زاملت الفنانة الكبيرة الراحلة شادية، عدداً كبيراً من الفنانين المصريين خلال مشوارها الفني الطويل، ويحتفظ الكثير منهم بعدد من المواقف الطريفة والإنسانية التي لا تنسى معها؛ إذ وصفوها بالراقية والطيبة.
ويقول الفنان المخضرم حسن يوسف، الذي شارك «الدلوعة» بطولة فيلمها الشهير «التلميذة» عام 1961: «الفنانة الراحلة كانت إنسانة راقية فناً وخلقاً، وكل جمهورها يحبها، وهي كانت تحب كل زملائها، وقد كانت أيضاً في الاستوديو، تحب كل العاملين معها، ابتداءً من أصغر عامل حتى أكبر شخص في الاستوديو، فكنا نطلق عليها (الدلوعة) نظراً لخفة دمها، فقد كانت فنانة جميلة فعلاً».
وعن ذكرياته الفنية معها قال يوسف: «تركت أثراً طيباً في نفوس كل من عمل معها، ورغم اعتزالها الفن منذ سنوات طويلة، فإنها كانت تتواصل مع أسرتي، وتقوم بالاتصال بزوجتي شمس البارودي، للاطمئنان علينا، وكانت زوجتي تبادلها الاتصالات كذلك».
وأضاف الفنان الكبير قائلاً: «لقد قمت بالعمل معها في ثلاثة أفلام، وكانت تجمعني بها صداقة قوية؛ فقد كان المخرج حلمي رفلة، متبني أعمال الفنانة شادية، مثلي أنا وزوجتي شمس البارودي، ومن هنا جاءت صداقتي القوية بشادية من خلال هذه اللقاءات، وقد كانت أول بطولة لي في السينما معها في فيلم (التلميذة)، وكذلك فيلم (زقاق المدق)».
وتابع: «تشاركنا أيضاً في فيلم مصري - ياباني مشترك بعنوان (جريمة على ضفاف النيل)، كنت أنا وهي من الجانب المصري، وبعض الممثلين اليابانيين». ولفت إلى أن «لقب (خفيفة الظل) و(الدلوعة)، أحسن لقبين أٌطلقا عليها؛ لأنها كانت تعمل أدواراً قوية جداً وصعبة، بجانب أنها كانت تغني أغاني جميلة وخفيفة وممتعة، وبخاصة أغاني (الطقطوقة)».
وأيّد الفنان الكبير حسن يوسف قرار اعتزال الفنانة الراحلة في منتصف ثمانينات القرن الماضي، بقوله: «أعتقد أنها اعتزلت في الوقت المناسب، واعتزلت لسبب قوي جداً، وهو الالتزام الديني، حيث أحبت أن تعوض ما فاتها من حياتها، وأن تترك كل شيء في الفن، وتبتعد تماماً عن المجال، لتستكمل باقي عمرها بالقرب من الله، حتى رحلت عن دنيانا».
بدوره، قال الفنان أحمد بدير، الذي شارك شادية في عملها المسرحي الوحيد «ريا وسكينة»: «كان من أحلامي الوقوف أمام الفنانة الكبيرة شادية الذي يعشقها كل الناس؛ لأنها إنسانة عظيمة، ولديها صفات جميلة فهي أكثرهم تواضعاً وحباً لمن يعمل معها، فقد كانت تساعد جميع العاملين لدرجة أنها تبرعت بنصف أجرها لهم، فهي نموذج لا يتكرر كثيراً؛ لأنها كانت ملتزمة في المواعيد فقد كانت تحضر قبل الكومبارس، وتساعد الكثير من العمال مادياً».
وعن ذكرياته معها أثناء عرض مسرحية «ريا وسكينة» قال: «كانت أوقاتاً رائعة؛ فقد كنت لا أقوم بالتمثيل، بقدر ما كنت أقوم بمشاهدة هذه الفنانة الرائعة، وهي تبدع على المسرح، من خلال إحساسها وحركاتها، فهذه الفنانة معجونة بالفن والصدق والإخلاص في العمل، قد كانت فنانة هادئة ولا تتحدث كثيراً، وإنسانة جداً ومحبة لكل من حولها وكل الناس كانت تحبه».
وتابع: «أرفض تجسيد حياتها في عمل فني، فهي سيرة ذاتية جميلة، لا يستحب أن نفسدها بعمل مسلسل لن يوفيها حقها، وأتمنى لها الرحمة».
من جانبها، قالت الفنانة إلهام شاهين التي شاركت شادية آخر أعمالها الفنية فيلم «لا تسألني من أنا»، إنتاج عام 1984، لـ«الشرق الأوسط»: كنت وجهاً جديداً في ذلك الوقت، وأدرس في العام الثاني بمعهد السينما، ومن المواقف التي لا تنسى، أثناء تصوير الفيلم أنه جاء موعد الامتحانات، وكنت في بداية مشواري الفني، ولا أستطيع أن أقول للمخرج أشرف فهمي، إنني لم أتمكن من التواجد في موعد التصوير في الصباح الباكر، ولاحظت القديرة شادية أن وجهي عابس فسألتني (ما بكِ؟)، وحكيت لها الموضوع، فوجدتها تقول لي متى مواعيد الامتحانات؟... ثم أبلغت المخرج أن لديها ظروفاً، ولن تستطيع حضور التصوير إلا بعد الساعة الرابعة مساءً، عقب انتهائي من أداء الامتحانات، وهذا موقف يدل على أنها إنسانة عظيمة، وطلبت مني عدم إخبار أحد بما فعلته».
وتابعت شاهين قائلة: «شادية تربعت في قلوب جماهيرها، وكذلك تلاميذها، وأنا أعتبر نفسي واحدة من تلاميذها، بجانب أنها على المستوى الإنساني، كانت من أرقى وأنقى الشخصيات، التي قابلتها في حياتي، فهي كانت إنسانة طيبة جداً، وملتزمة في عملها إلى أقصى درجة، وكانت أول من يحضر إلى موقع التصوير، وكانت هادئة الطباع وراقية الأسلوب، فقد كنا بين مشهد وآخر، نتبادل أطراف الحديث عن زمانها وذكرياتها حول أعمالها الفنية».
إلى ذلك، يحكي نادر، ابن الفنان الراحل عماد حمدي، الذي تزوج والده من الفنان شادية، وأكثر من وقف معها أمام كاميرات السينما، قائلاً: «أنادي الفنانة الكبيرة بـ(ماما شادية)، فأنا أحمل لها كل الحب والتقدير، وبدأت معرفتي بها عندما سافرت مع والدي إلى أسوان لتصوير فيلم (الناس والنيل)، عام 1972، وكانت بصحبته زوجته شادية، وقدمني لها والدي، وكنت وقتها طالباً في معهد السينما، وأخذتني بالحضن، ومنذ هذه اللحظة بدأت صداقتنا والتواصل بيننا، وكنت أزورها دائماً».
وتابع: «لا أنسي مواقفها الإنسانية معي، عندما أجريت عملية جراحية في القلب عام 1990 خارج مصر، فقد كانت دائمة التواصل معنا، أنا وزوجتي، التي توفيت بمرض السرطان منذ سنوات، فهي كانت تملك قلباً طيباً وحنوناً لا مثيل له، ربنا يرحمها، ويصبرنا على فراقها».
قالوا عن شادية: تتميز بوفاء إنساني وقلب طيب
«الشرق الأوسط» ترصد ذكريات الفنانين مع «دلوعة الشاشة»
قالوا عن شادية: تتميز بوفاء إنساني وقلب طيب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة