استقالات وانتقالات في أحزاب مصر تُمهد لـ«تغييرات واسعة»

«الوفد» و«المصريين الأحرار» أبرز المتأثرين

TT

استقالات وانتقالات في أحزاب مصر تُمهد لـ«تغييرات واسعة»

لاحت بوادر «تغييرات واسعة» في الساحة الحزبية المصرية تشي بإجراءات أكثر شمولاً خلال الفترة القليلة المقبلة، وانعكست تلك المواقف الجديدة بشكل غير مسبوق في حزب «الوفد» الذي تقدم نائب رئيسه حسام الخولي، باستقالته من موقعه التنظيمي وكذلك من الحزب، أول من أمس، وأعلن انتقاله إلى حزب آخر هو «مستقبل وطن» لتولي موقع قيادي فيه.
ولم تكن استقالة الخولي الوحيدة التي مُني بها «الوفد»، إذ تزامنت مع استقالة أخرى تقدم بها الرئيس السابق للحزب السيد البدوي، ولكنها اقتصرت على الاستقالة من عضوية «المجلس الاستشاري» (يضم مجموعة من القيادات البارزة وأصحاب الخبرات في «الوفد»).
وفضلاً عن الاستقالات، أعلن «الوفد» كذلك عن انضمام المتحدث العسكري السابق باسم القوات المسلحة المصرية محمد سمير، إلى صفوفه، وتوليه منصب مساعد رئيس الحزب لشؤون الشباب.
ولم تقتصر الاستقالات على «الوفد»، إذ تقدم رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «المصريين الأحرار» النائب علاء عابد، باستقالته من الحزب، وتشير التوقعات إلى انضمامه وعدد من النواب البرلمانيين إلى «مستقبل وطن»، وكذلك أعلن عدد من نواب الحزب في البرلمان استقالتهم ومن بينهم النائبان محمد المسعود، وسامي رمضان.
ويضم البرلمان المصري أكثر من 590 نائباً، وتقترب نسبة المستقلين بينهم من 60%، والبقية للحزبيين الذين يتقدمهم حزب «المصريين الأحرار» ويحوز 65 مقعداً، وفي المرتبة الثانية يأتي حزب «مستقبل وطن» (53 مقعداً)، ويمثل حزب الوفد في البرلمان 36 مقعداً.
وتبدو الأحزاب المصرية مقبلة على مشهد جديد يدور في أغلبه حول الاندماج، خصوصاً مع تكرار دعوة الرئيس المصري إلى الإقدام على الخطوة، إذ أعرب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن تطلعه لتبني وسائل الإعلام الدعوة لدمج «100 حزب في 10 أو 15 حزباً ليقووا، وتقوى الأحزاب السياسية»، ثم عاد في مارس (آذار) الماضي، ليبدي ضيقاً من امتناع الأحزاب عن تقديم مرشحين في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد قبل شهرين تقريباً.
وكذلك فإن ائتلاف الأغلبية البرلمانية في البرلمان المصري «دعم مصر»، يعمل على تشكيل حزب سياسي.
وأكد المتحدث الرسمي لحزب «مستقبل وطن» أحمد الشاعر، لـ«الشرق الأوسط»، انضمام النائب السابق لرئيس «الوفد» إلى صفوفه، وأنه سيشغل منصب الأمين العام لـ«مستقبل وطن»، وأضاف أنه «لم يتم حتى الآن تأكيد انضمام رئيس الهيئة البرلمانية لحزب (المصريين الأحرار) علاء عابد، أو أيٍّ من نوابه المستقيلين إلى (مستقبل وطن)».
وتنص المادة السادسة من قانون مجلس النواب على أنه «يُشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظاً بالصفة التي تم انتخابه على أساسها، وإن فقد هذه الصفة أو غيّر انتماءه الحزبي المنتخَب على أساسه أو أصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبياً، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس».
ورد الشاعر بأن تلك العقبة المتمثلة في قانون مجلس النواب «يمكن تجاوزها بأن يكون أكثر من ثلثي أعضاء البرلمان من أعضاء (مستقبل وطن) وبالتالي يدعمون موقف الحزب، أو أن يتم تعديل قانون مجلس النواب».
وعدّ الشاعر أن بعض الأحزاب تتفاعل مع الدعوة لاندماج الأحزاب «بشكل خاطئ»، مشيراً إلى أنها «يُقصد بها دمج الأحزاب الصغيرة غير الفعالة في الساحة السياسية، بينما لن يكون منطقياً أن يتم دمج الأحزاب الكبرى التي تمتلك قاعدة من الوجود الجماهيري والبرلماني».
وبشأن ما إذا كان «مستقبل وطن» يعتزم الاندماج مع كيانات أخرى لخوض انتخابات المحليات المترقبة، قال الشاعر: «حتى الآن نحن سنخوض المحليات في إطار تحالف (دعم مصر)، ولا نعتقد أن الأخير سيتحول إلى حزب».



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».