حرص المسؤولون الروس على تفادي أي إشارة للآثار السلبية التي قد تخلفها العقوبات الأميركية الجديدة على الاقتصاد الروسي، لكن ذلك لم يمنعهم من التحذير من خطورة الاعتماد على مصادر التمويل الخارجية. وأمس قال مكسيم أوريشكين، وزير التنمية الاقتصادية الروسي، إن العقوبات الغربية ساعدت موسكو على الالتفات لمشكلات الاقتصاد الداخلية. وتقع روسيا منذ ثلاث سنوات تحت تأثير عقوبات غربية (أوروبية وأميركية) بسبب الأزمة الأوكرانية، ثم على خلفية الاتهامات بقرصنة مواقع إلكترونية أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية. وطالت تلك العقوبات قطاعات محددة من الاقتصاد الروسي في مقدمتها القطاع المالي، فضلا عن قطاعات إنتاجية أخرى.
ومؤخراً تبنى الكونغرس الأميركي مشروع عقوبات جديد، يجمد العقوبات السابقة ويضيف إليها أخرى جديدة تطال بصورة خاصة قطاع الطاقة الروسي. ويجمع الخبراء الاقتصاديون على أن العقوبات الجديدة ستؤثر لا محالة على الاقتصاد الروسي، بشكل أو بآخر، على الأقل لأنها تعني بقاء عقوبات عام 2014 على حالها وحرمان القطاع المالي الروسي الأمل في العودة للتعامل بنشاط مع أسواق المال الغربية.
وفي تعليقه على وضع الاقتصاد الروسي خلال سنوات العقوبات، قال الوزير أوريشكين للصحافيين أمس، إن «الخلاصة الرئيسية للسنوات الثلاث الماضية مفادها أن السياسية الاقتصادية والتجارية الروسية انتبهت إلى المشكلات الاقتصادية الداخلية، وتعمل حاليا على حلها»، وأكد أنه «وعلى الرغم من بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة، فإن الاقتصاد الروسي دخل مرحلة النمو النشط»، عازيا الفضل في ذلك إلى «السياسة التجارية - الاقتصادية» التي اعتمدتها الحكومة في السنوات الماضية.
وعلى الرغم من هذا التقدير الإيجابي لحال الاقتصاد الروسي في ظل العقوبات، فإن وزير التنمية الاقتصادية الروسي كشف ضمناً عن مخاوف من تداعيات العقوبات الغربية على الوضع المالي في البلاد، وذلك حين دعا المصدرين والشركات والمصارف الروسية إلى «التحرك تدريجياً للتحول نحو الاعتماد على مصادر التمويل بالروبل الروسي، والنظر بالدرجة الأولى إلى سوق المال الروسية، بوصفها مصدرا للموارد المالية، والتقليل من الاعتماد على الموارد في الأسواق الخارجية». وحذر من أن نمو الدين الخارجي يحمل في طياته تهديداً للاستقرار المالي في البلاد، وقال موضحاً: «في لحظة ما تتلاشى الفرصة بالحصول على تمويل من المؤسسات في أسواق المال الخارجية، بينما نكون مضطرين لتسديد ما اقترضناه سابقاً. وهذا يؤدي إلى بعض التقلبات في السوق»، لافتاً إلى أنه «عندما يكون هناك اقتراض بنشاط فإن الروبل الروسي يفقد من قيمته، وبعد أن تنتهي تلك العملية يعود الروبل ويعدل موقفه على الفور، وهذه تقلبات إضافية مضرة من وجهة نظري».
وأمس تراجع الروبل الروسي أمام العملات الرئيسية وتجاوز مؤشر 60 روبل لكل دولار، و72 روبل لكل يورو. وفي وقت سابق وخلال عرضه توقعات الاقتصاد الكلي لعام 2017، قال أوريشكين إنه من المتوقع أن يضعف الروبل خلال الأشهر القادمة ليصل مستوى 63 - 64 روبل لكل دولار. بينما قالت وزارة المالية الروسية إن ذلك المستوى هو الواقعي لسعر الروبل. وفي سياق تلك التوقعات لفت وزير التنمية الاقتصادية في تصريحاته أمس إلى أن الروبل الروسي سيشهد تقلبات لكن «ضمن مجال محدود»، وقال إنه يقف الآن عند مؤشر طبيعي بالنسبة للوضع الراهن، مشدداً على أنه «لا يوجد ما يدعو لانتظار تقلبات أو تغيرات مؤلمة في هذا المجال»، وأعاد إلى الأذهان أن «شهر أغسطس (آب) هو شهر يكون فيه سعر صرف الروبل ضعيفا تقليديا، لأن الشركات الروسية خلال هذا الشهر تدفع الأرباح للمساهمين الأجانب».
حذر في موسكو من الاعتماد على «التمويل الخارجي»
حذر في موسكو من الاعتماد على «التمويل الخارجي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة