التركمان في كركوك يرفضون انتخابات محلية دون تغيير مفوضيتها

TT

التركمان في كركوك يرفضون انتخابات محلية دون تغيير مفوضيتها

في سابقة من نوعها، وجه أرشد الصالحي، رئيس حزب «الجبهة التركمانية» وثيق الصلة مع تركيا، رسالة إلى القوى الكردية في إقليم كردستان العراق، طالبها فيها بالتحاور مع «الجبهة» من أجل حل قضية كركوك. وقال في رسالته: «إن خطابنا إلى الإخوة الكرد هو دعوتهم إلى التحاور مع التركمان لحسم قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها، باعتبار ذلك الخيار الأمثل لتحقيق العدالة بالنسبة لجميع المكونات، لأننا الطرف المعني بالأمر، أما اللجوء إلى الأطراف الأخرى فلن يجدي نفعاً».
من ناحية ثانية، طالبت «الجبهة التركمانية» بإعادة النظر في هيكلية مكتب كركوك التابع للمفوضية العليا للانتخابات في العراق، قبل المباشرة بترتيبات إجراء انتخابات مجالس المحافظات المقررة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال محمد سمعان، القيادي ومسؤول فرع الحزب في كركوك، إن الجبهة التركمانية «لن تسمح بإجراء انتخابات الحكومة المحلية في محافظة كركوك، ما لم تتم إعادة هيكلة مكتب مفوضية الانتخابات في المحافظة، لا سيما أن اللجنة العليا التي شكلها رئيس الحكومة العراقية للتحقيق في عمليات التزوير الهائلة التي تخللت الانتخابات التشريعية الأخيرة، أمرت بإقالة مدير مكتب المفوضية وعدد من مفوضيه وإحالتهم إلى التحقيق من قبل هيئة النزاهة، في حين جاءت نتائج العد والفرز اليدوي لأصوات الناخبين مطابقة تماماً للنتائج الإلكترونية التي اعترض عليها التركمان والعرب، وفي هذا الأمر تناقض واضح، لذلك فإن الجبهة التركمانية لن تسمح بتكرار ذلك السيناريو مرة أخرى».
وتابع المسؤول التركماني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «تأخر تشكيل الحكومة العراقية المنتخبة يعني بطبيعة الحال أن المفوضية العليا لن يكون لديها متسع من الوقت لترتيب انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المقرر والمعلن رسمياً، وبالتالي ينبغي لها أن تعود إلى البرلمان لتحديد موعد جديد لتلك الانتخابات، وعندها سوف نجمع الأصوات مع بقية الكتل النيابية المتوافقة معنا، بغية منع إجرائها أو تأجيلها إلى أن تتم إعادة هيكلة مكتب المفوضية، ووضع الآلية المناسبة لها من قبيل العد والفرز اليدوي للأصوات... وغيرها».
وشدد سمعان على أن المكونين التركماني والعربي في كركوك «مستاءان تماماً مما حدث في الانتخابات النيابية، لذلك لن يشاركا في انتخابات مجالس المحافظات دون تحقيق المطالب المذكورة آنفاً، حتى لو شاركت فيها المكونات الأخرى، وبالتالي ستكون نسبة المشاركة أقل من 20 في المائة، وعندها لن تصادق المحكمة الاتحادية على نتائجها ولن تحظى بثقة الرأي العام الدولي». وأردف سمعان: «نخشى أن يمارس المكون الكردي التزوير مجدداً ويستولي على 6 مقاعد في مجلس المحافظة وينفرد بقرار المحافظة، وبالتالي العودة إلى مربع الأول وتكرار ما حدث مثل عملية الاستفتاء على إقليم كردستان وبيع نفط كركوك دون إرادة السلطة الاتحادية، لا سيما أننا لا نعرف حتى الآن مصير مليارات الدولارات من عائدات نفط كركوك خلال السنوات الماضية، أما إذا فرضت الانتخابات علينا عنوة، فسنقاطعها ونلجأ إلى المحكمة الدولية».
في المقابل، أكد النائب عن محافظة كركوك في البرلمان العراقي والفائز في الانتخابات الأخيرة عن كتلة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، ريبوار طه، أن موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات حدد بقانون وتشريع من البرلمان العراقي، وأنه يتوجب على جميع الأطراف الالتزام به. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من السابق لأوانه جداً الحديث عن تأجيل أو تعديل أو إلغاء قانون انتخابات مجالس المحافظات أو حتى إجرائها في الموعد المعلن، فالمشهد والمعادلات السياسية الجديدة قد تتغير عما كان عليه الوضع سابقاً».
وفي رده على اتهامات «الجبهة التركمانية» للقوى الكردية، وتحديداً حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، قال النائب طه: «(الاتحاد الوطني) خاض الانتخابات النيابية الأخيرة في أحلك الظروف وأكثرها تعقيداً، حيث لم يكن يمسك بالملفين الإداري والأمني والعسكري في المحافظة، ومع ذلك حصد 6 مقاعد نيابية، أثبت من خلالها للرأي العام المحلي والعالمي أن المكون الكردي له وجود واسع وعميق في كركوك، وبذلك فند كل المزاعم التي اتهمت الكرد بممارسة التزوير في الانتخابات السابقة، وقد أثبتت عمليات العد والفرز اليدوي صحة وسلامة موقفنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».