تضارب الأنباء حول مقتل البغدادي زعيم «داعش» بغارة جوية في الرقة

«الخارجية البريطانية» تؤكد إعدام التنظيم عشرات من مقاتليه.. بحجة التجسس

أبو بكر البغدادي
أبو بكر البغدادي
TT

تضارب الأنباء حول مقتل البغدادي زعيم «داعش» بغارة جوية في الرقة

أبو بكر البغدادي
أبو بكر البغدادي

نقلت مواقع إخبارية أمس خبر مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي، في غارة أميركية في الرقة، ولم يصدر أي تأكيد رسمي من وزارة الدفاع الأميركية.
وقال متحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس لـ«الشرق الأوسط»: «اطّلعنا على هذه التقارير (الإعلامية)، وليس لدينا أي معلومات تؤكّد ذلك في الوقت الحالي».
من جهتها، أوضحت صحيفة «ديلي ميرور» البريطانية أمس نقلا عن بيان نشرته وكالة «أعماق» القريبة من التنظيم الإرهابي أن البغدادي «لقي حتفه في قصف جوي نفذه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في ريف الرقة بسوريا، في اليوم الخامس من شهر رمضان».
وتأتي هذه المزاعم بعد تقرير نشره موقع «السومرية» الإخباري العراقي الأسبوع الماضي، عن إصابة البغدادي بغارة للتحالف الدولي. وأشار إلى أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ويحارب «داعش» لم يستطع تأكيد التقرير الإعلامي. وقال الكولونيل كريس غارفر، وهو متحدث باسم التحالف، في رسالة بالبريد الإلكتروني للمصدر الإعلامي إنه «شاهد التقارير، لكنه ليس لديه ما يؤكده في الوقت الراهن».
من جهة أخرى، وبينما يزداد غوص «داعش» في حالة من التخبط والفوضى الداخلية، طرأ ارتفاع كبير في عدد مقاتلي «داعش» الذين قتلوا على يد التنظيم نفسه.
ونقلت وزارة الخارجية البريطانية أمس في بيان عن العقيد كريس غارفر، المتحدث باسم عملية «العزم الصلب» التي يقودها التحالف، أن الأشهر الثلاثة الماضية شهدت ارتفاعا واضحا في عدد مقاتلي «داعش» الذين قُتلوا على يد التنظيم. وأوضح العقيد: «يبدو أننا دخلنا مرحلة الصراع الداخلي»، مضيفا: «إننا نشهد حالات لكبار قادة (داعش) يعدمون قادة (داعش) الأقل مرتبة. ونعلم بأنهم يواجهون ضغوطا عسكرية متزايدة، حيث إنهم يخسرون الأراضي، وموارد تمويلهم، والمعارك». وتابع: «كما نرى الانقسامات مع زيادة الضغوط على (داعش)، وهناك أنباء موثوقة واسعة الانتشار تتحدث عن عمليات الإعدام الجماعي هذه في العراق وسوريا. وهي أنباء تزداد في وتيرتها ونطاقها وحجمها».
وتشير أرقام صدرت مؤخرا عن المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن «داعش» قتل 464 من أفراد مقاتليه في السنتين الماضيتين لأسباب من بينها الهرب من القتال والخطوط الأمامية في المعارك، واتهامات بالتجسس، وصراعات داخلية.
وشملت الأنباء التي صدرت من جهات مقرّبة من «داعش» في سوريا والعراق في عام 2016 وحده، إعدام 40 من مقاتليه في دير الزور، و50 آخرين في الموصل لتسببهم في ما يُطلق عليها «صراعات داخلية»، وقائد من «داعش» على يد زملائه المقاتلين في خضم تصاعد الانقسامات في الرقة، إلى جانب 12 من مقاتلي «داعش» في الموصل على يد زملائهم المقاتلين بزعم تعاونهم مع القوات العراقية.
وأوضح العقيد غارفر بأن حالة الارتياب وعدم الثقة مستشرية في أوساط التنظيم، مشيرا إلى أن الأنباء المتداولة حول اتهامات بالتجسس كانت من أبرز الأسباب التي حملت «داعش» على قتل أعضائه.. «حتى مجرد أمور بسيطة وغير ضارة، كامتلاك هاتف جوال قد تثير الشكوك»، كما يقول العقيد غارفر.
تفيد التقارير الإعلامية المحلية إلى أن الوضع بات سيئا لدرجة أن «داعش» قد أسس، كما يقال، «مكتبا للهجرة» لإدارة العلاقات مع المقاتلين الأجانب بعد أن أدى خلاف مع مقاتلين هولنديين إلى معارك باستخدام الأسلحة وأعمال قتل انتقامية، وإعدام 8 رجال. وعن دور التحالف الدولي في إضعاف التنظيم الإرهابي، يقول العقيد غارفر إن «استراتيجية التحالف تحقق تقدما، وبات (داعش) أضعف مما كان عليه من قبل؛ فقد خسر أراضي، وانخفضت موارد تمويله وعوائده، ومقاتلوه يتعرضون للقتل، وقيادته وسيطرته أصبحت أكثر ضعفا. والأهم من كل ذلك، أن أسطورة أن مقاتلي (داعش) - وما يُطلق عليها (الخلافة) - لا يُقهَرون، قد تحطمت».
وقد ارتفعت معدلات الانشقاق عن «داعش»، بينما تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام إليه انخفض بما يصل إلى 90 في المائة، وفقا للتحالف. كما خسر «داعش» نحو 45 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق، وأكثر من 10 في المائة في سوريا، مما مكّن من تحرير آلاف السكان.
وخلال الأشهر الستة الماضية، خسر «داعش» سيطرته على كل من هيت والرطبة والرمادي في العراق، وكذلك سد تشرين الاستراتيجي ومعقله السابق في مدينة الشدادي في سوريا. وعاد أكثر من 650 ألف نازح داخلي إلى بيوتهم في العراق بفضل جهود تحقيق الاستقرار التي تساعد في تمويلها دول التحالف الدولي البالغ عددها 66.
كما قُتل حتى الآن ما يربو على 25 ألفا من مقاتلي «داعش».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».