بارزاني: وضع العرب السنة صعب جدًا ومشكلتهم غياب المرجعية الدينية والسياسية

قال لـ «الشرق الأوسط» إن إزاحة زيباري كانت ترمي إلى إفشال معركة الموصل وإطاحة حكومة العبادي

الرئيس مسعود بارزاني خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ({الشرق الأوسط})
الرئيس مسعود بارزاني خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ({الشرق الأوسط})
TT

بارزاني: وضع العرب السنة صعب جدًا ومشكلتهم غياب المرجعية الدينية والسياسية

الرئيس مسعود بارزاني خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ({الشرق الأوسط})
الرئيس مسعود بارزاني خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ({الشرق الأوسط})

هذا موعدي «الداعشي» الثالث مع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق؛ في العاشر من يونيو (حزيران) 2014 كنت على موعد معه في باريس. قبل وصولي كانت الشاشات تتحدث عن سقوط الموصل في يد تنظيم داعش قبل ساعات. توقع بارزاني أن تكون مرحلة ما بعد سقوط المدينة صعبة ومريرة، وهذا ما حصل. في شتاء 2015 طلبت موعدًا لمقابلته فاستقبلني في كردستان في مقر قيادة ميداني أقامه على خط الجبهة مع «داعش»، وقال يومها إن الحدود الجديدة بين الدول أو داخلها ترسم بالدم... وقبل أيام التقيته في دافوس الغارقة بالثلوج، لكن كان لا بد من بدء الحوار بالسؤال عن معركة الموصل وأوضاع «داعش» قبل الانتقال إلى شجون عراقية أخرى... وهنا نص الحوار:
* فخامة الرئيس، ما آخر تطورات معركة الموصل؟
- آخر التطورات تحرير الجزء الأيسر وهذا يعني تحرير نصف الموصل. إنه نصر كبير وضربة قاصمة لـ«داعش».
* متى تتوقع تحرير ما تبقى من الموصل؛ خلال أشهر أم أكثر؟
- كل الاحتمالات ورادة في هذه الحرب. في بعض المناطق كنا نتوقع أن مقاومة «داعش» ستكون عنيفة جدًا، ووقت المعركة لم تكن كذلك. وفي مناطق أخرى كنا نتوقع أن المقاومة ستكون ضعيفة ووجدنا أنها كانت عنيفة جدًا. بالتأكيد الموصل تعتبر أهم موقع بالنسبة لـ«داعش» هي وعاصمتهم، وسيستميتون للدفاع عنها. لذا من الصعب جدًا تخمين الوقت.
* هل نستطيع أن نعرف حجم خسائر البيشمركة في المعركة ضد «داعش»؟
- نعم. الخسائر مع الأسف الشديد كانت فادحة كمًّا ونوعًا. الشهداء عددهم 1668 من العام 2014 وحتى الآن، والجرحى 9725. وخسائر «داعش» في المعارك ضد الإقليم حسب كل التقارير والمعلومات المتوفرة من أجهزة المخابرات التابعة لنا وللتحالف تتجاوز 15 ألف قتيل.
* هل حصلتم خلال هذه الحرب على المساعدة التي كنتم تتمنون الحصول عليها؟
- فيما يخص الإسناد الجوي نعم، كان الإسناد قويًا جدًا. لكن تسليح البيشمركة لم يكن بالشكل المطلوب.
* هل يمكن القول إن الغارات الأميركية تساهم في اختصار الحرب ولولاها لطالت الحرب أكثر؟
- دون شك. سواء فيما يخص البيشمركة أو الجيش العراقي، الجيش الأميركي والتحالف بصورة عامة كان لهما دور كبير.
* هل كانت الضربات الجوية دقيقة ومؤثرة؟
- دقيقة جدًا ومؤثرة جدًا. في جبهتنا أقولها بكل ثقة وفخر إن التنسيق بين البيشمركة والجيش الأميركي والتحالف كان ممتازًا، وإلى اليوم لم يُضرب أي هدف مدني ولم يُقتل أي مدني نتيجة العمليات، وهذا غير مسبوق في تاريخ الحروب.
* لديكم جهاز استخبارات ناشط. هل لديكم معلومات عن مكان وجود أبو بكر البغدادي؟
- فعلا لدينا جهاز استخبارات قوي جدًا وقام بدور مهم في هذه الحرب. لكن في الحقيقة، لم يتم التأكد من مكان البغدادي ولا نعرف عنه شيئًا.
* هل كان يتحرك؟
- نعم في السابق كان في الموصل، لكن في أي حي أو منطقة أيضًا لم يكن معروفًا. كان يتحرك من الموصل إلى تلعفر وبين سوريا والعراق. في الأشهر الأخيرة صار متحفظًا جدًا في تنقلاته ولا نعرف شيئًا عنه.
* هل لدى «داعش» براعة عسكرية وأمنية؟
- في الحقيقة لا أستطيع أن أقول براعة عسكرية استثنائية، لكن لديهم بفعل عملية غسل الأدمغة إرادة قوية واستعداد للموت، وهذا ما لاحظناه لا البراعة العسكرية.
* كم يبلغ عدد عناصر «داعش» الأسرى لدى البيشمركة، وما جنسياتهم؟
- الأسرى من جنسيات مختلفة. ولا أستطيع الإشارة إلى العدد.
* هل هناك أحد يراجع بشأنهم؟
- حتى الآن لم يراجعنا أحد.
* ما هي نسب المشاركة غير العراقية في التنظيم؟
- العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب من الشيشان، ثم يأتي المتكلمون باللغة التركية من أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان وتركيا وأذربيجان، وصولا إلى إحدى المناطق في الصين، أما المشاركة العربية الأكبر فتأتي من التونسيين.
** معركة بعشيقة
* خضتم معركة عنيفة لتحرير مدينة بعشيقة من «داعش» فما طبيعة هذه المعركة؟
- بعشيقة تقع على بعد 15 كيلومترًا شمال الموصل. وهذه مدينة مهمة، لأنها تتشكل من قوميات وأديان ومذاهب مختلفة، بين عرب وكرد ومسيحيين وإيزيديين. «داعش» تحصّن في هذه المدينة بشكل عجيب.
عندما بدأت معركة تحرير الموصل ترك مقاتلو البيشمركة «داعش» وراءهم وحاصروا المدينة لمدة أسبوعين ثم بدأوا عملية الاقتحام، كان هناك 113 مقاتلاً من «داعش» لم يستسلم واحد منهم. قتل 110 مسلحين ووقع ثلاثة في الأسر لأنهم أصيبوا إصابات بالغة. تصور أي تعبئة هذه وأي عملية لغسل الأدمغة.
بعشيقة رمز للتعايش القومي والديني والمذهبي، زرتها بعد التحرير مباشرة وحدث تجمع جماهيري رائع جدًا. استقبلني ممثلو المسلمين والمسيحيين والإيزيديين، ومن المذاهب والطوائف الأخرى، وقدموا لي باقة ورد أعتبرها ثمينة جدًا لأنها ترمز إلى حقيقة مبدأ التعايش. هي مدينة غنية بالزيتون، وأهميتها برمزيتها أكثر من الناحية الاقتصادية.
* هل صحيح أن «داعش» أقام مخازن وتحصينات داخل المساجد والكنائس؟
- نعم هذا صحيح. لأن التحالف أعطى تعليمات صريحة لقواته بعدم ضرب المساجد والكنائس والمستشفيات، فاستغل «داعش» هذه النقطة وأقام مقراته فيها.
* هل اضطر التحالف إلى ضربها في النهاية؟
- حسب علمي لم يضرب التحالف أي موقع من هذه الموقع، إلا نادرًا.
* قلت إن غارات التحالف على الجبهة بين «داعش» والبيشمركة اتسمت بالدقة؟
- اتسمت بدقة متناهية وغير مسبوقة في الحروب وبحسب علمي لم يقتل أي مدني في الإسناد الذي قدموه للبيشمركة. كان أداؤهم دقيقًا ورائعًا جدًا ونموذجًا يحتذى به.
* إلى أي عراق ستعود الموصل بعد استعادتها؟
- الموصل مدينة تختلف عن بقية مدن العراق سواء مركز المحافظة أو كمحافظة. الموصل أيضًا مدينة تعددية، داخل الموصل قبل «داعش» كان هناك 300 ألف كردي يعيشون فيها، الآن نزح أغلبهم، كان هناك مسيحيون وتركمان وكرد شيعة وأعتقد أن هناك أيضًا عربًا شيعة. لهذا أعتقد أن وضع الموصل يحتاج إلى صيغة استثنائية.
وكان من المفترض عندما كنا نخطط مع بغداد والأميركيين أن نضع خطة كاملة لما بعد تحرير الموصل، لكن كان هناك استعجال لتنفيذ العملية العسكرية واتفقنا على تشكيل لجنة عليا لاحتواء المشاكل إذا طرأت بعد التحرير.
الموصل طبعًا فيها مناطق تتبع للإقليم، مثل سنجار ذات الأكثرية الكردية، ومثلها الشيخان، حتى قضاء عقرة، كلها استقطعت منذ زمن البعث، ومن غير المعقول أن نقبل بأن تبقى، لأنه كيف يقال إن كل قرارات مجلس قيادة الثورة والبعث تعتبر ملغاة وتبقى هذه القرارات! ومع ذلك نبقى مع قرار الاستفتاء.
* كم سنة أمضيت من حياتك في الحرب؟
- ثلاثة أرباع عمري قضيته في الجبال والنضال والحرب. كان عمري 16 سنة عندما حملت البندقية لأول مرة وإلى اليوم.
* من كان الأقسى في حياتك صدام حسين أم أبو بكر البغدادي؟
- الطغاة والقساة كثيرون، وكل واحد يمثل مرحلة.
* هل هناك حقد خاص من «داعش» على الأكراد؟
- هذا حقد على الإنسانية، الكرد مسلمون سنة في غالبيتهم ومنفتحون ويؤمنون بالتعايش، وما نؤمن به يناقض ما تدعيه «داعش»، هم أرادوا بسط سلطتهم على كل المنطقة، والكرد أوقفوهم وصدوهم وهذا ما جعلهم يحقدون على الأكراد.
* لديكم أسرى هل عرفتم مثلا ما إذا كانوا يخططون للتحصن في إقليم كردستان؟
