ترمب يحمل الكونغرس مسؤولية تدهور العلاقات مع روسيا

موسكو نددت بالعقوبات واعتبرتها «إذلالاً» للرئيس الأميركي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال فعالية لوزارة شؤون المحاربين القدامى بالبيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال فعالية لوزارة شؤون المحاربين القدامى بالبيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

ترمب يحمل الكونغرس مسؤولية تدهور العلاقات مع روسيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال فعالية لوزارة شؤون المحاربين القدامى بالبيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال فعالية لوزارة شؤون المحاربين القدامى بالبيت الأبيض أمس (رويترز)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، إن العلاقات بين واشنطن وموسكو وصلت إلى مستوى منخفض «خطير جداً» لم تصله من قبل، بعد أن وقع قانوناً صادق عليه الكونغرس يفرض عقوبات على روسيا.
وكتب ترمب على «تويتر»: «علاقاتنا مع روسيا وصلت إلى مستوى منخفض خطير جداً لم تصله من قبل»، مضيفاً: «يمكنكم أن تشكروا على ذلك أعضاء الكونغرس، وهم الأشخاص أنفسهم الذين لا يستطيعون منحنا برنامجاً للرعاية الصحية»، في إشارة إلى عدم موافقة مجلس الشيوخ على برنامج الرئيس للرعاية الصحية.
وفي ما يبدو أنه ردّ على تغريدة الرئيس، قال السيناتور جون ماكين في حسابه على «تويتر» إن «علاقاتنا مع روسيا وصلت إلى مستوى منخفض خطير جدا. يمكنك أن تشكر بوتين للهجوم على ديمقراطيتنا وغزو الجيران وتهديد الحلفاء».
وأدلى ترمب بتصريحاته الغاضبة بعد يوم من توقيعه بتردد على قانون يفرض عقوبات على روسيا أقره الكونغرس، وصفه بأنه «مليء بالعيوب»، وقال إن بعض أحكامه غير دستورية.
ويمنح القانون الذي يستهدف قطاع الطاقة الروسي واشنطن القدرة على معاقبة الشركات المشاركة في تطوير خطوط أنابيب النفط الروسية، ويفرض قيوداً على مصدري الأسلحة الروسية. لكنه يقيد خصوصاً صلاحية الرئيس لجهة إلغاء عقوبات سارية على موسكو، في آلية غير مسبوقة تعكس عدم ثقة الجمهوريين الذين يهيمنون على الكونغرس والقلقين جراء تصريحات ترمب الودية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وندد رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف بالعقوبات، ووصفها بـ«الحرب الاقتصادية الشاملة» على موسكو، وبأنها بددت الآمال بتحسن العلاقات وتظهر «الضعف التام» للرئيس ترمب «بالطريقة الأكثر إذلالاً».
ووقع ترمب على القانون بعيداً عن الإعلام، وكانت ممانعته واضحة في بيان غاضب عقب التوقيع. وقال ترمب إن «الكونغرس وفي عجلته لتمرير هذا القانون، ضمنه عدداً من الأحكام غير الدستورية»، بما في ذلك تقييد قدرة الرئيس على «التفاوض» مع روسيا. وقال ترمب: «قمت ببناء شركة عظيمة فعلاً تساوي مليارات الدولارات. كان هذا سبباً كبيراً لانتخابي. كرئيس، يمكنني إبرام صفقات مع دول أجنبية أفضل بكثير من الكونغرس».
ويستهدف القانون، الذي يتضمن أيضاً إجراءات ضد كوريا الشمالية وإيران، قطاع الطاقة الروسي ويعطي واشنطن القدرة على فرض عقوبات على شركات تنشط في تطوير الأنابيب الروسية ويفرض قيوداً على بعض مصدري الأسلحة الروس. بدورها، ردّت إيران بغضب قائلة إن العقوبات الجديدة «تنتهك» الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع الدول الكبرى، محذرة من أنها سترد «بالشكل المناسب». وفيما يتعلق بروسيا، فإن القانون يقيد خصوصاً صلاحية الرئيس لجهة إلغاء عقوبات سارية على موسكو، في آلية غير مسبوقة تعكس عدم ثقة الجمهوريين الذين يهيمنون على الكونغرس والقلقين من تصريحات ترمب الودية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي بيانه قال ترمب: «معدو الدستور جعلوا الشؤون الخارجية بيد الرئيس. هذا القانون سيثبت حكمة ذلك الخيار». وفي رد على ذلك، قال السيناتور الجمهوري جون ماكين إن «واضعي الدستور جعلوا الكونغرس والرئيس فرعين متساويين للحكومة. هذا القانون قد أثبت حكمة ذلك الخيار». وأضاف: «آمل أن يندد الرئيس بالصراحة نفسها بالسلوك العدائي لروسيا، التي عبّر فيها عن قلقه بشأن القانون».
ويهدف القانون بالدرجة الأولى إلى معاقبة الكرملين على تدخله المفترض في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 وعلى ضم روسيا للقرم. وقال ترمب إنه «سيلتزم» ببعض أحكام القانون، لكنه امتنع عن تأكيد ما إذا سيتم تطبيقه بالكامل أم لا.
واكتفى البيت الأبيض بالقول إن ترمب «سيفكر بدقة واحترام» في «تفضيلات» الكونغرس.
وقال ترمب: «صادقت على هذا القانون باسم الوحدة الوطنية التي تمثل إرادة الشعب الأميركي في رؤية روسيا التي تتخذ إجراءات لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة».
وتسلم الرئيس الأميركي القانون بعد ظهر الجمعة، وانتظر حتى الأربعاء لتوقيعه. وأثار التأخير في توقيع القانون تكهنات بأن ترمب قد يعترض عليه أو يحاول أن يؤجله بطريقة أو بأخرى، بعد أن وافق عليه مجلس الشيوخ بأغلبية 98 صوتاً مقابل صوتين. إلا أن ترمب تجنب، بتوقيعه القانون، أن يتجاوز الكونغرس فيتو يفرضه لتمرير القانون.
وسارعت موسكو، التي توقعت تمرير القانون، إلى إصدار أمر لواشنطن بخفض وجودها الدبلوماسي في روسيا إلى 455 شخصاً قبل الأول من سبتمبر (أيلول) ليتناسب مع حجم البعثة الروسية في الولايات المتحدة.
وقال الكرملين إن توقيع ترمب على العقوبات «لا يغير شيئاً»، في بيان أخف لهجة عن مدفيديف ووزارة الخارجية. وقالت وزارة الخارجية إن العقوبات على روسيا وضعت الاستقرار العالمي في خطر، ووصفتها بسياسة «خطيرة» و«قصيرة النظر» من طرف واشنطن. وقالت: «سبق أن أعلنا أننا لن ندع أعمالاً عدائية من دون رد (...) ونؤكد الاحتفاظ بحق اتخاذ إجراءات رادعة أخرى».
والثلاثاء، أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أنه سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أنه حذر من أن العلاقات الروسية - الأميركية قد تتدهور. وقال إن قرار الكونغرس الأميركي تمرير قانون العقوبات جعل جهود تحسين العلاقات مع موسكو «أكثر صعوبة». ويقوم مدعٍ خاص بالتحقيق فيما إذا كان مستشارو ترمب قد تورطوا فيما تقول الاستخبارات الأميركية إنه محاولة من روسيا للتدخل لصالح ترمب في انتخابات عام 2016 أم لا. وينفي الرئيس تلك التهم بشدة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».