تواجه الهدن التي تدعمها موسكو، والتي تم التوصل إليها أخيراً في الغوطة الشرقية وريف حمص، تحديات على الأرض حتى الساعة، في ظل الخروق الكبيرة المستمرة في المنطقتين، بحيث أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الأطراف المتحاربة لا تزال تتبادل إطلاق النار والصواريخ.
وعاود مقاتلو المعارضة وقوات النظام تبادل إطلاق النار بعد بضع ساعات من الهدوء أعقبت سريان الهدنة أول من أمس، وتحدث «المرصد» عن «عمليات استهداف متبادلة» بين الطرفين، وعن قصف مدفعي للنظام لمناطق خاضعة لسيطرة الفصائل، واستخدام الأسلحة الرشاشة. إلا أن الخروق لهدنة ريف حمص ظلت محدودة مقارنة بالخروقات التي تشهدها الغوطة الشرقية، حيث أفيد بسقوط نحو 70 صاروخاً خلال 24 ساعة «في أعنف قصف للمنطقة منذ الإعلان عن منطقة عدم التصعيد»، بحسب المرصد الذي ذكر أنّه سجل مقتل 25 مدنياً على الأقل منذ إعلان هدنة الغوطة الشرقية في 22 يوليو (تموز).
وتتشابه هدنتا الغوطة وريف حمص، باعتبار أنهما نتيجة اتفاقات وقعت بدعم روسي في مصر، علماً بأن ريف حمص هو ثالث منطقة لـ«خفض التوتر»، بعد منطقتين أعلن عنهما الشهر الماضي في جنوب غربي سوريا، بالقرب من الحدود الأردنية والغوطة الشرقية بالقرب من دمشق.
وبحسب مصادر مطلعة على الاتفاق الأخير الذي تم توقيعه في القاهرة، فإن الهدنة ستشمل بوقت لاحق ريف حماة الجنوبي، بعد خروج «هيئة تحرير الشام» منها، أو بعد إقدامها على حل نفسها، كما حصل في الغوطة، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك بعض القرى في ريف حماة مشمولة بالهدنة الحالية، وبالتحديد طلف وعقرب.
وأضافت المصادر: «كما أن هناك بنداً في الاتفاق الأخير يمنع توجيه أي ضربة لـ(هيئة تحرير الشام) حتى تاريخ العاشر من سبتمبر (أيلول)، وهي المهلة المعطاة لها لمغادرة ريف حمص، أو حل نفسها».
وأعلن «المرصد»، يوم أمس، أن محافظة حماة (غرب البلاد) شهدت في الساعات الماضية «اشتباكات هي الأعنف منذ شهور»، لافتاً إلى أن «القتال اندلع نتيجة محاولة القوات الموالية للحكومة التقدم شمالاً، من معان إلى منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة»، فيما ذكر الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» أن «مقاتلي المعارضة هم من حاولوا شن الهجوم، لكن الجيش السوري أحبطه».
وتقاطعت المعلومات حول نشر القوات الروسية، يوم أمس، العشرات من عناصر شرطتها العسكرية على خطوط التماس بين مناطق سيطرة الفصائل ومناطق سيطرة قوات النظام. ونقلت مواقع معارضة عن وسائل إعلام روسية أن الشرطة العسكرية الروسية أقامت نقاط تفتيش على طول خط الاتصال لمنطقة خفض التصعيد الثالثة، شمال مدينة حمص. وأظهر شريط فيديو تم نشره عدداً من العسكريين الروس يقومون بالتحقق من هوية سائقي الشاحنات والسيارات التي تعبر إحدى نقاط التفتيش الجديدة بريف حمص، وفق المواقع المذكورة.
وأفاد مركز الدفاع المدني في ريف حمص الشمالي، يوم أمس، بمقتل شخص وإصابة آخرين بجروح، إثر قصف مدفعي للقوات الحكومية على تلة أبو السناسل. وقال مصدر مسؤول في المعارضة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «قوات النظام قامت بخرق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بعد نحو 10 ساعات من توقيعه، حيث قامت قوات النظام المتمركزة في قرية جبورين، الموالية للنظام، بقصف قرية أم شرشوح، الواقعة تحت سيطرة الثوار، برشاشات الشيلكا من عيار 23».
وقال سيف الأحمد، الناشط المعارض الموجود في حمص، لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدنة في الريف لا تزال صامدة، على الرغم من الخروقات التي تم تسجيلها منتصف ليل الخميس على جبهات تلبيسة الغربية وقرى تيرمعلة وغرناطة والفرحانية والطيبة الغربية وكفرلاها وعقرب، والتي تسببت بسقوط قتيل و4 إصابات في صفوف المعارضة».
وأوضح الأحمد لـ«الشرق الأوسط» أن الخروقات «تجددت صباحاً، حين استهدفت حركة أحرار الشام مقراً لقوات النظام بواسطة قذائف مدفعية، رداً على خروقات القوات النظامية مساء».
وتحدث الأحمد عن «مظاهرة خرجت في تلبيسة، أكدت على استمرار الثورة حتى إسقاط النظام، على الرغم من الهدنة، وأن الهدنة لا تعني إنهاء الثورة»، وأضاف: «أما بالنسبة لموقف الفصائل مما يحصل، فيمكن القول إن كل المجموعات موافقة على الهدنة، ما عدا فيلق الشام وجند بدر وكتائب صغيرة في الرستن، بالإضافة لهيئة تحرير الشام»، لافتاً إلى أن الفصائل الموافقة على الاتفاق الذي وقع في القاهرة هي «حركة أحرار الشام وجيش التوحيد وجيش العزة وجيش الإسلام بحمص وفصائل المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية وفصائل الحولة»، وتابع: «لكن لم يصدر بيان رسمي حتى اللحظة بانتظار استكمال تشكيل اللجان المدنية التي ستشرف على تنفيذ ومراجعة بنود الاتفاق».
وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن اتفاق ريف حمص بدأ بدعوة «جيش التوحيد» من «تيار الغد»، متمثلاً بأحمد الجربا، لحضور اجتماع في القاهرة لمناقشة الاتفاقية، وبعد أن استلم علاء العلي، مندوب «جيش التوحيد»، نص الاتفاق، أرسله لقيادته التي اجتمعت بفصائل المنطقة لمناقشته. وأفادت مصادر مطلعة على تفاصيل الاتفاق بأنّه تم توقيعه من قبل علاء العلي، مندوب «جيش التوحيد»، بعد أن توافقت الفصائل في المدينة على ذلك، ووقع الجربا كشاهد، كما وقع عبد السلام النجيب عن كتيبة أحفاد عمر، التابعة لدير بعلبة العاملة في الدار الكبيرة.
تحديات للهدنة في غوطة دمشق وريف حمص... ومعارك في ريف حماة
قوات روسية على خطوط التماس تقيم نقاط تفتيش
تحديات للهدنة في غوطة دمشق وريف حمص... ومعارك في ريف حماة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة