هل تجاوز السياح حدودهم؟

TT

هل تجاوز السياح حدودهم؟

ازدادت في الفترة الأخيرة الشكاوى من أهالي المدن السياحية في أوروبا من "غزو" السياح، كما أطلق عليه متذمرون من الافواج التي تجوب شوارع وميادين مدنهم. ضج السكان المحليون، أو ما تبقى منهم، في فينيسيا، بالشكوى من أعداد السياح في المدينة العائمة خصوصا في الصيف، اشتكوا من الزحام والضوضاء والنفايات. أشار الكثيرون الى أن حركة السياحة المزدهرة تسببت في غلاء الإيجارات، واتفق الكل على أن البواخر السياحية العملاقة التي تزور فينيسيا تتسبب في تلوث المياه وتفرغ أعدادا ضخمة من السائحين الذي يجوبون شوارع المدينة وساحاتها لساعات ثم ما يلبثوا أن يعودوا لبواخرهم لتمضي بهم لمدينة أخرى. ويدرس المسؤولون في فينيسيا تقليص الأعداد في بعض الاماكن المحبوبة خلال المواسم. في مسيرات واعتراضات أهل المدينة، هناك هم مشترك، وهو أن المدينة تفقد روحها وهويتها وتتحول لمدينة ترفيهية أشبه بديزني لاند.
في إيطاليا وصل عدد السياح في العام الماضي إلى 65 مليونا، وزادت نسبة زوار المدن التاريخية، روما وفينيسيا وفلورنسا إلى 31 بالمائة في الفترة ما بين 2009 إلى 2015. ودفعت تلك الأعداد المواطنين للشكوى، وهو ما استجابت له السلطات بدوريات من البوليس تجوب الأماكن السياحية وتفرض غرامات على من يحاولون السباحة في النافورات الشهيرة بروما مثل نافورة "تريفي"، كما تدرس إجراءات لتحديد أعداد الزوار لأهم الأماكن السياحية بها.
في دبروفنيك بكرواتيا أيضا تدرس السلطات تقليص عدد السفن السياحية "كروز" من خمس في اليوم إلى اثنتين؛ وذلك في محاولة للحفاظ على المدينة التاريخية والتي ضمتها اليونسكو لقائمة التراث العالمي.
وكما يبدو الآن يبدو أن حركة السياح في أوروبا قد تتغير بإضافة القوانين التي تسمح للسكان بعيش حياتهم الطبيعية التي لا يعرفها الكثير من السياح.
في زياراتي لمدن إيطاليا مثل فينيسيا وروما، لاحظت أن السائح الذي يكتفي بمشاهدة الأماكن الشهيرة فقط لا يرى المدينة بالفعل، بل يحصل على النسخة المعدة سلفا للسائح مثل المطاعم التي تعلن عن "منيو السائح"؛ وهي أطباق نمطية لا تحتاج لمعرفة عميقة بالمطبخ الإيطالي، هنا فقط ما يحب السائح المتعجل تناوله. المحلات المتراصة في الشوارع الضيقة كلها تقدم التذكارات المتشابهة. وإذا كنت من السائحين الذين يحبون رؤية ما خلف الواجهة السياحية المتعبة، فهناك بلا شك الكثير من المتعة والتفرد، هناك تلتقي أهالي المدينة أو ما تبقى منهم، ترى العائلات والنساء يتبادلن الحديث عبر النوافذ المفتوحة بينما يلعب أطفالهم في الساحات.
في المتاحف الشهيرة مثل اللوفر تلحظ الأعداد الغفيرة للسياح أمام اللوحات المعروفة يلتقطون السيلفي ويمضون، هي بند في جدول رحلاتهم، لا يتوقفون كثيرا أمام أعمال كبار الفنانين العالميين. لاحظت ذلك أكثر من مرة وخاصة أمام لوحة الموناليزا، وأمام تمثال ديفيد لمايكل أنجلو بفلورنسا وغيرها. في أحد القصور العتيقة بروما، كان المهم للسائحين من حاملي عصا السيلفي هو التقاط الصور وليس النظر والاستمتاع بما هو حولهم. ويبقى أن هذه الملاحظات كانت تنطبق على فئة السياح التي تعاني منها المدن الاوروبية الآن، وليس الجادين منهم ممن يريدون استكشاف ثقافات وحضارات أخرى.
التساؤل الآن هو: هل مضى زمن السياحة الكثيفة والحزم التي تعدها مكاتب السياحة كما ينتهي عصر إزدهرت فيه خطوط الطيران الرخيصة؟ أو بالأحرى هل مضى زمن العولمة؟



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.