أكد قحطان الجبوري، الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون» الذي يرعاه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أنه «رغم كثافة اللقاءات الحالية بين القادة السياسيين في البلاد حالياً فإنها لا تكاد تخرج عن كونها لقاءات بروتوكولية لأغراض جس النبض»، بينما حذّر حسين درويش العادلي، الناطق الرسمي باسم ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي، من عودة الاصطفافات الطائفية مما يعني العودة إلى المربع الأول.
وقال الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «تحالف (سائرون) ليست لديه خطوط حمراء على صعيد التحالفات مع أي جهة سياسية في البلاد شريطة الالتزام بالبرنامج الذي نؤمن به والذي طرحناه منذ البداية وخضنا الانتخابات على أساسه وأصبحنا التحالف الفائز بالمرتبة الأولى». ويضيف أن «البرنامج بالنسبة إلينا هو الأساس لأن ما يهمنا وعلى أساسه كسبنا ثقة المواطن هي كيفية بناء الدولة وتقديم الخدمات، وبالتالي فإننا منفتحون على من يؤمن بهذا المشروع وهو ما عبّر عنه بوضوح السيد مقتدى الصدر في سلسلة تغريدات مؤخراً». وحول ما إذا كان تحالف «سائرون» يصر على مرشح معين على رئاسة الوزراء، يقول الجبوري «إننا لسنا بصدد الحديث حالياً عن مرشح معين لرئاسة الوزراء ولسنا بصدد التركيز على هذه المسألة وهو ما يجعلنا نقطة جذب من قبل الجميع انطلاقاً مما نؤمن به من مشروع عابر بالفعل للطائفية والعرقية»، مبيناً أن «اللقاءات الجارية حالياً بين القادة السياسيين لا تكاد تخرج عن كونها عملية جس نبض وبالتالي يغلب عليها البعد البروتوكولي أكثر من البحث في التفاصيل».
على صعيد متصل ورغم أن العبادي لا يزال هو الاسم الأكثر تداولاً على صعيد إعادة تكليفه لولاية ثانية فإن المتحدث باسم ائتلاف «النصر» حسين العادلي، حذر مما سمّاه العودة إلى الاصطفافات الطائفية. العادلي في بيان له، قال «هناك من بين الساسة من يحاولون إعادة بناء الجبهات الطائفية كأساس لبناء تحالفات وجبهات سياسية تتقاسم السلطة لتعيد العراق لمربع محاصصة المكونات للدولة». وطالب العادلي «الشعب والقوى الوطنية بالوقوف ضد أي محاولة تعيد إنتاج دولة المكونات على حساب دولة المواطنة والمؤسسات».
في مقابل الحراك الشيعي بشأن الكتلة الأكبر الذي لم يتبلور بعد، فإن الحراكين السني والكردي بدآ يأخذان شكلاً آخر يتمثل بالعودة إلى وحدة المواقف بين الشركاء المختلفين داخل البيتين السني والكردي. وكردياً فإن وفداً رفيع المستوى من الحزب الديمقراطي الكردستاني بدأ، أمس، مباحثات في بغداد تهدف إلى تلبية مطالب الكرد التي لا تتعدى -مثلما يعلن المسؤولون الكرد- الالتزام بالدستور وحسم موقع رئاسة الجمهورية بوصفه استحقاقاً كردياً مقابل بقاء منصب رئاسة البرلمان من حصة العرب السنة.
وأكد الصدر خلال لقائه الوفد الكردي «ضرورة» أن تعالج الحكومة الجديدة، في المرحلة القادمة، جميع المشكلات العالقة بين بغداد وأربيل. وقال المكتب الخاص للصدر في بيان اطلعت عليه شبكة «رووداو» الإعلامية، إنه «إيماناً بأن العراق خيمة يستظل بها كل أبنائه وحرصاً على انبثاق حكومة أبويّة ترعى الجميع، ما زال مقتدى الصدر يُجري الحوارات والنقاشات السياسية المستفيضة وتبادل الرؤى موصلاً الليل بالنهار»، مشيراً إلى أنه استقبل، مساء أمس، في مقر إقامته في العاصمة بغداد، فاضل ميراني سكرتير عام الحزب الديمقراطي الكردستاني والوفد المرافق له بعضوية كل من خسرو كوران وبنكين ريكاني وشوان محمد طه وأوميد صباح.
إلى ذلك، أوضح مصدر في رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، أن «منصب رئاسة الجمهورية من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني لأن الحزب الديمقراطي دائماً ينظر إلى الإقليم أكثر من بغداد ولكنه الآن بصدد إجراء مفاوضات مع الاتحاد الوطني بشأن ماذا يمكن أن يحصل عليه مقابل موافقته على بقاء المنصب داخل الاتحاد الوطني». وحول ما إذا كان الرئيس العراقي الحالي الدكتور فؤاد معصوم مرشحاً للبقاء لولاية ثانية قال إن «الرئيس معصوم لم يقرر بعد ولم تَجرِ مباحثات حول هذا الأمر حتى الآن رغم عدم وجود مرشحين بارزين الآن لتولي هذا المنصب».
ورداً على سؤال حول ترشيح الدكتور برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية، يقول المصدر الكردي داخل الرئاسة إن «الدكتور برهم صالح خرج من الاتحاد الوطني وأسّس حزباً خاصاً به بينما المنصب من حصة الاتحاد الوطني ضمن المعادلة الكردية». وفي المعادلة الكردية نفسها تقول فيان دخيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تفاهمات كبيرة بين الحزبين الكبيرين بشأن أن يكونوا موحدين في بغداد لأن من شأن ذلك أن يعطينا موقفاً أقوى، حيث إنه يُفترض أن أهداف الأحزاب الكردية هي كيفية تحقيق المطالب الكردية». وتضيف دخيل أنه «رغم أن هذه أهداف مشتركة لكنّ هناك أحزاباً كردية أخرى لا ترغب أن تكون جزءاً من هذا الموقف الكردي الموحّد ولها حساباتها الخاصة».
وحول مفاوضات الوفد الكردي في بغداد تقول دخيل إن «الوفد سيجري مباحثات مع جميع القوى السياسية العراقية لغرض بلورة رؤية معينة بصدد المستقبل وليست لدينا تسمية أو شرط بشأن من هو رئيس الوزراء المقبل»، مؤكدة أن «الكرد سيتحالفون مع مَن لديه الرؤية الحقيقية لبناء الدولة والاعتراف أن الكرد مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي ولا يُنظر إليه نظرة أخرى بالإضافة إلى إقرار القوانين المؤجلة منذ سنوات».
من جانبه يقول القيادي البارز في تحالف القرار العراقي، أثيل النجيفي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحراك السياسي الحالي حراك إيجابي بشكل عام، فعلى الرغم من وجود مخاطر تهدد أمن العراق والعملية السياسية برمّتها وعلى الرغم من تلويح بعض القادة بالحرب الأهلية المقبلة، فإنني أرى الأمور تسير نحو التهدئة وتقبّل الواقع بكل أحواله وهذا يخفف من المخاطر المُحتملة». وحول رؤيته لكيفية تشكيل الحكومة المقبلة يقول النجيفي إن «المؤشرات تؤكد أن الحكومة ستكون حكومة عابرة للطائفية تستوعب أغلبية كبيرة من البرلمان وسيبقى في المعارضة بعض القيادات بعد تفكك كتلتهم». وحول الوضع داخل البيت السني يقول النجيفي إن «السنة لن يختلف حالهم عن البقية ولن نجد موقفاً سنياً موحداً بل سنجد موقفاً سنياً غالباً يسهم في تشكيل الحكومة تقابله أقلية سنية معارضة ستسعى لاستقطاب ما ينتج عن فشل الحكومة في تنفيذ مشاريعها»، مبيناً أن «عموم السنة يهتمون أكثر بمجالس المحافظات من البرلمان لأن فاعليتهم فيها أكبر، ولهذا سيسعى المعارضون لاستثمار عدم مشاركتهم في الانتخابات القادمة».
دبلوماسية «جس النبض» تهيمن على الحراك السياسي في العراق
الصدر يبحث تشكيل الحكومة مع وفد من حزب بارزاني... ومخاوف من عودة الاصطفافات الطائفية
دبلوماسية «جس النبض» تهيمن على الحراك السياسي في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة