زياد عبد الرحمن السديري
رئيس مجلس إدارة "المركز السعودي للتحكيم التجاري".

الشجر و الغاب

يقول مثلٌ غربي: «كمن يبصر الشجر، ولا يرى الغابة»، والمقصود من هذا المثل هو أننا كثيراً ما ننصرف للتفاصيل، فنغفل الكُليّات، أو ننشغل بأمرٍ، وتفوت علينا أمورٌ أخرى أولى منه باهتمامنا، ويكون لارتباطنا بشاغلنا، ولاختياراتنا فيه، تبعات قد تكون جساماً تؤثر في الشأن الأهم على الأمد القريب أو البعيد، قد لا ندرك مبلغها في حينه. فمجريات الأحداث لا تنشأ في فراغ، وما نقرّره اليوم في أمرٍ من الأمور سيكون له أثره غداً، أو بعد غدٍ، في مسائل ربما لم يكن بعضها في الحسبان وقت صنع القرار، وقد لا تكون ذات صلةٍ مباشرةٍ به. والأمثلة على هذا كثيرة.

الإدارة الأميركية والقيود الدستورية... مجدداً

كتبت في مقال سابق («الشرق الأوسط»، الجمعة 24 فبراير/ شباط 2017 - العدد «13968») عن سياسات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، فاستعرضت محاولته إحداث تغييرات كبيرة في السياسة الأميركية بقراره المنفرد، وتوقفت عند تساؤل أحد المراقبين حول ما إذا كان الرئيس ترمب هو الرجل الذي قد يغيّر مسار أميركا جذرياً، كما حدث ذلك في دول أخرى. فنبّهت إلى الفارق بين دول الحزب الواحد أو الحاكم الفرد، والولايات المتحدة، من حيث إن تلك الدول تفتقر إلى مؤسسات الحكم الأخرى المستقلة المشاركة في السلطة، وإلى الإعلام الحر، والمجتمع المدني الفاعل، بينما الولايات المتحدة دولة تقوم فيها مؤسسات تشريعية وقضائية مستقلة، تتقاسم السلطات

المرض الهولندي

في آخر العقد السادس من القرن العشرين الميلادي، اكتُشِف في هولندا مخزونٌ كبيرٌ من الغاز، ونتج عن استخراج هذا المخزون، وتصديره وصرف وارداته في تلك البلاد، آثارٌ ضارة على اقتصادها، تمثلت بارتفاع البطالة وانخفاض الاستثمار فيها، وأطلِق عليها فيما بعد (المرض الهولندي). ويُفسر المحللون هذه الظاهرة؛ فيقولون إن الارتفاع الكبير في صادرات الغاز الهولندي، وتحويل قيمتها إلى العملة الهولندية، التي كانت آنذاك (القيلدر)، أديا إلى زيادة كبيرة في الطلب على هذه العملة؛ فارتفعت قيمتها.

الإدارة الأميركية والقيود الدستورية

تساءل أحد المراقبين إن كان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، سيكون «غورباتشوف أميركا» الذي يفضي حكمه إلى تفكك الولايات المتحدة، كما انتهى حكم غورباتشوف بتفكك الاتحاد السوفياتي.