حفتر يعود إلى بنغازي... والاحتفالات تعم شرق البلاد

سلامة يبحث مع فيديريكا موغيريني التطورات السياسية في ليبيا

حفتر لدى وصوله إلى مطار بنغازي أمس (القيادة العامة للجيش الليبي)
حفتر لدى وصوله إلى مطار بنغازي أمس (القيادة العامة للجيش الليبي)
TT

حفتر يعود إلى بنغازي... والاحتفالات تعم شرق البلاد

حفتر لدى وصوله إلى مطار بنغازي أمس (القيادة العامة للجيش الليبي)
حفتر لدى وصوله إلى مطار بنغازي أمس (القيادة العامة للجيش الليبي)

وسط احتفال رسمي وشعبي في شرق ليبيا، وصل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، إلى مطار «بنينا» في بنغازي، مساء أمس، قادماً من القاهرة، بعد غياب دام ثلاثة أسابيع للعلاج في باريس، فيما سادت حالة استنفار واسعة في البلاد.
وتوافدت مبكراً على بنغازي أمس وفود من أعيان وحكماء ومشايخ المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى أعضاء من مجلس النواب، ومؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في استقبال حفتر، الذي واكبت رحلة علاجه في فرنسا «إشاعات»، ساهمت في ترويجها وسائل إعلام محسوبة على جماعة «الإخوان» المسلمين، بأنه فارق الحياة.
وبدأت منذ ليلة أول من أمس (الأربعاء) الاحتفالات الشعبية تعم مدن شرق ليبيا، عبر مسيرات الحافلات، وتوافد المواطنين على الميادين، حاملين لافتات الترحيب، وصور المشير، الذي أجرى في القاهرة محادثات مع مسؤولين مصريين قبل انتقاله إلى بلاده، مساء أمس. وفي شارع العشرين ببنغازي انتشرت لافتات دُونت عليها عبارات الترحيب بالمشير، فضلاً عن لافتات للنادي الأهلي الليبي، تحمل الأسلوب نفسه، في وقت تسيد هاشتاغ «هلا بالمشير» مواقع التوصل الاجتماعي.
ووقفت مشايخ وحكماء قبيلة الفرجاني، التي ينتمي إليها المشير، في مقدمة صفوف المهنئين بعودته، بالإضافة إلى قيادات عسكرية رفيعة، فيما دوت الأعيرة النارية في سماء المدينة فرحاً بعودته.
وكان حفتر (74 عاماً) قد غادر مساء أمس القاهرة، الذي وصلها قبل يومين، متوجها على رأس وفد بطائرة خاصة إلى بنغازي. ونقلت مصادر مطلعة، قالت الوكالة الألمانية إنها شاركت في وداع حفتر بمطار القاهرة، إن الوفد المرافق للمشير ضم ستة أشخاص، من بينهم طبيب لمتابعة حالته الصحية، حيث وصل داخل سيارة عادية وليست سيارة إسعاف، مما يؤكد استقرار حالته الصحية.
والتقى القائد العام للقوات المسلحة خلال زيارته لمصر عددا من كبار المسؤولين والشخصيات، واستعرض دعم علاقات التعاون بين مصر وليبيا، وآخر التطورات على الساحة الليبية.
وسرت في الـ14 من الشهر الحالي «إشاعة» عن وفاة القائد العام للجيش الوطني، داخل مستشفى بالعاصمة الفرنسية باريس، ما تسبب في إحداث بلبلة في الأوساط الليبية والعربية. وفور شيوع خبر وفاة حفتر (قبل النفي) سارعت بورصة الترشيحات للدفع برئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية الحاكم العسكري لدرنة، بن جواد الفريق عبد الرزاق الناظوري ليخلفه، وذهب سياسيون ليبيون إلى أنه الأوفر حظاً نظراً لقربه من الرجل، إلى جانب «قدرته على قيادة قوات الجيش الليبي في محاور القتال»، كما أنه على علاقة قوية مع بعض القوى الإقليمية والدولية.
ويمثل حفتر قيمة كبيرة ورقماً صعباً لدى مواطني شرق ليبيا، لكنه يُعد عقبة في طريق «الإسلاميين»، وخاصة في غرب البلاد منذ عودته من منفاه في لانغلي بالولايات المتحدة، عقب اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) عام 2011.
ورغم التصريحات الرسمية، التي تحدثت أمس عن تمتع حفتر بصحة جيدة، فقد أصرّ مفتي ليبيا السابق صادق الغرياني، المدرج على «قوائم الإرهاب»، أن المشير حفتر فارق الحياة، ما أثار حفيظة وسخرية كثير من الليبيين، وقال الغرياني: «يا أهلنا في الشرق.. ويا من تتنافسون على المنصب.. اعتبروا... هل استطاع (حفتر) أن يدفع عنه الموت الذي جاءه على عجل، ولم ينتظره حتى أن يوصي بمن يخلفه».
من جهته، قال الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، إن «محبي حفتر أمضوا أياماً تتقاذفهم الشائعات المغرضة، وغير الصادقة، والمليئة بالشحن الإعلامي والدس المشؤوم من إصابة (قاهر الإرهاب)، بشتى الأمراض... إلى الموت السريري».
وأضاف العباني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «عودة القائد العام معافى، ومُكذب لكل الأبواق بعدم الرد عليها، يثبت بذلك أنه رجل استراتيجيات، ولا ينجر لردود الأفعال». وانتهى العباني قائلا: «هنيئاً لليبيا برجالها وأبطالها، ولتخسأ خفافيش الظلام والأبواق المأجورة».
وينتظر حفتر معركة كبيرة لـ«تحرير» مدينة درنة (شمال شرقي ليبيا) من الجماعات المتطرفة، وهو الأمر الذي أكده أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش، بقوله إن الجيش الليبي شن ثلاث غارات جوية على الجماعات الإرهابية في درنة، مشيرا إلى أن الإرهابيين في درنة سيقدمون للمحاكمة حال اعتقالهم. وأوضح المسماري في تصريح صحافي أن «التنظيمات الإرهابية تستخدم عربات مفخخة لا تميز بين صديق وعدو، وموعد تحرير درنة من التنظيمات الإرهابية بات قريباً جداً».
وسبق للمسماري القول إن المحادثات التي أجراها المشير حفتر بالقاهرة منذ منتصف الأسبوع الماضي مع كبار المسؤولين، تتعلق بتحرير درنة، وشدد على أن «مصر وليبيا في خندق واحد ضد الإرهاب».
ويتوقع أن يشارك حفتر في الاحتفالات التي ستقام بمناسبة انطلاق «عملية الكرامة»، التي أعلنت في يوليو (تموز) 2014. وقد اتخذ من منطقة الرجمة شرق بنغازي مركزا لقيادته، وبعد عام عيّن مجلس النواب في طبرق خليفة حفتر قائداً عاماً للجيش الليبي، قبل أن يرقيه إلى رتبة مشير.
في سياق آخر، ناقش غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، أمس التطورات السياسية في ليبيا.
وقالت بعثة الأمم المتحدة على صفحتها عبر «فيسبوك» إن سلامة عبر خلال اللقاء الذي جرى في بروكسل عن شكره لدعم الاتحاد الأوروبي لأنشطة الأمم المتحدة في المساعدة الإنسانية والعملية الانتخابية في ليبيا.
ويأمل سلامة في مساعدة ليبيا على إجراء انتخابات قبل نهاية العام الحالي، ضمن خطته، التي أعلنها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي في نيويورك.
وطرد حفتر «المتشددين الإسلاميين» خارج بنغازي نهاية العام الماضي، وفي سبتمبر 2016 تمكنت قواته من السيطرة على منطقة الهلال النفطي، التي تضم أهم موانئ النفط في البلاد، بعد اقتتال مع قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».