يحلم الفلسطينيون منذ عشرات السنين بميناء خاص بهم على ساحل البحر المتوسط يجوبون منه مختلف أنحاء العالم. لكنهم مضطرون للرضا بمركب خشبي ثابت على أحد شواطئ غزة تحول إلى مطعم يلقى رواجاً كبيراً.
قد لا يبدو المركب «لولو روز» مبهراً للرائي لكن الطلب شديد على موائده الثماني، إذ يقف الزبائن من أهل غزة طابوراً في انتظار أن تسنح لهم الفرصة بتناول وجبة بحرية في موقع غير عادي يسمعون فيه هدير الأمواج على جانبي المركب، حتى إذا لم يكن باستطاعتهم الإبحار.
قالت منار شقورة (19 عاماً) طالبة الحقوق التي استطاعت الفوز بمائدة في مقدمة السفينة: «فكرة جميلة بس هي (السفينة) ثابتة بتتحركش. كان نفسنا تتحرك السفينة ونروح فيها على تركيا»، حسب «رويترز».
كانت غزة في العصر الروماني ميناء مهمّاً على البحر المتوسط يلتقي فيه التجار في أسفارهم بين آسيا الوسطى وشمال أفريقيا. واستمر هذا الوضع قائماً حتى القرن العشرين والحرب العالمية الأولى. غير أن ما تلا ذلك من سنوات لم تَسِر على هذا المنوال. فبعد استيلاء إسرائيل على قطاع غزة في حرب 1967 تعطل الميناء فعليّاً. وفي منتصف التسعينات وبمقتضى اتفاقات أوسلو وُضِعت خطط لإقامة ميناء أكبر كثيراً لخدمة سكان القطاع البالغ عددهم الآن مليونا نسمة. لكن هذه الخطط لم تُنَفّذ.
وفي عام 2005، سحبت إسرائيل قواتها ومستوطنيها من القطاع، غير أنها ما زالت تسيطر على منافذ الدخول والخروج وتتحكم في المجالين البحري والجوي لغزة. ويشعر سكان القطاع بأنهم محاصرون ما يغذي مشاعر الإحباط لديهم.
ورغم الجهود الفلسطينية والدولية، لا تسمح إسرائيل ببناء ميناء جديد استناداً لأسباب أمنية، إذ تخشى أن تعمد حركة حماس الإسلامية التي تسيطر على غزة منذ 2007 إلى تهريب السلاح للقطاع.
ويطالب وزير الاستخبارات والنقل الإسرائيلي بتنفيذ فكرة إقامة جزيرة صناعية قبالة ساحل غزة لتكون بمثابة مرفأ وتضم منشآت أخرى. لكن هذه الفكرة لم تحظ حتى الآن بدعم الحكومة.
ولذا أصبح المركب «لولو روز» الوجهة التي يقصدها أهل غزة للإحساس بالبحر وتصور أنفسهم وهم في سفينة تمخر عبابه. كان أصحاب المركب يستخدمونه في الصيد غير أن القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على الإبحار جعلت نشاط صيد الأسماك غير مربح، إذ إنها لا تسمح لهم بالتوغل في البحر سوى لمسافة ستة إلى تسعة أميال بحرية بدلاً من 20 ميلاً بحريّاً، وفق المتفق عليه في اتفاقات أوسلو.
وقال ثابت الترتوري صاحب المطعم: «أنت بتعرف إنه إحنا تحت حصار... الفكرة أنك تشعر كما لو كنت داخل المياه (البحر)». وأضاف: «نأمل من الله إنه يوما ما يسمحولنا يكون عنا سفن سياحية والناس تسافر فيها من غزة لكل العالم».
مطعم بمركب على شاطئ غزة يجدد أشواق أهلها للبحر
مطعم بمركب على شاطئ غزة يجدد أشواق أهلها للبحر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة