مستشار أوغلو لـ «الشرق الأوسط»: سنقوم بحماية حدودنا ضد أي تهديد خارجي

أنقرة غاضبة وتخيّر واشنطن بين تركيا أو «إرهابيي كوباني»

سوري هارب من القصف في مدينة حلب ومحيطها يقف أمام بوابة معبر «باب السلامة» الحدودي بانتظار سماح السلطات التركية له بالعبور (غيتي)
سوري هارب من القصف في مدينة حلب ومحيطها يقف أمام بوابة معبر «باب السلامة» الحدودي بانتظار سماح السلطات التركية له بالعبور (غيتي)
TT

مستشار أوغلو لـ «الشرق الأوسط»: سنقوم بحماية حدودنا ضد أي تهديد خارجي

سوري هارب من القصف في مدينة حلب ومحيطها يقف أمام بوابة معبر «باب السلامة» الحدودي بانتظار سماح السلطات التركية له بالعبور (غيتي)
سوري هارب من القصف في مدينة حلب ومحيطها يقف أمام بوابة معبر «باب السلامة» الحدودي بانتظار سماح السلطات التركية له بالعبور (غيتي)

قال رئيس الجمهورية التركية رجب طيب إردوغان، إن سيطرة النظام السوري على بعض أجزاء من الطرق الواصلة بين حلب والحدود التركية، يشكل تهديدا لأنقرة.
وأدلى إردوغان بهذا التصريح السريع على متن طائرته في طريق العودة من زيارة إلى أميركا اللاتينية، لافتا إلى أن القوات المسلحة التركية لديها السلطة الكاملة للتصدي لأي تهديدات للأمن القومي.
كما أعرب الرئيس التركي عن غضبه إزاء دعم الولايات المتحدة لأكراد سوريا الذين يعتبرهم مقربين من حزب العمال الكردستاني المصنف «إرهابيا» في تركيا، داعيًا واشنطن إلى الاختيار بين تركيا و«إرهابيي كوباني» على حد وصفه.
وفي تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، قال مستشار رئيس الوزراء التركي للشؤون العربية عمر كوركماز، إن تركيا ستقوم بحماية حدودها ضد أي تهديد خارجي، كما فعلت عندما قامت بإسقاط الطائرة الروسية، في إشارة واضحة إلى التهديدات التي تراها تركيا في أكراد سوريا والتحركات التي يقوم بها تنظيم داعش. وأضاف كوركماز أن دعم الولايات المتحدة لبعض الفصائل الكردية يأتي ضمن النقاط الخلافية التي لا تتفق فيها تركيا مع حليفتها في حلف شمال الأطلسي الولايات المتحدة الأميركية. كما قال كوركماز إن تركيا ستستمر باستقبال اللاجئين السوريين رغم أعدادهم الكبيرة وتنصل المجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه هؤلاء اللاجئين، وهو الموقف ذاته الذي أكده نائب رئيس الوزراء التركي عمر كورتولموش، الذي قال إن بلاده ستواصل استقبالهم رغم أنها «وصلت إلى نهاية قدرتها على استيعاب اللاجئين».
وجاء التصريح الذي أدلى به كورتولموش في الوقت الذي تواجه فيه تركيا ضغوطا متزايدة لفتح حدودها، حيث وصل عشرات الآلاف من السوريين الفارين من هجوم روسي بالطيران. وأضاف كورتولموش أن تركيا استقبلت مليونين ونصف المليون لاجئ منذ اندلاع الأزمة السورية وأنها سمحت لما يصل إلى 15 ألفا آخرين بالدخول في الأيام القليلة الماضية.
مصطفى ايجه أوغلو النائب السابق في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، رأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تركيا فعلت كل ما في وسعها لإدخال اللاجئين السوريين، لكن الإجراءات الأمنية التي تتخذها لحفظ حدودها وضبطها، قد تؤخر دخول بعض موجات اللجوء، لكنه شدد في الوقت ذاته على حق تركيا في تشديد هذه الإجراءات.
ولم يستبعد ايجه أوغلو قيام تركيا بتحرك ضد داعش أو غيرها من الفصائل المقاتلة في سوريا في سبيل حفظ أمن حدودها. وتساءل إيجه أوغلو عن الأطراف التي تمد هذه الجماعات بالمال وكيف يصل السلاح إلى أيدي الفصائل الكردية المقاتلة على الحدود التركية السورية والتي تصنفها بلاده على أنها تنظيمات إرهابية.
واستبعد الخبير بالشأن التركي والأستاذ الجامعي إبراهيم حلالشه في إسطنبول، من جهته، أن تقوم تركيا بتحرك منفرد تجاه تنظيمات تراها إرهابية داخل الحدود السورية. ورأى حلالشه أن تركيا تسعى حاليا لبناء تحالفات جديدة مع بعض الدول الإقليمية، مثل السعودية، في سبيل خلق نوع من التوازن في المنطقة بعد تنصل الدول الغربية وبعض دول حلف شمال الأطلسي من التزاماتها حيال تركيا والأزمة السورية.
وقال حلالشه معلقا على حركة اللجوء الأخيرة، إنه يطلع حاليا، من خلال عضويته في منظمات حكومية تسعى لخدمة اللاجئين السوريين، على جهود حكومية لإنشاء مشاريع شبه تنموية تخلق فرص عمل وحياة كريمة للاجئين بعيدا عن الاعتماد على المساعدات النقدية والعينية المباشرة. كما يرى حلالشه أن تصريحات المسؤولين الأتراك منذ بدء حركة النزوح الأخيرة من ريف حلب الشمالي، تتوافق مع سياسة الحدود المفتوحة التي تسمح بدخول اللاجئين الهاربين من الصراع المسلح في سوريا.
جدير بالذكر أن تركيا أعلنت منذ أيام عزمها إنشاء مخيم جديد في ولاية كيليس المتاخمة لمدينة حلب السورية لاستيعاب اللاجئين السوريين الجدد المتوقع توافدهم بكثرة إلى الأراضي التركية، نتيجة اشتداد القصف الروسي على المدينة. وفي هذا الصدد أعلنت ولاية كيليس أنّها تعتزم إنشاء المخيم في المناطق المحيطة بمدينة أعزاز القريبة من الحدود التركية، وفي المناطق القريبة من معبر باب السلامة الفاصل بين تركيا وسوريا.
وتتوقع مؤسسات إنسانية دولية استمرار نزوح أكثر من مائة ألف لاجئ سوري باتجاه الأراضي التركية في الأيام القادمة، عقب اقتراب النظام السوري المدعوم من قِبل المقاتلات الروسية، من فرض طوق على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في حلب وريفها.
اجتازت شاحنات مساعدات وسيارات إسعاف تركية معبر باب السلامة الحدودي السوري، أمس، لتقديم الإمدادات الغذائية والخدمات الصحية لعشرات الآلاف من السوريين الذين فروا إلى الحدود التركية مع سوريا.
وأظهرت لقطات فيديو أصدرتها مؤسسة الإغاثة الإنسانية آلاف السوريين الذين ينتظرون على الجانب السوري من الحدود قرب إقليم كِيلِيس التركي حيث يظهر عمال إغاثة وهم يقيمون الخيام ويوزعون الطعام.
ودخلت الشاحنات وعربات الإسعاف إلى سوريا قادمة من تركيا لتوصيل الطعام والإمدادات لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من الهجوم الذي تشنه الحكومة السورية في حلب، وذلك في الوقت الذي استهدفت فيه غارات جوية قريتين على الطريق المؤدي للحدود التركية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتابع مجريات الحرب إن الغارات الجوية التي يعتقد أنها روسية، ضربت المناطق المحيطة بقرى باشكوي وحريتان وكفر حمرة شمال حلب أمس. وتقع حريتان وكفر حمرة على الطريق المؤدي إلى تركيا.
وكثفت القوات الروسية والسورية الهجوم على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حول حلب والتي لا يزال يعيش فيها نحو 350 ألف شخص. وقال عمال إغاثة إن حلب التي كانت أكبر مدن سوريا قبل الحرب قد تسقط قريبا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.