القمة المصرية ـ السودانية ـ الإثيوبية تحدد مهلة شهر لإيجاد مخرج لأزمة سد النهضة

السيسي: صوت الدول الثلاث واحد ... وعودة السفير السوداني للقاهرة «تحصيل حاصل»

خلال اجتماع القمة بين قادة مصر والسودان واثيوبيا في أديس أبابا أمس (الرئاسة المصرية)
خلال اجتماع القمة بين قادة مصر والسودان واثيوبيا في أديس أبابا أمس (الرئاسة المصرية)
TT

القمة المصرية ـ السودانية ـ الإثيوبية تحدد مهلة شهر لإيجاد مخرج لأزمة سد النهضة

خلال اجتماع القمة بين قادة مصر والسودان واثيوبيا في أديس أبابا أمس (الرئاسة المصرية)
خلال اجتماع القمة بين قادة مصر والسودان واثيوبيا في أديس أبابا أمس (الرئاسة المصرية)

أعلن أمس في أديس أبابا عن نجاح القمة الثلاثية المصرية - السودانية - الإثيوبية التي التأمت في مقر إقامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالعاصمة الإثيوبية.
وقال مصدر دبلوماسي أفريقي لـ«الشرق الأوسط» إن القادة الثلاثة، وهم الرئيس السيسي والرئيس السوداني عمر حسن البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين، حددوا مهلة تنتهي خلال شهر لإيجاد مخرج لحالة الجمود الذي تعرفها المفاوضات بشأن سد النهضة الذي تشيّده إثيوبيا على نهر النيل. وأصدر القادة الثلاثة تعليماتهم لوزراء المياه والطاقة بوضع تقرير خلال شهر يحدد السبل الكفيلة بحل كل الخلافات المتعلقة بالسد.
وقال السفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، إن القمة الثلاثية اتسمت بالشفافية والمصارحة، حيث تم استعراض تطورات المفاوضات الجارية في إطار اللجنة الوطنية الثلاثية حول سد النهضة، وسبل التغلب على ما يواجهها من عراقيل.
وأكد القادة الثلاثة، خلال القمة، على مشاركتهم لرؤية واحدة إزاء مسألة السد تقوم على أساس اتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم، وإعلاء مبدأ عدم الإضرار بمصالح الدول الثلاث في إطار المنفعة المشتركة. وأضاف المُتحدث المصري أنه تم الاتفاق خلال القمة على عقد اجتماع مشترك يضم وزراء الخارجية والري من الدول الثلاث واللجنة الوطنية الثلاثية، ورفع تقارير نهائية خلال شهر تتضمن حلولاً لكل المسائل الفنية العالقة، بما يضمن التنفيذ الكامل لأحكام اتفاق إعلان المبادئ وعدم التأثير سلباً على مصالح مصر والسودان المائية. كما تم الاتفاق على تبادل الدراسات الوطنية والمعلومات الفنية بين الدول الثلاث. وذكر السفير راضي أن الرئيس السيسي أكد على ضرورة أن تتحلى المفاوضات بالروح الإيجابية والحفاظ على المصالح المشتركة، مطالباً جميع المسؤولين المعنيين بالمفاوضات من الدول الثلاث بتنفيذ توجيهات القادة وإنجاز عملهم وفق الإطار المحدد. وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي خلال المباحثات على أن المزارعين في مصر والسودان لن يتأثروا سلباً بسد النهضة، كما شدد على أن عدم الإضرار بمصالح شعوب الدول الثلاث هو الأساس الذي تنطلق منه المفاوضات.
من جانبه، أعرب الرئيس السوداني عن عزم بلاده العمل في إطار اللجنة الوطنية الثلاثية من أجل التوصل إلى توافق حول كل المسائل الفنية العالقة، مؤكداً في هذا الإطار على ما يجمع الدول الثلاث من مصالح مشتركة ومصير واحد. وتابع المتحدث الرسمي المصري أن القمة الثلاثية تطرقت أيضاً إلى مُجمل جوانب العلاقات القائمة بين الدول الثلاث، وسبل تعزيز التعاون بينها والاستمرار في التشاور والتنسيق المكثف إزاء مختلف الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الزعماء الثلاثة اتخذوا خلال لقائهم أمس قرارات عدة منها عقد اجتماعات على مستوى الرؤساء بشكل سنوي، وإنشاء لجنة سياسية عليا دائمة تتألف من وزراء الخارجية ورؤساء الاستخبارات للنهوض بالعلاقات بين البلدان الثلاثة، وتعقد اجتماعاتها بشكل دوري، وأيضاً إنشاء لجنة سياسية فنية تشمل وزراء المياه والطاقة في البلدان الثلاثة، من أجل السهر على حل أزمة سد النهضة. واتفق القادة الثلاثة أيضاً على إنشاء صندوق مشترك بمساهمات متساوية بهدف تمويل مشاريع بنية تحتية مثل خط للسكك الحديد يربط الدول الثلاث، وشق طرق وجسور لتنمية المبادلات ونقل الأشخاص.
وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن موضوع إشراك البنك الدولي كطرف محايد في المفاوضات حول سد النهضة لم يتم التطرق إليه خلال القمة الثلاثية.
وكان الرئيس السيسي، قد طمأن المواطنين في مصر والسودان وإثيوبيا على حسن العلاقات والتعاون بين الدول الثلاث، قائلاً في تصريحات صحافية قبيل مغادرته العاصمة الإثيوبية: «نحن نتحدث كدولة واحدة وكصوت واحد». وأضاف: «لن يحدث أي ضرر لمواطني أية دولة من الدول الثلاث فيما يتعلق بقضية المياه». ورداً على سؤال عما إذا كانت أزمة سد النهضة قد انتهت، أجاب السيسي: «إنه لم تكن هناك أزمة من الأساس».
وخرج الرئيس السيسي والرئيس السوداني ورئيس وزراء إثيوبيا من اجتماع القمة متشابكي الأيدي علامة على التضامن وروح التعاون الإيجابي. ودعا السيسي وسائل الإعلام إلى التعامل بوعي مع القضايا المتعلقة بالدول الثلاث، قائلا إن «على الإعلام مسؤولية كبيرة لعدم تصدير رسائل مقلقة للرأي العام أو مسيئة لأي طرف، وهذه مسؤوليتكم ورسالتكم تجاه الرأي العام». وردا على سؤال، حول عودة السفير السوداني إلى مصر، قال السيسي، «هو تحصيل حاصل».
وشهدت الآونة الأخيرة توتراً بين مصر والسودان، بخصوص النزاع الحدودي المتعلق بمثلث «حلايب وشلاتين وأبو رماد» الحدودي، والموقف من سد «النهضة»، قام على أثره السودان باستدعاء سفيره في القاهرة للتشاور في 4 يناير (كانون الثاني) الحالي، في قرار واجهته القاهرة، بهدوء وحذر شديد، على المستوى الرسمي. وكان السفير السوداني عبد المحمود عبد الحليم، قد توقع عودته قريباً لممارسة عملة مرة أخرى في القاهرة، بعد لقاء الرئيسين المصري والسوداني يوم السبت الماضي والاتفاق على تشكيل لجنة وزارية للتعامل مع كل القضايا الثنائية وتجاوز جميع العقبات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.