عباس: أي قرار بشأن القدس سيحررنا من التفاهمات

«فتح» تستنفر الفلسطينيين وتستعد لـ«أيام غضب شعبي»

(أ ف ب)
(أ ف ب)
TT

عباس: أي قرار بشأن القدس سيحررنا من التفاهمات

(أ ف ب)
(أ ف ب)

حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أن أي قرار أميركي بشأن القدس، سيواجه باحتجاجات واسعة داخل الأراضي الفلسطينية، وفي العالمين العربي والإسلامي، وسينطوي على مخاطر لا تحمد عقباها، وسيدفع بالمنطقة إلى مزيد من التوتر.
ونقل مستشار عباس نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، رسالة من الرئيس إلى الإدارة الأميركية، عبر القنصل الأميركي العام في القدس دونالد بلوم تضمنت رفضاً قاطعاً لأي قرارات أميركية تتعلق بالقدس، سواء لجهة نقل السفارة الأميركية إلى المدينة، أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وجاء في الرسالة أن أي إجراء أو قرار تتخذه الإدارة الأميركية للمس بالوضع القائم في مدينة القدس «مرفوض ويتعارض مع دور واشنطن كوسيط وراعٍ لعملية السلام، ويخرجها من هذا الدور، ويغلق كل باب أمام الاستمرار في عملية سلام جادة، ويدفع بالمنطقة برمتها إلى مزيد من التوتر والتصعيد».
وأوضح أبو عمرو للقنصل الأميركي أن «أي إجراء في اتجاه نقل السفارة أو الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل، سيجابه باحتجاجات واسعة داخل الأراضي الفلسطينية وفي أنحاء أخرى من العالم الإسلامي، لأن القدس ليست فقط عاصمة دولة فلسطين بل شأن عربي وإسلامي أيضاً». وأكد أن أي إجراء أميركي «سيحرر القيادة الفلسطينية من أي تفاهمات سابقة مع الإدارة».
وحمّل واشنطن «المسؤولية عن التداعيات الخطيرة الناجمة عن إقدام الإدارة على نقل سفارتها إلى القدس أو الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل»، وطالبها بمراجعة موقفها «للحفاظ على ما تبقى من فرص لتحقيق السلام وعدم الإقدام على أي خطوة من شأنها تهديد هذه الفرص».
وتأتي الرسالة الفلسطينية الجديدة للأميركيين ضمن سلسلة خطوات استباقية، تضمنت كذلك طلباً فلسطينياً رسمياً لعقد اجتماعين طارئين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، واتصالات أجراها عباس مع رؤساء دول عربية وغربية ومسؤولين.
وأرسل عباس، أمس، رسالة خطية إلى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، طالبه فيها بالتدخل لمنع اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة، كما أرسل رسالة خطية أخرى لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون للغرض نفسه.
ويخشى الفلسطينيون من أن يعلن الرئيس الأميركي في خطاب مرتقب غداً، القدس عاصمة لإسرائيل، بحسب ما رجح مسؤول أميركي كبير أيده مساعدون لترمب قالوا إن القرارات الوشيكة بشأن القدس، ستأتي بعد مشاورات داخلية مكثفة شارك فيها الرئيس بصفة شخصية.
ويستعد الفلسطينيون لمواجهة أي إجراءات أميركية عبر مسيرات ومظاهرات واسعة على الأرض وإعلان قرارات سياسية. ودعمت السلطة هذا التوجه الذي ستقوده حركة فتح. ودعا بيان صادر عن الحركة التي يتزعمها عباس، أمس، المواطنين إلى «تحمل مسؤولياتهم أمام التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية في ضوء الأنباء التي تتحدث عن قرب إعلان الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها».
وجاء في البيان أن «جماهير الشعب الفلسطيني مطالبة اليوم بمواجهة هذا العدوان ليس على الفلسطينيين فحسب، وإنما على المسلمين والمسيحيين في العالم أجمع، في حال تضمن خطاب الرئيس ترمب يوم الأربعاء قراراً بنقل السفارة الأميركية إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وهذا الإجراء يدمر عملية السلام وحل الدولتين».
وقالت «فتح» إن القضية الفلسطينية «تتعرض لاستهداف وهجوم غير مسبوق عبر حكومة الإرهاب في تل أبيب تارة وفي واشنطن تارة أخرى»، ودعت المواطنين إلى «الانتصار للقدس التي جسد إنسانيتها وكينونتها الفاروق عمر بن الخطاب بعهدته العمرية، والتي حررها صلاح الدين الأيوبي».
وأعلنت «حالة استنفار في القواعد التنظيمية للحركة من أجل التصدي للمخاطر التي تواجهها القضية الفلسطينية». ودعمت منظمة التحرير هذا التوجه، وأرسلت إلى النقابات من أجل «الاستعداد لحالة غضب شعبي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.