«عاصفة تضامن» لبنانية مع السعودية.. ومصير الحكومة في مهب «إعادة النظر» الخليجية

عسيري لـ {الشرق الأوسط} : مسؤولية اللبنانيين منع جر لبنان إلى حيث لا ينتمي * المشنوق: القرار السعودي تأخر كثيرًا.. ومستعدون للمواجهة

رئيس الحكومة تمام سلام لدى ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في بيروت (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة تمام سلام لدى ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في بيروت (دالاتي ونهرا)
TT

«عاصفة تضامن» لبنانية مع السعودية.. ومصير الحكومة في مهب «إعادة النظر» الخليجية

رئيس الحكومة تمام سلام لدى ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في بيروت (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة تمام سلام لدى ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء اللبناني في بيروت (دالاتي ونهرا)

شهد لبنان أمس «عاصفة تضامن سياسية» مع السعودية، بعد الموقف الأخير للمملكة الذي حذر من خروج لبنان عن الإجماع العربي، في حين لم تنجح المساعي بعد في تأمين عقد جلسة للحكومة يطالب بها تيار «المستقبل» للبحث في السياسة الخارجية للحكومة، بسبب تردد رئيس الحكومة تمام سلام في الدعوة إلى مثل هذه الجلسة خوفا على مصير الحكومة «التي تعتبر آخر المؤسسات اللبنانية العاملة في ظل الشلل الذي يصيب البرلمان وفراغ منصب رئاسة الجمهورية»، كما قالت مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط».
وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق، لـ«الشرق الأوسط»، العمل على عقد جلسة خاصة للحكومة لمناقشة السياسة الخارجية، معربا عن اعتقاده «اننا سنصل إلى نتيجة في هذا المجال مع رئيس الحكومة تمام سلام»، في حين خرج السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري عن صمته قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن السفارة في بيروت تراقب ردود الفعل اللبنانية باهتمام حيال القرار السعودي، خصوصا من قبل الإعلام غير المسؤول الذي يخدم مصالح غير لبنانية وينتمي إلى جهات غير لبنانية.
ورأى السفير عسيري أن الموضوع الآن هو مسؤولية لبنانية، وعلى اللبنانيين العمل من أجل منع انجرار لبنان إلى حيث لا ينتمي، وحيث لا يجب أن يكون، معتبرا أن موقع لبنان الطبيعي هو بين أشقائه الذين وقفوا إلى جانبه طوال السنوات الماضية من دون قيد أو شرط.
وقال عسيري: «لقد باتت الصورة واضحة الآن، فهناك جهات تود تدمير لبنان، وجهات أخرى حريصة على لبنان، وقد سمعنا خلال اليومين الماضيين أصوات هؤلاء، وعرفنا من يريد مصلحة وطنه ومن يريد جره إلى الوراء».
وقال الوزير المشنوق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار السعودي تأخر كثيرا، معتبرا أنه يجب أن يكون واضحا ما إذا كان هذا القرار هو جزء من المواجهة أم من الانسحاب من الساحة اللبنانية. وطالب المشنوق السعودية بـ«الانغماس في احتضان جمهورها ورعايته ودعمه، وهو الغالبية العظمى من اللبنانيين، وهم يعرفون ذلك، ونحن نعلمه وكذلك كل العالم». وأكد المشنوق أن خيار لبنان عربي مهما كلف ذلك. وأضاف: «دفعنا ثمنا غاليا في السابق للدفاع عن هذا الخيار خلال 10 سنوات دما وموقفا ومواجهة، ونحن مستعدون وقادرون وصامدون على هذا الطريق».
إلى ذلك، أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بيانا، بررت فيه مواقف وزيرها، معتبرة أن «العلاقة بين لبنان والسعودية ليست علاقة ظرفية مرتبطة بظروف عابرة، بل هي علاقة تاريخية عميقة مبنية على روابط وثيقة بين الدولتين والشعبين»، لافتة إلى أن «الموقف السعودي المستجد لا يلغي الحرص الذي يبديه اللبنانيون، المقيمون والموجودون في السعودية، بالحفاظ على هذه العلاقة، ولا يوقف الجهد الدائم الذي تقوم به الخارجية لحماية هذه العلاقة مما يسيء إليها خارجا عن إرادة الوزارة والحكومة اللبنانية، مع أهمية التفهم السعودي لتركيبة لبنان وظروفه وموجبات استمرار عمل حكومته واستقراره».
