مقتدى الصدر يلوح بخيار «المعارضة البناءة»... ويحذر من «الدولة العميقة»

إذا أخفقت القوى السياسية في تلبية شروطه لتشكيل الحكومة

خلال الاحتجاجات في البصرة (أ.ف.ب)
خلال الاحتجاجات في البصرة (أ.ف.ب)
TT

مقتدى الصدر يلوح بخيار «المعارضة البناءة»... ويحذر من «الدولة العميقة»

خلال الاحتجاجات في البصرة (أ.ف.ب)
خلال الاحتجاجات في البصرة (أ.ف.ب)

لوّح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، باعتماد خيار «المعارضة السياسية الشعبية البناءة»، في حال لم تحدد القوى السياسية سقفاً لتحقيق الشروط التي وضعها لعملية تشكيل الحكومة وطريقة اختيار الشخص المؤهل لشغل منصب رئيس الوزراء.
وكان الصدر وضع نهاية يوليو (تموز) الماضي نحو 30 شرطاً لتشكيل الحكومة، و40 لاختيار رئيس لها، من بينها الابتعاد عن المحاصصة، وعدم تسلم المسؤولين السابقين مناصب جديدة، وإقصاء مزدوجي الجنسية، كما اشترط أن يكون رئيس الحكومة من خارج مجلس النواب، ويجيد أكثر من لغة، ولا يخضع لضغوط خارجية، وأن يكون حسن السيرة وغير فاسد، ويعمل على إنهاء التدخلات الحزبية في الحكومة ومؤسساتها.
ويبدو البيان الذي أصدره الصدر أمس، متأثرا بظروف الاحتجاجات الشعبية التي تتواصل في البلاد منذ 4 أسابيع؛ إذ قال في مطلع البيان: «أرى أن هناك خطوات خجولة لتحقيق مطالب المتظاهرين، بما لا ينفع كثيراً وما هو إلا النزر القليل». وذلك يعني أن الصدر الذي أعلن في أكثر من مناسبة عن دعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يعد قادرا على مواصلة هذه الدعم، وبالتالي عدم قبوله بتسلمه منصب رئاسة الوزراء لمرة ثانية، رغم الخطوات والإجراءات الكثيرة التي أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي في اتجاه تحقيق مطالب المحتجين.
وعدّ الصدر أن سعي بعض الأطراف إلى تسييس الاحتجاجات الشعبية يهدف إلى «تجذير الدولة العميقة بهدف هيمنة الفاسدين وعودتهم إلى السلطة مرة أخرى». ودعا الكتل السياسية التي «ما زالت تحب الوطن للالتحاق بكتلة المعارضة وتحت مسمى (كتلة الإنقاذ الوطني)» في حال لم تأخذ الكتل السياسية شروطه في الاعتبار. وخلص الصدر إلى أنه سيعطي «سقفا زمنيا محددا لتحقيق الأربعين شرطاً، وإلا فالمعارضة قرارنا».
وفي حين أعلنت كتلة «سائرون» الفائزة بأكبر عدد من المقاعد النيابية برصيد 54 مقعداً في الانتخابات العامة التي جرت في مايو (أيار) الماضي، والمدعومة من الصدر، تأييدها لبيانه، أعلن عضو في تحالف «الفتح» الحشدي عدم ممانعة ائتلافه في الذهاب إلى خانة المعارضة.
وفي ما يبدو تعليقا على بيان الصدر، قال عضو «الفتح» عامر الفايز في تصريحات صحافية، إن «عدم اتفاق الكتل السياسية على التحالفات ووجود الضبابية في الأجواء السياسية، يجعلان كل شيء متوقعاً؛ سواء الذهاب مع الكتلة التي تشكل الحكومة، أو التوجه نحو المعارضة». وخلطت الأوراق السياسية في العراق الاحتجاجات الشعبية المتواصلة وقبلها موجة التشكيك في نتائج الانتخابات العامة وإعادة عمليات العد اليدوي للصناديق الانتخابية المطعون بها، وكان يفترض، بحسب التوقيتات الانتخابية، أن ينتهي عمر البرلمان نهاية يونيو (حزيران) الماضي ليحل محله البرلمان المنتخب الجديد، لكن الطعون بنتائج الانتخابات أبقت الأمور معلقة بانتظار إعلان النتائج النهائية الجديدة بعد اكتمال عمليات الفرز اليدوي من قبل مفوضية الانتخابات. ويتوقع كثير من المراقبين تأخر تشكيل الحكومة الجديدة إلى مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.