- طبعًا كان هدفهم أخذ أربيل وبقية مدن كردستان. هدفهم ليس أربيل، خرائطهم توضح أن هدفهم السيطرة من الهند إلى إسبانيا، ولو سيطروا على إقليم كردستان لا أعلم من سيستطيع إخراجهم من تلك المناطق والجبال، يعتبرون الكرد العقبة الرئيسية التي وقفت أمام تمددهم وتسلطهم.
فشلنا في إقامة شراكة حقيقية
* كيف تصف علاقة الإقليم مع بغداد؟
- في عملية تحرير الموصل كان هناك تنسيق جيد بين البيشمركة والجيش العراقي، ومن الممكن أن نؤسس على هذا التطور الإيجابي مستقبلاً. لكن في المجالات الأخرى في الحقيقة ليس هناك تقدم في علاقة الإقليم مع بغداد. وفي زيارتي الأخيرة لبغداد خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي قلت لهم بصراحة للأسف فشلنا في إقامة شراكة حقيقية بيننا، لذلك ينبغي أن نبحث عن صيغة أخرى. لنكن جيرانًا طيبين وجيدين.
* قلت ذلك لرئيس الوزراء حيدر العبادي؟
- قلتها للعبادي ولقادة «التحالف الوطني».
* ماذا كان ردهم؟
- كانوا متفهمين.
* لماذا لم تحوّل بغداد حتى الآن ميزانية الإقليم؟
- هذا كلام صحيح. وفعلا يوجه هذا السؤال إلى بغداد، هم يدعون أننا نصدّر النفط بدونهم، واستُقطعت ميزانية الإقليم لأن النفط صُدّر لكن الإقليم صدر النفط بعدما قطعوا هم الميزانية.
* ألم يعدك العبادي بعودة الميزانية؟
- هناك وعود كثيرة لم تنفذ. هناك عقبات ومشاكل.
* هل هناك من يمنع حيدر العبادي أن يحكم؟
- في تصوري هناك عقبات وضغوط وتآمر على العبادي لكي يفشل. حتى في عملية تحرير الموصل، الذين سلموا الموصل لـ«داعش» وانهاروا، حاولوا بشتى الوسائل أن تفشل عملية تحرير الموصل؟
* أليس هناك دور لـ«الحشد الشعبي» في عملية تحرير الموصل؟
- في المدينة لا. لكن غرب الموصل نعم، تلعفر هم الذين حرروها.
* نسمع أحيانًا تصريحات لقادة من «الحشد الشعبي» ضد الإقليم. هل تخشى أن تكون المواجهة المقبلة بين «الحشد الشعبي» والبيشمركة؟
- أحيانًا نسمع بعض التصريحات غير المسؤولة. طبعًا في «الحشد» أيضًا أناس يشعرون بالمسؤولية. نحن نريد أن نطوي صفحة الحروب وأن نتفرغ للتنمية وتحسين ظروف معيشة الناس.
لا شك أن التصريحات المتوترة هي مبعث قلق بالنسبة لنا. وبالتأكيد أي أحد سيعتدي على الإقليم سوف يلقى الرد الحاسم، ونأمل ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة.
هناك فعلاً عناصر منفلتة وغير مسؤولة في «الحشد»، وهناك أيضاً من يشعر بالمسؤولية.
* هل تنسقون مع إيران في المعارك الحالية؟
- بالنسبة للإقليم اقتصر تنسيقنا على التحالف الدولي. لكن الحشد ينسق مع إيران.
* كيف تصف علاقتكم مع تركيا اليوم. وهل تشكل عبئًا على علاقتكم مع إيران؟
- علاقة ممتازة، علاقتنا مع تركيا ليست على حساب علاقتنا مع إيران.
إيران صاحبة النفوذ الأكبر
* يقال إن إيران هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في بغداد. هل يصدق هذا الوصف على أربيل؟
- وحتى على بغداد لا أعتقد أنها صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة، لكنها صاحبة النفوذ الأكبر في بغداد.
* هل تستطيع أربيل مثلاً أن تتفاهم مع بغداد من دون أن تتفاهم مع طهران؟
- لإيران النفوذ الأكبر في بغداد، وأي تفاهم بين أربيل وبغداد لا أعتقد أن يتم من دون مباركة إيرانية.
* قيل إن البعثيين سهلوا دخول «داعش» إلى الموصل. هل لديهم دور الآن؟
- تقلص دورهم كثيرًا، عندما دخل «داعش» الموصل كان عدد عناصره لا يزيد على 500 مسلح. البعثيون وآخرون ساعدوا «داعش» ثم انقلب عليهم وصفى معظمهم.
* هل لدى أجهزتكم علم بمكان وجود عزت الدوري نائب صدام حسين؟
- لا توجد أي معلومات عن عزت الدوري أو مكان وجوده، لكن حسب المعلومات السابقة فإنه كان خارج العراق.
* أين خارج العراق؟
- في فترة كان في اليمن، لكن بعد أحداث اليمن لا أتصور أنه يستطيع أن يبقى هناك.
* ألم يحاول الاتصال بكم؟
- أبدًا.
* يتردد أحيانًا أن لديكم علاقات سرية مع بعض البعثيين السابقين؟
- لا توجد علاقات سرية، لو كان هناك علاقات فستكون علاقات علنية. إقليم كردستان مفتوح لجميع المواطنين العراقيين ما لم تكن عليهم قضايا قانونية. لقد فتحنا صفحة جديدة مع الكل.
السنة العرب والإقليم
* كيف تنظر إلى وضع السنة العرب في العراق اليوم؟
- السنة العرب ليسوا في أفضل حالاتهم. المشكلة الرئيسية مع الأسف الشديد، أنهم يفتقرون إلى المرجعية الدينية والسياسية. وهي مشكلتهم الكبرى. مشتتون وغير متفقين.
* هل صحيح أن التوازن التاريخي بين الشيعة والسنّة في العراق انكسر، خصوصًا بعد الذي حصل في الأنبار؟
- دون شك. ميزان القوى ليس في صالح السنّة.
* قيل إن وفدًا من زعماء السنّة زارك غداة سقوط صدام حسين ونصحتهم بالسعي إلى الحصول على إقليم...
- نعم صحيح. وساعدناهم على عقد مؤتمرات في أربيل.
حتى أكون صريحًا أكثر، أنا تحدثت مع زعمائهم وممثليهم. وشرحت لهم أن العراق تغير، وأن الإقليم تغير، وأن العالم تغير. فغيروا عقليتكم، وإذا كنتم تتصورون أن الشيعة أو الكرد سيظلمونكم أو يغدرون بكم فأنا أتعهد لكم بالوقوف إلى جانبكم. لكن إذا كنتم تتصورون أن إعادة الماضي ممكنة فأنتم واهمون. اقبلوا بالفيدرالية، مع الأسف الشديد لم يلتفتوا إلى أهمية الموضوع، وكانوا تحت تأثير الثقافة القديمة السابقة، ثقافة الحزب الواحد. كان قسم منهم (السنة) يدرك ما يحصل لكنه خاف من المزايدات.
* هل كان الشيعة يومها على استعداد للقبول بمسألة الإقليم السني، وهل تحدثت مع أحدهم عن ذلك؟
- كان لدى الشيعة استعداد للقبول بالإقليم، وطبعًا تحدثت معهم لكن السنة لم يقبلوا بالفكرة. والآن تغيرت المعادلة؛ السنة يقبلون والشيعة يرفضون. وضع السنة العرب صعب جدًا اليوم؛ مناطقهم مدمرة وأعداد النازحين هائلة وليس لديهم مرجعية.
* كيف تقيّم النفوذ الأميركي في العراق. هل هو ضعيف؟
- لا أرى نفوذًا أميركيًا في العراق، هذا على الأقل في الظاهر، لكن لا أدري إن كان هناك شيء من وراء الستار.
في عهد ترمب
* هل تتوقع تغييرًا في التعامل مع الملف العراقي في عهد الرئيس دونالد ترمب؟
- الكل يتوقع أن تتغير السياسة الأميركية كاملة وليس فيما يتعلق بالعراق وحسب.
* هل تعتقد أن ترمب سيكون أكثر تأييدًا للأكراد؟
- هذا المتوقع.
*هل لديكم علاقة بأركان الإدارة الأميركية الجديدة؟
- نعم هناك علاقة جيدة مع الإدارة الجديدة ونعرفهم جيدًا، وهناك قسم منهم عمل في المنطقة أو زار كردستان، ولديهم معرفة جيدة بأوضاعنا.
* هل تقصد الفريق الدفاعي والأمني؟
- الدفاعي والأمني، ووزير الخارجية أيضًا، التقيت به عدة مرات وأعرفه جيدًا عندما كان رئيسًا لشركة «إيكسون موبيل».
* في تقديرك، هل تعتقد أن ترمب سيكون مختلفًا عن أوباما بالنسبة لإيران؟
- هذا هو المتوقع، وهذا الذي يُقرأ من تصريحاته ومواقفه، بأنه سيكون أكثر تشددًا مع إيران.
* على ماذا بنيت هذه الحسابات؟
- على تصريحاته ومواقفه، وتصريحات فريقه سواء للدفاع أو الأمن القومي، وعلى معرفتي بالفريق الجديد.
* هل هناك عودة لعراق موحد؟
- صعب، صعب جدًا.
* هل سقط التعايش العربي الكردي في العراق؟
- إذا لم يسقط تمامًا فهو وصل لمرحلة كبيرة من التردي للأسف. الإخوة العرب لم يقبلوا بالشراكة الحقيقية مع الكرد.
* هل تحب بغداد؟
- موضوع مدينة بغداد يختلف عن الساسة الذين يحكمون بغداد. أنا عشت في بغداد ودرست فيها، وكمدينة أحبها، لكن مهمتي واضحة، وأنا هدفي أن أحقق شيئًا للشعب الكردي.
في سنة 2005، بقيت في بغداد 53 يومًا وساهمنا بجدية في صياغة الدستور، وتعرضت 36 مرة للقصف على مقري في ذلك الوقت.
عملنا كل شيء من أجل الحفاظ على وحدة العراق، لكن بعض السياسيين الذين يحكمون باسم العراق نسفوا كل الجسور، والتاريخ، والعلاقة، ولم يأخذوا بحسن النية، والنية الصادقة الاندفاع الذي أبديناه لإقامة شراكة حقيقية، عليهم ألا يلوموني الآن وأن يلوموا أنفسهم.
* إذا استيقظت ورأيت نوري المالكي مجددًا رئيسًا للحكومة في بغداد، ماذا ستفعل؟
- أنا لا أريد شخصنة الأمور، لكنني أتمنى عدم حدوث ذلك من أجل مصلحة كل العراقيين.
* سأكرر سؤالي: ماذا ستفعل إذا عاد المالكي؟
