لبنان يدرس جدياً افتتاح مطار ثانٍ

في مؤشر على تراجع «حزب الله» عن موقفه

الحسابات التنموية تتقدم على السياسة (الصورة من «خرائط غوغل»)
الحسابات التنموية تتقدم على السياسة (الصورة من «خرائط غوغل»)
TT

لبنان يدرس جدياً افتتاح مطار ثانٍ

الحسابات التنموية تتقدم على السياسة (الصورة من «خرائط غوغل»)
الحسابات التنموية تتقدم على السياسة (الصورة من «خرائط غوغل»)

طرح التصريح الأخير لوزير الأشغال العامة والنقل في لبنان يوسف فنيانوس، الذي كشف فيه عن دراسة مشروع بناء مطار جديد في لبنان لتخفيف الضغط عن مطار رفيق الحريري الدولي، الكثير من علامات الاستفهام سياسيا، خصوصاً أن هذا الملف كان موضع خلاف كبير في لبنان منذ عام 2005 بين قوى «144 آذار» و«حزب الله» الذي يسيطر على المطار الحالي الواقع في ضاحية بيروت الجنوبية حيث نفوذه السياسي والأمني والشعبي.
وكانت قوى «14 آذار» خاضت منذ عام 2005 أكثر من معركة سياسية للضغط وفتح مطار آخر في لبنان، وتحديداً مطار رينية معوض، الواقع في محافظة عكار الشمالية، بعد أن عمد الحزب أو أنصاره مراراً إلى قطع الطرق المؤدية إليه عند نشوب أي خلاف سياسي.
كما اتهمت قوى «14 آذار» سابقاً خلال الفترة التي شهدت فيها البلاد اغتيالات سياسية (2005 - 2008) «حزب الله» بأنه يسيطر أمنياً على مطار بيروت، كما اتخذت حكومة الرئيس آنذاك فؤاد السنيورة قراراً بإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير بسبب ما سمته «مراقبة المطار بواسطة كاميرات خاصة»، ما كان سبباً في وقوع أحداث 7 أيار الشهيرة في عام 2008.
كل ذلك يعزز من الاستغراب الناجم عن تصريحات فنيانوس الأخيرة، خصوصاً أنه محسوب على تيار «المردة» الذي يتزعمه الوزير السابق سليمان فرنجية، المقرب والمتحالف منذ سنوات طويلة مع «حزب الله».
وكان فنيانوس أعلن في حديث تلفزيوني عن «ضرورة وضع مخطط توجيهي من أجل توسيع المطار إضافة إلى العمل على دراسة مشروع إنشاء مطار». ويأتي هذا التصريح بعد ساعات من توقيع فنيانوس اتفاقية لوضع الدراسات اللازمة لتحديث المخطط التوجيهي لمطار رفيق الحريري وتوسعته ليستوعب أكبر حركة للمسافرين بعدما فاق العدد 7.6 مليون مسافر في السنة فيما قدرته الاستيعابية 66 مليون مسافر.
وتعليقاً على هذا الأمر، رفض رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب محمد قباني اتهام «حزب الله» بالعرقلة، محيلاً هذا الأمر إلى «الحالة السياسية والإنمائية المتعثرة التي شهدها لبنان منذ اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري»، مؤكداً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن نواب الحزب «لم يعبروا خلال اجتماعات اللجنة يوماً عن تحفظ تجاه تشغيل مطار القليعات».
وعلى الرغم من موقف قباني فإن «14 آذار» كررت دوماً اتهاماتها للحزب، ومنها تصريح تلفزيوني في عام 2012 لرئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض، نجل رئيس الجمهورية الراحل رينيه معوض، اتهم فيه النظام السوري عندما كان في لبنان بـ«العرقلة» بسبب قربه من الحدود اللبنانية - السورية وتأثيره الاقتصادي، و«حزب الله» لاحقاً خصوصاً منذ عام 2011 «تحت حجج واهية مثل تهريب السلاح والفيدرالية والأحداث التي تحصل في سوريا».
ولم يحدد فنيانوس موقع المطار الجديد، خصوصاً أنه اكتفى بالإعلان عن درس الأمر، إلا أن قباني رحب بتصريحات الوزير، خصوصاً أن «لبنان يحتاج عملياً إلى أكثر من مطار، خصوصاً أن قدرة مطار بيروت الحالية والمستقبلية تحتم على الدولة البحث في هذا الخيار».
وأكد انفتاح اللجنة على «الاستماع لما في جعبته من طروحات وتصورات»، لكنه في المقابل يجزم بأن «مطار القليعات هو الأفضل على صعيد الموقع الجغرافي، والمدارج القادرة على استقبال الطائرات الكبيرة، لكن يحتاج إلى عملية إعادة تأهيل مدتها عام تقريباً»، فيما المطار العسكري الآخر في لبنان، والواقع في بلدة رياق البقاعية، «لا يساعد موقعه الجغرافي بين الجبال حركة الطيران، كما أن المواقع الأخرى لا يمكن أن تستقبل مطاراً طويلاً».
ويرى خبراء اقتصاديون في لبنان أن فتح مطار ثان في لبنان ضرورة اقتصادية أيضاً من أجل تحقيق تنمية اقتصادية في المناطق، بعيداً عن مركزية بيروت، إضافة إلى ضرورة تعزيز القطاعين السياحي والتجاري، وتوفير فرص عمل جديدة للحد من النزوح إلى بيروت.
وكانت الحرب في سوريا أبرزت اهتماماً دولياً واضحاً بمطار القليعات (يبعد 7 كيلومترات عن الحدود اللبنانية مع سوريا في شمال لبنان)، خصوصاً أنه يقع عند الطريق الدولية التي تربط طرابلس بحمص، وكذلك الطريق الدولية التي تربط طرابلس باللاذقية، إضافة إلى خط سكة حديد متوقف منذ عقود طويلة يمكن إعادة تشغيله. وتنطلق أهمية المطار من الدور الذي من الممكن أن يلعبه شمال لبنان بعد الحرب السورية في سياق إعادة إعمار سوريا.
ويعتبر مطار القليعات إضافة إلى مطار رياق، منصات رئيسية للجيش اللبناني، وأسس لهذه الغاية قبل الحرب الأهلية اللبنانية ضمن سياسية الدفاع العربي المشترك، إلا أنه استعمل لغايات مدنية خلال الحرب الأهلية، وصولاً إلى انتخاب الرئيس معوض في عام 1989 فيه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».