إردوغان: تركيا لن تقبل لغة التهديد من «العقلية الإنجيلية الصهيونية» في أميركا

جاويش أوغلو وبومبيو تباحثا هاتفياً للمرة الثالثة حول قضية القس برانسون

الرئيس الأميركي مع نظيره التركي خلال قمة «الناتو» الأخيرة في بروكسل (رويترز)
الرئيس الأميركي مع نظيره التركي خلال قمة «الناتو» الأخيرة في بروكسل (رويترز)
TT

إردوغان: تركيا لن تقبل لغة التهديد من «العقلية الإنجيلية الصهيونية» في أميركا

الرئيس الأميركي مع نظيره التركي خلال قمة «الناتو» الأخيرة في بروكسل (رويترز)
الرئيس الأميركي مع نظيره التركي خلال قمة «الناتو» الأخيرة في بروكسل (رويترز)

جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رفضه التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على بلاده، حال عدم إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برانسون، المحتجز في تركيا منذ نحو عامين، بتهم تتعلق بدعم الإرهاب والتجسس السياسي والعسكري، والذي وضع الأسبوع الماضي قيد الإقامة الجبرية بمنزله في إزمير غرب تركيا.
في الوقت ذاته تباحث وزيرا خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، والولايات المتحدة مايك بومبيو، هاتفيا، للمرة الثالثة حول قضية القس الأميركي.
وقال إردوغان، في تصريحات للصحافيين، أمس (الأربعاء)، إنه من غير الممكن قبول لغة التهديد التي تستخدمها ما وصفه بـ«العقلية الإنجيلية الصهيونية في الولايات المتحدة» لافتاً في الوقت نفسه إلى أن تركيا لا تعاني مشكلات مع الأقليات الدينية. وأضاف الرئيس التركي: «سنواصل المضي قدما في السبيل الذي نؤمن به، دون أدنى تنازل عن حريتنا واستقلالنا واستقلالية قضائنا».
والخميس الماضي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في تغريدة عبر «تويتر»، إن «الولايات المتحدة ستبدأ بفرض عقوبات كبيرة ضد تركيا، بسبب خضوع القس الأميركي للمحاكمة فيها بتهم التجسس ودعم الإرهاب». وأضاف أن العقوبات تأتي «بسبب الاحتجاز الطويل لمسيحي عظيم ووالد عائلة، والإنسان الرائع القس أندرو برانسون... ينبغي إطلاق سراح هذا الرجل المؤمن فورا».
ورفض القضاء التركي أول من أمس التماسا تقدم به محامي القس الأميركي، لرفع الإقامة الجبرية عنه، والتي فرضت الأربعاء قبل الماضي، والسماح له بمغادرة البلاد.
واعتقل برانسون في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2016، بتهمة ارتكاب جرائم باسم حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا منذ عام 1999، والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) من العام نفسه، إضافة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور.
وتضمنت لائحة الاتهام ضد برانسون، ارتكاب جرائم باسم «منظمتين إرهابيتين» تحت غطاء رجل دين، وتعاونه معهما رغم علمه المسبق بأهدافهما، وكذلك القيام بأعمال تجسس سياسي وعسكري، وهي تهم تصل عقوبتها إلى 35 عاما حال إدانته.
وبشأن عقوبات أميركية محتملة تشمل مقاتلات «إف - 35»، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، أن الضغط على تركيا عبر تحويل لغة العقوبات لتهديد لن يعود بالفائدة على أحد، وأن تركيا لن تتخلى أبدا عن موقفها المبدئي. ولفت إلى أن «الذين طرحوا في الكونغرس ملف عدم تسليم طائرات (إف - 35) إلى تركيا، عليهم أن يعلموا أن مشروع تصنيع طائرة (إف – 35) هو مشروع دولي متعدد الشركاء، وأن تركيا أحد الشركاء في تصنيع الطائرة، ودفعت نحو 900 مليون دولار في إطاره المشروع، وتسلمت الطائرة الأولى، ومرحلة تدريب الطيارين مستمرة في الولايات المتحدة». وأكد أنه «في حال اتخاذ أي خطوة باتجاه منع أو تأخير تسليم الطائرة إلى تركيا، فأول طريق ستسلكه تركيا هو القانون والتحكيم الدولي». وأضاف: «ينبغي على الجميع معرفة أن تركيا ليست دولة يتم التضحية بها بسهولة، سواء في مسألة مقاتلات (إف – 35) أو بمواضيع أخرى، فتركيا ليست من دون بدائل».
وسط هذا التوتر، بين أنقرة وواشنطن بشأن القس برانسون، أجرى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ونظيره الأميركي مايك بومبيو اتصالا أمس. ويعد هذا الاتصال هو الثالث من نوعه حول موضوع اعتقال القس، منذ أن هدد الرئيس ترمب ونائب الرئيس بفرض عقوبات على تركيا إذا لم يتم إطلاق سراح برانسون.
في السياق ذاته، قال خبراء أميركيون إن الخلاف الدبلوماسي الحالي بين الولايات المتحدة وتركيا حول قضية القس، قد يؤدي إلى تفاقم العلاقات المتوترة بالفعل بينهما، مشيرين إلى أن مغادرة تركيا لحلف الناتو قد تصبح مسألة وقت.
وقال واين وايت، النائب السابق لمكتب دراسات الشرق الأدنى وجنوب آسيا، التابع لديوان الاستخبارات والبحوث بوزارة الخارجية الأميركية، إنه إلى جانب حالة برانسون، هناك بالفعل كثير من القضايا بين البلدين التي تعرقل تحقيق تقارب سريع.
ووصلت العلاقات المتوترة بين أنقرة وواشنطن إلى نقطة انعطاف، مع تشكيك الولايات المتحدة فيما إذا كانت تركيا لا تزال حليفا موثوقا به. وفي المقابل ترى تركيا أن واشنطن أخفقت في أخذ تحدياتها الأمنية في سوريا أو فهم صدمة محاولة الانقلاب.
وفيما يتعلق برد واشنطن المستقبلي على احتجاز برانسون، لفت ديفيد بولوك الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إلى أن العقوبات مطروحة «بالطبع على الطاولة»، ويرجع ذلك بشكل خاص إلى أن ترمب حذر منها علنا، والكونغرس مهتم جدا بمتابعة هذا الأمر.
لكن بولوك أكد رغم ذلك، أن الخلاف الحالي لن يصيب الشراكة الأميركية التركية بالشلل، مضيفا أنه فيما يتعلق بقضايا تتدرج من سوريا وصولا إلى شراء الأسلحة، فإن البلدين ما زالا يحاولان الحفاظ على الشراكة، وإيجاد أرضية مشتركة. لكن خبراء آخرين يتوقعون أن تعمل العقوبات على إبعاد تركيا بصورة أكبر عن الغرب.
وأشار وايت إلى أن «العقوبات من غير المرجح أن تؤدي إلى الإفراج عن برانسون؛ لكنها قد تدفع تركيا بشكل متزايد إلى السير في طريقها الخاص كما هدد إردوغان».
وتابع: «في الواقع، إذا أصبح تسليم المقاتلات (إف – 35) أقل احتمالا، فقد يميل إردوغان إلى التقارب مع موسكو للتوصل إلى اتفاق، يضمن معه الحصول بدلا من ذلك على مقاتلات روسية، كما ستواصل تركيا الوقوف إلى جانب روسيا وإيران، وكلاهما يخضع لعقوبات أميركية»، مشيرا إلى أنها «قد تكون مسألة وقت فقط قبل أن تفترق الولايات المتحدة وحلف (الناتو) وتركيا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».