- سأعلن استقلال كردستان في اللحظة التي يتولى فيها المالكي رئاسة الوزراء وليكن ما يكون. ومن دون الرجوع إلى أحد. لا نريد استكمال تدمير العراق. في عهده تم اغتيال الآلاف من أبناء العراق من مختلف القطاعات ولدينا الأسماء. أنا لا أقول إنه ذهب بنفسه وفعلها، لكن هذا حدث تحت حكمه، ومن دون شك كان راضيًا. لقد تبنى للأسف نهجًا طائفيًا تسلطيًا وضرب الشيعة والسنة والكرد، وتصور أنه الحاكم الأوحد للعراق. لا يمكن أن أقبل بالبقاء في عراق يحكمه المالكي، مع الأسف الشديد لم أكن أتوقع أن يصل المالكي إلى هذه الدرجة من الحقد والعداء للكرد.
* لهذه الدرجة كان المالكي صعبًا عليك؟
- خان ثقة الأخوة والتعاون.
* هل كان المالكي يريد أن يكون مثل صدام ولو من موقع آخر؟
- لو كانت لديه القوة التي كانت لدى صدام لتجاوزه بمراحل.
*ماذا بعد تحرير الموصل؟ هل ستفاوض على وضع الإقليم وتفتح موضوع الميزانية مجددًا؟
- سنفاوض على كيفية أن نصبح جيرانًا طيبين وجيدين.
* هل لديك مشروع جاهز؟
- نعم.
* ماذا تعني بجيران طيبين... هل ستبقى جزءًا من العراق؟
- سنرى كيف تؤول الأمور، لكن بهذه الصيغة القديمة الأمور غير موفقة. وكل هدفي يتمثل في تجنيب العراق وكردستان جولات دموية جديدة.
* هل تقصد أنكم ستشتبكون إذا لم تتحولوا جيرانًا طيبين؟
- أخشى ذلك، وأتمنى ألا يحصل ذلك في المستقبل.
* ما هو وضع الرئاسة في الإقليم؟
- الرئاسة لدورتين وكل دورة أربع سنوات وحصل تمديد لمدة سنتين. دخلنا في حرب مع «داعش». طلبت من البرلمان والأحزاب داخل الحكومة والبرلمان وخارجهما، بأنه طالما أننا في حالة حرب اتخذوا قرارًا. إما إدامة الوضع أو أعلنوا الانتخابات أو عينوا شخصًا يتولى الرئاسة، لأنني غير متمسك بكرسي ولا أحتاج ذلك الشيء. بعض الأطراف نفذوا عملية شبه انقلابية في البرلمان، وتجاوزوا مبدأ التوافق. لذلك اضطررنا للتصدي لهم، وتم الإقرار على أن نستمر في رئاسة الإقليم إلى أن ينتخب رئيس جديد.
* هل تستطيع أن لا تكون الرئيس؟
- نعم أستطيع. لأنني سواء كنت رئيسًا أم لا، فمركزي ووضعي لا يتغير، وأستطيع خدمة بلدي من دون أن أكون الرئيس.
* هل عملية إزاحة هوشيار زيباري (وزير المال السابق ورفيقه في الحزب وقريبه) كانت موجهة ضدك؟
- ليست ضدي، لكنها كانت موجهة ضد العبادي. وضد عملية الموصل. ولهذا قلت إن هناك تآمرًا. تصوروا أن ردة فعلي ستكون قوية وسأقطع العلاقة مع العبادي وبغداد، لكن بالعكس، ذهبت إلى بغداد وقررت دعم العبادي، لأن هدفهم كان إفشال عملية الموصل.
* لإسقاط العبادي والمجيء بشخص آخر؟
- نعم، كان هدفهم المجيء بالمالكي، وهم جماعة المالكي وبعض الكرد الذين غرر بهم وانخدعوا.
* ما علاقتك اليوم مع «الاتحاد الوطني الكردستاني»؟
- «الاتحاد الوطني الكردستاني» يعاني للأسف من انقسام تسبب في نشوء مركزين أو ثلاثة. لقد نصحتهم بالتوحد، وأنا أفضل التعاون معهم، على الرغم من كل الملاحظات الموجودة، وسنشجعهم على توحيد صفوفهم وبعد ذلك سنقوم بحل المشاكل سوية.
* هناك أحاديث بأن مرحلة البناء والازدهار السابقة في كردستان سهلت دخول الفساد. فما تعليقكم على ذلك؟
- لا أنكر ذلك. لكن أعتقد أن هناك مبالغة. ولدينا تصميم على مكافحة الفساد، وهناك خطوات عملية للحد من الفساد والاحتكار واستغلال النفوذ.
* هل تعتقد أن سوريا سترجع كما كانت؟
- مستحيل.
* ممكن أن تكون فيدرالية مثلا؟
- أعتقد أن شرق وغرب الفرات سينقسمان. سيكون لهاتين المنطقتين وضع خاص بكل منهما. وفي سوريا هناك صفقة بين أميركا وروسيا. لكن من الذي تضرر من هذه الصفقة؟ من باع؟ من اشترى؟ لا أدري.
* هل تعتقد أن التدخل الروسي هو الذي غيّر المعادلة في سوريا؟
- بالتأكيد، الروس عرفوا كيف يتصرفون وماذا يريدون.
* هل أنقذوا النظام؟
- دون شك.
* الآن أصبح الروس على حدود إقليم كردستان بوجودهم في سوريا؟
- هم في غرب الفرات، ولم يصلوا بعد. لكن علاقتنا جيدة مع روسيا، وهي أول دولة كبرى فتحت قنصليتها في أربيل.
* هل يمكن أن تزور سوريا لتقابل الرئيس بشار الأسد؟
- في الوقت الحاضر صعب. لكن في المستقبل ليس هناك مستحيل.
* هل تتوقع بقاء الأسد؟
- هذا ما توحي به تطورات الموقف هناك.

