الفلسطينيون يتجندون لدعم «الأونروا»... ويبحثون التوجه إلى مجلس الأمن

تنديد واسع بقرار أميركا وقف تمويل الوكالة... وإسرائيل ترحّب

تلميذات فلسطينيات قرب جرار تابع لوكالة «الأونروا» في مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
تلميذات فلسطينيات قرب جرار تابع لوكالة «الأونروا» في مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يتجندون لدعم «الأونروا»... ويبحثون التوجه إلى مجلس الأمن

تلميذات فلسطينيات قرب جرار تابع لوكالة «الأونروا» في مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
تلميذات فلسطينيات قرب جرار تابع لوكالة «الأونروا» في مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

ندد الفلسطينيون والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، بشكل واسع، بقرار الإدارة الأميركية وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتعهَّدوا بمواجهته بكل الطرق، فيما رحبت إسرائيل بالقرار الذي يستهدف تفكيك الوكالة الدولية.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية يدرسون التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لمواجهة القرار الأميركي بخصوص وكالة «الأونروا»، وبهدف اتخاذ القرارات الضرورية لمنع «تفجّر الأمور». وأميركا هي أكبر داعم لـ«الأونروا»، وتشكل تبرعاتها ثلث ميزانية الوكالة.
واتهم أبو ردينة الإدارة الأميركية بعد حجبها هذه الأموال بأنها تعزز الإرهاب في المنطقة. وقال إن القرار الأميركي يتطلب من الأمم المتحدة «موقفاً حازماً».
وتعهدت الرئاسة الفلسطينية بإفشال «المؤامرات» وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين حلاً عادلاً ومتفقاً عليه، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وجاء القرار الأميركي بعد أيام قليلة من إعلان السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة نيكي هيلي أن ادراتها تخطط لرفض طلب حق العودة متهمة «الأونروا» بالمبالغة كثيراً في أعداد اللاجئين الفلسطينيين. وقالت هيلي: «سنكون أحد المانحين إذا قامت (الأونروا) بإصلاح ما تفعله. إذا غيّرت بشكل فعلي عدد اللاجئين إلى عدد دقيق سنعيد النظر في شراكتنا لهم».
وتقول «الأونروا» إنها تقدم خدمات لنحو 5 ملايين لاجئ فلسطيني، لكن تقارير أميركية وإسرائيلية تقول إن إدارة دونالد ترمب قد تعترف بـ500 ألف فقط، هم الذين غادروا قراهم الأصلية ويتوقع أنه قد بقي منهم عشرات الآلاف فقط (30 إلى 40 ألفاً) هم الأحياء.
وبررت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت وقف تمويل «الأونروا» بقولها إن «توسع مجتمع المستفيدين أضعافاً مضاعفة وإلى ما لا نهاية لم يعد أمراً قابلاً للاستمرار». وأضافت: «إن نموذج عمل (الأونروا) وممارساتها المالية عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه». وقالت: «راجعت الإدارة المسألة بحرص وخلصت إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم مساهمات إضافية لـ(الأونروا)».
ورفضت «الأونروا» قرار واشنطن وانتقاداتها كذلك. وقال المتحدث باسم «الأونروا» كريس غونيس إن الوكالة «تعرب عن أسفها العميق وخيبة أملها لإعلان الولايات المتحدة أنها ستتوقف عن توفير التمويل للوكالة بعد عقود من الدعم السياسي والمالي الثابت». وأضاف: «نرفض بأشد التعابير الانتقاد الموجه إلى مدارس (الأونروا) ومراكزها الصحية وبرامجها للمساعدة الطارئة بأنها منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه».
ولا تنوي «الأونروا» الاستسلام للقرار الأميركي، وقال الناطق باسمها سامي مشعشع إنها ستواصل بمزيد من التصميم التواصل من أجل حشد الدعم مع الشركاء الحاليين. وأكد أن 20 من الشركاء حتى الآن أسهموا بمزيد من المال مقارنة بعام 2017، بما في ذلك دول الخليج وآسيا وأوروبا ودول أخرى جديدة.
ويخطط الاتحاد الأوروبي لرفع قيمة مساعدات «الأونروا». وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أكد أن ألمانيا ستزيد مساهمتها للوكالة لأن أزمة التمويل تؤجج حالة عدم اليقين، مضيفاً أن «خسارة هذه الوكالة قد تفجر سلسلة من ردود الفعل التي يصعب احتواؤها».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «أسفه» لقرار واشنطن وقف مساعداتها للوكالة. وقال بيان صادر عن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن «(الأونروا) تحظى بثقة الأمين العام الكاملة»، مشيراً إلى أنها «تقدم خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين وتسهم في إحلال الاستقرار في المنطقة»، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعا البيان الدول الأخرى إلى المساعدة في سد العجز المالي الذي تواجهه «الأونروا» حتى تتمكن من الاستمرار في تقديم مساعدتها الحيوية للفلسطينيين.
والقرار الأميركي عزز اتهامات فلسطينية سابقة بوجود خطط لشطب ملف اللاجئين إلى جانب ملف القدس وتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات: «لا يحق للولايات المتحدة تأييد ومباركة سرقة الأراضي الفلسطينية والاستعمار الإسرائيلي غير الشرعي على الأرض الفلسطينية وسرقة القدس وضمها إلى إسرائيل».
أما وزير الخارجية رياض المالكي فقال إن السلطة ستتصدى لهذه «البلطجة» الأميركية، وإن القرار الأميركي «لن يؤدي أبداً إلى تفكيك (الأونروا) وتهميش ملف اللاجئين الفلسطينيين كما يتأمل الرئيس ترمب وإدارته».
وهاجم مسؤولون آخرون وفصائل فلسطينية القرار الأميركي ووصفوه بابتزاز سياسي مرفوض. وقالت حركة «فتح» إن حق العودة «ثابت ومقدس ومحمي بفعل الحق التاريخي، وبفعل القانون الدولي الذي صاغته الأمم المتحدة». أما حركة «حماس» فقالت إن «حق العودة ميراث لا يقبل الشطب».
وكرد أولى شعبي دعت قوى فلسطينية إلى اعتصام أمام «البيت الأميركي» في رام الله الثلاثاء. لكن في إسرائيل رحّب مسؤولون بالقرار الأميركي. وقال مكتب نتنياهو إن القرار إيجابي ولكن إسرائيل ستبحث عن طرق أخرى لتمويل الفلسطينيين. ونقلت القناة العبرية العاشرة عن المسؤولين في مكتب نتنياهو قولهم إنه سيتم البحث في طرق بديلة لدعم المشاريع الإنسانية والحياتية للسكان الفلسطينيين بشكل كافٍ. أما رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد فقال إن «هذه الوكالة تعطي الغطاء للإرهاب. كما أنها مسؤولة عن تضخيم عدد اللاجئين الفلسطينيين من سبعمائة وخمسين ألف لاجئ سُجلوا أصلا في عام 1949 إلى خمسة ملايين وخمسمائة ألف لاجئ زائف»، بحسب زعمه. وتابع: «(الأونروا) منذ وقت طويل فقدت هدفها الذي أقيمت من أجله».



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».