قال رئيس الجمهورية التركية رجب طيب إردوغان، إن سيطرة النظام السوري على بعض أجزاء من الطرق الواصلة بين حلب والحدود التركية، يشكل تهديدا لأنقرة.
وأدلى إردوغان بهذا التصريح السريع على متن طائرته في طريق العودة من زيارة إلى أميركا اللاتينية، لافتا إلى أن القوات المسلحة التركية لديها السلطة الكاملة للتصدي لأي تهديدات للأمن القومي.
كما أعرب الرئيس التركي عن غضبه إزاء دعم الولايات المتحدة لأكراد سوريا الذين يعتبرهم مقربين من حزب العمال الكردستاني المصنف «إرهابيا» في تركيا، داعيًا واشنطن إلى الاختيار بين تركيا و«إرهابيي كوباني» على حد وصفه.
وفي تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، قال مستشار رئيس الوزراء التركي للشؤون العربية عمر كوركماز، إن تركيا ستقوم بحماية حدودها ضد أي تهديد خارجي، كما فعلت عندما قامت بإسقاط الطائرة الروسية، في إشارة واضحة إلى التهديدات التي تراها تركيا في أكراد سوريا والتحركات التي يقوم بها تنظيم داعش. وأضاف كوركماز أن دعم الولايات المتحدة لبعض الفصائل الكردية يأتي ضمن النقاط الخلافية التي لا تتفق فيها تركيا مع حليفتها في حلف شمال الأطلسي الولايات المتحدة الأميركية. كما قال كوركماز إن تركيا ستستمر باستقبال اللاجئين السوريين رغم أعدادهم الكبيرة وتنصل المجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه هؤلاء اللاجئين، وهو الموقف ذاته الذي أكده نائب رئيس الوزراء التركي عمر كورتولموش، الذي قال إن بلاده ستواصل استقبالهم رغم أنها «وصلت إلى نهاية قدرتها على استيعاب اللاجئين».
وجاء التصريح الذي أدلى به كورتولموش في الوقت الذي تواجه فيه تركيا ضغوطا متزايدة لفتح حدودها، حيث وصل عشرات الآلاف من السوريين الفارين من هجوم روسي بالطيران. وأضاف كورتولموش أن تركيا استقبلت مليونين ونصف المليون لاجئ منذ اندلاع الأزمة السورية وأنها سمحت لما يصل إلى 15 ألفا آخرين بالدخول في الأيام القليلة الماضية.
مصطفى ايجه أوغلو النائب السابق في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، رأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تركيا فعلت كل ما في وسعها لإدخال اللاجئين السوريين، لكن الإجراءات الأمنية التي تتخذها لحفظ حدودها وضبطها، قد تؤخر دخول بعض موجات اللجوء، لكنه شدد في الوقت ذاته على حق تركيا في تشديد هذه الإجراءات.
ولم يستبعد ايجه أوغلو قيام تركيا بتحرك ضد داعش أو غيرها من الفصائل المقاتلة في سوريا في سبيل حفظ أمن حدودها. وتساءل إيجه أوغلو عن الأطراف التي تمد هذه الجماعات بالمال وكيف يصل السلاح إلى أيدي الفصائل الكردية المقاتلة على الحدود التركية السورية والتي تصنفها بلاده على أنها تنظيمات إرهابية.
واستبعد الخبير بالشأن التركي والأستاذ الجامعي إبراهيم حلالشه في إسطنبول، من جهته، أن تقوم تركيا بتحرك منفرد تجاه تنظيمات تراها إرهابية داخل الحدود السورية. ورأى حلالشه أن تركيا تسعى حاليا لبناء تحالفات جديدة مع بعض الدول الإقليمية، مثل السعودية، في سبيل خلق نوع من التوازن في المنطقة بعد تنصل الدول الغربية وبعض دول حلف شمال الأطلسي من التزاماتها حيال تركيا والأزمة السورية.
وقال حلالشه معلقا على حركة اللجوء الأخيرة، إنه يطلع حاليا، من خلال عضويته في منظمات حكومية تسعى لخدمة اللاجئين السوريين، على جهود حكومية لإنشاء مشاريع شبه تنموية تخلق فرص عمل وحياة كريمة للاجئين بعيدا عن الاعتماد على المساعدات النقدية والعينية المباشرة. كما يرى حلالشه أن تصريحات المسؤولين الأتراك منذ بدء حركة النزوح الأخيرة من ريف حلب الشمالي، تتوافق مع سياسة الحدود المفتوحة التي تسمح بدخول اللاجئين الهاربين من الصراع المسلح في سوريا.
جدير بالذكر أن تركيا أعلنت منذ أيام عزمها إنشاء مخيم جديد في ولاية كيليس المتاخمة لمدينة حلب السورية لاستيعاب اللاجئين السوريين الجدد المتوقع توافدهم بكثرة إلى الأراضي التركية، نتيجة اشتداد القصف الروسي على المدينة. وفي هذا الصدد أعلنت ولاية كيليس أنّها تعتزم إنشاء المخيم في المناطق المحيطة بمدينة أعزاز القريبة من الحدود التركية، وفي المناطق القريبة من معبر باب السلامة الفاصل بين تركيا وسوريا.
وتتوقع مؤسسات إنسانية دولية استمرار نزوح أكثر من مائة ألف لاجئ سوري باتجاه الأراضي التركية في الأيام القادمة، عقب اقتراب النظام السوري المدعوم من قِبل المقاتلات الروسية، من فرض طوق على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في حلب وريفها.
اجتازت شاحنات مساعدات وسيارات إسعاف تركية معبر باب السلامة الحدودي السوري، أمس، لتقديم الإمدادات الغذائية والخدمات الصحية لعشرات الآلاف من السوريين الذين فروا إلى الحدود التركية مع سوريا.
وأظهرت لقطات فيديو أصدرتها مؤسسة الإغاثة الإنسانية آلاف السوريين الذين ينتظرون على الجانب السوري من الحدود قرب إقليم كِيلِيس التركي حيث يظهر عمال إغاثة وهم يقيمون الخيام ويوزعون الطعام.
ودخلت الشاحنات وعربات الإسعاف إلى سوريا قادمة من تركيا لتوصيل الطعام والإمدادات لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من الهجوم الذي تشنه الحكومة السورية في حلب، وذلك في الوقت الذي استهدفت فيه غارات جوية قريتين على الطريق المؤدي للحدود التركية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتابع مجريات الحرب إن الغارات الجوية التي يعتقد أنها روسية، ضربت المناطق المحيطة بقرى باشكوي وحريتان وكفر حمرة شمال حلب أمس. وتقع حريتان وكفر حمرة على الطريق المؤدي إلى تركيا.
وكثفت القوات الروسية والسورية الهجوم على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حول حلب والتي لا يزال يعيش فيها نحو 350 ألف شخص. وقال عمال إغاثة إن حلب التي كانت أكبر مدن سوريا قبل الحرب قد تسقط قريبا.
مستشار أوغلو لـ «الشرق الأوسط»: سنقوم بحماية حدودنا ضد أي تهديد خارجي
أنقرة غاضبة وتخيّر واشنطن بين تركيا أو «إرهابيي كوباني»
مستشار أوغلو لـ «الشرق الأوسط»: سنقوم بحماية حدودنا ضد أي تهديد خارجي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة