وفد قيادي من «حماس» يصل طهران للقاء مسؤولين إيرانيين

العاروري يدعم استعادة العلاقة مع إيران وله علاقات وثيقة مع الحرس الثوري و«حزب الله»

المرشد الإيراني علي خامنئي وإسماعيل هنية في لقاء جمعهما بطهران عام 2006 (أ.ف.ب)
المرشد الإيراني علي خامنئي وإسماعيل هنية في لقاء جمعهما بطهران عام 2006 (أ.ف.ب)
TT

وفد قيادي من «حماس» يصل طهران للقاء مسؤولين إيرانيين

المرشد الإيراني علي خامنئي وإسماعيل هنية في لقاء جمعهما بطهران عام 2006 (أ.ف.ب)
المرشد الإيراني علي خامنئي وإسماعيل هنية في لقاء جمعهما بطهران عام 2006 (أ.ف.ب)

وصل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أمس إلى العاصمة الإيرانية طهران على رأس وفد قيادي من الحركة لعقد لقاءات مع مسؤولين إيرانيين، في أول زيارة له منذ توليه منصبه الجديد، وهي ثاني مهمة يقوم بها بعد التوقيع على اتفاق المصالحة مع حركة فتح في العاصمة المصرية القاهرة، ممثلا عن الحركة في 12 من الشهر الحالي.
وقال بيان لحركة حماس: إن الوفد يضم كلا من عزت الرشق، مسؤول العلاقات العربية والإسلامية، ومحمد نصر، الذي كان مسؤولا عن العلاقات بين الجانبين، وأسامة حمدان، المسؤول السابق عن العلاقات الخارجية بالحركة، وزاهر جبارين، وهو أسير محرر، وسامي أبو زهري، وخالد القدومي مسؤول مكتب حماس في طهران، مضيفة أن الوفد سيلتقي مسؤولين إيرانيين كبارا خلال الزيارة التي ستستغرق أياما عدة.
وبحسب البيان، فإن الوفد سيناقش مع المسؤولين الإيرانيين آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، وبخاصة ملف المصالحة مع حركة فتح، والعلاقات الثنائية وتطورات الصراع مع الاحتلال.
وقال مسؤول في الحركة، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن الوفد رفيع المستوى، سيجتمع مع عدد من المسؤولين الإيرانيين خلال الزيارة التي ستستغرق أياما عدة، مبرزا أن الوفد سيناقش أيضا «سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين حماس وإيران، والتأكيد على مواصلة الدعم الإيراني المالي والسياسي وبالسلاح للحركة».
وكان يحيى السنوار، رئيس «حماس» في قطاع غزة، قد أكد أن «إيران هي الداعم الأكبر للسلاح والمال والتدريب لكتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس».
وتأتي هذه الزيارة في ظل توجه جديد لدى «حماس» بتعزيز العلاقات مع إيران على أعلى مستوى ممكن، وضمن محاولات إيرانية، ومن «حزب الله» اللبناني من أجل إعادة العلاقات بين «حماس» والنظام السوري كذلك، وذلك بعد سنوات من الخلافات الكبيرة بسبب موقف «حماس» من التطورات السورية.
وساعد تيار العسكر، الذي يمثله العاروري ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار وآخرون، باتجاه التقارب مع إيران، بخلاف رئيس المكتب السياسي السابق لـ«حماس» خالد مشعل، الذي كان متحفظا، ورفض زيارة طهران.
وكان يحيى السنوار رئيس «حماس» في القطاع، قد قال أول من أمس: إن «إيران هي الداعم الأكبر للسلاح والمال والتدريب لكتائب القسام»، مضيفا: «واهم من يظن أننا سنقطع علاقتنا بإيران».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»: إن «حماس» تسعى لتجديد دعم إيران لها بعد أن توقف لسنوات، ثم أصبح يصل بشكل محدود.
وأضافت المصادر، أن «العلاقة تسير باتجاه صحيح».
وتعاني «حماس» مؤخرا من أزمة مالية كبيرة، اضطرت معها إلى تخفيض مصاريف جناحها العسكري، وكذلك رواتب عناصرها.
وتعد زيارة العاروري، وهو أحد أقوى الشخصيات في حركة حماس، وتتهمه إسرائيل بمحاولة تنشيط الحركة في الضفة والوقوف خلف عملياتها هناك، ذات دلالة مهمة؛ إذ من شأن الزيارة الوصول إلى اتفاق كبير بين إيران و«حماس»، خصوصا أن العاروري زار طهران قبل ذلك والتقى مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني.
وقبيل انتخابه في منصبه الجديد، زار العاروري مع قيادات أخرى طهران في شهر أغسطس (آب) الماضي للمشاركة في احتفالات تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني بالولاية الثانية له، حيث التقى قيادات ومسؤولين إيرانيين كبارا على هامش تلك المشاركة. كما التقى العاروري مسؤولين إيرانيين مؤخرا في العاصمة اللبنانية بيروت على شرف دعوة من «حزب الله».
ويدعم العاروري بقوة إعادة العلاقة مع طهران وسوريا كذلك، وهو على اتصال وثيق مع «حزب الله» اللبناني، ويبدو أنه الآن انتقل إلى مربع قيادة الحركة من أجل العودة إلى إيران.
كما يحظى العاروري بدعم قوي من التيار العسكري والأسرى المحررين، الذي شكل نجاحهم في انتخابات «حماس»، مؤشرا واضحا على التغيرات داخل الحركة.
وكانت «حماس» قد غيرت ميثاقها الأصلي وأدخلت عليه تعديلات كبيرة قبل أن تطور علاقتها مع مصر، ثم تذهب إلى مصالحة مع حركة فتح.
ولا يعرف على وجه الدقة ما إذا كان العاروري هو الشخصية الذي أُشيع أنها زارت دمشق سرا مؤخراح بهدف إعادة العلاقات بينهما بوساطة من «حزب الله».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»: إن «حماس» منفتحة أكثر من أي وقت مضى على إعادة العلاقة مع سوريا، لكنها لا تستعجل ذلك بسبب حساسية الأمر.
وتخلصت «حماس» في وثيقتها الجديدة من عبء العلاقة مع الإخوان المسلمين، الذين كانوا يشكلون بالنسبة للحركة عائقا تجاه استعادة العلاقة مع مصر وكذلك مع سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.