قال باحثون في فريق دولي إن عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال من أميركا وأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا، تراجع أكثر من 50 في المائة خلال أقل من 40 عاما. وأضافوا أيضا أن معدل هذا التراجع لا يتباطأ. ولم يسجل مثل هذا التراجع الخطير في أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا.
ويقابل هذا التراجع تدهورا في أعداد الحيوانات المنوية (الحيامن) من 99 مليون حيمن في حجم مليلتر واحد من السائل المنوي إلى 47 مليونا. وتتدهور احتمالات القدرة على تلقيح البويضة الأنثوية مع قلة الأعداد.
وتشير هذه النتائج التي جاءت في تحليل استخلاصي، جمع نتائج دراسات مختلفة، إلى انخفاض محتمل في صحة وخصوبة الذكور. وأشرف على البحث فريق علمي من باحثين في الولايات المتحدة والبرازيل والدنمارك وإسرائيل وإسبانيا. ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد الباحثين قوله إن «الدراسة تنبيه عاجل لكل الباحثين والسلطات الصحية في كل أنحاء العالم بالتحري عن أسباب التراجع الحاد المستمر في عدد الحيوانات المنوية»، فيما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن شانا سوان المشاركة في الدراسة من كلية الطب بجامعة «ماونت سيناي» في نيويورك أن «هذه الدراسة الواضحة تبرهن ولأول مرة على أن هذا التراجع قوي ومستمر».
ونقلت وسائل الإعلام البريطانية عن البروفسور ريتشارد شارب الباحث في الطب الإنجابي بجامعة إدنبرة أن 15 في المائة من الشبان في أوروبا الشمالية يعانون حاليا من تراجع عدد الحيوانات المنوية الأمر الذي يؤدي إلى العقم».
ولم يبحث التحليل أسباب هذا التراجع لكن الباحثين قالوا: إنه تم الربط سابقا بين تراجع عدد الحيوانات المنوية وعوامل مختلفة مثل التعرض لمواد كيميائية وعدد من مبيدات الحشرات والتدخين والإجهاد والبدانة.
وأضافوا أن هذا يشير إلى أن مقاييس نوعية السائل المنوي ربما تعكس تأثير الحياة العصرية على صحة الذكور وتعمل «كإنذار مبكر للخطر» يشير إلى أخطار صحية أكبر.
وتحدثت الدراسات العلمية عن تراجع في عدد الحيوانات المنوية منذ أوائل التسعينات ولكن تم التشكيك في كثير منها لأنها لم تأخذ في الحسبان عوامل مؤثرة رئيسية محتملة مثل السن والنشاط الجنسي ونوعية الرجال الذين شملتهم الدراسات.
وأظهرت النتائج التي نُشرت في دورية «هيومان ريبرودكشن آبديت» تراجعا بنسبة 52.4 في المائة في تركيز السائل المنوي وتراجعا بنسبة 59.3 في المائة في إجمالي عدد الحيوانات المنوية بين الرجال من أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا.
وعلى العكس من ذلك لم يُرصد تراجع كبير في الرجال من أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا. ولكن الباحثين أشاروا إلى أن دراسات أقل بكثير أجريت في تلك المناطق.
من جهته علق أرتور مايرهوفر الباحث في مركز الطب الحيوي بجامعة ميونيخ الألمانية الذي لم يشارك في الدراسة على نتائجها مبديا تحفظاته قائلا إن «الدراسة لم تراع سلامة الحيامن وحركتها وكذلك التغير في شكلها». وأضاف الخبير الألماني: «لذلك يظل من غير المعروف بشكل جازم... ما إذا كان يستشف من هذه البيانات أن الرجال قد أصبحوا فعلا أقل خصوبة». غير أن مايرهوفر رأى في الوقت ذاته أن انخفاض عدد الحيوانات المنوية «ربما كان قمة الجبل الجليدي فقط» وقال إن الاتجاه الذي لفتت إليه الدراسة محل تحفظ، حيث أشار معدو الدراسة إلى تزايد أورام الخصية ومرض خفاء الخصيتين وغيرها من المشاكل بالإضافة إلى وجود علاقة بين تزايد الأمراض وتراجع الخصوبة.
واطلع الباحثون على دراسات أجريت خلال الفترة من 1973 حتى 2011 ثم أجرى بعد ذلك ما يسمى بالتحليل الاستخلاص لـ185 دراسة أجريت على نحو 43 ألف رجل. كما وزع الباحثون الرجال الذين شملتهم الدراسات على منطقتين تم تقسيم العالم عليهما وهما الرجال الذين يعيشون بأسلوب غربي، أي أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا، وبقية العالم وخاصة آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية. وضمت بقية مناطق العالم 28 في المائة فقط من عدد الحيامن التي شملتها الدراسة.
وكانت دراسة علمية أجريت في الصين التي شهدت تطورات كبرى في الحياة العصرية خلال العقدين الماضيين من السنين، قد أشارت إلى تراجع نوعية الحيوانات المنوية لدى الرجال بعد أن راجعت حالات أكثر من 30 ألفا من المتبرعين بالسائل المنوي منهم في مقاطعة هونان. وظهر أن أكثر من نصف أولئك الرجال تبرعوا بعينات من حيوانتهم المنوية عام 2001، إلا أن النسبة تدهورت ووصلت إلى 18 في المائة عام 2015. وعلل الباحثون ذلك بتدهور البيئة في الصين، وفقا لصحيفة «واشنطن بوست».
وقد ظل العلماء يحذرون من تأثير المواد الكيميائية الشائعة الاستعمال على الحيوانات المنوية مثل المبيدات ومثبطات الحريق ومساحيق التجميل والمواد البلاستيكية؛ لأنها تحتوي على ما يطلق عليها «مخربات الغدد الصماء» أي المواد التي تؤدي إلى اضطراب في عملها endocrine disruptors لأنها تؤثر على الهرمونات الطبيعية لدى الإنسان. إلا أنهم لم يتوصلوا إلى نتائج دقيقة حول هذه العلاقة العابرة بين تلك المواد والخصوبة. كما تظل التساؤلات مطروحة حول تأثير هذه المواد على المواليد الذكور عندما يكونون أجنة في بطون أمهاتهم.
باحثون: تراجع كبير في عدد الحيوانات المنوية لدى رجال العالم المتقدم
يهدد بفناء الجنس البشري بسبب نمط الحياة العصرية
باحثون: تراجع كبير في عدد الحيوانات المنوية لدى رجال العالم المتقدم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة