تسعى واشنطن إلى تنسيق مواقف حلفائها الدوليين والإقليميين وراء دعم مفاوضات جنيف السورية بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2254، في وقت تجد فيه موسكو صعوبة مع حلفائها الإقليميين وبدأت درس تأجيل عقد «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي في 29 الشهر الحالي إلى منتصف الشهر المقبل.
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ«الشرق الأوسط»، استضافت واشنطن أمس، محادثات بين مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد ونظرائه في بريطانيا وفرنسا ودول إقليمية رئيسية لبحث احتمال عقد مؤتمر وزاري، وذلك بعد أيام على زيارة وفد «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة برئاسة نصر الحريري الذي التقى قبل ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وقالت مصادر أمس إن وفد «الهيئة» التقى مستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر وساترفيلد، إذ انتقدت واشنطن مساعي موسكو لعقد مؤتمر سوتشي وإبعاد مسار جنيف، إذ وعد مسؤولون أميركيون بدعم مفاوضات جنيف التي كانت جولتها التاسعة مقررة في مدينة مونترو السويسرية في 21 الشهر الحالي، لكن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يدرس تأجيل دعوة وفدي الحكومة السورية والمعارضة بضعة أيام.
وأبلغ مسؤولون أميركيون المعارضة بتمسك واشنطن بالانتقال السياسي في سوريا وضرورة «تحييد إيران» ورفض دورها في هذا البلد، مشيرين إلى أن دولاً أوروبية ستقوم بمعاقبة «الحرس الثوري الإيراني» على غرار ما تقوم به أميركا التي فرضت وستفرض عقوبات ضد إيران في إطار زيادة الضغط عليها بسبب «زعزعتها المنطقة». وقالت المصادر إن الأميركيين أكدوا أيضاً للمعارضة استمرار وجودهم في شرق سوريا وجنوبها الشرقي إلى حين تحقيق الحل السياسي.
كما ربطت واشنطن المساهمة في إعادة إعمار سوريا بتحقيق انتقال سياسي وتنفيذ القرار 2254، علماً أن تقديرات عملية إعادة الإعمار تضع التكلفة بأكثر من 300 مليار دولار أميركي.
وكان وفد «الهيئة» أرجأ جولة أوروبية للقاء غوتيريش الاثنين الماضي، على أن يستأنف زيارته التي تشمل لندن الثلاثاء المقبل. وأعربت مصادر المعارضة عن الارتياح بسبب تقدير غوتيريش موقفها في الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف، مشيرة إلى الاتهام الموجه إلى وفد دمشق بتقديم «شروط مسبقة» في جنيف. وتناول مسؤولون دوليون مع وفد «الهيئة» رسالة غوتيريش إلى الجانب الروسي عن مؤتمر سوتشي وتضمنت سلسلة معايير كي يوافق على إيفاد دي ميستورا إلى مؤتمر الحوار السوري، بينها أن يكون عبارة عن جلسة واحدة ضمن عملية جنيف وأن يكون ضمن مفاوضات جنيف وتنفيذ القرار 2254، إضافة إلى تشكيل لجنة الدستور من قبل الأمم المتحدة وعبر مسار جنيف وليس في سوتشي. وبدت الأمم المتحدة، في هذا الإطار، متمسكة بمسار جنيف لبحث تنفيذ القرار 2254 وتنفيذ تشكيل جهاز الحكم وإطلاق عملية صياغة الدستور وصولاً إلى انتخابات، مشددة على أن «جميع السوريين يجب أن يشاركوا وأن دور الأمم المتحدة يجب أن يكون قوياً لضمان انتخابات عادلة».
وفي الإطار ذاته، ساد اعتقاد أن موسكو بصدد تأجيل سوتشي إلى يومي 12 و13 الشهر المقبل. وقالت مصادر متابعة للتحضيرات لـ«سوتشي»، إن هناك «قلقاً روسياً من أن مسار سوتشي قد يجعل دمشق أكثر مقاومة للضغط الروسي لأن النظام سيقترب أكثر من موقف طهران». وعليه، تحركت موسكو باتجاه طهران ودمشق، إذ التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الإيراني جواد ظريف، ثم أوفد الرئيس فلاديمير بوتين مبعوثه ألكسندر لافرنتييف إلى الرئيس بشار الأسد، إضافة إلى بروز فجوة بين موسكو وطهران من جهة وأنقرة من جهة ثانية.
ولا تزال موسكو متمسكة علناً بعقد مؤتمر سوتشي وتفكيك العقد من أمامه لتحقيق اختراق سياسي قبل الانتخابات الرئاسية الروسية في 18 مارس (آذار) المقبل، لكن دمشق ترفض حتى الآن البحث الجدي في صوغ دستور أو تعديل دستور عام 2012 خارج آليات مجلس الشعب (البرلمان)، إضافة إلى رغبتها في تأجيل الحل السياسي إلى «ما بعد استعادة كامل الأراضي». وأفيد بأن لافرنتييف جدد التأكيد على تشكيل لجنة الدستور في سوتشي لإجراء إصلاحات دستورية تمهد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية برقابة الأمم المتحدة.
وإضافة إلى العقدة المتعلقة بدعوة الأكراد إلى سوتشي، برز خلاف إضافي بين الجانبين الروسي والتركي إزاء الهجوم الحالي في محافظة إدلب. إذ استدعت أنقرة دبلوماسياً روسياً للاحتجاج على الهجوم والاستمرار في التقدم بعد مطار أبو الضهور في ريف إدلب واعتبار ذلك خرقاً لاتفاق «خفض التصعيد». لكن موسكو، بحسب مصدر روسي، رأت أن «تأخر تركيا في مواجهة هيئة تحرير الشام (تضم فصائل بينها فتح الشام أي النصرة سابقاً) دفعها (موسكو) إلى إعطاء الضوء الأخضر إلى قوات العميد سهيل الحسن الملقب بالنمر، للتقدم باتجاه أبو الضهور للضغط على أنقرة»، كي تقوم بما هو متوقع منها، أي معالجة قضية وجود «النصرة». ومن المقرر عقد اجتماع روسي - تركي - إيراني لبحث مصير مؤتمر سوتشي نهاية الشهر، في وقت تبحث فيه أنقرة وباريس عقد مؤتمر وزاري لـ«أصدقاء سوريا» في تركيا الشهر المقبل لتنسيق المواقف بين الدول الـ11 وتقليص الفجوة بينها، خصوصاً أن دولاً مثل الأردن باتت جزءاً من مسار آستانة وتريد تحسين العلاقة مع روسيا، فيما لا تزال دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا متمسكة بـ«جنيف».
واشنطن تنسق مع حلفائها تحضيراً لـ«جنيف»... وموسكو تدرس إرجاء «سوتشي»
أكدت للمعارضة السورية دعم الانتقال السياسي ورفض دور إيران
واشنطن تنسق مع حلفائها تحضيراً لـ«جنيف»... وموسكو تدرس إرجاء «سوتشي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة