بوتين والسيسي يدشنان مرحلة جديدة في العلاقات عبر «الشراكة الاستراتيجية»

اتفقا على «خطوات عملية» لعودة السياحة... وناقشا تعزيز التعاون العسكري

الرئيسان خلال توقيع الشراكة في منتجع سوتشي أمس (أ.ف.ب)
الرئيسان خلال توقيع الشراكة في منتجع سوتشي أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين والسيسي يدشنان مرحلة جديدة في العلاقات عبر «الشراكة الاستراتيجية»

الرئيسان خلال توقيع الشراكة في منتجع سوتشي أمس (أ.ف.ب)
الرئيسان خلال توقيع الشراكة في منتجع سوتشي أمس (أ.ف.ب)

خطت موسكو والقاهرة خطوات واسعة نحو تعزيز التعاون في المجالات المختلفة، ونقل علاقات البلدين إلى «مرحلة جديدة نوعياً»، وفقاً لتعليق صدر في الكرملين، أمس، وذلك بعد قيام الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبد الفتاح السيسي بتوقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية»، التي تضع «أساسا قانونيا لتوسيع التعاون في المجالات المختلفة».
وحملت الاتفاقية، التي وقعت في ختام محادثات الرئيسين، عنوان «الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين روسيا ومصر»، وهي المرة الأولى التي توقع فيها روسيا اتفاقية بهذا الشكل مع بلد عربي، ما عكس درجة الاهتمام الروسي بدفع العلاقات مع القاهرة، التي وصفها سياسيون روس مؤخرا بأنها «البوابة الرئيسة والشريك الاستراتيجي الأهم لروسيا في المنطقة».
ومع الاتفاقية، حمل الإعلان عن تفاهم على استئناف رحلات الطيران الروسية بشكل كامل بين البلدين، قفزة أخرى بعدما ظل هذا الملف موضوع نقاشات مطولة لم تتوج بإعلان مواعيد محددة لاستئناف الطيران، وتنشيط قطاع السياحة الروسية إلى مصر، الذي أصيب بأضرار كبرى منذ تجميده عام 2015.
وكان الرئيسان قد عقدا جلسة نقاش مطولة، تطرقت إلى العلاقات الثنائية وعدد من القضايا الإقليمية. وخلال إعلان مشترك أعقب القمة، أشار بوتين إلى ارتياحه لسير المحادثات، وقال إنها تناولت مسائل عدة ذات اهتمام مشترك، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية. موضحا أن الجانبين ناقشا بالتفصيل التعاون في مجال الطاقة، وخاصة مشروع بناء محطة الضبعة النووية في مصر، التي تبنيها شركة «روس آتوم» الروسية، كما أشار الرئيس الروسي إلى أن اللقاء بحث فرص تعزيز التعاون العسكري.
وكانت مصادر الكرملين قد أشارت في وقت سابق أمس إلى أن المجمع الصناعي الحربي الروسي أعد شريط فيديو اشتمل على نماذج من تقنيات عسكرية روسية، تم عرضها على السيسي خلال المحادثات بهدف بحث إمكانية التوصل إلى توقيع عقود عسكرية جديدة.
وفي ملف السياحة، أشار بوتين إلى «قرب استئناف رحلات الطيران من روسيا إلى شرم الشيخ والغردقة». وقال بهذا الخصوص: «نعمل على إعادة إطلاق الرحلات بين روسيا والمنتجعات المصرية المشهورة لدى الروس في الغردقة وشرم الشيخ قريبا، ونحن واثقون من أن أصدقاءنا المصريين يعملون ما في وسعهم في هذا الاتجاه».
كما تطرق بوتين إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية في منطقة قناة السويس، وقال إنه «سيتم في إطار المشروع ضخ استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وستؤمن المنطقة قرابة 35 ألف فرصة عمل جديدة».
معربا عن ارتياحه لمستوى التبادل التجاري الذي قال إنه شهد تنشيطا بين البلدين خلال الفترة الماضية، وارتفع خلال العام الماضي بأكثر من 60 في المائة.
من جهته، أكد الرئيس المصري أن زيارته إلى روسيا تعكس عمق العلاقة بين البلدين وشعبيهما، وقال إن التعاون بين البلدين يؤسس لنقلة نوعية في العلاقات، ويشجع الاستثمارات الروسية في مصر. كما أكد أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين روسيا ومصر «تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين روسيا ومصر»، مشيرا إلى أنه اتفق مع الرئيس بوتين على «إعلان 2020 عاما ثقافيا» بين البلدين.
وشارك في المحادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير المالية أنطون سيلانوف، ومساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، بالإضافة إلى وزير الصناعة والتجارة دينيس مانتوروف. أما عن الجانب المصري فقد حضر المباحثات وزير الخارجية سامح شكري، ووزير الطاقة والكهرباء محمد شاكر، ومدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل، ونائب وزير المالية أحمد كجوك.
على صعيد متصل، أعلنت الخدمة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري والتقني عن قرب التوصل إلى اتفاق بين موسكو والقاهرة بشأن إعادة تأهيل حاملتي الهليكوبتر المصريتين من طراز «ميسترال».
وأوضح رئيس الخدمة الروسية دميتري شوجاييف، أنه يتم التفاوض لإمداد حاملتي الطائرات المروحية من طراز Ka - 52 بأحدث معدات الاتصالات، وقال بهذا الخصوص: «نحن نتفاوض، وهذا موضوع جاد، وهو في المرحلة النشطة».
وكان ألكسندر ميخاييف، الرئيس التنفيذي لشركة «روس أوبورون إكسبورت»، قد قال إنه بعد الانتهاء من المشاورات بشأن تصدير معدات لحاملات طائرات الهليكوبتر، ستكون الشركة قادرة على تقديم طائرات هجومية من طراز Ka - 52K لمصر.
وكانت مصر قد وقعت عقدا لشراء حاملتي مروحيات من نوع «ميسترال» في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، كانت فرنسا قد صنعتهما لروسيا، ولم تتم الصفقة وفسخ العقد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».