وأكدت الخارجية أنها «كانت أول من بادر في لبنان إلى إصدار موقف رسمي على لسان وزير خارجيتها جبران باسيل، أدان فيه التعرض للبعثات الدبلوماسية السعودية في إيران ولأي تدخل في شؤونها الداخلية، وأعلن تضامنه معها في هذا المجال. كما أعادت تأكيد هذا الموقف في محطات عدة، ومنها في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة بطريقة خطية، وبتوقيع من الوزير نفسه، وفي اجتماع منظمة العمل الإسلامية خطيا من قبل سفير لبنان لدى السعودية».
وأوضحت الخارجية أن «الموقف الذي عبّرت عنه جاء مبنيا على البيان الوزاري وبالتنسيق مع رئيس الحكومة تمام سلام كما هو معروف، ومن ثم من خلال عرضه من قبل باسيل على طاولة الحوار الوطني وفي داخل مجلس الوزراء، موافقا على مراجعته إذا قررت الحكومة ذلك، وهو ما لم تفعله، وهو موقف قائم على الحفاظ على الوحدة الوطنية من دون التعرض للتضامن العربي ولصدور أي موقف نابع عنه، حيث إن الموقف المبدئي الدائم الذي اعتمدته الحكومات اللبنانية الأخيرة هو عدم الدخول في نزاعات إقليمية بل اعتماد مقاربة توفيقية، وإذا تعذر ذلك فالاكتفاء بالنأي بلبنان بحسب مقررات الحوار الوطني والبيان الوزاري، وهو الأمر الذي تم تفهمه وتشجيعه دائما من قبل إخواننا العرب، إلا إذا أصبح مطلوبا من لبنان الآن أن يدخل في قلب هذا الصراع وفي أحد محاوره».
ورأت الخارجية أن «المواقف اللبنانية التي تصدر محاولة الاستفادة السياسية الرخيصة من موقف السعودية من دون أن تتحمل المسؤولية في تقديم البديل وتحمل تبعاته هي مواقف تزور حقيقة الموقف اللبناني السليم، وتتسبب في زيادة التشنج في العلاقة اللبنانية - السعودية وفي المزيد من التوتير الداخلي، وتشجع السعودية على المزيد من الإجراءات في إطار مراجعة العلاقة اللبنانية - السعودية، وتضع مصالح اللبنانيين على محك المراهنات الداخلية لأصحابها في موضوع الرئاسة».
وحذر رئيس «اللقاء الديمقراطي» وليد جنبلاط من «وضع مصير مئات الآلاف من اللبنانيين قصدوا الخليج منذ عقود وتمتعوا بخيراته وانخرطوا في مجتمعاته وأسهموا في إعماره ونهوضه، مما ساعد بدوره على دعم الاقتصاد اللبناني وصموده ونموه على المحك. وسأل في تصريح أدلى به أمس «لماذا تعريض لبنان لمغامرات هو في غنى عنها بحكم العلاقات الوطيدة والودية منذ عشرات السنين مع السعودية ودول الخليج العربي؟»، معتبرا أن المطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، الامتناع عن إصدار مواقف تفاقم اضطراب العلاقات وانتكاستها كما حدث في اليومين الماضيين.
وناشد جنبلاط قيادة المملكة العربية السعودية إعادة النظر بقرارها وقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وهي التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان في أصعب الظروف وأقساها، خصوصا في مرحلة الحرب الأهلية وبعد انتهائها وأثناء العدوان الإسرائيلي في عام 2006، حيث كانت لها مساهمات كبرى في إعادة الإعمار، وقدمت السعودية الدعم للبنان في المحافل الدولية وفي مؤتمرات باريس 1 و2 و3، وللاقتصاد اللبناني من خلال تمويل المشاريع الإنمائية في مختلف القطاعات والمجالات، بالإضافة إلى الودائع النقدية ودعم العملة الوطنية. وأشار إلى أن المملكة جهدت لدعم مشروع الدولة ومؤسساتها في لبنان دون تفرقة أو تمييز.
وقال: «إن الجيش اللبناني والقوى الأمنية المختلفة بحاجةٍ ماسةٍ لهذا الدعم، لا سيما أنها بذلت وتبذل جهودا استثنائية لحفظ الأمن والاستقرار من نهر البارد إلى طرابلس إلى الحدود، فضلا عن كشف المخططات الإرهابية والشبكات التجسسية التي كانت ترمي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي. لذلك، نأمل معاودة الدعم لتمكين الجيش من مواجهة التحديات الإرهابية المتنامية، لأن أي سلاح آخر لن يعوضه، فواهمٌ من يظن أن سلاحا آخر سيُقدّم إلى لبنان».
وشجب جنبلاط «بعض ردود الأفعال والمواقف السياسية اللبنانية»، ودعا كل القوى اللبنانية لإعادة النظر في مواقفها تجاه الدول العربية والتأكيد على عروبة لبنان وعدم الخروج منها أو عليها وهي التي كلف التفاهم الوطني حولها تضحيات كبرى»، متطلعا لأن يكون ما حدث مجرّد غمامة صيف عابرة كي تستعيد العلاقات اللبنانية - السعودية والعلاقات اللبنانية - الخليجية طبيعتها، وتستأنف المسيرة المشتركة من التقارب العروبي الأخوي الصادق.
وأصدرت كتلة «المستقبل» أمس بيانا رأت فيه أن القرار السعودي أتى نتيجة الاستهانة والاستخفاف بالمصلحة الوطنية اللبنانية من قبل وزير الخارجية اللبناني، والتنكر لتاريخ السياسة الخارجية المستقرة والمعتمدة من قبل لبنان في علاقاته مع الدول العربية الشقيقة، المبنية على أساس انتمائه العربي وعلاقات الأخوة التي تربطه بها. واعتبرت أن ارتكابات وزارة الخارجية اللبنانية مست بداية بعروبة لبنان وانتمائه الحاسم للعالم العربي والذي عبر عنه اللبنانيون في وثيقة الوفاق الوطني وفي الدستور.
كما أشارت إلى أن «الاستهانة وسوء التقدير والتصرفات غير المسؤولة والحملات الإعلامية غير الأخلاقية والتهجم المسف، والتي ارتكبتها قيادات حزب الله بحق السعودية وبحق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج العربية والدول العربية قاطبة، تسببت في الأزمة التي وصلنا إليها، وأدت إلى التفريط بمصالح اللبنانيين في العالم نتيجة تهور حزب الله ومغامراته غير المسؤولة والبعيدة عن مصالح لبنان واللبنانيين، وعمله على تعطيل الهبتين السعوديتين منذ الإعلان عنهما».
وطالبت الكتلة الحكومة اللبنانية بالعودة الفورية للالتزام بالبيان الوزاري الذي نالت الثقة على أساسه، والالتزام بالإجماع العربي ليكون هذا الأمر ثابتا وغير خاضع لأهواء وزير الخارجية أو ضغوطات حزب الله، كما طلبت من الحكومة اللبنانية القيام بتحرك واجتماع فوري لمجلس الوزراء لمعالجة هذه الأزمة وإبقاء جلساتها مفتوحة، وكذلك إرسال وفد على أعلى المستويات إلى المملكة العربية السعودية لمعالجة هذه الأزمة الخطيرة.
ورأى الرئيس الأسبق للجمهورية أمين الجميّل أن القرار السعودي بوقف الهبة للجيش اللبناني والقوى الأمنيّة «يزيد القضية اللبنانيّة تعقيدا». وقال: «الواقع الذي نعيشه اليوم هو واقع سوريالي وعبثي لم يشهده لبنان على مدى تاريخه. إن المواقف المتخذة في لبنان هي من نوع الانتحار والتدمير الذاتي، وكأننا نصر على الإضرار بمصالح لبنان وتقديم كل المصالح الخارجية على حساب المصلحة الوطنيّة ومصلحة الشعب اللبناني».
ورأى أن «المطلوب من لبنان التضامن مع السعوديّة التي ما أضرّت يوما بمصالح لبنان، بل كانت على الدوام المبادرة والداعمة للبنان في السياسة والأمن والمال والإنماء، دون حساب أو تمنين. ووقفت المملكة إلى جانب لبنان في كل محنه وأزماته، كما احتضنت اللبنانيين في سوق العمل السعودية والخليجية، وهذا واقع لا يمكن لأحد نكرانه أو التنكر له».
وأكد الرئيس الجميّل ضرورة أن يكون هناك موقف تضامني بالغ الوضوح مع المملكة على الصعيد السياسي. ودعا رئيس الحكومة إلى وقفة مسؤولة، والحكومة إلى التضامن الكامل بما يؤمنّ معالجة الأمر سريعا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.