تونس تخصص اعتمادات مالية في الموازنة الجديدة لإعادة دمج الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر

صورة أرشيفية لسيارة شرطة أمام محكمة نظرت في قضية الهجوم الإرهابي الدموي على ساحل مدينة سوسة جنوب تونس (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لسيارة شرطة أمام محكمة نظرت في قضية الهجوم الإرهابي الدموي على ساحل مدينة سوسة جنوب تونس (أ.ف.ب)
TT

تونس تخصص اعتمادات مالية في الموازنة الجديدة لإعادة دمج الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر

صورة أرشيفية لسيارة شرطة أمام محكمة نظرت في قضية الهجوم الإرهابي الدموي على ساحل مدينة سوسة جنوب تونس (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لسيارة شرطة أمام محكمة نظرت في قضية الهجوم الإرهابي الدموي على ساحل مدينة سوسة جنوب تونس (أ.ف.ب)

رغم تأكيدات وزارة العدل التونسية على عدم تخصيص سجون لاستيعاب الإرهابيين التونسيين العائدين من بؤر التوتر في الخارج، فقد أقرت السلطات التونسية في مشروع ميزانية السنة المقبلة (2018) اعتمادات مالية أولية كبيرة، وذلك ضمن برنامج لإعادة إدماج الإرهابيين العائدين أعدته اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وقررت الحكومة، من خلال مشروع قانون المالية الذي صادق عليه مجلس الوزراء وأحيل على البرلمان التونسي، رصد ميزانية لبرنامج إعادة تأهيل العائدين من بؤر الإرهاب الذي سيتم الشروع في تنفيذه سنة 2018. غير أن هذا البرنامج استثنى الإرهابيين الذين ثبت تورطهم في جرائم القتل والذبح، وغيرها من الأفعال المصنّفة جرائم ضد الإنسانية.
وتشرف هذه اللجنة المحلية المرتبطة برئاسة الحكومة، على تنفيذ برنامج إعادة تأهيل العائدين من بؤر الإرهاب، وتعمل على إعداد برنامج تأهيلي متكامل قبل نهاية السنة ليتمّ إدراجه ضمن ميزانية الدولة للسنة المقبلة، التي سيناقشها البرلمان التونسي قبل نهاية العام الحالي.
ويرتكز البرنامج بالخصوص على إعادة إدماج أصناف من الإرهابيين العائدين، وذلك وفق الأفعال الإرهابية المنسوبة إليهم بعد قضاء عقوبة السجن. ويستجيب إعداد هذا البرنامج إلى قرار مجلس الأمن الدولي المتعلَّق بـ«المقاتلين الإرهابيين الأجانب»، وهو كذلك تجسيد للاستراتيجية التونسية لمكافحة التطرف والإرهاب.
وتشير أحدث إحصائيات رسمية قدمتها وزارة الداخلية التونسية إلى أن عدد الإرهابيين التونسيين في الخارج يُقدَّر بـ2929 إرهابياً. وفي المقابل، يقدّر عدد الإرهابيين العائدين إلى تونس من بؤر التوتر خلال الفترة بين 2012 - 2016، بنحو 800 إرهابي.
ومن المنتظر أن تسهم وزارات عدة، بينها وزارة العدل، في إنجاح هذا البرنامج، وستتكفل بوضع برنامج لإعادة تأهيل المساجين المدانين على خلفية مغادرتهم تراب الوطن والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية.
وكانت مسألة عودة الإرهابيين التونسيين من مناطق النزاعات في سوريا والعراق وليبيا، أو الذين يتم جلبهم وفق بطاقات جلب قضائية دولية، أو من يتم ترحيلهم من دول أوروبية وبالخصوص ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، قد خلّفت جدلاً سياسياً واجتماعياً واسعاً في تونس. ودعت هياكل نقابية تابعة إلى قوات الأمن لسحب الجنسية التونسية منهم، ورفض عودتهم بصفة قطعية باعتبارهم يشكّلون خطراً حقيقياً على الأمن الوطني التونسي والإقليمي، فيما شددت منظمات حقوقية على ضرورة اعتماد مقاربة ثقافية واجتماعية لحل مشكلة الإرهابيين العائدين وعدم الاقتصار على المقاربة الأمنية في حل الملف واحترام الدستور التونسي الذي يمنح الحق لكل التونسيين في العودة إلى بلدهم.
يُذكر أن اللجنة التونسية لمكافحة التطرف والإرهاب تم إنشاؤها منذ سنة بموجب قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال المصادق عليه في يوليو (تموز) 2015، وهي تتكون من 19 عضواً، يمثّلون وزارات مختلفة من بينها الدفاع والداخلية والعدل، وهي آلية لتيسير الاتصال بين مختلف الأطراف المعنية من وزارات ومنظمات دولية ومجتمع مدني. وقد عُهد إلى هذه اللجنة بتنفيذ البرنامج الحكومي في مجال مكافحة الإرهاب، ودعم المجهود الدولي في هذا الباب، عن طريق تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتصدي للتنظيمات الإرهابية، وذلك من خلال منع تمويل الإرهاب، ومعالجة ظاهرة العودة من بؤر التوتر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».