كيف تتصرف إذا وقع هجوم إرهابي قريب منك؟

هجوم إرهابي في العراق (أ.ف.ب)
هجوم إرهابي في العراق (أ.ف.ب)
TT

كيف تتصرف إذا وقع هجوم إرهابي قريب منك؟

هجوم إرهابي في العراق (أ.ف.ب)
هجوم إرهابي في العراق (أ.ف.ب)

مع تنامي الاعتداءات الإرهابية وارتفاع مخاوف الناس من خطر الاعتداءات الإرهابية، باستعمال الأحزمة الناسفة أو السيارات أو العبوات المفخخة، حتى سئم كثير من الناس سوء الأوضاع الأمنية وانعدام الاستقرار، فباتوا لا ينتظرون حماية أمنية بقدر ما يبحثون عن إرشادات ونصائح لمساعدتهم على التصرف الصحيح عند وقوع اعتداء أو هجوم إرهابي.
يعلم الجميع أنه من الصعب على الشخص العادي غير الخبير استشعار العمل الإرهابي وتلافي خطر الانفجارات الإرهابية باستعمال الأحزمة الناسفة أو السيارات المفخخة المركونة في أماكن التجمعات البشرية وعلى جوانب الطرقات، كونه لا يملك الخبرة والمعدات والوسائل التي تمكنه من ذلك، فالخطر ببساطة يُزرع بطريقة خفية لإسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا.
فكيف تتصرف إذا وجدت في مكان يتعرض لهجوم إرهابي؟
للإجابة عن هذا السؤال، نشر مركز الأمن ومكافحة الإرهاب البريطاني تقريراً يوضح فيه أهم الخطوات التي يجب أن تقوم بها لحماية نفسك من هذه الاعتداءات.
* الجري:
ابحث عن أسلم الخيارات المتاحة أمامك. إذا كان هناك طريق آمن فاهرب نحوه، وإذا لم يكن فحاول الاختباء، وتحقق أن يهرب كل من يكون معك. اترك كل ما بحوزتك واهرب!
* لا داعي للذعر:
في حالة من الذعر يحدث كثير من التشوه أو حتى الموت. يجب محاولة تجنب الممرات الضيقة، إذا وجدت مخارج أخرى. إذا كان هناك طريق وحيداً للخروج فلا يجب تجاوز الشخص، الذي أمامك، يجب اتباعه بدقة، حتى تتمكن من مغادرة منطقة الهجوم الإرهابي بسرعة.
* الاختفاء:
ابحث عن شيء يحميك من طلقات الرصاص كالاختفاء تحت الكراسي والطاولات والخزانات. كن هادئاً وحاول إسكات هاتفك.
* الاتصال:
إذا استطعت الاتصال بالشرطة والإسعاف فافعل ذلك من دون أن تجلب انتباه المعتدين.
* يجب تنفيذ تعليمات وأوامر ضباط الأمن بوضوح:
ضباط الأمن هم المسؤولون عن تنظيم الخروج المنظم من منطقة الهجوم الإرهابي، هم يعرفون في أي اتجاه يجب الذهاب، بعيدًا عن مكان الانهيار والدخان. يتم تطويق المكان لضمان خروج المصابين من المناطق المتضررة إلى الأماكن التي يمكن أن تقدم المساعدة الطبية والنفسية. إذا كان حينها موسم البرد، فسوف يتم نشر أماكن ذات تدفئة تابعة لوزارة الطوارئ.
* إذا لم يكن لديك إصابات، فانظر حولك:
حاول أن تتذكر الناس والأشياء، فالإرهابي يمكن أن يكون على مقربة. يجب إبلاغ الشرطة أو العاملين في قسم الرعاية الطبية عن أي معلومة جذبت انتباهك أو أثارت الشك عندك، هذا سيساعد في منع تكرر الاعتداءات.
* كيف تتصرف مع ضحايا التفجيرات الإرهابية؟
قواعد أساسية للتعامل مع المصابين في حال نجوت من خطر هجوم إرهابي بشكل سليم مع وقوع جرحى أو ضحايا أثناء الانفجار، عليك الاتصال فوراً بالإسعاف، ثم بالأجهزة الأمنية المختصة، ثم حاول ألا يتحرك أي مصاب إصابة خطيرة من مكانه إن كان على ظهره، أو إذا كان يعاني من كسر ما في أي منطقة بجسمه. فتحريك المصاب قد يؤدي إلى شلله أو إصابته بإعاقة دائمة، لكن في بعض الأحيان يكون من المحتم نقل المصاب من مكانه، كوجوده في مبنى يحترق، أو في مبنى آيل للسقوط جراء قوة الانفجار، أو تحت أي جسم يهدد حياته، أو أي ضرورة أخرى. في هذه الحالة، يجب الانتباه إلى كيفية نقل المصاب من خلال التقليل من الأضرار الصحية الممكنة.
في البداية، يجب التأكد من إسناد الرقبة لكي لا يحدث اختناق، ويجب تثبيت الجسم كوضع المصاب على حمالة أو قطعة خشب وعدم هزه بسرعة أو الركض أثناء نقله. فالتقليل من الحركة يؤدي إلى تقليل خطر التدهور.
ويجب تجنب سحب أي شظايا أو أجسام منغرسة بعمق في جسم المصاب لتجنب إحداث جروح ونزيف أكبر. وعند الشك بإصابة العمود الفقري، يجب تثبيت المصاب ونقله محمولاً على سطح صلب، وفي حالة كسور الفخذ والساق، وهو ما يمكن الاستدلال عليه بتشوه وتورم الطرف المصاب، يمكن تثبيت الطرف المكسور بلفه بقطعة ملابس وربطه مع الطرف السليم. في حال كسور الطرف العلوي يجب تعليق الطرف بحامل ذراع وتثبيته على الجسم.
* إسعافات أولية للمصاب
من الجيد أن يخضع الناس لدورات في الإسعافات الأولية، لأنه عند وقوع أي حادث أو انفجار يجب تماسك الأعصاب واستغلال هذه المعرفة لمساعدة المصابين، والتخفيف من آلامهم قدر الإمكان.
لكن، إن لم يكن لك إلمام أولي بالإسعافات الأولية، فيجب التعامل مع المصاب بكثير من الحرص على حياته والقيام بالإسعافات الأولية الضرورية للجرحى كضرورة إيقاف نزيف المصاب بقطعة ثوب نظيف، أو تطهير أماكن الجروح وتضميدها منعاً لالتهابها أو التقاط ميكروبات من الجو أو فيروس ما.
في حال غاب المصاب عن الوعي، عليك أن تحافظ على هدوئك أولا ثم الاتصال بالإسعاف والمسعفين، وفي حال تعذر وصولهم في الوقت المناسب، يمكنك أن تتواصل معهم عبر الهاتف لإرشادك إلى كيفية إسعاف المصاب. كما يجب أن تتأكد من تنفسه ونبضه، فإذا كان يتنفس وغاب عن الوعي، تأكد من أن لسانه لا يعيق تنفسه، وإذا كان يعيقه، من الضروري أن تدير رأسه جانبياً إلى اليمين أو إلى اليسار، أو تمد رأسه إلى الوراء وهو مستلقٍ على ظهره دون أن تضع أي مخدة أو ما شابه تحث رأسه. ويجب إزالة الدم الموجود بالفم والأنف لمساعدته على التنفس.
أما إذا لم يكن المصاب يتنفس، عليك أن تقوم بعملية التنفس الاصطناعي، بينما يقوم آخر بمعالجة النزيف، وذلك لمسابقة الوقت والتقليل من الأضرار.



التشكيلية اللبنانية زينة الخليل... الألم خطَّاطُ المسار

الرسوم تتحوّل انعكاساً للروح كما تغذّي الروح الفنّ فيتكاملان (زينة الخليل)
الرسوم تتحوّل انعكاساً للروح كما تغذّي الروح الفنّ فيتكاملان (زينة الخليل)
TT

التشكيلية اللبنانية زينة الخليل... الألم خطَّاطُ المسار

الرسوم تتحوّل انعكاساً للروح كما تغذّي الروح الفنّ فيتكاملان (زينة الخليل)
الرسوم تتحوّل انعكاساً للروح كما تغذّي الروح الفنّ فيتكاملان (زينة الخليل)

كانت على الدوام فنانة، تتمدَّد كمَن يُراقب الكون، وتحلُم. ألحَّ شعورٌ بالانسلاخ عن العالم والبحث المرير عن شيء مفقود تُطارده ويهرُب. فضَّلت التشكيلية اللبنانية زينة الخليل العزلة. طَرْحُ الأسئلة الصعبة نَبَت منذ الصغر: «مَن أنا وما معنى الحياة؟». تعجَّبت لانشغال رفاق الصفّ باللعب دون سيطرة الهَمّ. «لِمَ يلهون ولا ألهو؟»، تساءلت. تأمّلت من دون أن تدري ماهية التأمُّل، وفكَّرت في الوجود من دون علمها بأنها الفلسفة.

ولمَّا رسمت؛ فوجئت: «آه، إنني أرسم! لا أدري كيف ولكنني أرسم! أستطيع نقل الأشياء إلى الورق. ذلك يُشعرني ببهجة». الرسم ضمَّد جراح العقل. وجَّه طاقتها نحو شيء آخر غير البحث المُنهك عن شرح. ومن هنا بدأت.

من التأمُّل والتفكير في الوجود رسمت للمرة الأولى (زينة الخليل)

تُخبر الفنانة زينة الخليل المقيمة في لندن «الشرق الأوسط» أنّ نشأتها في أفريقيا أتاحت الوقت الكافي للتفكير. شدَّتها الطبيعة، وراحت تشعر برابط بين الجسد الإنساني والأرض. وبالصلة بين جبّارين: الروح والتراب. تقول: «عبر النجوم والأشجار، حدث اتصالي مع الوجود. بالتأمّل والرسم، كتبتُ الفصل الأول من حياتي».

يأتي الألم بوعي مختلف لم يُعهَد من قبل ويتيح النموّ الداخلي (زينة الخليل)

عام 1994 عادت إلى لبنان. كانت مدافع الحرب الأهلية قد هدأت، مُتسبِّبةً بعطوب وبرك دم: «كنتُ في الـ18 حين شعرتُ بأنّ شيئاً يجرُّني للعودة ويقذفني نحو بلدي المُثقل. أتيتُ وحيدةً، وعائلتي في نيجيريا. اليوم أتفهّم عمق العلاقة بالأرض والطاقة. تلك التي لاحت في الطفولة ولم أستقرّ على تعريف لها. جسَّدها شعور تجاه صخرة أو شجرة أو ورقة تتساقط. الصوت الذي ناداني للعودة، سمعتُه جيداً. لم أقوَ على صدِّه. ورغم هواجس العيش على أرض هشَّمتها الحرب، اخترتُ المجيء».

طَرْحُ الأسئلة الصعبة نَبَت منذ الصغر وألهمها الرسم (زينة الخليل)

الفنّ عند زينة الخليل ليس للنفس فقط، وإنما للآخرين. وفي وقت واجهت التجارب القاسية في بلد شهد عقدين من احتدام المعارك، شعرت، بكونها امرأة، بالاعتداء المستمرّ عليها. مسلّحون يتجوّلون ومظاهر تفلُّت. ذلك يفسِّر ميل أعمالها المُبكرة إلى «النسوية المُفرطة»: «أردتُ إيجاد مكاني بوصفي امرأة والنضال للشعور بالأمان. لم أجسِّد الحركة النسوية المألوفة التي شهدتها أوروبا وأميركا آنذاك. مواجهة الميليشيا والإحساس بالخطر الفردي جعلا نسويتي تتجاوز حيّزها. راحت أعمالي تنتقد الحرب والأسلحة. وضعتُ فنّي بمواجهة هذه الإشكالية: هل حقاً يحتاج الإنسان إلى سلاح لإثبات نفسه؟».

الرسم ضمَّد جراح العقل (زينة الخليل)

ولمحت مُحرِّك العنف ومؤجِّجه: «البشر والدول يتقاتلون حول الموارد والثروات. العناوين الأخرى، منها الأديان، ذريعة. أدخلتُ مادة البلاستيك في أعمالي لإدراكي قوة العلاقة بين المُستهلك والمعركة. البلاستيك مصنوع من النفط، والنفط يُشعل الحروب. تجرَّد الإنسان من الحسِّ وأصبح العالم مُجمَّعاً تجارياً ضخماً. بتبنّي (الكيتش) في الرسم، سجّلتُ موقفي ضدّ تغليب القوة والحلول السريعة على وَضع استراتيجيات السلام. طغى اللون الزهريّ على رسومي مُجسِّداً البلاستيك والعلكة واللامعنى. شكَّل فنّي محاكاة للعبة الباربي بصورتها النمطية وما مثّلته من سطحية وانعدام العمق».

تسلُّل السخرية إلى الموضوع الجدّي محاولةٌ لجَعْل النقاش أقل غرابة (زينة الخليل)

تسلُّل السخرية إلى الموضوع الجدّي محاولةٌ لجَعْل النقاش أقل غرابة. لسنوات واصلت الفنانة تبنّي هذا الأسلوب وبه عرفت. وباندلاع حرب 2006 في لبنان، تحوَّلت إلى تدوين الأحداث، وإنما الرغبة بمواصلة الرسم تأجَّجت: «دوري ناشطةً ومدوّنةً لم يُشبع نهمي. وذات يوم، عشتُ تجربة صوفية لا أملك شرحها. كأنني عدتُ إلى زينة في أفريقيا والرابط بين الوجود والإنسان. البعض يسمّيه النداء الروحي. فجأة، لم يعُد عالم المادة مهماً، وشعرتُ بحبل في داخلي يُقطَع. غمرني الشعور بألم الأرض، فلم أجد منزلاً لي. مسقطا أمي وأبي، كلاهما تألّم بتداعيات الحروب. سمعتُ نداء الأرض: (تعالي لنُشفى معاً!). كأنني كنتُ أتعرّف إلى وجعي من أوجاعها. كان نداء عميقاً. أمضيتُ الوقت في تلمُّس التراب. شعوري بأنني لستُ في منزل؛ لا أنتمي، ولا أعرف مَن أنا، جرَّ فنّي إلى مكان آخر. رسمتُ ولم أدرك ماذا أرسم. أجريتُ مراسم لشفاء الأرض، فأشعلتُ النار من أجلها ورفعتُ الصلاة. سألتُ الطاقة أن تتبدَّل. والأشياء العالقة في الكون أن تتّخذ مجراها. مثل مَن ماتوا بلا دفن لائق، وبلا جنازة ووداعات. طاقة هؤلاء ظلَّت عالقة. لم تحدُث المصالحة بعد الحرب. بزيارتي الأماكن حيث حلَّت مجازر، وإشعالي النار، حَدَث التواصل. كأنني أقول للموتى الذين أرسم أرواحهم بأنني هنا؛ أراكم وأعترف بكم. أنتم منسيّون بجميع الطرق. الدولة لم تعترف بكم، لم تُؤبَّنوا. أنا هنا لأراكم وأكون شاهدة. بهذا بنيتُ اتصالاً فريداً مع لبنان».

طغى اللون الزهريّ مُجسِّداً البلاستيك والعلكة واللامعنى (زينة الخليل)

أرادت لفنّها التصدّي للعنف، فوظَّفت رماد النار التي أقامتها للمراسم مادةً للرسم. أنجزت مجموعات بتلك المادة السوداء ومن الحبر. وبدل الفرشاة، فضَّلت الأقمشة. بالكوفية مثلاً، لمست وحدة الشعوب، فأدخلتها في لوحاتها: «كل حفل شفاء أردتُه لنفسي وللبنان وللشرق الأوسط والكون. غمّستُها بالحبر ورسمتُ بها لنحو 10 سنوات. في الهند، درستُ الروحانيات ولمستُ اختفائي. الرسوم تتحوّل انعكاساً لروحي، كما أنّ روحي تُغذّي فنّي، فيتكاملان تماماً».

وظَّفت رماد النار التي أقامتها لمراسم الشفاء مادةً للرسم (زينة الخليل)

يأتي الألم بوعي مختلف لم يُعهَد من قبل ويتيح النموّ الداخلي. الألم أحياناً يختار المرء؛ يتعرّف إليه. ولا ينتظره. يُناديه ليخطَّ مساره. تقول: «بعد انفجار بيروت عام 2020، شاهدتُ الدخان والتصدُّع. سرتُ على شوارع يفترشها الزجاج. في تلك اللحظة، تجمَّد الزمن كأنه سينما. بحركة بطيئة، رأيتُ انهيار جانب ضخم من سقف منزل، ووجوهاً مُدمَّاة، وهلعاً. فكّرتُ أنها الحياة. كفَّ الوقت عن التحلّي بأي معنى. لمحتُ التقبّل المريع لفكرة أنّ العنف جزء من الوعي الإنساني. هنا شعرتُ بأنني فكرة تأتي وتعبُر. أو لحظة ونَفَس. جسدٌ مُعرَّض لانتهاء تاريخ الصلاحية، وجوهر واحد يُعبِّر عن نفسه بمليارات الطرق. فنّي إعلان للسلام الداخلي ولحقيقة أننا مُنتقلون. ألم الانسلاخ هو الأقسى. في موضع إحساسنا بالانفصال عن الكون، عن الهوية، وعن الفردية؛ تبدأ رحلة الشفاء».