هل يعاني الروائيون من اضطرابات نفسية؟ وهل تمتزج كتاباتهم بالألم الذاتي؟... أسئلة كثيرة فجّرها حديث الروائي السعودي عبده خال، الذي وصف كتابة الرواية بأنها «عذاب مستمر»، خلال استضافته مساء أول من أمس في النادي الثقافي لصندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز بمدينة الدمام، للحديث عن تجربته الروائية الممتدة لأكثر من 30 عاماً.
خال الذي يرى الروائيين «عالقين نفسياً»، يعترف بأن شخوص رواياته تلاحقه، ويربط بين العملية الإبداعية والتمرد، كاشفاً عن أنه أصيب بجلطة دماغية بسبب شخصية أساسية كتبها في أحد مشاهد روايته «ترمي بشرر»، التي حازت الجائزة الدولية لأدب الرواية العربية (البوكر) عام 2010، بصفته أول سعودي ينال هذه الجائزة، قائلاً: «أتذكر أن ذاك المشهد أمرضني».
ويستشهد خال بالعبارة التي يتداولها العاملون في السينما والتمثيل في كونهم غير قادرين على التخلص من الشخصية، قائلاً: «أنا أحمل داخلي أكثر من 60 شخصية، وهذا متعب»، ويضيف «الذي يجرب كتابة الرواية يشعر بشعورين متناقضين، أحدهما العذاب والآخر السلطة». وبسؤاله عن المدارس التي تأثر بها، يجيب «على الروائي أن يكون خارج المدارس كلها، وأن يكون هو القائد؛ فالمدرسة تحوّلك إلى تابع، والتابع لا يستطيع الخروج من دائرة ما تؤمن به المدرسة».
وتحدث خال لـ«الشرق الأوسط» عن حالة ظهور واختفاء عدد من الروائيين في العقد الأخير، قائلاً: «كثير من الشباب والشابات ظنوا أن الوهج الإعلامي المنصبّ على الرواية يعني أن أي واحد منهم يستطيع أن يكتب رواية فيها الكثير من الأفكار والأسرار المختبئة، وأن ذلك يكفيه للنجاح، وعندما وجدوا أن ناتج العمل لم يحظَ بالإضاءة الإعلامية المتوقعة، اكتشفوا أنه تعب بلا عائد مجدٍ». مستدركاً: «الكاتب المبدع سيواصل مهما حدث».
ورغم أن عبده خال لا يشبه كثيراً من الروائيين الذين كانوا سجناء أو ثواراً أو تابعين لحركات سياسية، فإنه استطاع خلق عوالم مليئة بالزخم، عن سر ذلك يقول: «بين الساكن والمتحرك أرى أن الساكن أكثر مقدرة على الكتابة الإبداعية»، ويتابع: «الآن كل الأخبار تعطينا زخم ما يحدث بالحروب وفي الشوارع، بينما سابقاً لم تكن القنوات الإخبارية موجودة وكانت الرواية تقوم بهذا المقام، الآن الساكن هو الأقدر على كتابة الحالة، ومواجهة العالم بالأمور المختبئة».
وعودة لتاريخ بدايته مع الرواية، يقول: «الحكاية في أصلها أنثى وليست ذكراً، والراوي امرأة، فقد كان من المعيب أن يروي الرجل؛ لذا ظل مشهد المرأة الراوية في ذاكرتي منذ الطفولة». وأفصح خال بأنه في بداياته اعتمد على اسم مستعار لامرأة كان يُوقع أول أعماله بها، وهو «نيفين عبده»، ثم كشف الستار لاحقاً عن هويته الحقيقية.
وتطرق خال في أجوبته عن أسئلة الحضور إلى علاقة الخوف بالكتابة، قائلاً: «الخائف لا يكتب، وإن كتب فسيظل سائراً بين الجموع، ولن تكون له بصمة خاصة». وعن ضعف انتشار الروائي السعودي بين الجيل الجديد من القراء، يقول خال «المجتمع السعودي تم اختطافه لمدة 40 سنة من التيار المتشدد، وتم خلال هذه الفترة تحريم جميع الفنون بما فيها الرواية، لكني متفائل بما هو آت».
جدير بالذكر، أن النادي الثقافي الذي دشّنه صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة قبل ثلاثة أشهر، ليكون تابعاً لمركز الأميرة جواهر بنت نايف لدراسات وأبحاث المرأة. هو بمثابة منصة فكرية وملتقى شهري للسيدات المهتمات بالثقافة العامة في إطارات غير محددة، كما يسعى إلى إيجاد مساحة تعبيرية لشتى العلوم والفنون بمختلف الحضارات، وتشمل نشاطاته مناظرات علمية ولقاءات أدبية وأمسيات شعرية.
9:53 دقيقة
عبده خال: أحمل داخلي أكثر من 60 شخصية... والروائيون عالقون «نفسياً»
https://aawsat.com/home/article/1153806/%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D9%87-%D8%AE%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D9%84-%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84%D9%8A-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-60-%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%86-%C2%AB%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%8B%C2%BB
عبده خال: أحمل داخلي أكثر من 60 شخصية... والروائيون عالقون «نفسياً»
أول سعودي يفوز بـ«البوكر» يصف كتابة الرواية بـ«العذاب المستمر»
- الدمام: إيمان الخطاف
- الدمام: إيمان الخطاف
عبده خال: أحمل داخلي أكثر من 60 شخصية... والروائيون عالقون «نفسياً»
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة