نتائج عمليات التشريح بتركيا تؤكد استخدام النظام لأسلحة كيماوية

الغرب يتوعد الأسد بالمحاسبة ويحذر روسيا لرفضها

TT

نتائج عمليات التشريح بتركيا تؤكد استخدام النظام لأسلحة كيماوية

لليوم الثالث توالت المواقف الدولية المنددة بالهجوم الكيماوي الذي استهدف الثلاثاء الماضي بلدة خان شيخون السورية، على الرغم من أن مجلس الأمن الدولي أرجأ في ختام جلسة طارئة عقدها أمس الأربعاء، التصويت على مشروع قرار غربي يدين الهجوم ويطالب النظام السوري المتهم بشنه، بالتعاون مع التحقيق، وذلك لإفساح الوقت للتفاوض مع روسيا، وذلك بعدما هددت واشنطن بالتحرك بشكل أحادي في حال فشلت الأمم المتحدة.
وقال وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرو اليوم (الخميس) لتلفزيون «سي نيوز» إن باريس لا تزال تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا بعد الحديث مع شركائها في مجلس الأمن وخصوصاً روسيا، مضيفا أن المفاوضات الدبلوماسية لها الأولوية على أي عمل عسكري.
وأثار هجوم بأسلحة كيماوية يتهم النظام السوري بأنه شنه في محافظة إدلب، التي تسيطر عليها المعارضة، انتقادات دولية واسعة حتى من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي قال أمس إن حكومة الرئيس بشار الأسد «تجاوزت خطا أحمر» بهجوم الغاز السام على المدنيين لكنه لم يكشف عن تفاصيل الإجراء الذي قد يتخذه، على الرغم من أنه أكد أن الهجوم الذي يعتبر «إهانة للإنسانية» غير موقفه حيال الأسد.
وبلغت المواقف الأميركية حد التلويح بشن عملية عسكرية، عندما حذرت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي من أن المجتمع الدولي قد «يجد نفسه مضطرا للتحرك»، لكن إيرو أكد أن «المرحلة الأولى هي التصويت على قرار، وقبل أي شيء إعادة بدء مفاوضات السلام في جنيف»، خصوصاً أن «الرد الأميركي بشأن سوريا ما زال غير واضح».
وقالت فرنسا مرارا إن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من أي حل تسفر عنه محادثات السلام. وجددت فرنسا وبريطانيا هذا الأسبوع دعوتهما الرئيس السوري للرحيل، وآخرها على لسان إيرو، الذي شدد على أن «جرائم الأسد يجب ألا تمر دون عقاب».
وأسفر الهجوم على بلدة خان شيخون عن مقتل 86 مدنيا بينهم ثلاثون طفلا و20 امرأة، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان أصدرها مساء أمس الأربعاء، فيما يحاول الأطباء إنقاذ المصابين الأكثر تأثرا من بين أكثر من 160 شخصا تتم معالجتهم.
ومشروع القرار الغربي الذي يدعو لفتح تحقيق كامل في الهجوم الذي وقع بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا اعتبرته روسيا «غير مقبول على الإطلاق»، في مؤشر جديد إلى الانقسامات بين الغرب وروسيا حول الملف السوري.
وبحسب دبلوماسيين، فإن التصويت على مشروع القرار الذي قدمته واشنطن ولندن وباريس قد يتم اعتبارا من اليوم، وسط ترجيح البعض استخدام روسيا لحق النقض «الفيتو». لكن دبلوماسيين آخرين أفادوا مساء أمس بأن روسيا قدمت مشروع قرار بديلا لا يتضمن دعوة للنظام السوري تحديدا للتعاون مع التحقيق.
من جهته، حذر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي يزور موسكو يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، روسيا من أن الوقت قد حان لكي تعيد التفكير في مواصلة دعمها لنظام الأسد. وأضاف: «لا يساورنا أي شك في أن النظام السوري بقيادة بشار الأسد هو المسؤول عن هذا الهجوم المروع».
وأعلنت موسكو أمس أن الطيران السوري قصف صباح الثلاثاء في خان شيخون «مستودعا إرهابيا» يحتوي على «مواد سامة»، ما أدى لانتشار هذه الغازات في الجو وتسبب بالتالي بسقوط القتلى والجرحى.
وفي رد ضمني على موسكو، أعلن وزير العدل التركي بكر بوزداغ اليوم الخميس أن نتائج عمليات التشريح التي أجرتها على بعض ضحايا الهجوم أثبتت أن «نظام الأسد استخدم أسلحة كيماوية». وأشار إلى أن عملية التشريح تمت بمشاركة أطباء شرعيين أتراك وممثلين عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وفي سياق متصل، نشرت صحيفة «فيسيرني ليست» الكرواتية اليوم مقابلة مع الأسد، بدا أنها أجريت قبل التطورات الأخيرة. وقال فيها إنه «لا خيار لدينا سوى أن ننتصر بالحرب، إن لم ننتصر فهذا يعني أن تُمحى سوريا من الخريطة، ولا يوجد خيار آخر لذلك، ونحن واثقون ومستمرون ومصممون».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».