظيم في المنطقة الجنوبية والاتجاه نحو المنطقتين الشرقية والوسطى. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المعركة التي يرعاها الأردن بشكل أساسي، وتشكل خط إمداد رئيسيا لعملياتها، ستشارك فيها فصائل (جيش المغاوير) و(أسود الشرقية) و(شهداء القريتين) والمجلس العسكري في المنطقة الجنوبية و(كتائب الشهيد أحمد العبدو)، وسيتم إمدادها بأسلحة نوعية، على أن تبدأ فعليا خلال فترة لا تتجاوز الشهر».
كذلك، قال مصدر مخابرات غربي لـ«رويترز»: إن قوات خاصة أميركية وبريطانية توسع قاعدة التنف لاستخدامها نقطة انطلاق رئيسية لعمليات في الأشهر المقبلة لطرد المتشددين من البوكمال. ويوم أمس، نقلت الوكالة عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن هناك خططا قيد الإعداد لشن ضربات جديدة للتحالف على «داعش» في الجنوب، بما يشمل منطقة غربي مدينة درعا في الجنوب. وذكرت مصادر في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»، أنه وبعد الزيارة التي قام بها ملك الأردن عبد الله الثاني قبل أسابيع إلى الولايات المتحدة تم الاتفاق على إنشاء قوة بدعم خمس دول، وتزويد «فصائل الحر» في المنطقة بأسلحة ومعدات حديثة والاتجاه شرقا باتجاه دير الزور لتحريرها من «داعش».
مع العلم أنه وفي الأسابيع الماضية سجّل في المنطقة الصحراوية السورية قرب الحدود مع الأردن إعادة تجمع لمقاتلي «داعش» لتدعيم معقلهم الرئيسي في الرقة بعد انتكاسات في سوريا والعراق.
ويوم أمس، قالت مصادر في المعارضة السورية إنها تمكنت من التصدي لهجوم انتحاري شنه «داعش» على قاعدة عسكرية قرب معبر حدودي مع العراق.
وفي بيان له، قال «جيش أسود الشرقية»: إن «داعش» شن هجوما مباغتا بالمفخخات على «معسكر التنف» وعند تحرك مقاتليه باتجاهه، فجّر انتحاري يقود عربة مفخخة نفسه في أحد أرتال المؤازرة؛ ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة 7 آخرين. وأكد البيان أن الهجوم ترافق مع تغطية جوية واضحة لطيران النظام وقصف مدفعي على نقاط سرية البحوث العلمية، متهما الطرفين بالتواطؤ ومتعهدا باستمرار المعركة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: إن الهجوم الذي كان يهدف للسيطرة على معبر النتف والتوغل أكثر نحو البادية السورية من ناحية الريف الجنوبي الشرقي، وما نتج منه من اشتباكات أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 8 من عناصر تنظيم داعش و3 مقاتلين على الأقل من الفصائل، وإصابة أكثر من 4 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة.
ويقع معبر التنف ومخيم الركبان قرب الحدود السورية مع العراق والأردن. وجماعة «أسود الشرقية» إحدى الجماعات الرئيسية في المنطقة التي تحارب «داعش» وتقاتل تحت راية «الجيش السوري الحر»، وهي كانت قد بدأت مع فصائل معارضة أخرى قبل نحو ثلاثة أسابيع معركة جديدة في البادية السورية: «أبرز أهدافها، فتح الطريق إلى منطقة القلمون الشرقي المحاصر من النظام و(داعش) والسيطرة على منطقة البادية التي تعد مفصلا مهما لتنظيم داعش التي يعتمدها طريق إمداد له من الجنوب إلى الشمال، كحلب وغيرها، وإلى الشرق كدير الزور والرقة، بحسب ما أوضح سعد الحاج مسؤول المكتب الإعلامي لـ«الأسود الشرقية»، مشيرا إلى أنه «في المرحلة الأولى من المعركة بدأ العمل على النقاط الأمامية لتنظيم داعش والمتمثلة بسرية البحوث العلمية في منطقة التيس – حاجز زازا – حاجز السبع بيار – حاجز مكحول – منطقة الهيل – جبل سيس، حيث تم تحرير هذه النقاط في المرحلة الأولى من المعركة، ما عدا حاجز مكحول». وأضاف: «أما المرحلة الثانية من المعركة فتم التوسيع ليشمل منطقة أتوستراد أبو الشامات وبئر ومزرعة مداد وكسارات عادة وأطراف جبال المحسا»، موضحا أنه «وبعد تحرير هذه المساحة الواسعة التي تقدر بـ240 كيلومترا بحيث بقي على فك الحصار ما يقارب الـ20 كيلومترا من آخر نقطة على تلال الصفا لآخر نقطة من جهة القلمون في خان المنقورة وأطراف المحسا».
وكان مقاتلو المعارضة قد انتزعوا العام الماضي معبر التنف من «داعش» وحاولوا إخراج التنظيم من مدينة البوكمال السورية الحدودية على نهر الفرات إلى الشمال الشرقي، لكن محاولاتهم فشلت. وتقع البوكمال على طريق إمداد كبير للتنظيم بين معاقله في العراق وسوريا.
في موازاة ذلك، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بإعدام «داعش» 5 أشخاص، أحدهم مقاتل من قوات أحمد العبدو العاملة في البادية السورية والقلمون الشرقي بريف دمشق، وأظهر شريط فيديو إعدام المقاتل، ياسين أحمد ناصر بعد أن قال إنه «أسر في منطقة بئر محروثة، وإن السلطات الأردنية تمدهم بالسلاح والذخيرة ويجري إرسال 40 مقاتلا من قوات أحمد العبدو إلى الأردن لتلقي التدريبات على يد مدربين أميركيين، ويتم إمدادهم بالعتاد والذخيرة، مقابل قتال تنظيم داعش دون قتال النظام»، ليعود بعدها ويقتله أحد عناصر التنظيم عبر ضربة بآلة حادة على عنقه أدت إلى فصل رأسه عن جسده بشكل شبه كامل.
كما أظهر الشريط إعدام التنظيم أربعة أشخاص عبر فصل رؤوسهم عن أجسادهم عن طريق ذبحهم بالسكاكين بعد إلباسهم اللباس البرتقالي، وبطحهم على الأرض من قبل 4 عناصر وقياديين محليين من «داعش»؛ وذلك بتهمة «العمالة للتحالف الصليبي»، حيث تحدث عناصر التنظيم موجهين رسالتهم إلى الأردن ومحرضين على استهداف أجهزتها الأمنية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.