قصف صاروخي إيراني على مقر حزب كردي معارض... وأربيل تستنكر

16 قتيلاً وعشرات الجرحى بهجوم استهدف مؤتمراً للجنة القيادية في «الحزب الديمقراطي الكردستاني»

عناصر من الحزب الديمقراطي الكردستاني يتفقدون الدمار بمقرهم بعد هجوم صاروخي في كويسنجق أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الحزب الديمقراطي الكردستاني يتفقدون الدمار بمقرهم بعد هجوم صاروخي في كويسنجق أمس (أ.ف.ب)
TT

قصف صاروخي إيراني على مقر حزب كردي معارض... وأربيل تستنكر

عناصر من الحزب الديمقراطي الكردستاني يتفقدون الدمار بمقرهم بعد هجوم صاروخي في كويسنجق أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الحزب الديمقراطي الكردستاني يتفقدون الدمار بمقرهم بعد هجوم صاروخي في كويسنجق أمس (أ.ف.ب)

سقط 16 قتيلاً وعشرات الجرحى، أمس، في قصف تعرضت له المقار القيادية لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» المعارض لإيران، بزعامة مصطفى مولودي، بصواريخ «كاتيوشا» متوسطة المدى، في قضاء كويسنجق التابع لأربيل، وبالقرب من كركوك.
وتناقلت وكالات رسمية، أمس، مقاطع لإطلاق «5 صواريخ أرض - أرض» على إقليم كردستان العراق، من دون أن تحدد نقطة الإطلاق أو طراز الصواريخ.
وبحسب مدير شرطة بلدة كويسنجق، فإن القصف استهدف مقار الحزب الديمقراطي الكردستاني بكلا جناحيه (حدکا وحدك)، التي يبعد بعضها عن بعض مسافة 5 كيلومترات، لكن النصيب الأكبر من القصف كان للحزب الديمقراطي (الجناح الكردستاني) الذي يحتفظ منذ بداية تسعينات القرن الماضي بمقاره القيادية ومساكن قادته ومقاتليه داخل قلعة كبيرة، كانت في السابق ثكنة عسكرية للجيش العراقي في عهد النظام السابق.
ولم يصدر أي تعليق من الحكومة العراقية على تعرض إقليم كردستان للقصف الصاروخي.
وجاء الهجوم غداة إشعال النيران بمقر القنصلية الإيرانية على يد المحتجين في البصرة جنوب العراق.
في الساعات الأولى، قالت مصادر طبية إن مستشفى بلدة كويسنجق استقبل جثث 9 قتلى وأكثر من 40 جريحاً من بينهم أطفال ونساء؛ إصابات 10 منهم خطيرة، قبل أن يرتفع عدد القتلى لاحقا إلى 16 شخصا، وإن من بين الجرحى سكرتير الحزب الديمقراطي الحالي مصطفى مولودي، والسكرتير السابق للحزب خالد عزيزي، وعدداً من أبرز قادته.
وتداولت مواقع وصحف إيرانية صورا تظهر عزيزي يتلقى العلاج في المستشفى.
وتوجهت فرق الإنقاذ إلى مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني للبحث عن ناجين تحت ركام المباني التي دمرها القصف. ومن المرجح أن تزداد حصيلة الخسائر الأولية للضحايا، نظرا لوجود عدد آخر منهم تحت الأنقاض.

وأوضح بلاغ رسمي صدر عن «المكتب السياسي» للحزب الذي يعد الجناح المنشق عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» بزعامة مصطفى هجري، أن طائرة مسيرة من دون طيار حلقت في سماء المنطقة، قبل تعرض الموقع للقصف بنصف ساعة تقريباً، ومن ثم انهالت صواريخ «كاتيوشا»، وقذائف المدفعية الثقيلة على مقر المكتب السياسي داخل القلعة أثناء انعقاد مؤتمر للجنة المركزية للحزب ولمدة 40 دقيقة متواصلة، في إشارة إلى أن الموقع كان تحت الرصد قبل تنفيذ القصف.
واتهم محمد صالح قادري، القيادي ومسؤول دائرة العلاقات في «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني»، ميلشيات «الحشد الشعبي» العراقية، بتقديم الدعم اللوجيستي للقوات الإيرانية، وقال في تصريحات للصحافة الكردية إن الطائرة المسيرة التي حلقت في سماء المنطقة، أقلعت من مدينة كركوك المجاورة، وإن ميليشيات «الحشد» قدمت الدعم للجانب الإيراني لتنفيذ الهجوم. ونقلت عنه «شبكة رووداو» الإعلامية أن «هذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها استهداف مقرات الأحزاب الكردية الإيرانية في كويسنجق، ولن تكون الأخيرة»، مبيناً أن «أغلب الضحايا من النساء والأطفال».
كذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في الحزب طلب عدم كشف هويته أن الصواريخ سقطت على المقر أثناء انعقاد مؤتمر الحزب، متهما «طهران بالوقوف وراء هذا الهجوم».
وقد سبق القصف على بلدة كويسنجق بنحو 4 ساعات قصف مدفعي مكرر لليوم الثاني على منطقة بربزين التابعة لبلدة جومان الحدودية شمال شرقي أربيل، شنته مدفعية «الحرس الثوري» الإيراني، مستهدفاً المقار والثكنات العسكرية لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني»، الذي يخوض حرب عصابات في العمق الإيراني، مع الجيش و«الحرس الثوري».
يذكر أن الجناح الكردستاني للحزب لا يخوض عمليات عسكرية ضد إيران منذ أكثر من ربع قرن.
ويعد «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي تأسس عام 1945 أقدم الأحزاب الكردية المعارضة للحكم المركزي في إيران. وينتشر مقاتلو الجناح العسكري لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» على الشريط الحدودي بين إقليم كردستان العراق وإيران.
وفي 11 أغسطس (آب) الماضي جرى تبادل لإطلاق النار بين قوات «الحرس الإيراني» ومسلحي الحزب الديمقراطي، ما أدى إلى مقتل 20 عنصرا في صفوف الجانبين.
وشهد يونيو (حزيران) الماضي معارك ضارية بين وحدات «البيشمركة» التابعة للحزب، وقوات «الحرس الثوري».
بدورها، قالت حكومة إقليم كردستان في بيان أمس إنها تدين القصف الصاروخي والمدفعي، مجددةً رفضها تحويل أراضي الإقليم إلى ساحة لتصفية الصراعات؛ بحسب ما نقلت «شبكة رووداو» على موقعها العربي.
وقالت رئاسة مجلس وزراء إقليم كردستان إنه «إلى جانب إدانة هذا القصف، نكرر رفضنا لاستخدام أراضي إقليم كردستان للاعتداء على الدول المجاورة، وهذا الأمر غير مقبول بتاتاً ويؤدي إلى زعزعة أمن إقليم كردستان واستقراره، لذا نطالب بعدم تكرار ما حصل، واحترام قوانين إقليم كردستان وعدم تحويل الإقليم إلى ساحة لتصفية الصراعات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.