تعديل وزاري واسع في تونس شمل 13 حقيبة

حركة {النهضة} حافظت على حقائبها الوزارية الثلاث

رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال جلسة للبرلمان في 20 يوليو الماضي (رويترز)
رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال جلسة للبرلمان في 20 يوليو الماضي (رويترز)
TT

تعديل وزاري واسع في تونس شمل 13 حقيبة

رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال جلسة للبرلمان في 20 يوليو الماضي (رويترز)
رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال جلسة للبرلمان في 20 يوليو الماضي (رويترز)

أعلن يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، أمس عن تركيبة جديدة للحكومة إثر تعديل وزاري تجاوز حدود سد الشغور في ثلاث وزارات (المالية والتربية والتعاون الدولي)، إلى تغييرات هيكلية شملت وزارات سيادية على غرار وزارتي الدفاع والداخلية. وشمل التعديل الوزاري الواسع 13 حقيبة وزارية، و7 وزارت دولة.
وأبقى التعديل الوزاري على هيمنة حزب النداء وحركة النهضة على المشهد السياسي. وينتظر من الحكومة الجديدة أن تحلحل الملفات الاجتماعية والاقتصادية، وأن تجيب على اتهامات المعارضة لها بـ«الفشل في الاستجابة لانتظارات التونسيين».
ومن خلال التركيبة الجديدة للحكومة، فقد أسندت حقيبة وزارة الداخلية إلى لطفي براهم (آمر الحرس الوطني) خلفاً لهادي المجدوب، وهو متخرج في الأكاديمية العسكرية بتونس (شعبة الحقوق). وتقلد براهم العديد من المسؤوليات المركزية صلب الإدارة العامة للحرس الوطني، كما ترأّس العديد من مناطق وأقاليم الحرس الوطني في مختلف جهات تونس.
كما عادت حقيبة وزارة الدفاع الوطني إلى عبد الكريم الزبيدي، الذي كان في السابق على رأس الوزارة نفسها خلفاً لفرحات الحرشاني، كما حافظ خميس الجهيناوي على وزارة الشؤون الخارجية، وأبقى الشاهد على غازي الجريبي على رأس وزارة العدل.
وآلت وزارة المالية إلى رضا شلغوم، وعين حاتم بن سالم على رأس وزارة التربية، وكلاهما توليا مسؤوليات حكومية في عهد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وعين سليم شاكر على رأس وزارة الصحة.
وفي أول ردود الفعل حول التعديل الوزاري الجديد، قال الجيلاني الهمامي القيادي في تحالف الجبهة الشعبية المعارض، إن هذا التعديل شمل قرابة ثلث الحكومة و«كرّس منطق الغنيمة والمحاصصة الحزبية بعد نحو أربعة أشهر من المشاورات السياسية». واعتبر أن الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية، كوّن فريقا حكوميا مواليا له يضمن له مراقبة عمل الحكومة على حد تعبيره، ويتحكم في معظم برامجها.
وانضمّت أسماء جديدة إلى التركيبة الحكومية على غرار فوزي عبد الرحمان الذي تولى وزارة التكوين والتشغيل (حزب آفاق تونس)، ورضوان عيارة وزير النقل خلفا لأنيس غديرة، وعمر الباهي وزير التجارة بعد الفصل بين وزارتي الصناعة والتجارة، وخالد قدور وزير الطاقة والمناجم خلفا لهالة شيخ روحه.
ووفق هذا التعديل الوزاري الذي أثار الكثير من الجدل حول أهميته قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات البلدية في تونس، في تاريخ 17ديسمبر (كانون الأول)، فقد حافظت حركة النهضة (الحزب الإسلامي) الحليف السياسي القوي لحزب النداء على حقائبها الوزارية الثلاث في هذا التحوير الوزاري. ووفق التسريبات الأولية، فقد احتفظ أنور معروف بوزارة تكنولوجيات الاتصال، فيما نقل عماد الحمامي من وزارة التشغيل والتكوين إلى وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وكلف زياد العذاري وزير الصناعة والتجارة بحقيبة وزارة التنمية والتعاون الدولي والاستثمار.
إلى ذلك، حافظ سمير الطيب (حركة التجديد) على حقيبة وزارة الفلاحة، كما احتفظ إياد الدهماني (الحزب الجمهوري) على وزارة العلاقات مع مجلس النواب (البرلمان)، كما بقي مهدي بن غربية ثابتا في وزارة العلاقات مع المجتمع المدني وحقوق الإنسان.
واستكمل يوسف الشاهد، رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تونس، تركيبة الحكومة بعد الحسم في أمر تعديل وزاري اعتبرته معظم الأطراف السياسية «خطوة ضرورية لتعديل الأوتار بعد سنة من تشكيل تلك الحكومة». وباتت التشكيلة الحكومية الجديدة جاهزة بعد الإعلان الرسمي عن عرضها أمس بقصر قرطاج، على الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.
وقاد الشاهد خلال الفترة الماضية لقاءات ماراثونية مع الأحزاب السياسية، وخاصة مع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية. وتضم تلك الأطراف ستة أحزاب سياسية وثلاث منظمات نقابية، على رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى النقابات العمالية في تونس).
وعرض رئيس الحكومة التونسية كل تفاصيل التعديل الوزاري على الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، رغم أن الدستور التونسي الجديد (دستور 2014) لا يحتم عليه عرض مخرجات التعديل الوزاري على رئيس الجمهورية. واعتبر الرئيس التونسي في حوار أجرته معه أمس جريدة «الصحافة اليوم» الحكومية، أن التحوير الوزاري المرتقب هو «بمثابة فرصة الأمل الأخيرة لوضع الأمور في نصابها والابتعاد عن السلوك المغامر»، وأبرز أن «الإنقاذ أصبح مسألة حياة أو موت»، على حد تعبيره.
ومن المنتظر أن يتوجه الشاهد في خطوة دستورية لاحقة إلى مجلس نواب الشعب، ويتقدم بطلب لعقد جلسة عامة في إطار دورة برلمانية استثنائية لمنح الثقة لأعضاء الحكومة الجديدة، بعد عرض برامجهم وسيرهم الذاتية تحت قبة البرلمان.
وكان يوسف الشاهد قد اجتمع ليلة الثلاثاء بالأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج، وعرض خلال هذا اللقاء البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة في أفق 2020 وخريطة طريق الحكومة والبرامج العملية للإنعاش الاقتصادي.
وطرح رئيس الحكومة خلال هذا اللقاء ملف الإصلاحات، وأهمها مواصلة الإصلاح الجبائي والوظيفة العمومية وإصلاح منظومة الضمان الاجتماعي وتطوير وحوكمة المؤسسات العمومية، فضلا عن الإصلاحات المالية ودعم إنعاش الاقتصاد بناء على برنامج إضافي لدفع النمو وتحسين المناخ الاستثماري. كما طرح رئيس الحكومة رؤيته لتعزيز سياسات الإدماج والتشغيل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.