اجتماع «أزمة» أمني تركي لبحث التطورات في عفرين وإدلب

مصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» مخاوف أنقرة من موجة لاجئين جديدة

TT

اجتماع «أزمة» أمني تركي لبحث التطورات في عفرين وإدلب

عقد في أنقرة، أمس، اجتماع أمني رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم. وقالت مصادر قريبة من الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إنه تركز بشكل أساسي على التطورات في سوريا ولا سيما الأحداث الأخيرة في إدلب والمخاوف من أن تؤدي سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على المحافظة القريبة من الحدود التركية، إلى نشوء موجة جديدة من اللجوء والإجراءات التي يتخذها الجيش وقوات الدرك على الحدود التركية السورية.
وأضافت المصادر أنه تم أيضا بحث أوضاع البوابات الحدودية مع سوريا وعمليات إدخال المساعدات الإنسانية وشاحنات الأمم المتحدة إلى إدلب. وكانت السلطات التركية أغلقت بوابة جيلفا جوزو ومعبر باب الهوى والمعابر الأخرى على الحدود مع سوريا بعد تقدم «النصرة» في إدلب، وسمحت بعد ذلك بدخول شاحنات المساعدات الإنسانية.
وأشارت المصادر إلى أنه تم التأكيد خلال الاجتماع على الاستمرار في تشديد إجراءات الأمن على الحدود لمراقبة أي محاولات تسلل من جانب المسلحين والعناصر الإرهابية أو حدوث موجة نزوح من إدلب، وإبقاء القوات المتمركزة على الحدود الجنوبية مع سوريا في أعلى درجات التأهب والرد الفوري على أي تهديد من مناطق سيطرة الميليشيات الكردية لا سيما في عفرين ومواصلة العمليات الأمنية التي تنفذها أجهزة الأمن داخل البلاد لإحباط أي خطط أو تحركات للتنظيمات الإرهابية.
وجاء الاجتماع الأمني بعد أيام من إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده يمكن أن تكرر القيام بعمليات عسكرية موسعة على غرار عملية «درع الفرات» في الشمال السوري «إذا اقتضت الضرورة»، لمنع قيام دولة إرهابية على حدودها الجنوبية، في إشارة إلى محاولات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري لإقامة كيان كردي مستقل متاخم للحدود التركية في الوقت الذي تتحالف فيه أميركا مع الميليشيات الكردية التابعة للحزب في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي وعملية تحرير الرقة، معقله في سوريا وهو ما يثير قلقا شديدا من جانب أنقرة.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي، بكير بوزداغ، أكد قبل يومين أن بلاده لم ولن تتوانى عن اتخاذ أي خطوات تحفظ أمنها القومي عندما يحين وقتها، مشددا على أن بلاده معنية بشكل مباشر بالتطورات والاضطرابات خلف حدودها الجنوبية، وأنه لا ينبغي لأحد أن يتوقع تجاهلها ما يجري في محيطها في ظل امتلاكها حدودا بطول 910 كيلومترات مع سوريا.
وفي غضون ذلك ترددت أنباء عن قصف القوات التركية منطقة راجو الواقعة في ريف عفرين، شمال سوريا، والتي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري، وأكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وأشارت تقارير إلى خسائر مادية ووقوع جرحى جراء القصف الذي تجدد بعد فترة من الهدوء، سبقها خلال الأسابيع الماضية قصف من قبل القوات التركية وفصائل الجيش السوري الحر المدعومة، منها استهدف مناطق في ريف عفرين ومناطق سيطرة «قسد» بريف حلب الشمالي، بالتزامن مع قصف من قبل «قسد» على مناطق سيطرة «درع الفرات» بريف حلب الشمالي جنوب أعزاز، ما تسبب بوقوع قتلى وجرحى في معظم المناطق التي تعرضت للقصف.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن، أن الريف الشمالي لحلب يشهد تجدد القصف المتبادل بين «قسد» من جهة، والقوات التركية والفصائل المدعومة منها من جهة أخرى، حيث استهدفت «قسد» مناطق في بلدة كلجبرين التي تسيطر عليها فصائل الجيش الحر، في حين قصفت القوات التركية مناطق في بلدة تل رفعت التي تسيطر عليها «قسد»، كما استهدفت القوات التركية قرية جلبرا الواقعة بريف عفرين، في ريف حلب الشمالي الغربي. وهناك تبادل منتظم للقصف بالصواريخ والمدفعية في الأسابيع الأخيرة بين القوات التركية وعناصر وحدات حماية الشعب الكردية. لكن مسؤولين أتراكا امتنعوا عن تأكيد أي هجوم على عفرين أو القرى المحيطة بها.
وأعربت أنقرة مرارا عن قلقها إزاء تسليم الولايات المتحدة أسلحة إلى وحدات حماية الشعب الكردية في إطار عملية استعادة الرقة من «داعش».
وقالت المصادر التركية لـ«الشرق الأوسط»، إن التطورات في إدلب باتت تشكل مصدر قلق لأنقرة التي تشعر بالتهديد الوشيك الذي يمكن أن تشكله عناصر «جبهة النصرة» على تركيا والتدفق المحتمل للاجئين. وأشارت إلى استمرار الاتصالات التي تجريها أنقرة مع مختلف الأطراف، لا سيما موسكو وطهران، بشأن إقامة منطقة خفض التصعيد في إدلب.
في سياق مواز، أعلن حاكم محافظة آغري، شرق تركيا، سليمان ألبان، أن السلطات بدأت بناء «جدار أمني» على حدودها مع إيران. وأظهرت صور نشرت على الموقع الإلكتروني للولاية نقل كتل إسمنتية ضخمة، وذكرت وكالة أنباء دوغان أن الكتل يبلغ طول كل منها مترين بارتفاع ثلاثة بزنة سبعة أطنان.
وكانت السلطات التركية أعلنت في مايو (أيار) الماضي بناء جدار بطول 144 كم لمنع التحركات عبر الحدود لعناصر حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون كتنظيم «إرهابي»، ويبلغ طول الحدود بين الدولتين قرابة 500 كم.
وبدأت تركيا عام 2015 بناء جدار على حدودها مع سوريا لمنع تسلل عناصر «داعش» ووحدات حماية الشعب الكردية، واتخذت إجراءات أمنية إضافية في المناطق التي اكتملت من الجدار والتي تصل إلى نحو 700 كم من إجمالي 910 كيلومترات هي مسافة الحدود التركية السورية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.