بارزاني لـ«الشرق الأوسط»: قتلنا 15 ألفا من «داعش» وخسائر البيشمركة 1668
بارزاني يؤكد أن الموصل تحتاج إلى صيغة استثنائية بعد تحريرها
بارزاني: «الحشد» يضم عناصر منفلتة ومن يعتدي علينا سيلقى الرد الحاسم
بارزاني: إيران صاحبة النفوذ الأكبر في العراق
بارزاني يؤكد أن لا عودة لعراق موحد
بارزاني: سأعلن استقلال كردستان إذا عاد المالكي للحكم

 



العليمي يتابع مستوى إعادة تطبيع الأوضاع في حضرموت

موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
TT

العليمي يتابع مستوى إعادة تطبيع الأوضاع في حضرموت

موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

على خلفية التوترات التي شهدتها المحافظات الشرقية في اليمن، أجرى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الخميس، اتصالاً هاتفياً بمحافظ حضرموت سالم الخنبشي؛ لمتابعة الأوضاع الأمنية والمعيشية في المحافظة، والاطلاع على مستوى التقدم في الجهود الجارية لإعادة تطبيع الأوضاع، وبما يضمن استقرار المحافظة واستمرار عمل مؤسسات الدولة. وفق ما أفاد به الإعلام الرسمي.

وخلال الاتصال، استمع العليمي إلى تقرير من المحافظ الخنبشي حول مستجدات الوضع العام في حضرموت، وسير عمل السلطات المحلية في ظل التطورات الأخيرة، والإجراءات المتخذة للحفاظ على الأمن والسكينة العامة، وضمان استمرار تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

وأكد العليمي دعم الدولة الكامل لقيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، وتمكينها من أداء مهامها وصلاحياتها القانونية في رعاية المصالح العامة، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، بما يرسخ الأمن والاستقرار، ويحمي النظام والقانون.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد رئيس مجلس القيادة على مكانة حضرموت في المعادلة الوطنية، بصفتها ركناً أساسياً في مسار التعافي والاستقرار الوطني، ونموذجاً للتعايش والسلم الاجتماعي، مؤكداً التزام الدولة بحماية أمنها واستقرارها، وصون مصالح أبنائها، والحفاظ على خصوصيتها ووحدة نسيجها الاجتماعي.

وجدد العليمي موقف الدولة الرافض لأي إجراءات خارج الصلاحيات الحصرية المنصوص عليها في الدستور والقانون ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، مؤكداً ضرورة الالتزام بهذه المرجعيات بصفتها الإطار المنظم للعمل السياسي والأمني.

إشادة بجهود التحالف

أشاد العليمي خلال الاتصال بالجهود التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة السعودية والإمارات، لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية إلى سابق عهدها، وحرصهم على حماية التوافق القائم، وتجنب أي تداعيات من شأنها الإضرار بمصالح الشعب اليمني ومفاقمة معاناته الإنسانية.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي جدد توجيهاته بضرورة توثيق جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت الإجراءات الأحادية في محافظة حضرموت، وفتح تحقيق شامل بشأنها، ومساعدة المواطنين المتضررين، وضمان المحاسبة والمساءلة، وعدم إفلات مرتكبي تلك الانتهاكات من العقاب.

موكب خلال مسيرة في محافظة لحج جنوب اليمن دعماً للمجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ف.ب)

وثمّن وعي أبناء حضرموت ومواقفهم في تغليب المصلحة العامة، والالتفاف حول قيادة السلطة المحلية، وتفويت الفرصة على الجماعات والميليشيات المتربصة بأمن المحافظة واستقرارها، مؤكداً أن حضرموت ستظل ركيزة للدولة والتنمية، وسيادة النظام والقانون.

لقاء خليجي في الرياض

كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي؛ لبحث تطورات الأوضاع في اليمن، والجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى خفض التصعيد، وتعزيز فرص الاستقرار.

وأكد العليمي خلال اللقاء عمق العلاقات بين اليمن ومنظومة مجلس التعاون، معبراً عن تقديره لمواقف المجلس وأمانته العامة الداعمة للشعب اليمني وشرعيته الدستورية، ودوره في مناصرة القضية اليمنية سياسياً ودبلوماسياً، والحفاظ على حضور اليمن في الأجندة الإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن اليمن يمثل العمق الاستراتيجي الطبيعي لدول مجلس التعاون، وأن استقراره جزء لا يتجزأ من أمن الخليج واستقراره، معبراً عن ثقته بقدرة الشعب اليمني على تجاوز التحديات، وتعزيز مسارات التكامل والاندماج في المنظومة الخليجية.

العليمي استقبل في الرياض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي (سبأ)

ووضع رئيس مجلس القيادة الأمين العام لمجلس التعاون في صورة التطورات الأخيرة، والمساعي التي تقودها السعودية والإمارات المتحدة لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع إلى سابق عهدها.

كما أشاد بما ورد في بيان مجلس التعاون الأخير من تأكيد دعم مجلس القيادة والحكومة، والدور المتوازن الذي تضطلع به الأمانة العامة إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، مذكّراً بالدور الخليجي في رعاية جهود السلام، بدءاً بالمبادرة الخليجية، واتفاق الرياض، وصولاً إلى المشاورات اليمنية – اليمنية التي أفضت إلى إعلان نقل السلطة.

وأكد العليمي التزام مجلس القيادة بحل القضية الجنوبية وفق مخرجات مشاورات الرياض والمرجعيات الضامنة كافة، بصفتها قضية وطنية عادلة، تضمن تحقيق التطلعات المشروعة وفق الإرادة الشعبية.

تحذير أممي

على الصعيد الدولي، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الإجراءات أحادية الجانب في المحافظات الشرقية اليمنية لن تمهد الطريق للسلام، بل ستؤدي إلى تعميق الانقسامات، وزيادة خطر التصعيد والتشرذم.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (سبأ)

وقال غوتيريش، في تصريحات للصحافيين عقب مشاركته في اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي، إن التطورات الجديدة في المحافظات الشرقية تزيد من حدة التوتر، داعياً جميع الأطراف إلى الانخراط البنَّاء مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، وإعطاء الأولوية للحوار، وتجنب أي إجراءات من شأنها تأجيج الوضع الهش.

وأكد الأمين العام أن اليمن يحتاج إلى تسوية سياسية مستدامة يتم التوصل إليها عبر المشاورات، وتلبي تطلعات جميع اليمنيين، مشدداً على أهمية خفض التصعيد، وضبط النفس، وحل الخلافات عبر الحوار، بما في ذلك دور الجهات الإقليمية المعنية في دعم جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة.


الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
TT

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)

يتجه الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى مزيد من التصعيد المفتوح، حيث تتداخل سلطة السلاح المفروضة بالأمر الواقع مع الجريمة المنظمة؛ إذ شهدت الأسابيع الأخيرة إعدامات ميدانية بحق مدنيين عُّزَّل خارج القانون، بالتزامن مع اغتيالات وتصفيات داخلية تضرب قيادات أمنية وميدانية وتهدد تماسك الجماعة.

في هذا السياق، أقدَم قيادي حوثي في محافظة صعدة (شمال) على قتل مدني ينتمي إلى محافظة ريمة (213 كيلومتراً جنوب غربي صنعاء) أثناء وجوده في موقع عمله في مديرية منبّه، بإطلاق النار عليه، في واقعة تسببت بإصابة شخصين آخرين. وحسب مصادر محلية، فإن الجماعة اكتفت بإجراء شكلي تمثل في توقيف الجاني قبل الإفراج عنه لاحقاً.

وذكرت المصادر أن هذه الجريمة تأتي في سياق استهداف مناطقي من قِبل عناصر وقيادات في الجماعة ضد المنتمين إلى محافظات أخرى، مبينة أن أكثر من 10 أفراد ينتمون إلى محافظة ريمة قُتلوا في محافظة صعدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على يد مسلحين حوثيين، إلى جانب ضحايا آخرين من محافظات أخرى.

ورغم تزايد المطالب الشعبية والحقوقية بسرعة كشف ملابسات هذه الانتهاكات وضبط الجناة، تواصل الجماعة الحوثية التعامل معها بسياسات لا تحقق العدالة والإنصاف للضحايا أو أقاربهم؛ إذ تكتفي في أحسن الأحوال بتبني صلح ودفع تعويضات مالية ضئيلة.

متسوقون في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

وإلى جانب القتل خارج القانون، يتعرض عشرات الوافدين إلى محافظة صعدة، وهي معقل الجماعة الرئيسي، للاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، في حين يخضع أي وافد لرقابة أمنية مشددة، دون إبداء الأسباب.

وتفيد مصادر حقوقية بأن الانتهاكات بحق المدنيين في مختلف مديريات محافظة صعدة لا يمكن حصرها أو الحصول على معلومات كافية حولها، بسبب وقوع المحافظة تحت سطوة أمنية وحالة طوارئ حوثية غير معلنة، ورقابة مشددة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنع تداول المعلومات، وترهيب السكان بشأن النشر واستخدام هذه المواقع.

إفلات من العقاب

وتشهد محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، موجة غضب واسعة بعد مقتل شاب في الثامنة عشرة من عمره برصاص مسلح حوثي، من خلال وقفات احتجاجية حاشدة طالبت بضبط الجاني ومحاسبته.

تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

ورفض القيادي الحوثي المكنى أبو علي الكحلاني، المعيَّن من قِبل الجماعة مديراً لأمن المحافظة، لقاء المشاركين في الوقفات الاحتجاجية أو الاستجابة لمطالبهم بضبط المسلح الحوثي يعقوب العزي المتهم بالواقعة، والذي أقدَم على إطلاق النار على المجني عليه في وسط أحد شوارع مركز المحافظة.

وحذَّر المشاركون في الاحتجاجات من عدم ضبط المتهم وإحالته إلى العدالة، بعد أن شهدت المحافظة سوابق جنائية مشابهة، تم فيها إطلاق الجناة والتلاعب بالقضايا، في ظل تغييب متعمد لسلطة القضاء العادل، وسياسة حماية العناصر المسلحة؛ ما أسهم في تفشي الفوضى الأمنية وارتفاع جرائم القتل.

وتشهد محافظة إب انفلاتاً أمنياً غير مسبوق منذ سيطرة الجماعة الحوثية عليها، مع انتشار واسع للعصابات المسلحة والأفراد المطلوبين للأمن والمفرج عنهم من السجون الرسمية عقب وصول الحوثيين.

التنافس على الجبايات وممتلكات السكان والمزارعين من أسباب الصراع بين القيادات الحوثية (إعلام حوثي)

ولا يقتصر الانفلات على الجرائم التي يروح ضحايا الأبرياء من المدنيين؛ إذ قُتل القيادي الأمني الحوثي جلال دماج، المعين نائباً لمدير أمن فرع مديرية العدين، أمام منزله، برصاص مجهولين لاذوا بالفرار، دون أن تتمكن الجماعة، التي نفذت انتشاراً أمنياً واسعاً من القبض عليهم أو الكشف عن هوياتهم.

خلافات وتصفيات

أثارت وفاة قيادي حوثي آخر في المحافظة، وهو عبد الجليل الشامي، الذي عينته الجماعة مديراً عاماً لمديرية النادرة، تكهنات بشبهة تصفية داخلية مرتبطة بخلافات مالية مع قيادات حوثية أخرى. وعزز من تلك التكهنات عدم الإعلان الصريح عن أسباب الوفاة أو ملابساتها.

ولف الغموض أيضاً وفاة القيادي البارز محمد محسن العياني، والتي لم تعلن الجماعة سبباً لها، مع ترجيحات بمقتله في ضربة جوية سابقة دون إعلان رسمي، خصوصاً وأنه أحد أبرز القيادات المؤسسة، وكان أحد مسؤولي جمع الأموال والسلاح.

وكانت محافظة الجوف (شمال شرق) مسرحاً لمقتل قائدين ميدانيين في الجماعة، حيث قُتل القيادي ضيف الله غيلان، المكنّى أبو حمزة، مع عدد من مرافقيه، برصاص مسلحين قبليين في ظل توتر تشهده المحافظة بسبب سياسة الجماعة بفرض مشرفين من خارجها.

تشييع القيادي الحوثي البارز محمد محسن العياني في صعدة دون الإفصاح عن سبب وفاته (إعلام حوثي)

وينتمي أبو حمزة إلى مديرية سنحان في محافظة صنعاء، وكان يعمل سابقاً في حراسة إحدى المحاكم في العاصمة اليمنية المختطفة.

كما قُتل المشرف الأمني الحوثي أحمد وازع الفرجة، وأُصيب أحد مرافقيه، برصاص مسلحين حوثيين آخرين، بعد رفضه تنفيذ توجيهات قيادات عليا في المحافظة.

وأرسلت القيادات العليا مجموعة مسلحين لإلزامه بتنفيذ التوجيهات أو القبض عليه، إلا أن الخلافات تطورت إلى إطلاق نار أدى إلى مقتله.

وتشير المصادر، إلى أن محافظة الجوف تشهد خلافات حادة بين قادة الجماعة حول النفوذ وتقاسم موارد الجبايات والسطو على ممتلكات السكان.


المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.