زعيمة «المقاومة الوطنية الإيرانية»: النظام الإيراني مستميت لبقاء الأسد خوفا من سقوط طهران

مريم رجوي قالت لـ «الشرق الأوسط» إن «عاصفة الحزم» هزمت إيران في اليمن

مريم رجوي (غيتي)
مريم رجوي (غيتي)
TT

زعيمة «المقاومة الوطنية الإيرانية»: النظام الإيراني مستميت لبقاء الأسد خوفا من سقوط طهران

مريم رجوي (غيتي)
مريم رجوي (غيتي)

يبدو على مريم رجوي الثقة بالنفس والهدوء والفرح. ترتدي اللون الأزرق؛ لون عينيها، وتقول إنه لون الأمل. حتى في أشد اللحظات حرجًا لا تتخلى مريم رجوي عن الابتسامة المشعة. فقدت شقيقة لها في سجون شاه إيران، وأخرى اغتالها النظام الحالي في أحد شوارع طهران. لا تستعمل عبارة «تصدير الثورة»، بل تقول: «امتهن النظام تصدير الإرهاب وتأجيج الحروب في المنطقة، وذلك من أجل بقائه». ولا تنسى ركيزة أخرى من ركائزه: القمع الداخلي. «لكنه يحتضر» كما تقول. «انهزم في اليمن، وتصدعت جبهته في سوريا والعراق. أرسل 60 ألف مقاتل من الحرس الثوري والميليشيات التابعة له للقتال في سوريا».
تكشف مريم رجوي زعيمة «مجاهدين خلق» في حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن أسرار كثيرة حول عمل هذا النظام، فتقول إن السياسة الخارجية يقررها خامنئي، أما السفارات الإيرانية فإنها تابعة لـ«الحرس الثوري»، وليس لوزارة الخارجية. لا ترى فرقًا بين الرئيس حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف. كما أن الصراع على السلطة هو الذي يحرك كل رموز النظام، فخامنئي وهاشمي رفسنجاني توأمان متناقضان، إنما لا يستطيع أحدهما التخلص من الآخر، لأن النظام سيسقط، وهو سيسقط برأيها، لذلك يدافع بكل قواه عن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم «فإذا سقط بشار في دمشق فسيليه حتمًا سقوط النظام الإيراني في طهران»، فإلى نص الحوار:
* هل كان لعيد النوروز الأخير طعم مختلف هذا العام، على أساس أن النظام الإيراني وقّع على اتفاقية الأسلحة النووية؟
- لا بد أن أقول لكم إن العيد الحقيقي للشعب الإيراني بالتأكيد هو في اليوم الذي يسقط فيه النظام الديكتاتوري في إيران. لكنني أريد أن أقول: نعم، التوقيع كان خطوة تراجع اضطر النظام الإيراني إلى الإقدام عليها تحت وطأة ضغوط خارجية وأخرى داخلية من قبل الشعب الإيراني، لأنه كما هو معروف، يعتمد النظام الإيراني على 3 ركائز رئيسية؛ الأولى: تصنيع القنبلة الذرية، الثانية: القمع المطلق في الداخل، والثالثة: تصدير الإرهاب والتطرف إلى الخارج. الآن وبهذا الاتفاق النووي فقد النظام إحدى ركائزه الأساسية.
* تقصدين القنبلة النووية أو تصنيعها؟
- ما فقده النظام هو القنبلة الذرية وتصنيعها ولو مؤقتًا. أنا أؤكد على «المؤقت».
* أي أن الخطر سيعود؟
- تمامًا وبكل تأكيد، لأن النظام الإيراني بارع في التخفي والتستر على أعماله. هو لم يكشف بعد عن أوراقه كلها، ولا بد أن أقول إن المجتمع الدولي لم يكن شديدا بما فيه الكفاية، لأنه كان بإمكان المجتمع الدولي أن يسحب كل شيء من النظام.
* كان لكم الفضل في الكشف عن البرنامج النووي، وكان ذلك عبر منشأتي «نطنز» و«آراك». هل تعتقدين أن هناك منشآت أخرى يخبئها النظام ولم يعرف الغرب بها بعد؟
- الكل يعرف أن حركة مقاومتنا وبفضل شبكات المقاومة التابعة لنا في الداخل أسهمت في الكشف عن «نطنز» و«آراك»، وعن جميع المواقع النووية في الداخل. لكن مع الأسف الشديد، منذ البداية ساير الغرب والمجتمع الدولي هذا النظام وساوموه حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
* هل تعتقدين أن النظام استعاض عن البرنامج النووي ببرنامج الصواريخ، وماذا يقصد خامنئي بقوله إن عالم الغد هو عالم الصواريخ وليس عالم المفاوضات؟
- في الحقيقة لا بد أن نقول إن هذا النظام من طينة واحدة، وكلهم يبحثون عن استمرار القمع الداخلي وترهيب شعوب المنطقة. النظام يبحث عن مشروع صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، لأنه يريد إخافة المنطقة بالصواريخ واستعراض عضلاته. وهو مستمر في تصنيعها وتطويرها، ثم إنه في حاجة إلى استعراض قوته ورفع معنوياته في الداخل.
* ما مخطط النظام في سوريا، واليمن، والعراق ولبنان، ودفاع خامنئي عن توجه الميليشيات الإيرانية الموجودة في سوريا. ما توجهها؟
- منذ البداية كانت استراتيجية النظام الإيراني تعتمد على التدخل في شؤون الغير، وتأجيج الحروب وتصدير الإرهاب إلى هذه المناطق: سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان. ولعدة مرات، قال رموز النظام وخصوصًا خامنئي: «إن لم نقاتل اليوم في دمشق ومناطق أخرى، فعلينا أن نقاتل غدًا في طهران والمدن الإيرانية الأخرى». وبالتالي كان النظام الإيراني يستميت لإبقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا مهما كان الثمن. والكل يعرف أنه لولا هذه المساعدات والسلاح وكل المستلزمات التي وفرها النظام الإيراني لكان الأسد سقط منذ فترة. والكل يعرف أيضًا أنه نتيجة حكم الأسد في سوريا، ونوري المالكي لثماني سنوات في العراق، كان بروز تنظيم داعش الذي صار العالم كله يعاني منه.
إنما يجب أن أضيف أن النظام الإيراني هُزم، وهو في مأزق الآن، ذلك أن جبهته تصدعت في سوريا، وفي اليمن وفي العراق. لماذا..؟ لأنه لم يعد يستطيع أن يتقدم كما كان يزمع. الآن يرسل النظام قادة «الحرس الثوري» إلى سوريا، وقد قُتل عدد كبير منهم، والنظام لا يريد الانسحاب لأنه يريد إبقاء بشار الأسد في السلطة.
* أشرتِ إلى مقتل قادة من «الحرس الثوري» داخل سوريا، وكان قائد عسكري إيراني تحدث عن نشر قوات إيرانية خاصة في سوريا والعراق، وقبل أيام أثناء لقائك مع النواب الفرنسيين تحدثتِ عن وجود 60 ألفًا يقاتلون في سوريا. أليس هذا اعترافًا بفشل «الحرس الثوري» بمهماته في سوريا؟
- في الحقيقة وبشكل دقيق، فإن النظام الإيراني أرسل 60 ألفا من «الحرس الثوري» والميليشيات التابعة للنظام، مثل «حزب الله» والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية. ويقوم «الحرس الثوري» بحماية الأسد في دمشق، لكن اضطرار النظام لإدخال قوات نظامية هو ما يؤكد أن «الحرس الثوري» فشل في القيام بواجباته، وهذا أكبر دليل على أن النظام الإيراني حاليًا غارق في مستنقع الحرب السورية، لا يستطيع التقدم ولا يستطيع الانسحاب. لهذا السبب نحن نطالب بضرورة محاكمة رموز النظام الإيراني، وفي مقدمتهم خامنئي، أمام محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب.
* أشرتِ إلى ضرورة محاكمة خامنئي كمجرم حرب، هل تعتقدين أن ما شهده العالم فيما يتعلق بيوغوسلافيا السابقة يمكن أن يشاهده بالنسبة إلى النظام الإيراني الحالي؟
- آمل في ذلك جدًا، وكذلك الشعب الإيراني على كل المستويات، لأن ما اقترفه النظام داخل إيران، وكذلك بحق شعوب المنطقة، جرائم خطيرة جدًا، لذلك كلي أمل في أن يشاهد الشعب الإيراني وشعوب المنطقة هذا اليوم.
* لم تقولي لي مَن هو الأقرب إلى خامنئي: روحاني أم ظريف؟
- قلت لك إن كليهما جبهة واحدة. ليس هناك فارق كبير. كلاهما مشترك في السياسات الرئيسية للنظام: دستور ولاية الفقيه، والقمع والإعدام في الداخل، وتصدير الإرهاب، وكذلك في المشروع النووي. خلال حملته الانتخابية تبجح روحاني بأنه عام 2004 عندما كان مسؤولاً عن الملف النووي استطاع أن يخدع الغرب، ويوفر إمكانية تطوير المشروع النووي للنظام.
* من يمثل حقيقة النظام وتطلعاته.. هل ما يقوله الجنرال محمد جعفري قائد «الحرس الثوري» الذي يشدد على تصدير الثورة وتوسيع نطاقها الدولي، أو محمد رضا نوبخت المتحدث باسم الحكومة الذي قال إن بلاده لا تريد النزاع مع أي دولة في المنطقة، وإنه لا يوجد دليل على أنها تريد علاقات متوترة مع الجيران. أيهما الأكثر صدقًا؟
- الأول والأخير الذي يقوم برسم السياسة الخارجية لإيران هو خامنئي ومكتبه. إن السياسة الخارجية للنظام الإيراني، سواء في سوريا أو في العراق أو في المنطقة بشكل عام، يقررها خامنئي ومرتبطة بمكتبه. أما سفارات النظام الإيراني في المنطقة والعالم، فإنها مرتبطة بقوات «فيلق القدس» و«الحرس الثوري» وليست مرتبطة بوزارة الخارجية. لذلك يجب علينا دائمًا أن نصدق ونأخذ بعين الاعتبار ما يصدر من تصريحات على ألسنة قادة «فيلق القدس» و«الحرس الثوري».
* أوقفت السلطات الفرنسية أخيرًا سفينة أسلحة إيرانية متوجهة إلى اليمن. ألا يريد خامنئي أن تتوقف الحرب في اليمن؟ ثم ماذا يريد من منطقة الخليج؟
- واضح جدًا أولاً: أن استراتيجية النظام وضعت لتأجيج الحروب وتصدير الإرهاب، وهذا من أجل بقائه. ثانيًا: منذ الحرب العراقية - الإيرانية كان الخميني يقول: إذا ما اضطررنا إلى أن نصرف النظر عن القدس وعن صدام (حسين)، فليس بإمكاننا أن نتخلى عن الحجاز (هذا كلامه حرفيًا). وهذا ما يعبر عن استراتيجية النظام التي استمر بها خامنئي حتى اليوم، ولهذا تشاهدون يومًا بعد يوم التمادي بهذه السياسة التوسعية. منذ زمن الخميني كانت هذه السياسة متبعة، ولا تزال.
* من يستطيع أن يحصر هذا النظام داخل حدود إيران إذا كانت كل المنطقة مشتعلة؟
- سؤال جيد، وأنا أعتقد أنه في حدود قوة دول المنطقة يمكن أن تلزم النظام داخل حدوده.
* لكن كما يبدو، فإن النظام يريد الاستمرار في حرب اليمن، وفي الحرب السورية، وتأجيج الوضع في العراق كي يبقى خارج حدوده.
- سألت كيف؟ الجواب في وحدة هذه الدول وانتهاجها سياسة موحدة صارمة، وكذلك دعم الشعب الإيراني الذي يطالب بإسقاط هذا النظام. أنتم رأيتم كيف واجهتم النظام الإيراني في اليمن، فاضطر إلى التراجع. ما يخشى منه النظام الإيراني ويخاف منه أشد الخوف هو ظهور الشعب الإيراني وممثليه ضمن هذا الاصطفاف العربي.
* تعتبرين إذن أن النظام الإيراني هُزم في اليمن وكذلك في البحرين؟
- نعم، وأعتقد أنه كما هزم النظام في اليمن يمكن أن يُهزم بصورة نهائية في البحرين، إذا ما وجد أمامه تحالفًا صارمًا حازمًا من دول المنطقة. لأنه نظام هُزم في مواجهة «عاصفة الحزم».
* لاحظت أنك تقولين إن النظام يصدر الإرهاب ولا تقولين إن النظام يصدر الثورة، هل هذا عن قصد؟
- وصفك دقيق، لأن ما يدعي النظام ويزعم أنه ثورة هو في الحقيقة تصدير الإرهاب وتأجيج الحروب. لأنه إن لم يقم النظام الإيراني بتأجيج الحروب فماذا يستطيع أن يقدم لشعوب المنطقة؟ ما الجديد الذي جاء به هذا النظام للمنطقة؟ أي قضية أو أي مشكلة استطاع النظام حلها. إنه يدّعي الثورة في حين أن ما يقوم بتصديره هو الإرهاب وتأجيج الحروب. وأنا بشكل متعمد أستخدم هذا التعبير.
* هل من صراع ما بين خامنئي وهاشمي رفسنجاني، إذا كان ذلك صحيحًا ألم يحن الوقت لكي يحسم الأمر طرف منهما؟
- في الحقيقة إن الصراع ما بين خامنئي ورفسنجاني هو صراع على السلطة واقتسام الكعكة بينهما. والصراع الدائر بينهما يعكس حالة التأزم والضعف التي يعيشها النظام داخل صفوفه. لكن هما مثل توأمين متناقضين لبعضهما، لا يستطيع أحدهما أن يقضي على توأمه، ولأن شطب أحدهما يؤدي إلى شطب النظام.
* هل تعتقدين أنه من الممكن أن تقود امرأة السلطة في إيران في أحد الأيام؟
- نضالنا ليس حول حكم المرأة في إيران. بل هدفنا أن يكون للشعب حرية الاختيار، فإذا حدث هذا فإنه سيختار أشخاصًا مؤهلين ومناسبين. لذلك نبذل جهودنا كي يكون للشعب حق الاختيار. لقد كان للنساء دور بارز في إسقاط الفاشية في إيران. الآلاف من السيدات تعرضن للتعذيب والإعدام على أيدي ديكتاتوريتين: الشاه والنظام. ولهن دور بارز في المقاومة. وحاليًا في المجتمع لهن هذا الدور، وتاريخيًا قمنا بهذا الدور منذ الثورة الدستورية عام 1906.
للمرأة دور حاسم في إسقاط الفاشية الحاكمة في إيران. هذا يعني أن المجتمع الإيراني يستوعب قبول قيادة المرأة.
* عادت العروبة تتحرك عند العراقيين، من مقتدى الصدر إلى عمار الحكيم. في النهاية الدم لا يتحول إلى ماء. هل تعتقدين بأن النظام الإيراني يريد تغليب النزعة الدينية على العرق والدم في كل مكان يتدخل فيه، إضافة إلى الإرهاب؟
- منذ اليوم الأول اعتمد النظام الإيراني الاستراتيجية الدينية من أجل تثبيت بقائه في السلطة لتصدير الإرهاب. لم يكن هدفه الإسلام، فهو من ألد أعداء الإسلام. لم تكن قضيته الشيعة بل كان ضد الشيعة في إيران (تعرض عليّ رجوي كتابًا يحوي صورًا ونبذات عن حياة 20 ألف شهيد من أصل 120 ألفًا من الشيعة قتلهم الخميني في أقبية نظامه) وتقول: نسبة الشيعة الذين قتلهم النظام داخل إيران تفوق نسبة السنّة. إضافة إلى ما اقترف النظام من جرائم داخل إيران، اقترف الكثير داخل العراق حيث تبنى حقيقة «إبادة نسل السنّة في العراق»، كذلك يريد التمادي بذلك في كل المنطقة. لهذا يجب إسقاط النظام، وهذا في الحقيقة وفي النهاية واجب إخوتنا وأخواتنا العرب والمسلمين في هذه المنطقة، الذين يجب أن يعرفوا أن الشعب الإيراني يقف معهم ضد هذا النظام الذي كانت ولا تزال مهمته إشعال النار في كل المنطقة، لذلك يجب قطع دابر هذا النظام في المنطقة وإسقاطه داخل إيران. وطبعًا فإن محصلة ما اقترفه النظام الإيراني في المنطقة ضد الشيعة وضد السنة، والمجازر التي اقترفها في المنطقة كانت بروز تنظيم داعش، الذي صار يهدد العالم.
* هناك الكثير من السجناء السياسيين في إيران. كم سجينًا لحركتكم ومن يلاحق حقوقهم في إيران؟
- لدينا كثير من السجناء ومعظمهم من مؤيدي «مجاهدين خلق» إلى جانب سجناء من قوميات أخرى، كالبلوش، والأكراد، والعرب، ومن السنّة. ومن أجل هؤلاء السجناء السياسيين لدينا شبكة داخل إيران تبحث عن حقوق السجناء ودعم عوائل السجناء في الداخل، إضافة إلى شبكة تتحرك في الخارج. وحتى الآن استطاعت الشبكة التي تلاحق حقوق هؤلاء السجناء الحصول على إدانة دولية للنظام الإيراني من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة 63 مرة.
* هل هناك معتدلون داخل النظام، وهل يمكن لولاية الفقيه القبول بالمعتدلين؟
- لا معنى للاعتدال في الفاشية الحاكمة في إيران، ومنذ البداية قالت المقاومة الإيرانية إن الأفعى لا تلد حمامة. وقد أثبتت السنوات هذه الحقيقة، حيث كانت هناك فترتا رئاسة لرفسنجاني ولخاتمي، وكل منهما 4 سنوات. طوال كل تلك السنوات لم يشاهد الشعب الإيراني أي فرق. كان الرئيسان يعملان بانسجام مع الولي الفقيه. ربما حصل فرق في أمور طفيفة جدًا. والآن مع مرحلة روحاني نشاهد أن الإعدامات بلغت 2300، وكذلك نشاهد التمادي في التدخلات في المنطقة، من هنا لا يوجد هناك أي معلم من معالم الاعتدال، والموجود هو سراب. ونؤكد أنه في الديكتاتورية الدينية لا وجود للاعتدال، لذلك يجب إسقاط الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران.
* ما دور روحاني؟ يقول إنه لا يتدخل في السياسة الخارجية أو العسكرية، لكن هل يمكنه أن يفرض سلطته على الجنرال قاسم سليماني؟
- في الحقيقة، روحاني لا يريد ولا يستطيع أن تفوق كلمته كلام قائد قوة القدس أو القائد العام لقوات الحرس. لـ«الحرس الثوري» قدرات كبيرة، وحتى خاتمي الذي أمضى 8 سنوات في الرئاسة استخلص في النهاية أن رئيس الجمهورية ليس سوى موظف لوجيستي للنظام، إلى درجة أنه اعترف في ذلك الوقت قائلاً: «يجب ألا يراودنا شك بأن مجرد التفكير بتغيير أو تعديل دستور نظام ولاية الفقيه يعتبر خيانة، وبالتالي يجب عدم مناقشة هذا الأمر».
هذا يعني أن كل ما يتعلق ببقاء نظام ولاية الفقيه وسلطة ولي الفقيه هو الأساس، وأي تجاوز يجب ألا يتعدى قيد أنملة. ضمن هذا التفسير وهذه «الرؤية من الاعتدال»، فإن روحاني لن يكون أكثر من «موظف لوجيستي»، والقوة الحقيقية هي لـ«الحرس الثوري».
* هل تتوقعين أن يقوم الجنرال قاسم سليماني بانقلاب عسكري إذا ما غاب خامنئي فجأة، أو أن هذا يهدد ولاية الفقيه؟
- الأمر يتعلق بالظروف التي تستجد. إذا لم يواجه «الحرس الثوري» انتفاضة شعبية تحد من قوتهم وتطوي صفحتهم، فإن للحرس قوة المجيء بمرشد أعلى، كالولي الفقيه، من دون أي حاجة للانقلاب. لكن ما يطفو على السطح الآن وبارز بوضوح في المجتمع الإيراني هو خوف السلطة من الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني اللذين قد يقضيان على النظام. وما نشاهد الآن من خلافات أو صراع الأجنحة هو بسبب الضعف الشديد الذي أصاب نظام ولاية الفقيه. لقد دخل النظام برمته مرحلة الاحتضار.
* هل تعتقدين أن مصير روحاني سيكون كمصير خاتمي، ينتهي معزولاً؟
