ارتياح في تونس بعد إعلان «توماس كوك» عن استئناف رحلاتها

تأثيرات القرار البريطاني تتجاوز القطاع السياحي لتشمل بقية المرافق الحيوية للبلاد

TT

ارتياح في تونس بعد إعلان «توماس كوك» عن استئناف رحلاتها

شكل قرار بيتر فانكهاوزر، الرئيس التنفيذي لشركة «توماس كوك» للسياحة، باستئناف رحلاتها نحو تونس بعدما خففت بريطانيا حظر السفر إليها، أولى الثمرات الاقتصادية التي جنتها تونس بعد الإعلان عن القرار البريطاني، الذي طالبت به السلطات التونسية في أكثر من اجتماع جمع مسؤولين من تونس وبريطانيا.
وحسب خبراء في المجال السياحي، فإن القرار البريطاني لن ينعكس فقط على القطاع السياحي، الذي تعرض لهزة عميقة بعد العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس سنة 2015، بل يتجاوز ذلك إلى معظم الأنشطة الاقتصادية، وسيمتد تأثيره ليشمل مستوى تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وتوفير مناخ ملائم للاستثمار.
ورغم أن القرار البريطاني كان غير متوقع خلال هذه الفترة خاصة، فإنه يعد حسب بعض المتابعين للوضع في البلاد إيجابيا بشكل كبير لتونس ولقطاع السياحة على وجه الخصوص. لكن تأثيراته الإيجابية القوية لن تظهر جلية في الحين، على اعتبار أن الحجوزات السياحية لموسم الصيف نحو تونس انتهت منذ أشهر، لكن تقييم الوضع الأمني والاجتماعي سيتغير لا محالة، خاصة خلال الأشهر المقبلة وخلال العطل السياحية المبرمجة خلال فصلي الخريف والشتاء المقبلين، حسب بعض المراقبين.
وفي هذا الشأن قال عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن التأثيرات الإيجابية على الاقتصاد التونسي بفضل القرار البريطاني الأخير، ستظهر بصفة تدرجية، وستكون مهمة للغاية خلال الأشهر المقبلة لأن عددا من المستثمرين الأجانب سيعتمون القرار البريطاني المبني على مؤشرات أمنية واستخباراتية دقيقة، لها أثرها على بقية البلدان الغربية المهتمة بالاستثمار في تونس، التي كانت متحفظة على التوجه إليه بسبب المخاطر الأمنية والإرهابية.
وأضاف سعيدان أن القرار البريطاني الأخير يتجاوز القطاع السياحي ليخدم الاقتصاد التونسي خلال سنة، قال عنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إنها «سنة الإقلاع الاقتصادي».
كما أكد سعيدان أن القرار البريطاني سيكون له أثره غير المباشر على المفاوضات التي يجريها صندوق النقد الدولي حاليا مع بعض المسؤولين التونسيين، ومن شأنه أن ييسر حصولها على قروض بفوائد محدودة من الخارج.
وكانت سلمى اللومي، وزيرة السياحة، قد أكدت أن السماح بعودة الرعايا البريطانيين إلى تونس يعد مؤشرا إيجابيا للغاية، ويؤكد تحسن مستوى الأمن والاستقرار في تونس، ونجاح السلطات في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتوقعت أن يعود هذا القرار الذي طالبت به تونس في أكثر من مناسبة، بالإيجاب على المؤشرات السياحية ودعم الانتعاشة التي عرفها القطاع السياحي في البلاد خلال هذا الموسم.
ومن شأن هذا القرار البريطاني أن يشجع بقية وكالات الأسفار الدولية على برمجة الوجهة التونسية التي تراجعت بشكل لافت للانتباه خلال السنوات الأخيرة، بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني، وتنامي المخاطر الإرهابية وتواتر هجماتها الدموية.
وعرف الاقتصاد التونسي بسبب الهجمات الإرهابية نقصا حادا في الموارد قدر بنحو مليار دينار تونسي (نحو 400 مليون دولار) على مستوى الناتج المحلي الإجمالي، على اعتبار أن القطاع السياحي يعد أحد أعمدة الاقتصاد، ومصدرا أساسيا للعملة الصعبة، ويوفر فرصا للتشغيل، إذ يشغل ما لا يقل عن 400 ألف شخص، ويساهم بنسبة 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤمن لوحده ما بين 18 و20 في المائة من مداخيل تونس السنوية من العملة الصعبة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».