فريد هيات

أميركا.. سياسة بائسة في سوريا

عندما يتحدث الرئيس أوباما بفخر عن تحدي مؤسسة السياسة الخارجية لصياغة سياسته بشأن سوريا، ربما لا يتبادر إلى ذهنه أشخاص مثل فيكي أكين وأحمد مسيتو. قال أوباما مؤخرًا في مقابلة مع جيفري غولدبيرغ من مجلة «ذي أتلانتيك» إنه «فخور للغاية» بقراره بعدم ضرب سوريا بعد أن قتل ديكتاتور هذا البلد، بشار الأسد، 1400 شخصًا أو يزيد، في هجوم بالكيماوي. قال إنه تعرض للانتقاد بسبب رفضه الانصياع لـ«كتيب التعليمات الذي يأتي من مؤسسة السياسة الخارجية»، والذي نصح بتدخل أكبر من جانب الولايات المتحدة. يعتقد الرئيس بأنه يستحق الإشادة لامتلاكه الشجاعة لتجنب مستنقع محتمل.

أميركا ودورها على الساحة العالمية

كيف سيكون شكل العالم اليوم لو أن هاري ترومان أو دوايت أيزنهاو أبديا ذات التوجهات التي يتبعها باراك أوباما على صعيد العلاقات الخارجية، أو دونالد ترامب، وهو الحالة الأشد خطرًا؟ خلال رئاسة أوباما، خاضت الولايات المتحدة تجربة الانسحاب من الشرق الأوسط، منطقة لطالما اعتبرتها واشنطن حيوية لمصالحها. أما لو كان ترامب في موقع الرئاسة، فمن المؤكد أنه كان سيسرع من وتيرة هذا الانسحاب، وتوسيع نطاقه ليصبح عالميًا، وذلك «لأننا بلد فقير الآن»، على حسب قوله أمام المجلس التحريري لـ«واشنطن بوست»، مؤخرًا.

تحديات في طريق محاربة الإرهاب

مع تراجع القيادة الأميركية على الصعيد العالمي في ظل رئاسة الرئيس باراك أوباما، فإنه عمل على الدفاع عن نفسه في مواجهة منتقديه بطرح حجة هشة تقوم على أن البديل الوحيد للتوجه الذي اتخذه كان العدوانية الطائشة. بعد ذلك، جاء تيد كروز - واتضح أنه مجرد رجل مخادع.

توانى أوباما عن اتخاذ موقف إزاء القتل في سوريا

قد تكون من أكثر الأمور المفاجئة في التركة، التي سيخلفها أوباما، هي اختفاء مبدأ «عدم حدوث الشيء مرة أخرى» كمبدأ تطمح إليه السياسة الخارجية الأميركية. أنا لا أعني هنا أن أوباما هو أول رئيس يقف دون أن يحرك ساكنا أمام ما يحدث من فظائع، فهو بالتأكيد ليس الأول. مثلما توانى أوباما عن اتخاذ موقف إيجابي إزاء ما يحدث في سوريا من قتل لمئات الآلاف، وتشريد لأكثر من 11 مليونا، أي نصف عدد السكان، فعل بيل كلينتون من قبله ذلك إزاء الإبادة الجماعية في رواندا، وامتنع الرئيس جورج بوش الابن عن وضع حد لأعمال العنف في دارفور في السودان. مع ذلك عبر كلينتون عن ندمه وأسفه لعزوفه عن القيام بأي شيء في رواندا.

قواعد لعبة روسية مألوفة

عندما منح الكاتب الروسي بوريس باسترناك جائزة «نوبل» للأدب في خريف عام 1958، شن النظام السوفياتي وقتها حملة من الإهانات ضد مواطنه كانت من الوحشية بحيث دفعت المؤلف الذي كان في الثامنة والستين من عمره إلى التفكير في الانتحار. وكانت جريمة باسترناك أنه كتب رواية «د. زيفاغو» التي لم تمجد الثورة البلشفية، وقام بنشر الكتاب في الخارج عندما منعته السلطات الشيوعية في الاتحاد السوفياتي. ومن المحتمل أن يشبه الأميركان الذين يذكرون «د. زيفاغو» بنجمي فيلم عام 1965 جولي كريستي وعمر الشريف والأغنية التي لا تنسى. وحقق الكتاب أعلى المبيعات في الغرب، بينما عُدّ فضيحة في الاتحاد السوفياتي.

العراق.. خيارات بغيضة

بينما بدا أن الشرق الأوسط يتكشف الأسبوع الماضي، تركز معظم جدال لعبة اللوم على ما إذا كان بوسع الرئيس أوباما وما إذا كان يجب عليه الإبقاء على قوات أميركية في العراق بعد عام 2011. ذلك سؤال مهم، لكنه جزء من جدال أكبر بكثير، جدال له عواقب مرعبة للأميركان. انقسم مستشارو الرئيس أوباما طوال فترته الرئاسية الأولى إلى فريقين حول كيفية مكافحة إرهاب الإسلاميين: من يؤمنون بلعب دور نشط، وكانت تساندهم عادة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ومن يؤمنون بلعب دور في الحد الأدنى، وكان يساندهم نائب الرئيس بايدن.

لماذا تقف الولايات المتحدة «مكتوفة الأيدي» حيال سوريا؟

العبارات المذكورة أدناه هي منقولة عن الرئيس الأميركي أوباما؛ وسامانثا باور السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، والصحافية والكاتبة سابقا؛ وفاليري اموس، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: «مجلس الأمن.. يشعر بالفزع حيال المستوى غير المقبول والمتزايد لأعمال العنف، بالإضافة إلى مصرع أكثر من 100 ألف شخص في سوريا، بما في ذلك أكثر من 10 آلاف طفل... ويطالب كافة الأطراف المعنية على الفورن بوضع حد لكافة أشكال العنف».

إعادة النظر في استراتيجية أميركا العالمية؟

قد تقود الهزيمة إلى إعادة التفكير البناء، وقد تقود إلى الانكفاء. فأي طريق سيسلكه الرئيس باراك أوباما بعد النكسات الخارجية؟ ولا أقصد بالهزيمة، كما قد يرى بعض النقاد، أن الرئيس الأميركي «فقد شبه جزيرة القرم». فمن يقع عليه اللوم هناك هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وليس أوباما، تماما كما يقع اللوم في سوريا على بشار الأسد. لم يكن هناك من خيار عسكري عملي يثبط بوتين من غزو أوكرانيا، كما ليس هناك من خيار عسكري لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه. وما يجري الآن من إعادة ترتيب العلاقات الأميركية الروسية أمر يستحق التجربة. لا أحد يعلم ما إذا كان سيصبح للرئيس السابق ديمتري ميدفيديف بديل عملي «للبوتينية».

أوباما أراد تدخلاً لأميركا في دارفور.. فلماذا لا في سوريا؟

لو كنت قلت في 2008 أن إدارة سوزان رايس وجون كيري وباراك أوباما لن تفعل شيئاً بينما يُجوّع ديكتاتور أكثر من ربع مليون شخص من شعبه حتى الموت عمداً، فلم يكن ليصدقك أحد. وأدان الثلاثة ادارة بوش لسماحها بتجويع الناس حتى الموت في دارفور بالسودان وطالبوا في حماس بالتدخل. اليوم تتكشف كارثة انسانية مماثلة في سوريا، إذ تحاصر القوات الموالية لبشار الأسد حوالي 290 ألف شخص قرب العاصمة السورية دمشق، والذين يموتون جوعاً بحسب مسؤولي الأمم المتحدة. يقل عدد الضحايا من القتلى في سوريا عمن قتلوا في دارفور، ولكنه حتى في سوريا فإنه يتجاوز 100 ألف.