* من يدخل مدارس السينما حول العالم سوف يطّلع على تجارب مهمّة مفادها أفلام توفر للطلاب نماذج من الأعمال المثيرة للاهتمام والضرورية للمعرفة، بصرف النظر عن الحقل الذي يريد أن يدرسه.
* حتى أعوام قليلة مضت، كانت «لندن فيلم سكول» تقدّم للدارسين نماذج من الأفلام التي كانت مميّزة من كل نواحيها الفنية، كتابة وإخراجاً وتمثيلاً وتصويراً، ولا يوجد ما يثير الاعتقاد بأنّ هذا الأسلوب تغير. في باريس تفرض هذه المدارس، ومن بينها «مدرسة باريس الدولية للسينما والتلفزيون»، (اختصاراً EICAR) و«مدرسة ESRA الدولية للفيلم»، أسلوباً يعتمد مشاهدة سيل من الأفلام قبل الدخول في التفاصيل.
* الأمر ذاته في كل مدرسة تحترم مهنتها، وبعضها يفرض مشاهدة الأفلام لأول سنة ولا شيء غير ذلك، أي من قبل البدء بتعليم الطالب كيف يكتب أو يُخرج أو يصوّر.
* الجامع بين هذه المدارس المختلفة وأساليبها هو أنّ ما تعرضه من أفلام، وعلى نحو غالب، لا ينتمي إلى سينما السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة. بل يتم عرض ودراسة وتحليل أفلام من العهد الصامت وصولاً إلى السبعينات ومطلع الثمانينات. الأفلام اللاحقة هي الأقل عدداً على الرغم من أنّ الطلاب هم من جيل نشأ وفتح عينيه على هذه الأفلام الحديثة.
* السبب في ذلك واضح، ومفاده هو أنّ لا شيء في سينما اليوم يمكن تعلّمه باستثناء التقنيات وهذه لها دروبها المختلفة. بعض العاملين في مجال المؤثرات الخاصة تدرب رساماً إلكترونياً، والبعض جاء من مهنة تصميم البرامج. كلا المصدرين لا علاقة له بالسينما من قريب أو بعيد، بل يلج العمل السينمائي وهو جالس على كرسيه أمام جهاز الكومبيوتر الخاص يبتكر الوحوش والمراكب الفضائية والمخاطر المتنوعة والمجاميع.
* قليلة جداً الأفلام التي تُنفّذ اليوم مصنوعة على نحو يضع المشاهد وجهاً لوجه أمام الفن. لكن السينما الغابرة فيها من الفن ما يؤثر إيجاباً في شغل المخرجين كما في تلقي المشاهدين إذا أرادوا. السيناريوهات المصاغة بلا هنّات، والإخراج المنتمي إلى أسلوب تفكير وعمل يخلط الذات مع الفهم الحقيقي لشروط فن الصورة. الحسنات تشمل أيضاً التمثيل الذي يضيع اليوم وراء حب بيع المشاهد كما تبيع الإعلانات التلفزيونية معجونات الأسنان.
* لكن عزوف الناس عن مشاهدتها طبيعي على الرغم من حسناتها. ما هو غير طبيعي هو التالي: كيف يسمح نقاد السينما الجدد لأنفسهم اليوم بإلغاء أفلام الأمس من قواميسهم. إذ يكتبون يكشفون عن أن تاريخ السينما عندهم بدأ من اللحظة التي أتيح لهم نشر ما يكتبونه. هذا ما يجعل مجلات السينما القديمة بدورها المرجع الأخير للكتابة النقدية الجيدة، وإن كانت بدورها تعاني في جوانب أخرى.
م. ر
نقاد اليوم
نقاد اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة