أثارت تقارير حول هجوم محتمل بـ«الغازات السامة» استهدف السبت بلدة دوما في الغوطة الشرقية لدمشق، تنديداً دولياً غداة توجيه منظمات إغاثية ومعارضين ومسعفين أصابع الاتهام لقوات النظام السوري متحدثين عن مقتل أكثر من 70 شخصا أمس جراء هجوم يشتبه في أنه كيماوي استهدف آخر معاقل المعارضة السورية في الغوطة الشرقية، وسط مخاوف من أن عدد القتلى قد يتجاوز المائة.
وفيما نقلت «رويترز» عن دبلوماسيين قولهم، مجلس الأمن الدولي سيلتقي على الأرجح بعد ظهر اليوم الاثنين، لبحث الهجوم الكيماوي في سوريا بناء على طلب أميركا وأعضاء آخرين، توعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب المسؤولين عن «الهجوم الكيماوي المتهور» على مدينة خاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا بدفع «ثمن باهظ».
وقال ترمب في سلسلة من التغريدات تناولت مدينة دوما حيث تتهم أجهزة الإغاثة قوات النظام السوري باستخدام غاز «الكلور» ضد المدنيين إن «الرئيس (فلاديمير) بوتين وروسيا وإيران مسؤولون عن دعم (بشار) الأسد الحيوان. سيكون الثمن باهظا». وقال: «قتل كثيرون بينهم نساء وأطفال في هجوم كيماوي متهور في سوريا. المنطقة التي تعرضت إلى العمل الوحشي مغلقة ومحاصرة بشكل كامل من قبل الجيش السوري ما يجعل الوصول إليها أمرا غير ممكن بالنسبة للعالم الخارجي».
من جهته، أكد أحد كبار مستشاري ترمب للأمن الداخلي اليوم الأحد أن الولايات المتحدة لا تستبعد شن هجوم صاروخي ردا على الهجوم الكيماوي في دوما. ونقلت «العربية» عن توماس بوسرت مستشار البيت الأبيض للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب في مقابلة مع برنامج «ذيس ويك» بقناة «إيه بي سي» التلفزيونية: «لا أستبعد شيئا». وأضاف: «نحن ندرس الهجوم في الوقت الحالي» وأضاف أن صور الحدث «مروعة».
وجاء الهجوم الأخير من نوعه بعد عام من تعرض بلدة خان شيخون في شمال غربي سوريا إلى هجوم بغاز السارين أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا واتهمت الأمم المتحدة القوات الحكومية بشنه. ورد ترمب آنذاك على الهجوم بعد ثلاثة أيام حيث أطلقت بوارج حربية أميركية في المتوسط 59 صاروخاً من طراز كروز على قاعدة جوية للنظام.
التعاون الإسلامي تستنكر
في السياق، أدانت السعودية بشدة الهجوم الكيماوي على مدينة دوما السورية ووصفته بالمروِّع. وعبّر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن قلق السعودية البالغ وإدانتها الشديدة للهجوم الكيماوي المروع الذي تعرضت له مدينة دوما بالغوطة الشرقية في سوريا، وراح ضحيته عشرات المدنيين من النساء والأطفال.
وأكد المصدر ضرورة إيقاف هذه المآسي، وانتهاج الحل السلمي القائم على مبادئ إعلان «جنيف1»، وقرار مجلس الأمن الدولي «2254». وشدد المصدر، في ختام تصريحه، على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه حماية المدنيين في سوريا.
ومن العاصمة الرياض، أدانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، بشدة الهجوم الكيماوي المروع الذي نفذه النظام السوري في مدينة دوما بالغوطة الشرقية وقال بيان الهيئة الصادر أمس إن «هذه الجريمة المتكاملة في أدواتها ووسائلها وتنفيذها تستدعي ردعاً حازماً ووقفة جادة من المجتمع الدولي بمؤسساته ومنظماته لردع هذا الإجرام ووضع حد لهذه المآسي الإنسانية ومحاسبة مرتكبيها حتى يعود الحق إلى نصابه، وبغير ذلك ستستمر هذه المآسي إلى أروع منها وأشد بحق أبرياء لا يملكون حولاً ولا طولاً».
كما أعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن استنكارها وإدانتها للهجوم بالأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، والذي استهدف منطقة الغوطة الشرقية لدمشق. وأدى إلى سقوط عدد من القتلى المدنيين الأبرياء، مما يتنافى مع أبسط المبادئ الإنسانية وقواعد القانون الدولي باعتبار ذلك يدخل في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
واستنكر الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إصرار النظام السوري على مواصلة قصف الأحياء السكنية واستهداف المدنيين العزل. وأكد الأمين العام موقف منظمة التعاون الإسلامي الذي أقرته بيانات القمة الإسلامية وقرارات الاجتماعات الوزارية والداعم لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية في إطار بيان جنيف 1 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما في ذلك قراره رقم 2254 لسنة 2015 و2401 لسنة 2018.
الاتحاد الدولي: رد فوري
إلى ذلك، قال الاتحاد الأوروبي، أمس الأحد، إن هناك دلائل على أن القوات الحكومية السورية استخدمت أسلحة كيماوية ضد مدينة دوما المحاصرة التي تسيطر عليها قوات المعارضة، مطالبا برد دولي. وأضاف الاتحاد في بيان «الدلائل تشير إلى هجوم كيماوي آخر شنه النظام... مسألة استمرار استخدام الأسلحة الكيماوية خاصة ضد المدنيين تبعث على قلق شديد. الاتحاد الأوروبي يدين بأشد العبارات استخدام الأسلحة الكيماوية ويدعو إلى رد فوري من جانب المجتمع الدولي».
في السياق قالت السويد، وهي دولة عضو في مجلس الأمن الدولي، إنها ترغب في إجراء تحقيق فوري في هجوم كيماوي مشتبه به في بلدة دوما السورية. وقالت وزيرة الخارجية السويدية، مارجوت والستروم، عبر «تويتر»: «شعرت بالهلع من التقارير التي تفيد بحدوث هجمات بالأسلحة الكيماوية في دوما. لا بد من بدء تحقيق فوري». وأضافت: «الإفلات من العقاب ليس خيارا. وستطالب السويد باتخاذ إجراء من جانب هيئات دولية مناسبة، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي».
وفي باريس، أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن «قلقه البالغ»، مؤكداً أن بلاده «ستتحمل مسؤولياتها كاملة باسم الكفاح ضد انتشار الأسلحة الكيماوية». وهددت واشنطن وباريس خلال الفترة الماضية بشن ضربات في حال توافر «أدلة دامغة» على استخدام السلاح الكيماوي في سوريا.
كما عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه الشديد» من تصاعد أعمال العنف في سوريا، واصفاً استخدام الأسلحة الكيماوية في دوما بالغوطة الشرقية في حال صحتها بأنها «بغيضة»، وتستوجب «إجراء تحقيق شامل».
وجاء في بيان أصدره الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، فجر الأحد، أن الأمين العام «يشعر بقلق شديد حيال العنف المتجدد والمكثف» في دوما بالغوطة الشرقية خلال الساعات 36 الماضية، وعبر الأمين العام عن «القلق بوجه خاص من الادعاءات عن أن الأسلحة الكيماوية استخدمت ضد السكان المدنيين في دوما»، مضيفاً أن الأمم المتحدة «ليست في وضع يسمح لها بالتحقق من هذه التقارير»، غير أنه لاحظ أن «أي استخدام للأسلحة الكيماوية، إذا ثبتت صحته، أمر بغيض، ويستوجب إجراء تحقيق شامل». وقال إنه «من الأهمية بمكان حماية المدنيين» داعياً كل الأطراف إلى «ضمان احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك وصول المساعدات الإنسانية عبر سوريا إلى جميع المحتاجين، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
أدانت وزارة الخارجية التركية في بيان، أمس، استخدام أسلحة كيماوية في مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة في منطقة الغوطة الشرقية بسوريا. وقالت الوزارة: «ندين بشدة هذا الهجوم الذي توجد شبهات قوية في أن منفذه هو النظام (السوري) الذي (صار) سجله في استخدام الأسلحة الكيماوية معروفاً للمجتمع الدولي».
وفي مقابل الإدانة الدولية، نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن وزارة الخارجية الإيرانية قولها، أمس، إن التقارير التي أفادت بوقوع هجوم بالغاز في سوريا ليست مبنية على حقائق، وهي «ذريعة» كي تقوم الولايات المتحدة ودول غربية بعمل عسكري ضد دمشق.
ونسبت الوكالة إلى بهرام قاسمي المتحدث باسم وزارة الخارجية القول: «هذه الادعاءات والمزاعم من قبل الأميركيين وبعض الدول الغربية تشير إلى مؤامرة جديدة ضد حكومة سوريا وشعبها وهي ذريعة للقيام بعمل عسكري».