شاشة الناقد

من فيلم «فالريان ومدينة الألف كوكب»
من فيلم «فالريان ومدينة الألف كوكب»
TT

شاشة الناقد

من فيلم «فالريان ومدينة الألف كوكب»
من فيلم «فالريان ومدينة الألف كوكب»

> الفيلم: Valerian and the City of a Thousand Planets
> إخراج: لوك بيسون
> النوع: خيال علمي ـ فرنسا (2017)
> تقييم:
ليست المشكلة في أن المخرج والمنتج الفرنسي لوك بيسون يحب السينما الأميركية، ففيها الكثير مما يثير الإعجاب، بل في أنه يحب أسوأ ما فيها. أو ربما أفضل ما فيها لكنه يمارس ما يحب بقليل من الاهتمام بأي شيء آخر سوى الاستنساخ.
وما يستنسخه بيسون هنا ليس فيلماً معيناً، ولا حتى عدة أفلام يمزجها مثل شوربة خضار متعددة المحتويات، بل أساساً المفهوم الكامن في أن على جمهور اليوم الإقبال على أي شيء تثيره الحركة المتواصلة والشخصيات ذات التصاميم الغريبة والأحداث غير المتوقعة. مفهوم رد عليه الجمهور الأميركي، الذي قصد هذا الفيلم الفرنسي التمويل، بالصد: شكراً، هوليوود تقدّم لنا الكثير من هذه الأصناف هذه الأيام ولسنا بحاجة للمزيد.
في «فالريان ومدينة الألف كوكب» نحن في القرن الثامن والعشرين. هذا وحده كفيل بالقضاء على الاهتمام لأن المسافة الطويلة التي يثب إليها الفيلم ستقوم على افتراضات خالية من المقوّمات حتى على صعيد الفانتازيا. الحياة، إذا استمرت، لا يمكن أن تكون هي ذاتها كما اليوم. المعضلة هي أن ليس في إمكانيات ومنظور بيسون سوى الاستعانة بالتركيبة الحاضرة سواء أكانت في السلوكيات أو حتى في الأدوات والأجهزة المعتادة. نعم هناك قائمة من الميكانيكيات المختلفة عما هي عليه اليوم، لكن الكثير يبقى على حاله أو مستورد بقدر محدود من الاختلاف.
ڤاليريان (دانا ديهان) ولورلين (كارا ديلڤين) ثنائي يشكل فريق طوارئ ومهام صعبة. متخصصان في مكافحة كل ما يتراءى تهديداً للأمن العام، وبناء على أمر صادر من وزارة الدفاع (بعض المهن لا تنقضي) ينطلقان إلى مدينة ألفا التي هي ملجأ أعراق وأجناس بشرية وغير بشرية أمّتها للعيش فيها مع قدر غير مريح من التعايش. مدينة ألفا تجاورها وتعبر عن ألف كوكب آخر، وهذه الكواكب تعيش في سلام مهدد والذي يهدده قوى مجهولة تقبض على زمام أمور مستعصية الفيلم حتى على هواة سينما الفانتازيا ومداومي البحلقة في المؤثرات التقنية الجديدة. مهمّة هذا الثنائي ليست تحسين أدائه على الشاشة (كلما أرادت ديلفين التعبير عن شيء في داخلها ما رفعت عيناها إلى فوق، ربما كان المخرج يصدر تعليماته من بلكون الصالة)، بل إنقاذ ألفا والكواكب الألف والقرن بأسره من مستقبل مدمّـر.
هذه هي الخلاصة بعد جهد ومخاض عسيرين، ذلك أن الأوامر تتوالى بكثرة وكل منها يوجه الثنائي إلى وضع جديد. إن لم تفعل فإنهما يواجهان وضعاً جديداً آخر عليهما مجابهته قبل أن ينجزا المهمّـة السابقة التي تشكل حاجزاً يحول ضد إنجاز المهمّـة الأولى - هل تذكرها؟
كتب المخرج السيناريو، نقلاً عن كوميكس فرنسي وضعه بيير كرستين (نصاً) وجان - كلود مزييه (رسماً) بدءاً من العام 1967. من دون ادعاء معرفتنا بالأصل، فإن الفيلم يأتي خلطة من العوالم المختلفة: المواقع تتنوع من الصحراء، إلى أعماق الماء وأعماق الفضاء معاً. الشخصيات هي بعض البشر والكثير من المخلوقات ذات الأذناب التي تفهم وتتكلم لغة الإنسان. حيوانات مجهولة بكل حجم ممكن. مئات المراكب الفضائية وألوف اللقطات المنفذة على الكومبيوتر. بكلمة واحدة، وعلى حد قول القول الشعبي المعروف «شي بروس (برؤوس) وشي بلا روس»).



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.