استنفدت الميليشيات الحوثية في الأيام الأخيرة كافة أدوات البطش والاستقطاب، لإرهاب المناهضين من جهة، ولتحشيد المجندين من صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها من جهة أخرى، وذلك في سياق سعيها لمجابهة هزيمتها الوشيكة في الساحل الغربي، حيث تتأهب القوات اليمنية المشتركة المسنودة بتحالف دعم الشرعية، لحسم المعركة وتحرير مدينة الحديدة ومينائها الحيوي.
وتوعدت الميليشيات، في هذا السياق، بتعقب الإعلاميين والناشطين المناهضين لها في مناطق سيطرتها والتنكيل بهم، فيما كثفت من حملات الاعتقال والاختطاف بحق المواطنين في صنعاء والحديدة والمحويت وحجة وتعز وإب، بالتزامن مع استمرارها في أعمال التحشيد في أوساط القبائل، وقيامها بتوظيف الأموال لاستقطاب المجندين، وتسخير منابر المساجد، ومضاعفة أعمال الجباية وفرض الإتاوات على التجار.
كما صعدت الجماعة الحوثية، في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، وعلى نحو مكشوف، من استثمار ورقة المعونات الإنسانية، تحت عناوين طائفية، في سياق مساعيها لاستقطاب مجندين جدد للقتال في صفوفها، إلى جانب سعيها المتأخر من أجل تحسين صورتها في أوساط السكان، من خلال استدرار عواطفهم، بما توزعه عليهم من وجبات طعام، وسلال غذائية.
وأفادت مصادر قبلية وحزبية، لـ«الشرق الأوسط»، بأن عناصر الميليشيات استمروا في تنفيذ حملات مكثفة في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للجماعة لاعتقال المواطنين الذين يرفضون الخضوع للجماعة، والناشطين الموالين لحزب «المؤتمر الشعبي» والعسكريين الذين تعتقد الجماعة أنهم يمارسون أدواراً عدائية ضدها بالتنسيق مع قوات الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
وذكرت المصادر، أن حملات الاعتقال والاختطاف الحوثية شملت خلال يومين عشرات الأشخاص، ممن وجهت لهم الجماعة تهم التخابر مع الشرعية وقوات التحالف، وممن زعمت أنهم كانوا يخططون للالتحاق بمعسكرات الشرعية في مأرب وعدن والساحل الغربي.
وقالت مصادر في حزبـ«المؤتمر الشعبي»، إن عناصر الميليشيات الحوثية الذين يسيطرون على كافة أجهزة الأمن والاستخبارات في مناطق سيطرتهم، اعتقلوا في صنعاء القيادي في الحزب وعضو لجنته الدائمة، محمد أبو عسكر، والذي يشغل منصب مدير مكتب الشباب والرياضة في مديرية شعوب، بعد أن اتهموه بتنظيم مسابقة رياضية دون التنسيق معهم.
وجاء اعتقال القيادي المحلي في حزب «المؤتمر» بعد أيام من اعتقال قياديين آخرين، تم اختطافهما من قبل الميليشيات إثر خروجهما من صالة للعزاء في حي «حدة» وسط العاصمة، وهما رئيس الدائرة الفنية للحزب خالد أبو عيدة، ونائب رئيس فرع الحزب في مديرية شعوب، عامر رفيق، ووسط أنباء بتوجيه اتهامات إليهما بإجراء اتصالات مع قيادات في الحزب في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وبحسب ما أفادت مصادر قبلية في مديرية نهم (شمال شرقي صنعاء) أقدم مسلحو الجماعة في قرية الحول، على تفجير منزل مواطن يدعى مسعد جحيش، على خلفية اتهامه بالتعاون مع قوات جيش الشرعية. وقالت المصادر، إن منزل جحيش هو سابع منزل تفجره الميليشيات في القرية نفسها.
وبحسب ما يقوله مراقبون، تسعى الميليشيات عبر العنف المفرط وأساليب التنكيل وتفجير المنازل واختطاف الناشطين، إلى ترهيب السكان الخاضعين في مناطقها، ودفعهم إلى تجنب القيام بأي محاولات مناهضة تواكب الضغط العسكري والخسائر الميدانية التي تتكبدها الجماعة في جبهات الساحل الغربي وصعدة.
إلى ذلك، اعترفت الميليشيات الحوثية، يوم الجمعة، بحسب ما أوردته وسائل إعلام الجماعة، بأنها ألقت القبض على عدد من المواطنين، في الحديدة والمحويت وحجة، زاعمة أنهم متورطون في أعمال لصالح قوات الشرعية والتحالف الداعم لها. وذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، أن عناصر أمن الميليشيات، أوقفوا ثلاثة مواطنين في مديرية الطويلة بالمحويت، زعمت أنهم كانوا يعملون «على نشر الشائعات الكاذبة والترويج لها، والتحريض ضد النظام والقانون بهدف التخريب والإضرار بأمن وسكنية المجتمع».
وفي الوقت الذي تتصاعد مخاوف الميليشيات من اختراق صفوفها ومن احتمال اندلاع انتفاضات شعبية ضدها بالتزامن مع انكساراتها العسكرية والانحسار المتسارع للجغرافيا التي تسيطر عليها، زعمت الجماعة في بيان رسمي على لسان مصدر أمني وجود نشاط استخباراتي وإعلامي مكثف ضدها لاستهداف جبهتها الداخلية من قبل تحالف دعم الشرعية.
وحضت الجماعة الحوثية أتباعها الطائفيين على التعاون مع أجهزتها الأمنية للإبلاغ عمن يعرفونهم من الناشطين والإعلاميين المعارضين لها، والذين زعمت أنهم باتوا يمارسون أدواراً دعائية تسعى إلى النيل من الروح المعنوية لدى عناصر ميليشياتها المنخرطين في جبهات القتال. وتوعدت الجماعة بأنها لن تتهاون مع مروجي الشائعات والمشاركين في الحملات الإعلامية، ضدها، وبأنها ستنكل بكل الناشطين والصحافيين المناهضين لها «سواء بالقول أو الفعل أو بأي شكل من الأشكال». على حد ما جاء في وعيدها.
وفي السياق نفسه، اعترفت الجماعة بأنها اعتقلت مواطناً، في منطقة عاهم في محافظة حجة (شمال غرب)، واتهمته بأنه من أخطر المناهضين لها، لجهة قيامه برصد تحركات ميليشياتها وتقديم معلومات لقوات الشرعية وللتحالف الداعم لها، كما اعترفت بأن أجهزتها الأمنية بمدينة الحديدة، اعتقلت أربعة مواطنين، زاعمة أنهم يشكلون خلية للرصد وتقديم الإحداثيات لقوات الجيش والتحالف الداعم للشرعية.
وأكدت مصادر محلية وحزبية في محافظات ريمة والمحويت وإب وذمار، بأن الميليشيات الحوثية أطلقت يدها في الأيام الأخيرة عبر قيامها بحملات اختطاف وأعمال قمع وابتزاز بحق المئات من المدنيين، وذلك على وقع مخاوفها المتصاعدة من تفجر انتفاضات غاضبة ضدها، بالتزامن مع اشتداد الضغط الميداني عليها في الساحل الغربي.
وذكرت المصادر، أن القادة المحليين للميليشيات الحوثية، في إب وريمة وعمران والمحويت، استمروا في أعمال التحشيد في أوساط القبائل، وأرغموا عناصر حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لهم على المشاركة في حض أتباعهم على الانخراط في صفوف الجماعة وعلى حضور الأمسيات والفعاليات الليلية التي ينظمها قادة الميليشيات من أجل هذا الغرض.
إلى ذلك، أفادت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة على ما يدور في أروقة حكم الجماعة في صنعاء، بأن رئيس مجلس حكم الميليشيات مهدي المشاط، استشاط غضباً من تدني الاستجابة للحشد في أوساط قبائل طوق صنعاء؛ وهو ما جعله، بحسب المصادر، يستدعي محافظ الجماعة في صنعاء (أرياف العاصمة) حنين قطينة، ليناقش معه أسباب هذا الإخفاق.
وفي حين ذكرت المصادر، أن المشاط أمر قطينة بتسخير موارد محافظة صنعاء لإغراء القبائل والقاصرين والعاطلين عن العمل بالمال، أفادت المصادر الرسمية للجماعة، بأن الأخير شرع على الفور في تنفيذ التوجيهات؛ إذ عقد اجتماعاً مع معاونيه، وقرر توزيع 40 مليون ريال (الدولار يساوي 483 ريالاً) في شكل عاجل على العشرات ممن نجحت الجماعة في تحشيدهم باتجاه الحديدة، مع تخصيص جزء من المبلغ لصالح أسر القتلى الذين وصلتهم جثثهم، الجمعة الماضي، إلى مستشفيات صنعاء.
وعلى صعيد قيام الجماعة باستثمار ورقة المعونات الإنسانية على أساس طائفي، وتسخيرها من أجل التحشيد، أفاد السكان في صنعاء، بأن عناصر الجماعة، وزعوا عشرات الآلاف من السلال الغذائية على أتباعهم، من خلال الجمعيات المحلية التي كانت أنشأتها الجماعة للاستحواذ على الدعم الإنساني الدولي.
وعوضاً عن أن تصل المساعدات الإنسانية المقدمة من قبل المجتمع الدولي، إلى عموم الفئات المستحقة من سكان صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للجماعة، أكدت المصادر أن عملية توزيع المعونات اقتصرت فقط على الأسر المحسوبة طائفياً وسلالياً على الجماعة الحوثية.
وبحسب المصادر، خصصت الميليشيات، جزءاً من المعونات الغذائية، لتوزيعها في أوساط مسلحيها وعناصرها القبليين في عمران، مع التركيز على توزيع نسبة أكبر على السكان في حجة والحديدة، من أجل استرضائهم واستقطاب أبناء الأسر الفقيرة للقتال معها.
وتتولى نحو 6 جمعيات محلية أنشأتها الجماعة الحوثية توزيع أغلب المساعدات الإنسانية، تحت عناوين طائفية؛ إذ تأتي الحملات، تحت شعارات تمجد الجماعة وقادتها وعناصرها القتلى؛ وهو ما يجعل الكثير من السكان يعتقدون أن هذه المساعدات جاءت تكرماً من قبل الميليشيات، وليست من قبل المنظمات الدولية العاملة في اليمن.
الحوثي يجابه هزيمته الوشيكة في الحديدة بتصعيد حملات البطش
اعتقالات واستقطابات في أوساط المواطنين وتحشيد وتوزيع أموال... ووعيد بتعقب الإعلاميين
الحوثي يجابه هزيمته الوشيكة في الحديدة بتصعيد حملات البطش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة