الجيش الليبي يحرر آخر معاقل المتشددين في بنغازي

حفتر يشترط إجراء الانتخابات في وجود مراقبين دوليين وعرب

مؤيدون لحفتر في مدينة بنغازي (رويترز)
مؤيدون لحفتر في مدينة بنغازي (رويترز)
TT

الجيش الليبي يحرر آخر معاقل المتشددين في بنغازي

مؤيدون لحفتر في مدينة بنغازي (رويترز)
مؤيدون لحفتر في مدينة بنغازي (رويترز)

أعلن الجيش الليبي أمس عن تحرير منطقة سيدي إخريبيش في مدينة بنغازي (شرق البلاد)، وتطهيرها من الجماعات المتشددة، منهيا بذلك آخر معاقلهم في المدينة.
وكان القائد العام للقوات المسلحة المشير أركان حرب خليفة حفتر، أعلن في يوليو (تموز) الماضي تحرير مدينة بنغازي بكاملها من كل الجماعات الإرهابية.
وفي يونيو (حزيران) الماضي طالب حفتر، القوات الخاصة بمزيد من التقدم والاستمرار لحسم المعارك في منطقتي الصابري ووسط البلاد بمدينة بنغازي. ورد آمر القوات الخاصة قائلاً: «قطعنا العهد أمام الشعب الليبي لاجتثاث الإرهاب والقضاء عليه، وإننا بعون الله سنقضي على باقي فلول الإرهاب، وستظل القوات الخاصة ضد هذه الجماعات ونحن على نفس العهد ونفس الدرب».
وتحارب قوات الجيش ميليشيات مسلحة في ثاني أكبر المدن الليبية في إطار صراع أوسع يجري منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.
وتعارض القوى الغربية رفع الحظر عن ليبيا في ظل شكوك بشأن الجهة التي قد تصل إليها الأسلحة في موقف يتسم بالفوضى.
وكشف المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري، عن وجود ما أسماه بـ«تسجيلات» لدى السلطات الأمنية، تثبت التعاون بين قطر وتنظيم القاعدة، مرحباً بالانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تخطط بعثة الأمم المتحدة لإجرائها قبل نهاية العام المقبل، شريطة وجود مراقبين دوليين وعرب.
وقال المسماري في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، بمدينة بنغازي شرق البلاد: «إن التسجيلات التي يمتلكها الجيش والسلطات المختصة، تؤكد دعم قطر للتنظيمات الإرهابية بالمال والأسلحة لارتكاب عمليات ضد القوات المسلحة والمدنيين في البلاد». وفيما يتعلق بالانتخابات التي تسعى الأمم المتحدة لإجرائها قبل نهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، قال المسماري: «نحن في القيادة العامة نرحب بالانتخابات، لكن شريطة وجود مراقبة دولية من الأمم المتحدة والدول العربية للانتخابات في ليبيا لضمان حيادها ونزاهتها». وتابع المسماري: «نحن كجيش ليبي سوف نقوم بحماية مراكز الاقتراع في ليبيا»، مطالباً مجلس النواب بسرعة إصدار قانون الانتخابات، وفقاً للإعلان الدستوري الذي يخول البرلمان إصدار القانون قبيل انطلاق العملية الانتخابية.
واعتبر أنه يتعين «على مجلس النواب إيقاف كل ما يتعلق بالسياسة والحوار، والتوجه مباشرة إلى إصدار قانون للانتخابات يحدد ماهيتها واتجاهاتها وشروطها، حتى يعرف المواطن ما هي واجباته وحقوقه في هذه الانتخابات».
وشدد المسماري على أنه «لا يمكن أن تخضع المؤسسة العسكرية إلا لقيادة مدنية منتخبة»، مشيراً إلى أن «هذه الأزمة المختلقة يجب أن تنتهي من خلال إجراء انتخابات؛ لأن هناك عصابات تساوم على مستقبل ليبيا».
وأضاف: «يجب أن نعطي الشعب الليبي الحرية الكاملة ليقول كلمته عبر صناديق الاقتراع، من خلال انتخابات حرة ونزيهة وآمنة، إذا الشعب أراد السير نحو الانتخابات، فله كل الحرية».
كما طالب المواطنين بالإسراع في التسجيل بالانتخابات للحفاظ على أصواتهم، وقال: إنه يجب أن تكون الانتخابات شفافة ونزيهة وعلى درجة عالية من التأمين، مؤكداً أن القوات المسلحة الليبية ترحب بها من دون تلاعب.
إلى ذلك، دعت حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، في العاصمة اللبيبة طرابلس، الحكومة الإيطالية إلى إيجاد آلية لاستعادة لاعبين ليبيين محكومين بالسجن في روما بسبب محاولتهم دخول إيطاليا بطريقة غير شرعية.
وقالت في بيان لها: إن فتحي المجبري، نائب السراج وعضو المجلس الرئاسي للحكومة، الذي أنهى مقاطعته لاجتماعاتها، وناقش أول من أمس مع وزير العدل محمد لملوم، ورئيس هيئة الشباب والرياضة زياد قريرة، ورئيس نادي أهلي بنغازي خالد السعيطي، آلية التنسيق مع الجهات ذات العلاقة للتواصل مع الحكومة الإيطالية، بشأن الإفراج عن 3 لاعبين معتقلين في إيطاليا بسبب محاولتهم دخولها بطريقة غير شرعية. وتعهد المجبري التواصل مع القنوات المختصة بشأن عودة اللاعبين لقضاء فترة محكوميتهم في ليبيا.
وكانت محكمة إيطالية قد حكمت مطلع الشهر الحالي، على اللاعبين الليبيين عبد الرحمن عبد المنصف وطارق جمعة العمامي من نادي التحدي الليبي، وعلاء فرج المغربي من نادي أهلي بنغازي، واللاعب محمد الصيد من طرابلس، بالسجن 30 عاماً بتهم تجارة البشر والهجرة غير الشرعية.
ونظم أهالي اللاعبين الليبيين مظاهرة وسط مدينة بنغازي مؤخراً، للمطالبة بتدخل السلطات للإفراج عن أبنائهم، حيث زعموا أن رغبتهم في الاحتراف بالخارج دفعتهم للهجرة غير الشرعية عن طريق ركوب الجرافات من مدينة زوارة إلى إيطاليا.
من جهة أخرى، أعادت ليبيا مساء أول من أمس، 142 مهاجراً بشكل غير مشروع إلى غينيا بالطائرة بمساعدة المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، حيث تكثف عمليات الترحيل لتخفيف التكدس الشديد في مراكز الاحتجاز لديها. وأعادت المنظمة الدولية للهجرة المهاجرين الغينيين من مدينتين بالغرب إلى مدينة مصراتة، حيث ركبوا طائرة في طريقها لكوناكري.
إلى ذلك، أعلن مصدر مسؤول بالمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، عن إخماد حريق اندلع إثر تفجير أنبوب لنقل النفط الخام قرب منطقة «مرادة» بمنطقة الهلال النفطي شرقي البلاد، بعد أن كان متوقعاً إخماده في نحو أسبوع.
وقال المصدر: إن «فرق إطفاء مشتركة تابعة لشركتي سرت والواحة لإنتاج النفط والغاز، تمكنت بعد عملية استمرت لأكثر من يوم كامل، من إخماد الحريق الذي نشب بأنبوب النفط بالقرب من مرادة، إثر تفجير تعرض له من قبل مسلحين».
من جهته، اعتبر العميد أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، الحادث بمثابة عملية إرهابية، موضحاً أنه يتم حالياً ملاحقة العناصر الإرهابية التي هربت غرب البلاد.
ورأى المسماري أن المقصود «هدم مقدرات البلاد وخلق فوضى اقتصادية لإطالة أمد الأزمة الليبية»، لافتاً إلى أن الجيش الوطني وسلاحه الجوي تصدوا لمحاولات تنظيم داعش ارتكاب عمليات إرهابية في ميناء السدرة.
وتعرض خط النفط الخام «الزقوط - السدرة» التابع لشركة «الواحة»، ويبعد 15 كيلومتراً غرب بلدة مرادة، بمنطقة الهلال النفطي، شرقي ليبيا، إلى تفجير من قبل مجهولين، وضعوا عبوات ناسفة على جانبي أنبوب النفط بالقرب من البلدة، بحسب مصدر بالمؤسسة الوطنية للنفط.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.