أعربت منظمات حقوق إنسان دولية عن بالغ قلقها على مصير المحتجين في إيران، مطالبة المقررة الدولية الخاصة بحقوق الإنسان في إيران، أسماء جهانغير، بمتابعة جدية للمعتقلين بأي طريقة ممكنة. كما أعربت شخصيات علمية عن قلقها على مصير الطلاب المعتقلين، وذلك في حين قال وزير العلوم الإيراني منصور غلامي، أمس: إن روحاني أصدر أوامر بإطلاق الطلاب المعتقلين.
وطالبت كل من منظمتي «هيومن رايتس وتش» ومنظمة العفو الدولية في بيانين منفصلين، السلطات الإيرانية بإطلاق سراح المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة. وضمنا إدانتهما وفاة أحد المتظاهرين في سجن أوين خلال الأيام الماضية، أعربتا عن قلق عميق تجاه أوضاع المعتقلين في إيران.
ووجه الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى وزير الداخلية، عبد الرضا رحماني فضلي، وطالبه بتقديم تقرير «دقيق» حول تفاصيل الأحداث والأشخاص المعتقلين خلال الأيام الأخيرة، وفق ما نقل موقع الرئاسة الإيرانية.
وقال روحاني خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي أمس: إن «حل المشكلات الاقتصادية وحماية حقوق المواطنين يتصدر جدول أعمال الحكومة»، وتابع: إن الاتجاه الرئيسي للحكومة في ميزانية العام الإيراني الجديد الذي يبدأ منذ منتصف مارس (آذار) «خلق فرص العمل واقتلاع جذور الفقر المطلق» في إيران. وقال: إن «المشكلات الاقتصادية لم تكن وليدة ليلة واحدة، ومصدر الإدارة الخاطئة في الفترات السابقة».
كما أعلن المتحدث باسم «كتلة الأمل» الإصلاحية في البرلمان، محمد رضا عارف، أن 35 نائباً من نواب طهران في البرلمان قدموا طلباً لوزارة الاستخبارات لدخول سجن أوين، وفقاً لموقع «خانه ملت» الناطق باسم البرلمان الإيراني.
من جهة ثانية، نفى رئيس الأركان المسلحة الإيرانية، أمس، محمد باقري، استخدام السلاح ضد المتظاهرين من قبل قوات «الحرس الثوري والباسيج والشرطة». وقال: إن قوانين القوات المسلحة تمنع حمل السلاح في الشارع. وأبدى باقري شكوكه حول قتل المتظاهرين بالسلاح، وقال: إن «الرصاص أطلق من خلف الرأس أو مناطق مجهولة». ومع ذلك، لمح إلى قتل متظاهرين حاولوا اقتحام مراكز أمنية، قائلاً: «في كل الدنيا عندما تتعرض مجموعة عسكرية إلى هجوم يجب أن تدافع عن نفسها»، وفق ما نقلت عنه وكالة «تسنيم».
وأصدر وزارة المخابرات الإيرانية بياناً أمس، حول موجة الاعتقالات في الأيام الماضية، أعلنت فيه اعتقال: «المسؤولين» عن الاضطرابات التي شهدتها أكثر من 80 مدينة إيرانية. وقال بيان الاستخبارات: إن «جنود (صاحب الزمان) اعتقلت عدداً آخر من عناصر المجموعات الإرهابية والمعادية للثورة التي قامت بدور كبير في دخول الاحتجاجات الشعبية إلى مسار العنف».
بدوره، انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، قرار مجلس النواب الأميركي لدعم المتظاهرين، معتبراً إياه «تدخلاً في الشؤون الداخلية الإيرانية»، ورغم ذلك قال: إن القرار «بعيد عن المنطق» و«شكلي» و«يعارض القوانين الدولية».
وكان مجلس النواب الأميركي اعتمد بشبه إجماع، أول من أمس، قراراً يدعم المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها إيران في الآونة الأخيرة. والنص الذي أقر بأغلبية 415 صوتاً مقابل صوتين فقط، يؤكد دعم الكونغرس «للشعب الإيراني المنخرط في مظاهرات مشروعة وسلمية ضد نظام قمعي وفاسد».
ويؤكد النص، أن الكونغرس «يدين الانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان والأنشطة المزعزعة للاستقرار التي يرتكبها النظام الإيراني بحق الإيرانيين». كما دعوا في قرارهم ترمب إلى فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في إيران.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إد رويس: إنه «بدفاعنا عن الإيرانيين نريد أن نوضح أنهم ليسوا الهدف لعقوباتنا»، مشيراً إلى أن «العقوبات الأميركية تستهدف النظام الإيراني القمعي والمزعزع للاستقرار وليس الشعب الإيراني»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
بموازاة ذلك، أصدرت منظمتا «هيومن رايتس ووتش» ومنظمة العفو الدولية بيانين منفصلين وأعربتا عن مخاوفهما من تعامل السلطات مع المعتقلين في احتجاجات الأيام الماضية.
وأشارت «هيومن رايتس ووتش» إلى أن تقارير جديدة عن اثنين على الأقل من المحتجزين الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات الأخيرة في مدينتي طهران وأراك، وقالت: إنها «تثير مخاوف خطيرة بشأن معاملة آلاف الأشخاص الذين اعتقلتهم القوات الحكومية خلال الاحتجاجات الواسعة». وتابعت: «على السلطات الإيرانية أن تكفل التحقيق السريع والمستقل في جميع حالات الاحتجاز والادعاءات المتعلقة بسوء المعاملة، وتقديم أي شخص مسؤول إلى العدالة».
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش» سارة ليا ويتسن: إن «التقارير عن الوفيات تبرز الأهمية القصوى للتحقيق في هذه الحالات فوراً وتقديم أي شخص مسؤول عن سوء المعاملة إلى العدالة. إرث سجن كهريزك، حيث قُتل وعُذب متظاهرو عام 2009، بالإضافة إلى الإفلات المستمر من العقاب على هذه الجرائم، يلقي بظلاله على أوضاع الأشخاص الذين اعتقلوا منذ بدء الاحتجاجات».
وتشير التقارير إلى وفاة على الأقل 5 من المحتجزين في السجون خلال الأيام الثلاثة الماضية.
من جهتها، طالبت منظمة العفو الدولية باتخاذ خطوات جدية لمنع تعذيب المعتقلين وزيادة عدد الضحايا في السجون الإيرانية.
من جانبه، وجّه مجمع مدافعي حقوق الإنسان، الذي ترأسه المحامية شيرين عبادي، رسالة إلى المقرر الأممي الخاص بحقوق الإنسان في إيران، وطالب هذا المسؤول الأممي إلزام المسؤولين الإيرانيين بالقوانين الداخلية ومبادئ حقوق الإنسان بـ«أي طريقة ممكنة» من أجل ضمان سلامة المعتقلين وإطلاق سراحهم فوراً.
ويشير بيان مدافعي حقوق الإنسان في إيران إلى المادة 27 من الدستور الإيراني، التي تجيز التظاهر السلمي في إيران منتقداً لجوء السلطات إلى العنف في مواجهة المحتجين.
أول من أمس، قال النائب عن مدينة طهران، محمود صادقي، لموقع «خانه ملت»: إن السلطات اعتقلت نحو 3700 شخص منذ بداية الاحتجاجات في 28 ديسمبر (كانون الأول) في مدينة مشهد وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.
وقال صادقي قبل ذلك بيومين: إن السلطات اعتقلت نحو 90 طالباً من جامعات طهران، لكن جامعة طهران أعلنت اعتقال 41 من طلابها، بينما لم تصدر الجامعات الأخرى أي موقف حول طلابها المعتقلين.
وأفادت وكالة «ايلنا» نقلاً عن المساعد الثقافي في جامعة طهران مجید سرسنغي بأن السلطات أطلقت سراح 16 طالباً من طلاب جامعة طهران على أن «تطلق سراح الآخرين خلال اليومين المقبلين».
في 9 يناير (كانون الثاني)، قال صادقي، عضو البرلمان، لوكالة أنباء «خانه مِلَّت»: إن السلطات اعتقلت 3700 شخص خلال الاحتجاجات التي بدأت في 28 ديسمبر (كانون الأول) في مشهد، وانتشرت في جميع أنحاء البلاد. كما قدر عدد الطلاب الذين اعتقلتهم السلطات ما بين 40 و68، لكن التقديرات السابقة تشير إلى اعتقال عدد أكبر من الطلاب، بمن فيهم عشرات الناشطين الطلاب وأعضاء المجموعات الطلابية الجامعية.
وقال وزير العلوم الإيراني، منصور غلامي، أمس: إن الرئيس الإيراني حسن روحاني أصدر أوامره بالإفراج عن جميع الطلاب الذي تم اعتقالهم خلال المظاهرات المناهضة للسلطة في إيران الأسبوع الماضي.
في سياق متصل، أصدر مركز مكافحة العنصرية في إيران بيانا حول موجة الاعتقالات الواسعة في الأحواز وبحسب البيان فإن أهالي الأحواز نزلوا إلى الشارع ورددوا هتافات ضد الفساد الاقتصادي والديكتاتورية قبل أسبوعين من انطلاق الاحتجاجات الكبيرة في مشهد في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وعن مطالب المحتجين في المدينة، أشار البيان إلى التمييز السياسي والاقتصادي والعرقي، وبخاصة على صعيد تلوث البيئة ونقل المياه وتجفيف الأنهار. ولفت البيان إلى اعتقال أكثر من 1300 شخص بناءً على تقارير ناشطي حقوق الإنسان خلال 12 يوماً شهدت الأحواز فيها احتجاجات. وبحسب البيان، فإن ثلثي المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة هم من القوميات العربية واللرية والكردية.
يشار إلى أن السلطات لم تعلن بعد حصيلة المعتقلين في كرمانشاه وكردستان ولرستان وهمدان والأحواز. وأوضح البيان أن السلطات تحتجز في سجن شيبان أكثر من ستة آلاف معتقلا في حين تبلغ طاقته الاستيعابية ألفي معتقل، كما أشار إلى إعادة فتح سجن كارون وسط مدينة الأحواز بعد شهور من إغلاقه.
مخاوف دولية على مصير المعتقلين في إيران
محاربة الفقر المطلق على جدول أعمال إدارة روحاني بعد الاحتجاجات ومجلس النواب الأميركي يدعم المحتجين
مخاوف دولية على مصير المعتقلين في إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة