«حماس» تتجه إلى وقف الطائرات الورقية تفادياً لحرب جديدة

تسعى إلى تحقيق إنجازات مقابلة تشمل فتح المعابر وتخفيف الحصار

جندي إسرائيلي يحاول إطفاء نيران اشتعلت في حقل قرب كيبوتس «ناحل عوز» القريب من حدود غزة (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يحاول إطفاء نيران اشتعلت في حقل قرب كيبوتس «ناحل عوز» القريب من حدود غزة (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تتجه إلى وقف الطائرات الورقية تفادياً لحرب جديدة

جندي إسرائيلي يحاول إطفاء نيران اشتعلت في حقل قرب كيبوتس «ناحل عوز» القريب من حدود غزة (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يحاول إطفاء نيران اشتعلت في حقل قرب كيبوتس «ناحل عوز» القريب من حدود غزة (أ.ف.ب)

تتجه حركة حماس إلى وقف إطلاق الطائرات والبالونات الورقية الحارقة، من قطاع غزة تجاه بلدات إسرائيلية قريبة، وذلك بهدف تجنيب القطاع حربا محتملة ومزيدا من الإجراءات الإسرائيلية الخانقة، لكنها بحسب تقارير مختلفة، تجد حرجا في كيفية تنفيذ ذلك، باعتباره سيتحول إلى استجابة لمطلب إسرائيلي، وسيكون ضد رغبة المتظاهرين قرب الحدود.
وقد أكدت تقارير فلسطينية وإسرائيلية ما نشرته «الشرق الأوسط»، حول قرار حمساوي بوقف تدريجي لهذه الطائرات، لكن الوحدة المسماة «وحدة الطائرات الحارقة» نفت ذلك، وقالت: إنها لم ولا تتلقى تعليمات من أي جهات أو تنظيمات.
وقالت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، إنه وسط ضغوط من مصر وخوف من حملة عسكرية إسرائيلية في القطاع، أمرت حركة حماس مقاتليها على الأرض، بالتوقف عن إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة.
ويأتي قرار «حماس» الجديد، تحت وطأة ضغوط كبيرة مارستها القاهرة وأطراف دولية على الحركة، مفادها أن عدم وقف الطائرات الورقية الحارقة سيعني جولة لحرب جديدة، قد تتسبب في احتلال القطاع.
وأمهلت إسرائيل حماس أياما لوقف الطائرات الحارقة. وفي الوقت عينه، أطلقت مناورات تحاكي احتلال قطاع غزة، وشددت الحصار الإسرائيلي عليه، كجزء من الضغط المتزايد على الحركة، فأغلقت معبر كرم أبو سالم بشكل تام، وقلصت مساحة الصيد إلى 3 أميال، وأوقفت إمداد غزة بالوقود حتى يوم الأحد المقبل.
وتضاف التقييدات الجديدة إلى التقييدات التي فرضتها إسرائيل في الأسبوع الماضي، عندما أوقفت صادرات المنتجات من غزة، ودخول معظم المنتجات إلى القطاع.
وقالت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي إن القيادة السياسية في إسرائيل، أبلغت القيادة العسكرية بالإعداد لحملة عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة، في حال لم تتوقف عمليات إطلاق البالونات الحارقة باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
ووفق تقديرات، فإن إسرائيل حددت يوم غد (الجمعة)، كحد أقصى لوقف إطلاق البالونات الحارقة باتجاه إسرائيل، وإلا فإنها ستضطر إلى شن حملة عسكرية واسعة.
وأضافت القناة: «أن إسرائيل نقلت رسائل كثيرة إلى حركة حماس، من خلال الاستخبارات المصرية حول ذلك، وردّت حماس برسالة أخرى عبر الاستخبارات المصرية».
لكن «حماس»، وفقا للقناة العاشرة تريد وقف إطلاق البالونات الحارقة، بعد أن تحقق إنجازا ما فقط. وجاء في التقرير: «إن حماس تريد مقابل ذلك، استمرار فتح معبر رفح البري بين غزة ومصر، وأيضا الحصول على تسهيلات للوضع الإنساني في القطاع».
وساهمت الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد غزة، في فقد «حماس» مزيدا من الدخل المالي.
وقالت تقارير إسرائيلية، إن مشكلة أخرى، غير متوقعة، ظهرت أمام حماس، «إذ أبلغتها قيادة الخارج، بأنها لن تكون قادرة على الاستمرار في تمويل حملة (مسيرة العودة)، التي يقدر أنها كلفت ملايين الدولارات، بالإضافة إلى تنظيم الاحتجاجات المكلف، الذي يشمل الأموال التي تقدمها حماس لأسر القتلى وآلاف الجرحى في الاشتباكات على الحدود».
ويبدو أن كل هذه التفاصيل أجبرت «حماس» على اتخاذ قرار، في اجتماع عقد في غزة، بوقف الطائرات، لسحب البساط من تحت أقدام إسرائيل، وكذلك من أجل التفرغ لإتمام المصالحة الفلسطينية.
وفي الوقت الذي قررت فيه حماس التجاوب مع الضغوط، منعاً لجر القطاع إلى أتون حرب جديدة، أعلنت «وحدة الطائرات الورقية» المسماة «وحدة الزواري»، نسبة إلى خبير الطائرات التونسي محمد الزواري، الذي اغتيل في تونس عام 2016، وكان عضوا في حماس، أنهم سيستمرون في إرسال الطائرات الحارقة.
وأكدت «وحدة الطائرات الورقية والبالونات الحارقة» في بيان: «أن العلاقة بين زيادة الحصار وكمية الحرائق هي علاقة طردية، فكلما زاد الحصار زادت كمية الحرائق واتسعت بقعة الزيت لتصل مسافات أبعد وأبعد».
ونفى البيان أن تكون حركة حماس قررت أن توقف وحدة البالونات الخارقة عن العمل، أو أنها ستخفف هذه الظاهرة في مدة أقصاها 72 ساعة.
وقالت الوحدات في بيان: «نعلن للعالم أجمع أن هذه الأخبار عارية عن الصحة تماما، ولم تقم حماس بنشر قواتها على الحدود لمنع مطلقي البالونات من العمل».
وأضافت: «خرجت وحداتنا منذ الصباح لتسير بالوناتها باتجاه أراضينا المحتلة، لنثبت للجميع أننا لا نتلقى أوامر من أحد وأن مقاومتنا السلمية مستمرة حتى نيل مطالبنا وفك الحصار».
وأكدت الوحدات أن الفصائل في غزة، لن تقف حائلا بينها وبين المقاومة السلمية.
وأمس فقط، تسببت هذه الطائرات باشتعال 13 حريقا في محيط قطاع غزة، وقبل يوم واحد فقط سقط بالون في روضة أطفال، لكن من دون إصابات.
وعلى الرغم من الاستمرار في إطلاق الطائرات الحارقة، فثمة قناعة في إسرائيل بأنها ستتوقف خلال أيام.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.