- أعتقد أنه لن يكون هناك فرق بين مصيره ومصير خاتمي، لأن المسلك الذي يتبعونه حاليًا هو الصراع على السلطة، لكن يبقى الجميع مشتركًا في الحفاظ على هذا النظام، وما يشاهده العالم من معالم الخلاف أو الفروقات هو بسبب الوضع المتدهور والمتأزم لهذا النظام.
* لماذا يهجم النظام على السفارات، هل كان يقصد مثلاً إخافة السعودية؟
- سياسة اقتحام السفارات واحتجاز الرهائن من ديدن هذا النظام. من خلال هذه الممارسات يريد النظام من جهة إخافة الطرف الآخر، ومن جهة أخرى التستر على الأزمات الداخلية المتفاقمة جدًا. لكن أثبتت التجربة أنه إذا ما وقفت دول المنطقة في وجه هذا النظام، فإنه يضطر إلى التراجع، فهذا النظام لا يفهم لغة أخرى سوى لغة القوة.
* هل أجرت حركتك في أحد الأيام اتصالاً بـ«حزب الله» في لبنان؟
- أبدًا، فهو حزب من صنيعة النظام الإيراني، ومن صنيعة خامنئي شخصيًا. هو جزء من ولاية الفقيه من الناحية السياسية والعسكرية والمالية واللوجيستية، وهو جزء من قوات الحرس، لذلك لا يمكن اعتباره حالة لبنانية، ومواقفه هي المواقف الاستراتيجية الشخصية لخامنئي.
* يعني عندما يحدد حسن نصر الله الأهداف التي سيقصفها في إسرائيل، كمصنع الأمونيا في حيفا، يكون قد نسق مع المرشد لإبقاء حالة عدم الاستقرار سائدة في المنطقة؟
- بشكل دقيق، نعم. سياسة نصر الله هي سياسة ولاية الفقيه، يجب أن ننظر إلى هذه السياسات كحالة واحدة، فنصر الله مرتبط عضويًا بالولي الفقيه.
* هل تعتبرين أن النظام الإيراني خسر إحدى العواصم التي قال إنه يسيطر عليها؟
- من وجهة نظرنا تلقى النظام ضربة قاضية في اليمن، وهذه حصيلة التحالف العربي، فعندما وقف هذا التحالف بصرامة وحزم بوجه النظام الإيراني تلقى الأخير ضربة قاصمة.
* لماذا لا نصدق كعرب كل تصريحات النظام الإيراني المعادية لإسرائيل، ونشعر بأن إيران تتبنى القضية الفلسطينية للمزايدة وليس أكثر، هل نحن على حق؟
- هذه الرؤية صحيحة تمامًا، ومنذ البداية كان للنظام خطة لطعن القضية الفلسطينية وغرز خنجر الخيانة في قلب القضية، وكان النظام يحاول بكل قواه أن يعرقل مسيرة السلام، وكذلك حبك المؤامرات لاغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكذلك تعميق الانقسام الفلسطيني، ويجب أن أضيف هنا أن النظام الإيراني كان يرغب في الحصول على القنبلة النووية للهيمنة على الشعوب العربية.
* ذكرت أن النظام حاول اغتيال عرفات؟
- صحيح.
* متى كان ذلك؟
- أخبرني بذلك عرفات عندما التقيت به عام 1996 في لندن. كانت لدينا معلومات وأكدها هو أيضًا. حصلت محاولة الاغتيال بعد الخميني على أيام خامنئي. وهذا ما أخبرني به عرفات شخصيًا.
* هل توافقين على أن روسيا ستنهي الدور الإيراني في سوريا ولاحقًا في العراق؟
- إن الملالي بعدما فشلوا في تثبيت خطتهم في الحفاظ على بشار الأسد عسكريًا لجأوا إلى روسيا، وهم الذين أدخلوا روسيا في سوريا، لكن مع دخول روسيا صار الدور الإيراني ثانيًا، لكن الحقيقة المؤكدة، وأكرر: المؤكدة والمطلقة هي أن النظام الإيراني هو الجهة الوحيدة التي تصر على إبقاء بشار الأسد.
* هل تتوقعين أن يستمر الأسد لسنوات طويلة؟
- لا أعتقد، فالظروف الراهنة لا تسمح ببقاء الأسد لمدة طويلة في الحكم، خصوصًا من ناحية المقاومة البطولية التي أبداها الشعب السوري وصموده الذي يُعتبر من مفاخر هذه المنطقة. فهذا الشعب يريد رحيل الأسد، وبسبب القمع والمجازر التي ارتُكِبت بحق الشعب السوري وانتهاك حقوق الإنسان اضطر المجتمع الدولي لأن يفكر بسوريا ويتدخل، ونحن نتمنى أن تتكلل المفاوضات المطروحة بالنتائج التي ينتظرها الشعب السوري فيتخلص السوريون من وجود بشار الأسد.
* هل تعتقدين أن رحيل الأسد قد يكون نهاية لدور النظام الإيراني في المنطقة؟
- هذا صحيح، ولهذا السبب يحاول النظام الإيراني بكل ما لديه من قوة إبقاء نظام بشار الأسد، في الوقت الذي يعرف أنه لا أمل في ذلك، إنما ليس في يده حيلة أخرى. وهو يخشى من هذا الأمر، لأنه إذا سقط الأسد في سوريا، فسيليه سقوط النظام في طهران.



أوجلان يشيد بـ «اتفاق 10 مارس»


رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أوجلان يشيد بـ «اتفاق 10 مارس»


رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

وأعياد صاخبة لكسر الخوف عدَّ زعيم «حزب العمال الكردستاني»، السجين في تركيا عبد الله أوجلان، اتفاقَ 10 مارس (آذار) الموقع بين «قوات سوريا الديمقراطية» والحكومة السورية، نموذجاً للحكم الذاتي المشترك، داعياً أنقرة إلى لعب دور يسهل تنفيذه.

وحثَّ أوجلان، في رسالة بمناسبة العام الجديد نشرها حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد في تركيا على «إكس»، الثلاثاء، أنقرةَ على أداء دور تيسيري وبنّاء يركّز على الحوار في هذه العملية.

وجاءت رسالة أوجلان في الوقت الذي كادت تنتهي فيه المهلة المحددة لتنفيذ «اتفاق 10 مارس» نهاية العام الحالي، وسبقتها رسالة كشفت عنها وسائل إعلام تركية قريبة من الحكومة، الأسبوع الماضي، بعث بها إلى مظلوم عبدي مطالباً فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوف «قسد».


احتجاجات إيران من البازار إلى الجامعات

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء
صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء
TT

احتجاجات إيران من البازار إلى الجامعات

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء
صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء

اتَّسعتِ الاحتجاجات في إيران مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى الجامعات وعدد من المدن، في تطوّر لافت للحراك الذي بدأ الأحد، على خلفية تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتراجع الريال إلى مستويات قياسية، وارتفاع معدلات التضخم وتزايد الضغوط المعيشية.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية بتنظيم مظاهرات طلابية في جامعات عدة بالعاصمة، إضافة إلى أصفهان، مع تسجيل تجمعات في كرمانشاه وشيراز ويزد وهمدان وأراك، وحضور أمني مكثف في مشهد.

ودعتِ الحكومة إلى التهدئة عبر الحوار، إذ أعلن الرئيس مسعود بزشكيان تكليفَ وزير الداخلية الاستماعَ إلى «المطالب المشروعة» للمحتجين. في المقابل، حذّر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من محاولات «استغلال الاحتجاجات».

وقالتِ المتحدثة باسم اللجنة الاقتصادية في البرلمان، النائبة فاطمة مقصودي، لوكالة «إيلنا»، إنَّ تقلباتِ السوق ترتبط أساساً بالأجواء السياسية والحديث عن الحرب. وأضافت: «يكفي أن يقول ترمب لنتنياهو: تعالَ نشرب قهوة، حتى ترتفع أسعار العملات فجأة».


احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
TT

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران

اتسعت الاحتجاجات في إيران لليوم الثالث على التوالي، مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى جامعات ومدن أخرى، في وقت تزامن فيه الحراك مع إجراءات أمنية وتحذيرات رسمية، وخطوات حكومية اقتصادية طارئة وإعلانات عن تعطيل مؤسسات عامة.

وبينما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الإنصات للمحتجين عبر الحوار، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من محاولات استغلال التطورات، وسط تفاعلات داخلية وخارجية رافقت أحدث موجة من الاحتجاجات، عكست حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد.

وفي تطور لافت، برز انضمام طلاب الجامعات إلى الحراك الاحتجاجي. وأفادت وكالة «إيلنا» الإصلاحية بأن مظاهرات طلابية نُظّمت في عدد من الجامعات بطهران، إضافة إلى مدينة أصفهان وسط البلاد. وحسب الوكالة، شملت التحركات جامعات «بهشتي، وخواجة نصير، وشريف، وأمير كبير، وجامعة العلوم والثقافة، وجامعة العلوم والتكنولوجيا» في طهران، إلى جانب جامعة التكنولوجيا في أصفهان.

كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة تجمعات ومسيرات طلابية تضامناً مع الاحتجاجات على الغلاء والأزمة الاقتصادية، فيما رددت شعارات احتجاجية مناهضة لنظام الحكم، في بعض الجامعات، وفق ما نقلته قنوات طلابية على تطبيق «تلغرام». وفي مقطع فيديو نُشر من تجمع احتجاجي في شارع ملاصدرا بطهران، يظهر محتجون يرددون شعار: «لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران».

طهران تستعد للذكرى السادسة لمقتل الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية يناير 2020 في بغداد (إ.ب.أ)

وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في طهران بأن معظم المتاجر والمقاهي في العاصمة كانت مفتوحة كالمعتاد، صباح الثلاثاء، على امتداد جادة ولي عصر، التي تمتد لمسافة 18 كيلومتراً من شمال العاصمة إلى جنوبها، رغم استمرار الاحتجاجات في مناطق أخرى. وأضافت الوكالة أن شرطة مكافحة الشغب كانت تراقب الساحات الرئيسية في وسط المدينة، من دون الإشارة إلى مواجهات واسعة النطاق خلال ساعات النهار.

في المقابل، أظهرت صور ومقاطع فيديو من مناطق أخرى، من بينها ميدان شوش، استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين، إضافة إلى دخول قوات أمنية إلى بعض الأسواق وتهديد التجار بإعادة فتح محالهم.

إلى جانب طهران وأصفهان، أفادت تقارير إعلامية بوقوع تجمعات احتجاجية في مدن أخرى، من بينها كرمانشاه، وشيراز، ويزد، وهمدان وأراك، فضلاً عن كرج وملارد وقشم خلال اليومين السابقين. وفي سياق امتداد التحركات إلى مدن أخرى، أظهرت الصور وجوداً كثيفاً لقوات الأمن ومكافحة الشغب في مشهد، ثاني كبريات المدن في البلاد، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية وشبكات اجتماعية.

بالتزامن مع الاحتجاجات، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن مدارس ومصارف ومؤسسات عامة ستغلق في طهران و19 محافظة أخرى، الأربعاء، بسبب موجة البرد ولتوفير الطاقة. وأوضحت السلطات أن هذا القرار لا يرتبط بالاحتجاجات، مشيرة إلى أن المراكز الطبية والإغاثية، والوحدات الأمنية، وفروع البنوك المناوبة، مستثناة من التعطيل.

حسب مصادر محلية، جاءت الاحتجاجات رداً على الغلاء المتزايد، والتضخم المرتفع، وتراجع القدرة المعيشية. وسجل الريال الإيراني، وفق سعر السوق السوداء غير الرسمي، مستوى قياسياً جديداً مقابل الدولار، الأحد، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 1.4 مليون ريال، مقارنة بنحو 820 ألف ريال قبل عام، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

إيرانية تمر من دار صرافة بينما تظهر أسعار العملة الثلاثاء (رويترز)

ورغم تسجيل تحسُّن طفيف في قيمة العملة، الاثنين، فإن تقلبات سعر الصرف المستمرة أدت إلى تضخم مرتفع وتقلبات حادة في الأسعار، حيث ترتفع بعض أسعار السلع من يوم لآخر.

انطلقت التحركات، الأحد الماضي، من أكبر أسواق الهواتف المحمولة في طهران، حيث أغلق تجار محالهم بشكل عفوي احتجاجاً على الركود الاقتصادي وتدهور القدرة الشرائية، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وتوسعت الاحتجاجات لتشمل مناطق أوسع من وسط العاصمة، حيث واصل التجار إغلاق محالهم ونظموا تجمعات محدودة، تعبيراً عن استيائهم من الانخفاض السريع لقيمة الريال تحت وطأة العقوبات الغربية.

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن عدداً من التجار فضلوا تعليق أنشطتهم «لتجنب خسائر محتملة»، في وقت ترددت فيه شعارات احتجاجية داخل بعض الأسواق.

وفق مركز الإحصاء الإيراني الرسمي، بلغ معدل التضخم في ديسمبر (كانون الأول) نحو 52 في المائة على أساس سنوي. غير أن وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة «اعتماد»، أشارت إلى أن هذه النسبة لا تعكس بالكامل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين قوله: «لم يدعمنا أي مسؤول أو يسعَ لفهم كيف يؤثر سعر صرف الدولار على حياتنا»، مضيفاً: «كان يجب أن نظهر استياءنا».

الحكومة وخيار الحوار

في وقت متأخر الاثنين، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للاستماع إلى «المطالب المشروعة» للمتظاهرين. وقال بزشكيان، في منشور على منصة «إكس» نقلته وكالة «إرنا»: «طلبت من وزير الداخلية الاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من التصرف بمسؤولية وبكل ما أوتيت من قوة لحل المشاكل والاستجابة لها».

كما أشار إلى أن «معيشة الناس» تشكل هاجسه اليومي، مؤكداً أن الحكومة تضع «إجراءات أساسية لإصلاح النظام النقدي والمصرفي والحفاظ على القوة الشرائية» على جدول أعمالها.

وقالت المتحدثة باسم ‌الحكومة، ⁠فاطمة ​مهاجراني، إنه ‌سيتم إطلاق آلية حوار تشمل إجراء محادثات مع قادة الاحتجاجات.

وحسب وكالة «مهر» شبه الرسمية، التقى بزشكيان، الثلاثاء، مسؤولين نقابيين، واقترح عدداً من الإجراءات الضريبية المؤقتة التي يفترض أن تساعد الشركات لمدة عام، في محاولة لتخفيف الضغوط الاقتصادية.

ولم تورد الوكالة تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه الإجراءات أو آلية تنفيذها.

وقالت مهاجراني، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إن الحكومة «ستستمع بصبر حتى لو واجهت أصواتاً حادة». ونقلت «رويترز» قولها في هذا الصدد: «نتفهم الاحتجاجات... نسمع أصواتهم وندرك أن هذا نابع من الضغط الطبيعي الناجم عن الضغوط المعيشية على الناس». وأضافت أن الحكومة «تعترف بالاحتجاجات»، وتؤكد «حق التجمعات السلمية المعترف به في دستور الجمهورية الإسلامية».

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» من ثاني أيام احتجاجات البازار (أ.ب)

وكانت إيران قد شهدت خلال الأعوام الماضية احتجاجات واسعة لأسباب اقتصادية واجتماعية، من بينها موجة 2022 التي اندلعت عقب وفاة مهسا أميني، وتعاملت معها السلطات بإجراءات أمنية مشددة.

