الجيش اللبناني يعتقل 103 سوريين بعد سلسلة تفجيرات استهدفت بلدة القاع اللبنانية

أهالي البلدة يطالبون برحيل اللاجئين السوريين

الجيش اللبناني يعتقل 103 سوريين بعد سلسلة تفجيرات استهدفت بلدة القاع اللبنانية
TT

الجيش اللبناني يعتقل 103 سوريين بعد سلسلة تفجيرات استهدفت بلدة القاع اللبنانية

الجيش اللبناني يعتقل 103 سوريين بعد سلسلة تفجيرات استهدفت بلدة القاع اللبنانية

أوقف الجيش اللبناني، اليوم (الثلاثاء)، 103 سوريين، في عمليات دهم شملت مخيمات النازحين السوريين في عدد من القرى في قضاء بعلبك شرق البلاد.
وبعد سلسلة من التفجيرات الانتحارية، أمس، التي استهدفت بلدة القاع على الحدود مع سوريا، وأودت بحياة 5 أشخاص واصابة 15 آخرين في ساعات الصباح الباكر، وتفجيرات المساء التي أوقعت 13 جريحًا، عزز الجيش اللبناني انتشاره في البلدة وداهم مخيمات اللاجئين السوريين الواقعة فيها، بينما منع السوريون من التجول في بلدات عدة في المنطقة.
وقال رئيس بلدية القاع بشير مطر في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية "هناك تخوف من وجود ارهابيين آخرين، لذلك تقوم وحدات من الجيش اللبناني بتمشيط المنطقة بحثا عنهم". مضيفًا "بسبب الوضع الامني الحرج، تم تأجيل جنازة الشهداء التي كانت مرتقبة عصر اليوم لاجل غير مسمى".
وبعد سلسلة التفجيرات هذه، سارع سكان البلدة الى توجيه اصابع الاتهام إلى تجمعات للاجئين السوريين الموجودة في منطقة مشاريع القاع الزراعية المتاخمة للحدود.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، أنّ "قوة كبيرة من الجيش دخلت مشاريع القاع وباشرت عملية تفتيش واسعة في مخيمات النازحين بحثا عن أسلحة ومطلوبين".
وجاء في بيان للجيش اللبناني "نفذت وحدات الجيش المنتشرة في مناطق بعلبك (القريبة من القاع)، فجر اليوم، سلسلة عمليات دهم شملت مخيمات النازحين السوريين في الطيبة، الحمودية، يونين، تل أبيض، الحديدية، دورس"، مشيرا إلى توقيف "103 سوريين لوجودهم داخل الأراضي اللبنانية بصورة غير شرعية".
والقاع بلدة ذات غالبية مسيحية. ويقطنها عدد كبير من العائلات السنية، لا سيما في منطقة مشاريع القاع حيث تتداخل الحدود مع الاراضي السورية. كما توجد على اطرافها مخيمات وتجمعات عشوائية للاجئين السوريين. ويبلغ عدد هؤلاء حسب تقديرات المسؤولين المحليين حوالى 30 الفا، في حين لا يتجاوز عدد سكان بلدة القاع الحاليين الثلاثة آلاف.
وشهدت منطقة القاع خلال فترة طويلة من النزاع السوري احداثا أمنية ومواجهات مع القوى الامنية اللبنانية، ناتجة بمعظمها عن تسلل مقاتلين من سوريا عبر الحدود من وإلى سوريا؛ لكنّ الحدود أُقفلت تماما قبل اشهر طويلة، بعد تشديد القوى الامنية اللبنانية رقابتها على المناطق الحدودية.
وعبر سكان من البلدة عبر شاشات التلفزة اللبنانية عن غضبهم من وجود اللاجئين في بلدتهم، مطالبين الجيش اللبناني بطرد السوريين، مشيرين إلى أنّهم اضطروا لحمل السلاح لحماية منازلهم وبلدتهم.
وقال مختار القاع منصور سعد لوكالة الصحافة الفرنسية "كل واحد من الاهالي يجلس أمام منزله لحمايته بعد حالة الرعب التي عشناها البارحة".
واصدرت بلدية مدينة الهرمل الواقعة شمال القاع، بيانا قالت فيه "نظرا للظروف الامنية الدقيقة (...) نطلب من الاخوة السوريين عدم التجول في الهرمل مدة 72 ساعة".
ويعقد مجلس الوزراء اللبناني في السراي الحكومي جلسة استثنائية اليوم، برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، ستكون مخصصة لبحث الملف الأمني الذي فرض نفسه أولوية على طاولة البحث من خلال التفجيرات الأخيرة في بلدة القاع البقاعية. كما أُرجأ تشييع الضحايا الذين سقطوا أمس، في التفجيرات الانتحارية في بلدة القاع الذي كان مقررًا عند الساعة الخامسة من عصر اليوم، إلى موعد يحدد لاحقا بسبب الظروف الأمنية، حسب ما صرّح رئيس بلدية القاع بشير مطر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.