وأشارت مهاجراني إلى أن الحكومة تعمل على «إعداد برنامج للظروف الطارئة»، موضحة أن اجتماعاً للفريق الاقتصادي عُقد لوضع برنامج لإدارة الوضع الاقتصادي على المدى القصير، ضمن إطار زمني يقارب 15 شهراً، بهدف تحقيق الاستقرار.

وكانت الحكومة قد أعلنت، الاثنين، استبدال حاكم البنك المركزي. وقال مهدي طباطبائي، مسؤول الإعلام في الرئاسة الإيرانية، في منشور على منصة «إكس»: «بقرار من الرئيس، سيتم تعيين عبد الناصر همتي حاكماً للبنك المركزي».

ويعود همتي إلى هذا المنصب بعد أن كان البرلمان قد عزله في مارس (آذار) الماضي من منصبه كوزير للاقتصاد، بسبب فشله في معالجة المشاكل الاقتصادية في ظل الانخفاض الحاد لقيمة الريال، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

يواجه الاقتصاد الإيراني صعوبات متراكمة جراء عقود من العقوبات الغربية، التي ازدادت وطأتها بعد إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب انهيار الترتيبات المرتبطة بالاتفاق النووي. وحسب تقارير اقتصادية، ساهمت هذه العقوبات في تقييد التجارة الخارجية، والضغط على العملة الوطنية، ورفع معدلات التضخم.

تحذيرات البرلمان

في المقابل، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من مخاطر «استغلال التظاهرات لبث الفوضى والاضطرابات».

وأعلن قاليباف أن النواب عقدوا اجتماعاً مغلقاً لبحث التطورات الأخيرة، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول جدول الأعمال أو مخرجات الجلسة.

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء

وقال قاليباف، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، إن «الأعداء» يسعون إلى جر مطالب الناس إلى الفوضى، مضيفاً أن الشعب «سيمنع انحراف الاحتجاجات».

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الاقتصادية في البرلمان، النائبة فاطمة مقصودي، لوكالة «إيلنا» إن تقلبات سوق العملة والذهب ترتبط أساساً بالأجواء السياسية وتصريحات قادة دوليين ومحليين، لا بتطورات اقتصادية فعلية، مؤكدة أن تصاعد الحديث عن الحرب أو صدور خبر واحد كفيل بدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وأضافت مقصودي: «يكفي أن يقول ترمب لنتنياهو: تعال نشرب قهوة، حتى ترتفع أسعار العملات فجأة. إذا تحدث نتنياهو بكلمة واحدة، فترتفع الأسعار».

في الداخل، أفاد عدد من مستخدمي الهواتف المحمولة بتلقي رسائل نصية تحذيرية من جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني، تحذرهم من المشاركة في تجمعات وصفت بأنها «غير قانونية»، حسبما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي.

ردود داخلية وخارجية

على الصعيد السياسي، أصدر حزب «نهضت آزادى (حركة الحرية)» رسالة مفتوحة انتقد فيها أداء الحكومة، معتبرة أن «تجاوز التحديات من دون إصلاح بنيوي لن يكون سوى وهم». وقالت الحركة إن سجل الحكومة خلال العام ونصف العام الماضيين «غير قابل للدفاع عنه إلى حد كبير، ولا ينسجم مع مطالب الشعب».

كما وصف مصطفى تاج زاده، السجين السياسي ونائب وزير الداخلية السابق، الاحتجاجات بأنها «حق» للمواطنين، معتبراً أن جذور الأزمة تعود إلى «البنية السياسية الحاكمة»، حسبما نقلت منصات إعلامية معارضة.

في الخارج، عبّر رضا بهلوي، نجل آخر شاه لإيران، عن دعمه العلني للاحتجاجات، معتبراً أن تدهور الأوضاع الاقتصادية سيستمر «ما دام هذا النظام في السلطة». وفي رسالة نشرها على منصة «إكس»، دعا بهلوي مختلف فئات المجتمع إلى الانضمام للاحتجاجات، كما وجه نداءً إلى القوات الأمنية والعسكرية بعدم الوقوف في وجه المحتجين، لصالح «نظام في طور الانهيار».

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، عبر حسابها الناطق بالفارسية على منصة «إكس»، دعمها لما وصفته بـ«صوت الشعب الإيراني»، معتبرة أن الاحتجاجات تعكس حالة السخط الواسع من «السياسات الفاشلة وسوء الإدارة الاقتصادية».

ودعت الوزارة السلطات الإيرانية إلى احترام الحقوق الأساسية للمواطنين والاستجابة لمطالبهم المشروعة، مؤكدة أن الولايات المتحدة تتابع التطورات عن كثب. وفي منشورات لاحقة، نشرت الخارجية الأميركية مقاطع مصورة من مدن إيرانية عدة، مشددة على أن موقف واشنطن ينسجم مع دعمها المعلن لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وقال مايك والتز، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الشعب الإيراني يريد الحرية وقد عانى سنوات من حكم رجال الدين.

في إسرائيل، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت على الاحتجاجات الجارية في إيران عبر رسالة مصوّرة نشرها على منصة «إكس»، قال فيها إن المتظاهرين الإيرانيين يستحقون «مستقبلاً أفضل» و«شرق أوسط أكثر استقراراً». واعتبر بينيت أن ما يجري يعكس، على حد تعبيره، فشل السياسات الاقتصادية والسياسية في طهران، موجهاً حديثه مباشرة إلى المحتجين.